12 . «مَا يُصِيبُ الْمُسْلِمَ مِنْ نَصَبٍ، وَلَا وَصَبٍ، وَلَا هَمٍّ، ولا غمٍّ، وَلَا حَزَنٍ»: (مَا) نَافِيَةٌ، وَ(مِن) زَائِدَةٌ لتأكيد المعنى وتقويته؛ أي: لا يُصيبُ المسلمَ نَصَبٌ ولا وَصَبٌ ولا همٌّ ولا غمٌّ ولا حزنٌ. فإعراب (نَصَبٍ): فاعل مجرور لفظًا بمن الزائدة، مرفوع محلًّا على أنه فاعل. (ولَا) المتكرِّرة: حرفُ نفيٍ لا محلَّ له من الإعراب؛ لِتَأْكِيدِ النَّفْيِ فِي كُلِّهَا، والمعطوفات يجوز عطفها على اللفظ بالجرِّ، أو على المحلِّ بالرفع.
13. الفرق بين حرف الجرِّ الأصليِّ، والزائد، والشَّبِيهِ بالزائد؛ كالتالي: حرفُ الجرِّ الأصليُّ: لا يُمكِن إسقاطه من الكلام وإلا اختلَّ المعنى والسياق، وله متعلَّق كالفعل أو الشبيه به من المشتقَّات، ويفيد معنى مع الاسم المجرور بعده؛ مثل: محمدٌ في البيت، مررتُ بأحمدَ.
14 . حرف الجرِّ الزائد: هو حرف يمكِن إسقاطه دون اختلال السياق، وهو حرفٌ لا يفيد معنى خاصًّا مع مجروره، وليس له متعلَّق، ويُذكَر في السياق لتأكيد المعنى وتقويته، ويسبقه غالبًا نفيٌ أو نهيٌ أو استفهام؛ مثل (بحسب ابن آدم)؛ أي: حسبُ ابنِ آدم، و(أليس الله بكاف عبده)؛ أي: أليس الله كافيًا عبده، و(كفى بالله شهيدًا)؛ أي: كفى اللهُ شهيدًا.
15 . حرف الجرِّ الشبيه بالزائد: هو حرفٌ له معنًى، ولو أُسقط من السياق يظلُّ المعنى والعمل كما هو، وليس له متعلَّق؛ مثل: "رُبَّ" للتقليل، و"لعلَّ" للترجِّي عند عَقِيلٍ، حيث يستعملونها حرفَ جرٍّ، مخالفين بقية العرب في استعمالها ضمن أخوات (إنَّ)؛ مثل: (ربَّ أشعثَ أغبرَ..)، ربَّ رجلٍ كريم في البيت. فأشعث: مجرور لفظًا بالفتحة لأنه ممنوع من الصرف مرفوع محلًّا على أنه مبتدأ، ورجل: مجرور لفظًا بالكسرة مرفوع محلًّا، ومثل: (وليلٍ كموج البحر أرخى سدوله): الواو: واو ربَّ، وليل: مجرور بـ(ربَّ) المحذوفة لفظًا في محل رفع مبتدأ.
16. النَّصَب: التَّعَب، والوَصَبُ: هو دَوَامُ الوجع ولزومه[1].
17. الهمُّ والحَزَن: هما من أمراض الباطن؛ ولذلك ساغ عطفهما على الوَصَب، والهمُّ هو الحَزَن الذي يُذيب الإنسان، والحَزَن: خشونةٌ في النفس لِما يَحصُل فيها من الغَمِّ، فعلى هذا؛ الهمُّ أخصُّ وأبلغ من الحَزَن[2]. وقيل: الهمُّ يختصُّ بما هو آتٍ، والحُزْنُ بما مضى[3]
18. «ولا حَزَن»: بفتح الحاء والزاي، ويجوز ضمُّ الحاء وتسكين الزاي (حُزْن).
19. «ولا أذًى» يَلحَقُه من تعدِّي الغَير عليه، «ولا غَمٍّ» وهو ما يضيِّق على القلب[4]
20 . «حَتَّى الشَّوْكَةُ»: الأقوى هنا بالنسبة للمعنى أن تكون (حتى) عاطفة؛ حيث يُشترط في المعطوف بحتَّى أن يكون بعضًا مما قَبْلَه، وغايةً له في زيادة أو نقص؛ ففي الزيادة نحو: مات الناسُ حتى الأنبياءُ (أي: غاية في السُّموِّ) وفي النقص: حتى الشوكة (غاية في القلَّة)، ومن ثمَّ فالشوكة معطوفة مثل سابقيها على اللفظ بالجرِّ أو المحلِّ بالرفع. وهناك وجه أن تكون (حَتَّى) ابتدائيةً؛ بمعنى أن الكلام انتهى قبلها ونبتدئ بها جملة جديدة، تكون (الشوكة) مبتدأ مرفوعًا، وجملة (يُشاكها) خبرها، والجملة من المبتدأ والخبر لا محلَّ لها من الإعراب لأنها ابتدائية، أو ننصب (الشوكة) على أنها مفعول به لفعل محذوف تقديره (يَجِدَ)، وجملة (يُشاكها) في محلِّ نصب حال من (الشوكة)، والجملة الفعلية لا محل لها من الإعراب. وهناك وجه أن تكون (حتى) للغاية، حرف جرٍّ بمعنى (إلى) و(الشوكة) اسم مجرور بحتى، وجملة (يشاكها) في محل نصب حال من (الشوكة). أما أقوى الوجوه فهو جعل (حتى) عاطفة لما تفيده من معنى الغاية في القلَّة المقصودة من الحديث.
21. (الشَّوْكَة) يجوز جعلها النبات، ويجوز جعلها اسم مرَّة على وزن (فَعْلة)، والمعنى: يُشاك هو الشوكةَ، فعلى جعلها النبات، إعراب (ها) العائد عليها: ضمير مبنيٌّ على السكون في محل نصب مفعول به ثانٍ. وعلى جعلها اسم مرَّة، إعراب (ها): ضمير مبنيٌّ على السكون في محل نصب نائب عن المفعول المطلَق (المصدر).
22 .«إِلَّا كَفَّرَ اللَّهُ بِهَا»: (بها): الباء للسببية؛ أي: بِسَبَبِهَا، أو للعِوَض؛ أَيْ: بعِوَضها أو بِمُقابَلتها. «مِنْ خَطَايَاهُ»؛ أَيْ: بعضِها، والاستثناء من أَعَمِّ الأحوال الْمُقَدَّرَة، وجملة (كفَّر) في محل نصب حال.
المراجع
- "النهاية في غريب الحديث والأثر" لابن الأثير (5/ 190).
- "الميسر في شرح مصابيح السنة" للتوربشتيِّ (2/ 373)، "فتح الباري" لابن حجر (10/ 106).
- "الميسر في شرح مصابيح السنة" للتوربشتيِّ (2/ 373)، "فتح الباري" لابن حجر (10/ 106).
- "شرح القسطلانيِّ على صحيح البخاريِّ (8/ 340).
وقال الله جلَّ وعلا:
﴿وَقَابِلِ التَّوْبِ﴾
[غافر: 3]،
وقال جلَّ وعلا:
﴿وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾
[النور: 31]؛
المراجع
- "النهاية في غريب الحديث والأثر" لابن الأثير (2/ 44).
- "تهذيب اللغة" للأزهريِّ (14/ 236).
22. استخارة: هي [اسْتِفْعَالٌ] من الخَير، أو من الخِيَرة، اسمٌ من قولِكَ: خَارَ اللهُ له. واستخار اللهَ: طلبَ منه الخَير أو الخِيَرة، وخار اللهُ له: أعطاه ما هو خيرٌ له، والمرادُ: طَلَبُ خير الأمرين لمن احتاج إلى أحدهما[1].
23. قوله: «بعلمك»: الباء للتّعليل؛ أي: بأنَّك أعلمُ، وكذا قولُه: «بقدرتك»[2]. ويُحتمَل أَن تكون الباء للاستعانة أو للقَسَم.
24. قوله: «إن كنت تعلم» إلى آخره، قيل: كلمة [إن] للشَّكِّ، ولا يجوز الشَّكُّ في كون اللهِ عالِمًا. وأُجيب بأن الشّكَّ في أن علمه متعلِّق بالخير أو الشّرِّ، لا في أصل العِلم.
25. "قولُه: «ومعاشي»: الْمَعاش والعِيشة واحدٌ، يُستعمَلان مصدرًا واسمًا، والعَيش: الحياة، والْمَعِيش والْمَعَاش والْمَعِيشة: ما يُؤنَس به"[3].
المراجع
- "فتح الباري" لابن حجر (11/ 183).
- "نيل الأوطار" للشوكانيِّ (3/ 89).
- "نيل الأوطار" للشوكانيِّ (3/ 89).
15. طعم الإيمان: فيه استعارة مَكنيَّة؛ حيث شبَّه الإيمان بشيء محسوس يُتذوَّق ويُلتذُّ به، وحذف المشبَّه به، وأتى بشيء من لوازمه.
16. «ذاق طعمَ الإيمان»: هذه الجملة تمثِّل بجَلاءٍ براعة الاستهلال (براعة الْمَطلَع) وحُسْن الابتداء.
17. (مَن) في الحديث يجوز أن تكون موصولةً، ويجوز أن تكون شرطيةً، وجواب الشرط محذوفٌ، دلَّ عليه جملة (ذاق طعم الإيمان).
22- الواو في قوله ﷺ: «فسدِّدوا وقاربوا» بمعنى (أو)؛ أي: فسدِّدوا أو قاربوا؛ يعني: افعلوا الشيء على وجه السَّداد والإصابة إن أمكن، وإن لم يمكِن فقاربوا [1]
23- (فسدِّدوا)؛ أي: الزموا السَّداد من غير إفراط ولا تفريط، والسّداد: التّوسُّط في العمل، (وقاربوا)؛ أي: إن لم تستطيعوا الأخذ بالأكمل، فاعملوا بما يقرِّب منه[2]
24- الغَدوة: اسم مَرَّة من الغُدُوِّ، وهو سَير أوَّلِ النَّهار، أو ما بين صلاة الفجر وطلوع الشَّمس. والرَّوْحة: السَّير بعد الزَّوال. والدُّلجة: سير آخر اللّيل، وقيل: سير اللَّيل كلِّه؛ ولهذا عبَّر فيه بالتّبعيض، ولأنّ عمل اللّيل أشقُّ من عمل النّهار[3]
25- وكأنّه ﷺ خاطَب مسافرًا إلى مقصده، فنبَّهه على أوقات نشاطه؛ لأنّ المسافر إذا سافر اللّيلَ والنّهار جميعًا، عَجَز وانقطع، وإذا تحرَّى السّير في هذه الأوقات المنشِّطة، أمكنته الْمُداومةُ من غير مشقَّة، وحُسْنُ هذه الاستعارة أنّ الدّنيا في الحقيقة دار نُقْلة إلى الآخرة، وأنّ هذه الأوقاتَ بخصوصها أَرْوحُ ما يكون فيها البَدَن للعبادة[4]
26- قَالَ ﷺ: «وَشَيْءٍ مِنَ الدُّلْجَةِ» ولم يقل: (والدلجة)؛ تخفيفًا عنه لمشقَّة عمل الليل[5]
المراجع
- "شرح رياض الصالحين" لابن عثيمين (2/ 225).
- "فتح الباري" لابن حجر (1/ 95).
- "فتح الباري" لابن حجر (1/ 95).
- "فتح الباري" لابن حجر (1/ 95).
- "التوضيح لشرح الجامع الصحيح" لابن الملقِّن (3/ 87).
22- الواو في قوله ﷺ: «فسدِّدوا وقاربوا» بمعنى (أو)؛ أي: فسدِّدوا أو قاربوا؛ يعني: افعلوا الشيء على وجه السَّداد والإصابة إن أمكن، وإن لم يمكِن فقاربوا [1]
23- (فسدِّدوا)؛ أي: الزموا السَّداد من غير إفراط ولا تفريط، والسّداد: التّوسُّط في العمل، (وقاربوا)؛ أي: إن لم تستطيعوا الأخذ بالأكمل، فاعملوا بما يقرِّب منه[2]
24- الغَدوة: اسم مَرَّة من الغُدُوِّ، وهو سَير أوَّلِ النَّهار، أو ما بين صلاة الفجر وطلوع الشَّمس. والرَّوْحة: السَّير بعد الزَّوال. والدُّلجة: سير آخر اللّيل، وقيل: سير اللَّيل كلِّه؛ ولهذا عبَّر فيه بالتّبعيض، ولأنّ عمل اللّيل أشقُّ من عمل النّهار[3]
25- وكأنّه ﷺ خاطَب مسافرًا إلى مقصده، فنبَّهه على أوقات نشاطه؛ لأنّ المسافر إذا سافر اللّيلَ والنّهار جميعًا، عَجَز وانقطع، وإذا تحرَّى السّير في هذه الأوقات المنشِّطة، أمكنته الْمُداومةُ من غير مشقَّة، وحُسْنُ هذه الاستعارة أنّ الدّنيا في الحقيقة دار نُقْلة إلى الآخرة، وأنّ هذه الأوقاتَ بخصوصها أَرْوحُ ما يكون فيها البَدَن للعبادة[4]
26- قَالَ ﷺ: «وَشَيْءٍ مِنَ الدُّلْجَةِ» ولم يقل: (والدلجة)؛ تخفيفًا عنه لمشقَّة عمل الليل[5]
المراجع
- "شرح رياض الصالحين" لابن عثيمين (2/ 225).
- "فتح الباري" لابن حجر (1/ 95).
- "فتح الباري" لابن حجر (1/ 95).
- "فتح الباري" لابن حجر (1/ 95).
- "التوضيح لشرح الجامع الصحيح" لابن الملقِّن (3/ 87).
22- الواو في قوله ﷺ: «فسدِّدوا وقاربوا» بمعنى (أو)؛ أي: فسدِّدوا أو قاربوا؛ يعني: افعلوا الشيء على وجه السَّداد والإصابة إن أمكن، وإن لم يمكِن فقاربوا [1]
23- (فسدِّدوا)؛ أي: الزموا السَّداد من غير إفراط ولا تفريط، والسّداد: التّوسُّط في العمل، (وقاربوا)؛ أي: إن لم تستطيعوا الأخذ بالأكمل، فاعملوا بما يقرِّب منه[2]
24- الغَدوة: اسم مَرَّة من الغُدُوِّ، وهو سَير أوَّلِ النَّهار، أو ما بين صلاة الفجر وطلوع الشَّمس. والرَّوْحة: السَّير بعد الزَّوال. والدُّلجة: سير آخر اللّيل، وقيل: سير اللَّيل كلِّه؛ ولهذا عبَّر فيه بالتّبعيض، ولأنّ عمل اللّيل أشقُّ من عمل النّهار[3]
25- وكأنّه ﷺ خاطَب مسافرًا إلى مقصده، فنبَّهه على أوقات نشاطه؛ لأنّ المسافر إذا سافر اللّيلَ والنّهار جميعًا، عَجَز وانقطع، وإذا تحرَّى السّير في هذه الأوقات المنشِّطة، أمكنته الْمُداومةُ من غير مشقَّة، وحُسْنُ هذه الاستعارة أنّ الدّنيا في الحقيقة دار نُقْلة إلى الآخرة، وأنّ هذه الأوقاتَ بخصوصها أَرْوحُ ما يكون فيها البَدَن للعبادة[4]
26- قَالَ ﷺ: «وَشَيْءٍ مِنَ الدُّلْجَةِ» ولم يقل: (والدلجة)؛ تخفيفًا عنه لمشقَّة عمل الليل[5]
المراجع
- "شرح رياض الصالحين" لابن عثيمين (2/ 225).
- "فتح الباري" لابن حجر (1/ 95).
- "فتح الباري" لابن حجر (1/ 95).
- "فتح الباري" لابن حجر (1/ 95).
- "التوضيح لشرح الجامع الصحيح" لابن الملقِّن (3/ 87).
14. قوله: (فاجتهد) عطف على الشرط، على تأويل: أراد أن يَحكُم فاجتهد، وقوله: (فأصاب) عطفٌ على (فاجتهد)، و(فله أجران) جزاء الشرط.
40. البلوغ والبلاغ: الانتهاء إلى أقصى المقصد والمنتهى، ومنه البلاغة، والأصل فيه أن يجمع الكلام ثلاثة أوصاف: صوابًا في موضوع اللغة، ومطابقة للمعنى المراد منه، وصدقًا في نفْسه، وكلام الرسول ﷺ أحقُّ بهذه الأوصاف من بين كلام سائر الخَلْق[1].
41. الفاء في «فإنه» للتسبيب، جَعَلت ما بعدها سببًا لِما قبلها؛ يعني: من قَبِل وصيَّتي، والْتَزَم تقوى الله، وقَبِل طاعة من وُلِّي عليه، ولم يهيِّج الفتن، أَمِن بعدي مما يرى من الاختلاف الكثير، وتشعيب الآراء، ووقوع الفتن[2].
42. قوله: «فعليكم بسنَّتي» تأكيد تلك الوصية على سبيل الالتفات، وعَطَف عليه قوله: «وإياكم ومحدثاتِ الأمور» تقريرًا بعد تقرير، أو توكيدًا بعد توكيد، وكذا قولُه: «تمسَّكوا بها وعضُّوا عليها بالنواجذ» تشديد على تشديد[3].
43. قوله: «ذرفت منها العيون»؛ أي: بَكَت العيون من الخشية والخوف، وهذا مجازٌ؛ فإن الأصل: ذرفت الدموعُ لا العيون، فإسناد الذرف إلى العيون كإسناد الفَيض إليها
كما في قوله تعالى:
{ وَإِذَا سَمِعُوا مَا أُنزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرَىٰ أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ}
[المائدة: 83]
فكأن أعينَهم ذَرَفت مكانَ الدمع مبالغةً فيها، وإنما قدَّم وَجَل القلوب على بكاء العيون للدلالة على أن الموعظة قد أثَّرت فيهم باطنًا وظاهرًا[4].
44. قوله: «وإن عبدًا حبشيًّا»: (عبدًا) خبر لكان المحذوفة مع اسمها، وهذا مشتهر في اللغة بعد (إن) و(لو).
45. «فَعَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي»: اسْمُ فِعْل أمر بمعنى: الْزَموا؛ أي: بطريقتي الثابتة عني واجبًا أو مندوبًا.
46. «النواجذ» جَمْعُ نَاجِذَةٍ، وهي الضِّرْسُ الأخير، وقيل: هو مُرادِف السِّنِّ، وقيل: الأضراس، وقيل: الضواحك، وقيل: الأنياب، والعضُّ بالنواجذ مَثَلٌ في التمسُّك بهذه الوصية بجميع ما يمكِن من الأسباب الْمُعِينة عليه، كمن يتمسَّك بشيء ثم يستعين عليه بأسنانه؛ استظهارًا للمحافظة[5].
47. الْعَضُّ كناية عن شِدَّةِ مُلَازَمَةِ السُّنَّةِ وَالتَّمَسُّكِ بها؛ فإذا أمسك الإنسان بيديه بالشيء وعضَّ عليه بأقصى أسنانه، فإن ذلك يكون أشدَّ تمسُّكًا مما لو أمسكه بيد واحدة، أو بيدين بدون عضٍّ، فهذا يدلُّ على أن النبيَّ ﷺ أمرنا أن نتمسَّك أشدَّ التمسُّك بسنَّته وسنَّة الخلفاء الراشدين المهديِّين من بعده [6].
48. «عضوا عليها بالنواجذ»، قيل: هذه استعارة تمثيليّة، شبَّه حال المتمسِّك بالسُّنّة المحمَّديّة بجميع ما يمكِن من الأسباب الْمُعينة عليه بحال من يتمسَّك بشيء بيديه ثمّ يستعين عليه؛ استظهارًا للمحافظة في ذلك[7].
49. «وَإِيَّاكُمْ وَمُحْدَثَاتِ الْأُمُورِ»: أسلوب تحذير، وعُطف على قوله: «فعليكم»؛ للتّقرير والتّوكيد؛ أي: احذروا الأمور الّتي أُحدثت على خلاف أصل من أصول الدّين، واتّقوا أحداثها. «فإنّ كلَّ محدَثة بدعة»؛ أي: في الشّريعة. «وكلّ بدعة»: بنصب (كلّ)، وقيل: برفعه[8].
المراجع
- "الميسر في شرح مصابيح السنة" للتوربشتيِّ (1/ 88).
- "شرح المشكاة الكاشف عن حقائق السنن" للطِّيبيِّ (2/ 634).
- "شرح المشكاة الكاشف عن حقائق السنن" للطِّيبيِّ (2/ 634).
- "شرح المشكاة الكاشف عن حقائق السنن" للطِّيبيِّ (2/ 633).
- "شرح المشكاة الكاشف عن حقائق السنن" للطِّيبيِّ (2/ 634).
- "مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح" للملا علي القاري (1/ 253).
- "مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح" للملا علي القاري (1/ 253).
- "مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح" للملا علي القاري (1/ 253).
21. قوله: «مظلِمة» بكسر اللَّام على المشهور، وحكى ابن قُتَيْبة وابن التِّين والجوهريُّ فتحها «مظلَمة»، وأنكره ابن الْقُوطِيَّة، وحكى الْقَزَّاز الضَّمَّ «مظلُمة»[1]
22. المظلمة: الظُّلم، وهي اسمٌ للمأخوذ. يُقال: عند فلان مَظلِمتي وظُلامتي؛ أي: حقِّي الذي أُخِذ منِّي ظُلمًا.
23. قَوْلُه: «مَنْ كَانَتْ لَهُ مَظْلِمَةٌ لِأَخِيهِ» اللَّامُ فِي قَوْلِهِ: (لَهُ)، بمعنى: (على)؛ أي: من كانت عليه مَظْلِمة لأخيه. «مِنْ عِرْضِهِ»: (من) للبيان، بيان الْمَظْلِمة.
24. قوله: «من عِرضه أو شيء»؛ أي: من الأشياء، وهو من عطف العامِّ على الخاصِّ، فيَدخُل فيه المال بأصنافه، والجِراحات، حتّى اللَّطْمةُ ونحوُها[2]
25. «فَليَتَحَلَّلْهُ»؛ أي: فليَطلُب الظّالم حِلَّ ما ذُكِر. «منه»؛ أي: من المظلوم. يُقال: تحلَّلتَه واستَحْلَلتَه، إذا سألتَه أن يجعلك في حِلٍّ[3].
26. «أُخِذَ»: بصيغة المجهول؛ أي: عَمَلُه الصالحُ، «منه»؛ أي: من صاحبه الظالم على غيره [4]
المراجع
- "فتح الباري" لابن حجر (5/ 101).
- "فتح الباري" لابن حجر (5/ 101).
- "مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح" للملا علي القاري (8/ 3201).
- "مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح" للملا علي القاري (8/ 3201).
18. لفظ (يهدم) قرينة للاستعارة الْمَكنيَّة، شبِّهت الخصائل الثلاث في قلعها الذنوب من سنخها بما يُهدَم البناء من أصله، من نحو الزلازل والمعاول، ثم أُثبِت للإسلام ما يُلازم المشبَّه به من الهدم، ويُنسَب إليه، على سبيل الاستعارة التخييلية[1]
المراجع
- "شرح المشكاة الكاشف عن حقائق السنن" للطِّيبيِّ (2/ 483).
19. قوله: (وتوادِّهم): بتشديد الدَّال، والأصلُ التّوادُد، فأُدغِم، والتّوادُدُ تفاعُلٌ من المودَّة، والوِدُّ والوِدادُ بمعنًى، وهو تقرُّب شخص من آخَرَ بما يحبُّ.
20. شبَّه النبيُّ ﷺ المؤمنين بالجسد الواحد، وهو غاية التضامن والتآلف والتحابب، ووجهُ تشبيه العلاقة بين المؤمنين بالعلاقة بين أعضاء الجسد الواحد: هو التَّوافق في التَّعب والرَّاحة، وتداعي بعضِه بعضًا إلى المشاركة في كلِّ ما يُلِمُّ به.
21. شبَّه النبيُّ ﷺ الإيمانَ بالجسد، وأهلَه بالأعضاء؛ لأن الإيمان أصلٌ، وفروعَه التكاليفُ، فإذا أخلَّ الْمَرء بشيء من التكاليف، أثَّر ذلك في الإخلالِ بالأصل، وكذلك الجسدُ أصلٌ كالشجرة، وأعضاؤه كالأغصان، فإذا اشتكى عضوٌ من الأعضاء، اشتكتِ الأعضاء كلُّها؛ كالشجرة إذا ضُرِب غُصْنٌ من أغصانها، اهتزَّت الأغصان كلُّها بالتحرُّك والاضطراب [1].
22. قولُه: «تداعى»؛ تفاعل من الدعوة؛ أي: دعا بعضُه بعضًا إلى المشاركة في الألم، ومنه قولهم: تداعت الحيطان؛ أي: تساقطت أو كادت.
23. الحمَّى: هي حرارة غريزيًّة تشتعل في القلب، فتَشِبُّ منه في جميع البَدَن، فتشتعل اشتعالًا يضرُّ بالأفعال الطَّبيعيَّة [2].
المراجع
1. "فتح الباري" لابن حجر (10/ 440).
2. "فتح الباري" لابن حجر (10/ 439).
13. فِي اشتقاق النَّصِيحَة قَولَانِ؛ أَحدهمَا: أَنه من قَوْلهم: نَصَحَ الرجل ثَوْبَه، إِذا خاطَه، وَكَأن الناصح جَمَع الصّلاح للمنصوح جَمْعَ الناصح ثَوْبَه بالخياطة. وَالثَّانِي: أَنه من قَوْلهم: نصحتُ الْعَسَل، إِذا صفَّيْتُه من الشَّمع، فَشبَّه خُلوص النُّصح من شَوب الْغِشِّ والخيانة بخلوص الْعَسَل من كَدره.
33. (معشر) منصوب على الاختصاص؛ أي: أعني أو أخصُّ معشرَ اليهود. والمعشر: الجماعةُ الذين شأنهم واحدٌ[1].
المراجع
- "الكواكب الدراري في شرح صحيح البخاري" للكرماني (1/ 177).
17. بِضْعٌ: هو ما بَيْنَ الثَّلَاثِ إِلَى التِّسْعِ، وتأخذ حكمها في مخالفة المعدود في التذكير والتأنيث؛ تَقُولُ: بِضْعُ سِنِينَ، وبضعة أعوام.
34. لفظةُ "إنما" للحصر، تُثبِت المذكورَ، وتنفي ما عداه، وهي تارةً تقتضي الحصرَ المطلَق، وتارة تقتضي حصرًا مخصوصًا، ويُفهم ذلك بالقرائن
كقوله تعالى:
{إِنَّمَا أَنْتَ مُنْذِرٌ}
[الرعد: ٧]
فظاهره الحصرُ في النِّذارة، والرسول لا يَنحصِر في ذلك؛ بل له أوصافٌ كثيرة جميلة؛ كالبِشارة وغيرها
وكذلك قوله تعالى:
{إِنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ}
[محمد: ٣٦]
فظاهرُه الحصرُ، باعتبار مَن آثَرَها، وأما بالنسبة إلى ما في نفس الأمر، فقد تكون سببًا إلى الخيرات، ويكون ذلك من باب التغليب، فإذا وردت هذه اللفظة، فاعتبرها، فإن دلَّ السياق والمقصودُ من الكلام على الحصر في شيءٍ مخصوص، فقل به، وإلا فاحمل الحصر على الإطلاق، ومن هذا قوله ﷺ: «إنما الأعمال بالنيات»، والمراد بالأعمال: الأعمالُ الشرعية[1].
35. قوله: «فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله، فهجرته إلى الله ورسوله»: المتقرِّر عند أهل العربية: أن الشرط والجزاء، والمبتدأ والخبر لا بدَّ أن يتغايرا، وههنا قد وقع الاتِّحاد، وجوابُه: «فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله» نيَّةً وقصدًا، «فهجرتُه إلى الله ورسوله» حُكمًا وشرعًا[2].
36. لفظ (النّيَّة) يُراد بها النّوع من المصدر، ويُراد بها الْمَنْويُّ (اسم المفعول)، واستعمالها في هذا لعلَّه أغلب في كلام العرب، فيكون المراد: إنّما الأعمال بحسب ما نواه العامل؛ أي: بحسب منويِّه؛ ولهذا قال في تمامه: «فمن كانت هجرته إلى اللّه ورسوله، فهجرته إلى اللّه ورسوله»، فذكر ما ينويه العامل ويُريده بعمله، وهو الغاية المطلوبة له؛ فإنّ كلَّ متحرِّك بالإرادة لا بدَّ له من مراد[3].
المراجع
- "شرح الأربعين النووية" لابن دقيق العيد (ص: 25، 26).
- "شرح الأربعين النووية" لابن دقيق العيد (ص: 26).
- "مجموع الفتاوى" (18/ 255).
«مَن لا يَرْحَم لا يُرْحَم» الأكثر على أن (من) موصولةٌ؛ بمعنى: الذي لا يَرْحَمُ لا يُرْحَمُ، برفع الفِعْلَين، فالأوَّل جُملة صلة الموصول، والثاني جُملة الخبر، ويجوز أن تكون (من) شرطيّةً؛ بمعنى: من لا يَرْحَمْ لا يُرْحَمْ، بجزم الفعلين؛ فعلِ الشَّرْط وجوابِ الشَّرْط.
24- قوله: «تَطوَّعَ» لها قراءتان وتخريجان؛ الأول: (تَطَّوَّعَ) بتشديد الطاء والواو، وأصلُه: (تَتَطَوَّعُ) بتاءين، فأُدغمت التاء الثانية في الطاء، وصارت طاء مشدَّدة. الثاني: (تَطَوَّعَ) بتخفيف الطاء، وأصلُه (تَتَطَوَّعُ) على حذف إحدى التاءين؛ فهناك قاعدةٌ في اللغة أنه إذا ابتدأ الفعل بتاءين يجوز الاقتصار على تاء واحدة، وهو كثير جدًّا في اللغة، ومنه في القرآن الكريم
قوله تعالى:
تَنَزَّلُ ٱلۡمَلَـٰٓئِكَةُ وَٱلرُّوحُ فِيهَا
[القدر: ٤]
أي: تتنزَّل،
وقوله تعالى:
يَوۡمَ يَأۡتِ لَا تَكَلَّمُ نَفۡسٌ إِلَّا بِإِذۡنِهِ
[هود: ١٠٥]
أي: تتكلَّم،
وقوله تعالى:
وَلَقَدۡ كُنتُمۡ تَمَنَّوۡنَ ٱلۡمَوۡتَ
[آل عمران: ١٤٣]؛
أي: تتمنَّون.
25- قوله ﷺ: «إِلَّا أَنْ تَطَّوَّعَ»؛ استثناءٌ منقطعٌ، ومعناه: لكن يُستحبُّ لك أن تطَّوَّع، وَجَعَله بعضُ العلماء استثناءً متَّصِلًا، ومعناه: لا يجب عليك غيرُها إلا أن تتطوَّع فتَصير مُلزَمًا بإتمام التطوُّع؛ لأنك شرعتَ فيه، واستدلُّوا بهذا المعنى على أن مَن شرع في صلاة نفل، أو صوم نفل، وَجَب عليه إتمامُه.
26- قوله ﷺ: «أَفْلَحَ إنْ صَدَقَ» قيل: إنه عبارةٌ عن أربعة أشياءَ: بقاء بلا فناء، وغناء بلا فقر، وعزٌّ بلا ذُلٍّ، وعلمٌ بلا جهل. قالوا: ولا كلمةَ في اللغة أجمعُ للخيرات من الفلاح، والعربُ تقول لكلِّ مَن أصاب خيرًا: مُفلح[1]
المراجع
- "عمدة القاري بشرح صحيح البخاري" لبدر الدين العينيِّ (1/ 266).
27. "الوصيَّة: مشتقَّة من وَصَيْتُ الشَّيْءَ أُوصِيه إذا وَصَلْتُه، وسُمِّيت وصيةً؛ لأنه وَصَل ما كان في حياته بما بَعْدَه، ويُقال: وصَّى وأَوْصى إيصاءً، والاسمُ الوصية والوَصاة" [1].
28. قوله: «يبيت»: كأنَّ فيه حذفًا، تقديرُه: (أن يبيت)، ويجوز أن يكون (يبيت) صفةً لمسلم، وقولُه: «يوصي فيه» صفةُ (شيء).
المراجع
1. "شرح النوويِّ على مسلم" (11/ 74).
26- (من) في قوله ﷺ: «من الفطرة» للتبعيض، فدلَّ على أنها لا تنحصر في هذه العشر.
27- البَرَاجم: جمعُ (بُرْجُمة)، وهي عُقَدُ الأصابع ومَفاصِلها كلِّها.
28- الإبِط بكسر الهمزة والباء، وسكونها (الإبْط)، وهو المشهور، وهو يذكَّر ويؤنَّث.
29- جمع اللِّحْية: لِحًى ولُحًى بكسر اللّام وبضمِّها، لغتان، الكسرُ أفصحُ[1]
المراجع
- "شرح النوويِّ على مسلم" (3/ 150، 151).
39. الأصلُ في معنى الربا الزيادة، يقال: رَبا الشيء إذا زاد، ومن ذلك قول الله تبارك وتعالى:
{ يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ ۗ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ}
[البقرة: 276]
40. الزَّحْفُ أصله المشيُ المتثاقِل؛ كالصبيِّ يَزحَف قبل أن يمشيَ، وسُمِّي الجيشُ زَحْفًا؛ لأنه يزحف فيه[1].
41. قَوْله: «الْغَافِلَات» كِنَايَةٌ عَن البريئات؛ لِأَن البريء غافلٌ عَمَّا بُهت بِهِ من الزِّنَا[2].
42. قَوْله: «وَقذف الْمُحْصنَات»؛ الْقَذْفُ الرَّمْيُ الْبعيد، استُعير للشتم وَالْعَيْب والبُهتان كَمَا استُعير للرمي، وَالْمُحصَنات جمع مُحصَنة، بِفَتْح الصَّاد، اسْم مفعول؛ أَي: الَّتِي أَحصَنها الله تَعَالَى وحَفِظها من الزِّنَا، وبكسرها، اسْم فَاعل؛ أَي: الَّتِي حَفِظت فرجهَا من الزِّنَا[3].
المراجع
- "التوضيح لشرح الجامع الصحيح" لابن الملقِّن (17/ 264).
- "عمدة القاري شرح صحيح البخاري" للبخاريِّ (14/ 62).
- "عمدة القاري شرح صحيح البخاري" للبخاريِّ (14/ 62).
31. الحديث قائم على بلاغة التشبيه التمثيليِّ، وهو تشبيه صورة مركَّبة بصورة مركَّبة، ووجه الشَّبَه فيه صورة مركَّبة مُنتزَعة من أشياءَ متعدِّدة؛ فالمشبَّه الذي يَذكُر ربَّه، والذي لا يذكر ربَّه، أو البيتُ الذي يُذْكَرُ اللهُ فيه، والبيتُ الذي لا يُذْكَرُ اللهُ فيه، والمشبَّه به: الْـحَيُّ وَالْـمَيِّتُ. ووجهُ الشَّبَه: ما يَجمَع بين الذِّكر والرُّوح من إحياء ما يَسْرِيان فيه.