عَنْ تَمِيمٍ الدَّارِيِّ رضى الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ قَالَ: «الدِّينُ النَّصِيحَةُ»، قُلْنَا: لِمَنْ؟ قَالَ: «لِلَّهِ، وَلِكِتَابِهِ،وَلِرَسُولِهِ،وَلِأَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ، وَعَامَّتِهِمْ»


فوائد الحديث

الفوائد العلمية


  1. هذا الحديث عليه مَدَارُ الإسلام [1].

  2. النصيحة هي عِمَاد أمرِ الدِّين وقِوَامُه، وبها ثباتُه وقوَّته، وهي كَلِمةٌ جامعة، من وَجِيز الأسماء، ومختصَر الكلام، وهي إرادة الخير للمنصوح له، وليس يُمكِن أن يُعَبِّر عن هذا المعنى بكلمة واحدة تَجْمَع معناه غيرُها.

  3. حكم النصيحة أنها فرض كفاية، إذا قام بها من يكفي، سقط عن غيره، وهي لازمةٌ على قدر الطاقة، إذا عَلِم الناصح أنه يُقبَل نُصحُه، ويُطاع أمرُه، وأَمِن على نفسه المكروهَ، وأما إن خَشِيَ الأذى، فهو في سَعَةٍ منها[2]. 

  4. ضوابط النصيحة: الإخلاص لله فيها، والعلم بما يَنصَح به، وأن لا يجهر بنصيحته، وأن يراعيَ الوقت والمكان المناسبينِ، واللِّين والرفق في النصيحة، وأن لا تكون النصيحة على شرط القَبول.

  5. النصيحة تؤتي ثمارها للناصح في الحالين، سواء أقَبِلها المنصوحون فعاد نفعها عليه وعليهم في الدنيا والآخرة، أم رفضوها فنال الأجر، وحقَّ عليهم الإثم والعقاب.

  6. في الحديث النصيحة لله تعالى، وتكون بتوحيده، ووصفه بصفات الكمال والجلال جميعًا، وتنزيهه عما يضادُّها ويُخالفها، وتجنُّب معاصيه، والقيام بطاعاته، ومحابِّه، بوصف الإخلاص، والحبِّ فيه، والبُغض فيه، وجهاد مَن كفر به تعالى، وما ضاهى ذلك، والدعاء إلى ذلك، والحثِّ عليه[3].

  7. النصيحة لله بكل جوانبها راجعة إلى العَبْدِ من نصيحة نفسه، واللّه تعالى غنيٌّ عن نُصح النّاصحين.

  8. في الحديث النصيحةُ لكتاب الله، وتكون بالإيمان بأنّه كلامه تعالى، وبتحليل ما حلَّله، وتحريم ما حرَّمه، والاهتداء بما فيه، والتَّدبُّر لمعانيه، والقيام بحقوق تلاوته، والاتّعاظ بمواعظه، والاعتبار بزواجره، والمعرفة له.

  9. في الحديث النصيحةُ لرسول الله ﷺ، وتكون بالإيمان به، واتِّباعه، وطاعته، وتعظيم حقِّه، وتوقيره حيًّا وميِّتًا، ونُصرته، ومحبَّته، ومحبَّة مَن أَمَرَ بمحبَّته من آله وصَحْبِه، ومعرفة سنَّته، والعمل بها، ونشرها، والدّعاء إليها، والذّبِّ عنها.

  10. في الحديث النصيحة للأمراء، وتكون بطاعتهم في الحق، ومعونتهم عليه، وتذكيرهم به، وإعلامهم بما غفلوا عنه، أو جهِلوه في أمر دينهم، ومصالح دنياهم، والصلاة خلفَهم، والجهاد معهم، وتنبيههم عند الغفلة، وألَّا يُغَرُّوا بالثناء الكاذب عليهم، وأن يُدعى بالصلاح لهم.

  11. في الحديث النصيحة للعلماء، وتكون بالاستماع لهم، والتواضُع معهم، وأن يحرِص على تلقِّي ما عندهم من العلم، وألَّا يتتبَّع الإنسان عَوْراتِهم، وزلَّاتهم، وما يخطئون فيه؛ لأنهم غير معصومين، قد يَزِلُّون، وقد يُخطئون[4].

  12. في الحديث النّصيحة لعامَّة المسلمين، وتكون بإِرَادَة الْخَيْر لهم، والسعيِ فيما يعود نفعه عليهم، وتعليمهم ما ينفعهم، وهدايتهم إلى الْحقِّ، وإرشادهم إلى مصالحهم في دنياهم وأُخراهم، وكَفِّ الأذى عنهم، ونحوِ ذلك.

المراجع

  1. "شرح النوويِّ على مسلم" (2/ 37).
  2. "شرح صحيح البخاريِّ" لابن بطَّال (1/129).
  3. "صيانة صحيح مسلم" لابن الصلاح (ص: 221).
  4. انظر: "شرح رياض الصالحين" لابن عثيمين (2/ 393).
الفوائد اللغوية

13.   فِي اشتقاق النَّصِيحَة قَولَانِ؛ أَحدهمَا: أَنه من قَوْلهم: نَصَحَ الرجل ثَوْبَه، إِذا خاطَه، وَكَأن الناصح جَمَع الصّلاح للمنصوح جَمْعَ الناصح ثَوْبَه بالخياطة. وَالثَّانِي: أَنه من قَوْلهم: نصحتُ الْعَسَل، إِذا صفَّيْتُه من الشَّمع، فَشبَّه خُلوص النُّصح من شَوب الْغِشِّ والخيانة بخلوص الْعَسَل من كَدره.

مشاريع الأحاديث الكلية