عَنْ تَمِيمٍ الدَّارِيِّ رضى الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَالَ: «الدِّينُ النَّصِيحَةُ»، قُلْنَا: لِمَنْ؟ قَالَ: «لِلَّهِ، وَلِكِتَابِهِ،وَلِرَسُولِهِ،وَلِأَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ، وَعَامَّتِهِمْ»
عَنْ تَمِيمٍ الدَّارِيِّ رضى الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَالَ: «الدِّينُ النَّصِيحَةُ»، قُلْنَا: لِمَنْ؟ قَالَ: «لِلَّهِ، وَلِكِتَابِهِ،وَلِرَسُولِهِ،وَلِأَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ، وَعَامَّتِهِمْ»
الناصح مأجورٌ على نصيحته مهما كانت النتائج، إذا خَلَصت نيَّته، واستفرغ وُسْعَه، وعَمِل بتوجيهات ربِّه تعالى.
النصيحة هي لُبُّ الدِّين، وجَوهر الإيمان، ودليل حبِّ الخير للآخرين، وبُغض الشرِّ لهم.
في النصيحة صلاح المجتمع؛ فبها تُشاع الفضيلة، وتُستر الرذيلة، وتحلُّ الرحمة والمودَّة محلَّ القسوة والشقاق.
اعْلَم أَن النَّصِيحَة لله - عزَّ وَجلَّ -: هي المناضلة عَن دينه، والمدافعة عَن الْإِشْرَاك به، وإن كان غَنِيًّا عن ذلك؛ لكن نَفعه عَائِد على العَبْد. والنصيحة لكتاب الله: الذبُّ عنه، والمحافظة على تِلَاوَته، والنصيحة لرَسُوله: إِقَامَة سنَّته، وَالدُّعَاء إِلَى دَعوته[1].
من تمام النصح: الاشتغال بالنفس لاستكمال الفضائل.
لا تَخْشَ النصيحةَ؛ فالنصيحةُ دائمًا خير، ولك أجرها، سواءٌ أقَبِلها المنصوح فعاد نفعها عليكما في الدنيا والآخرة، أم رفَضَها فنلتَ الأجر، ونال هو عاقبة ذلك.
إذا نصحتَ فانصح سرًّا لا جهرًا، أو بتعريض لا بتصريح إلا لمن لا يفهم، فلا بد من التصريح له، ولا تنصح على شرط القَبول منك، فإن تعدَّيْتَ هذه الوجوه، فأنت ظالم لا ناصح، وطالبُ طاعة لا مؤدِّي حقِّ ديانة وأُخوَّة، وليس هذا حُكْمَ العقل، ولا حكم الصداقة؛ ولكن حكم الأمير مع رَعِيَّته، والسيِّد مع عبيده[2].
قال الْفُضَيْلُ بنُ عِياضٍ: ما أَدرَك عندَنا من أَدرَك بكثرة الصلاة والصيام؛ وإنَّما أَدرَك عندنا بسَخاء الْأَنْفُس، وسلامةِ الصدور، والنُّصح للأُمَّة[3].
قال الْفُضَيْلُ بنُ عِياضٍ: المؤمنُ يَسْتُرُ ويَنصَح، والفاجرُ يَهْتِكُ وَيُعَيِّرُ[4].
سُئل ابنُ الْمُبارَك: أَيُّ الأعمال أفضلُ؟ قال: النُّصح لِلَّه[5].
قال مَعْمَرٌ: كان يُقال: أنصحُ الناس لك من خاف اللَّهَ فيك[6].
كان السَّلَفُ إذا أرادوا نصيحة أحد، وَعَظوه سِرًّا، حتى قال بعضهم: مَن وعَظَ أخاه فيما بَيْنَه وبينه، فهي نصيحةٌ، ومَن وعَظَه على رؤوس الناس فإنما وَبَّخَه[7].
من النصيحة لله: أن تكون ذاكرًا لربك دومًا، بقلبك ولسانك وجوارحك، أما القلب فإنه لا حدودَ لذِكْره، فاذكر ربَّك بقلبك على كل حال، وتفكَّر في خلق السموات والأرض، واختلاف الليل والنهار، وفي آيات الله؛ ففي كل شيء له آية تدُلُّ على أنه الواحد!
مَتَى يُولِكَ الْمَرْءُ الْغَرِيبُ نَصِيحَةً = فَلَا تُقْصِهِ وَاحْبُ الرَّفِيقَ وَإِنْ ذَمَّا
وَلَا تَكُ مِمَّنْ قَرَّبَ الْعَبْدَ شَارِخًا = وَضَيَّعَه إِذْ صَارَ مِنْ كِبَرٍ هَمَّا
النُّصْحُ أرخصُ ما باع الرجالُ فلا = تَرْدُدْ عَلَى ناصِحٍ نُصْحًا ولا تَلُمِ إِنَّ النصائحَ لا تخفَى مَناهِجُها = عَلَى الرِّجالِ ذَوِي الألبابِ والفَهَمِ
فما كُلُّ ذي نُصْحٍ بِمُؤْتِيكَ نُصْحَهُ = ولا كلُّ مُؤْتٍ نُصْحَهُ بلَبِيبِ وَلَكِنْ إِذَا مَا اسْتَجْمَعَا عِنْدَ وَاحِدٍ = فَحُقَّ لَهُ مِنْ طاعةٍ بنَصيبِ