الفوائد العلمية
في هذا الحديث يحذِّر النبيُّ ﷺ أمَّته من المهلِكات السَّبع، التي تُهلِك فاعلَها في الدنيا بما يترتَّب عليها من العقوبات، وتُودِي به في نار جهنَّمَ.
سببُ تسمية هذه الكبائر [موبقات]: أنها تُهلِك فاعلها في الدنيا بما يترتَّب عليها من العقوبات، وفي الآخرة من العذاب[1].
لا تنحصر الموبقات في هذه السَّبع؛ فالغرضُ التَّنْبِيهُ بها إلى أمثالها، أو ما زاد فُحْشُه عن فُحْشِها؛ كالزنى والسَّرِقة، وسببُ الاقتصار على هذه السبع؛ لكونها من أفحش الكبائر مع كثرة وقوعها، لا سيَّما فيما كانت عليه الجاهلية[2].
قيل: الكبائر تسع، وروى الحاكم في حديث طويل: «والكبائر تسع» فذكر السبعة المذكورة، وزاد عليها: «عقوق الْوَالِدين الْمُسلمينِ، وَاسْتِحْلَال الْبَيْت الْحَرَام»، وقيل: الكبيرة كلُّ معصية. وقيل: كلُّ ذنب قُرِن بنار أو لعنة أو غضب أو عذاب، وقال رجل لابن عَبَّاس، رضي الله عنهما: الكبائر سبع؟ فقال: هي إلى سَبْعمِائة. وقيل: الكبيرة أمر نسبيٌّ، فكلُّ ذَنْب فَوْقَه ذَنْب، فهو بالنسبة إليه صغيرة، وبالنسبة إِلى ما تَحْتَه كبيرة[3].
اقتصاره على ذكر هذه السبع في هذا الحديث يَحتمِل أن تكون لأنها هي التي أُعلِمَ بها في ذلك الوقت بالوحي، ثم بعد ذلك أُعلِم بغيرها، ويَحتمِل أن يكون ذلك؛ لأن تلك السبعَ هي التي دَعَت الحاجة إليها في ذلك الوقت، أو التي سُئل عنها في ذلك الوقت، وكذلك القول في كلِّ حديث خصَّ عددًا من الكبائر[4].
السحر هو عبارة عن عُقَد وقراءات ونَفَثات يتوصَّل بها الساحر إلى الإضرار بالمسحور، فمنه ما يَقتُل، ومنه ما يُمرِض، ومنه ما يُذهب العقل، ومنه ما يُوجِب العَقد؛ يعني: تعلُّق الإنسان بغيره تعلُّقًا شديدًا، ومنه ما يوجِب الصرف؛ يعني: انصرافه عن غيره انصرافًا كاملاً، فهو أنواع[5].
أصلُ السِّحر: صرف الشيء عن حقيقته إلى غيره، فكأنَّ الساحر لَمَّا أَرَى الباطلَ في صورة الحقِّ، وخيَّل الشيء على غير حقيقته، قد سَحَر الشيء عن وجهه؛ أي: صَرَفه، وهو عمل يقرِّب فيه إلى الشيطان، وبمعونة منه.
من السِّحر الأخذة التي تأخذ العين حتى تظنَّ أن الأمر كما ترى، وليس الأصل على ما ترى.
من أنواع السحر: سحر الكذَّابين والكشدانيين الذين كانوا يعبدون الكواكب السَّبعة الْمُتَحَيِّرة، وَهِي السيَّارة، وكانوا يعتقدون أنها مُدبِّرَة للعالم، وأنها تَأتي بالخير والشَّرِّ، وهم الذين بعث الله إبراهيم الخليل مُبْطِلًا لمقالتهم، وردًّا لمذاهبهم[6].
من أَنْوَاع السحر: الاستعانة بالأرواح الأرضية، وهم الجنُّ، وهم على قسمَيْنِ: مؤمنون وكفَّار، وهم الشياطين، وهذا النوع يحصل بأعمال من الرقى والدَّخَن، وهذا النوع الْمُسَمَّى بالعزائم وعمل تسخير[7].
من أنواع السحر: التخيُّلات والأخذ بالعيون والشَّعْبَذة، وقد قال بعض المفسِّرين: إن سحر السَّحَرة بين يدَيْ فِرعون إنّما كان من باب الشَّعْبذة[8].
من أنواع السحر: الاستعانة بخواصِّ الأدوية؛ يعني: في الأطعمة والدِّهانات[9].
من أنواع السحر: تعلُّق القلب، وهو أن يدَّعي السّاحر أنه عَرَف الاسم الأعظم، وأن الجنَّ يُطيعونه وينقادون له في أكثر الأمور[10].
أُدخل كثير من أَنْوَاع السحر فِي فنِّ السحر لِلَطافة مداركها؛ لأن السحر في اللُّغَة عبارة عمَّا لَطُف وخَفِيَ سَببُه؛ ولهذا جاء في الحديث: «إِن من الْبَيَان لسحرًا»، وسمِّي السُّحُور لكَونه يَقع خفِيًّا آخِرَ اللَّيل[11].
أكبر واقٍ يقي الإنسان ويحميه من السحر: قراءة الأوراد الشرعية؛ مثل آية الكرسيِّ، وسورة الإخلاص، والمعوِّذتين، وما أشبه ذلك مما جاء في الآيات والأحاديث عن النبي ﷺ [12].
إن شرَّ الساحر من شرِّ النفس الشرِّيرة، فالساحر يَستعين بالشيطان ويَعبُده[13].
قلَّما يتأتَّى السِّحر بدون نوع عبادة للشيطان، وتقرُّب إليه، إما بذَبْحٍ باسمه، أو بذَبح يُقصد به هو، فيكون ذبحًا لغير الله، وبغير ذلك من أنواع الشرك والفسوق[14].
في الحديث بيان عظم جريمة إزهاق النَّفس المعصومة بالإسلام أو الذمَّة أو العهد أو الأمان؛ إلا بالحقِّ؛ كالقتل قصاصًا أو حدًّا أو ردَّةً.
القتل جريمة تَرفَع الأمن، وتَنشُر الخوف، وتَفتِك بالأمَّة وتُضعِفها، وتقطع روابط الإخاء بينها؛
{وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا}
{الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لَا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ ۚ ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا ۗ وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا ۚ فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَىٰ فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ ۖ وَمَنْ عَادَ فَأُولَٰئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ ۖ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ}
ورد الإحصان في الشرع على خمسة أَسام: الإسلام والعفَّة وَالتَّزويج والحرية والنِّكاح[14].
اليتامى هم الذين مات آباؤهم قبل البلوغ، سواء كانوا ذكورًا أو إناثًا، وهم محلُّ الرفق والعناية والرحمة والشفقة؛ لأنهم كُسرت قلوبهم بموت آبائهم، وليس لهم عائلٌ إلا اللهَ عزَّ وجلَّ، فكانوا محلَّ الرفق والعناية[15].
1. "المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم" لأبي العبَّاس القرطبيِّ (1/ 283).
2."شرح النوويِّ على مسلم" (2/ 84).
3."عمدة القاري شرح صحيح البخاري" للعينيِّ (3/ 114).
4."المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم" لأبي العبَّاس القرطبيِّ (1/ 283).
5. "شرح رياض الصالحين" لابن عثيمين (6/ 573).
6."عمدة القاري شرح صحيح البخاري" للبخاريِّ (14/ 61).
7. "عمدة القاري شرح صحيح البخاري" للبخاريِّ (14/ 61).
8."عمدة القاري شرح صحيح البخاري" للبخاريِّ (14/ 61).
9."عمدة القاري شرح صحيح البخاري" للبخاريِّ (14/ 61).
10. "عمدة القاري شرح صحيح البخاري" للبخاريِّ (14/ 61).
11."عمدة القاري شرح صحيح البخاري" للبخاريِّ (14/ 61).
12."بدائع الفوائد" لابن القيم (2/ 759).
13."بدائع الفوائد" لابن القيم (2/ 760).
14. "عمدة القاري شرح صحيح البخاري" للبخاريِّ (14/ 64).
15. "شرح رياض الصالحين" لابن عثيمين (6/ 309).
الفوائد الفقهية
23.السحر إثم كبير، ووِزر عظيم؛ لأن فيه تلبيسًا وتَعْمِيةً وسَتْرًا للحقائق، ووَضْعَ غشاءٍ على الأبصار، وإضلالاً للعامَّة، وزلزالاً لعقيدتهم في ترتُّب المسبِّبات على أسبابها، والنتائجِ على مقدِّماتها، وهو حرام، من الكبائر فِعْلُه وتعلُّمه وتعليمه.
24. الرِّبَا - كما عرِّف في الفقه -: هو فضل مال بلا عِوَض في مُعاوضَة مال بمال.
25. من تأمَّل أبواب الربا، لاح له سرُّ التحريم من جهة الجشع المانع من حُسن المعاشرة، والذريعة إلى ترك القرض، وما في التوسعة من مكارم الأخلاق؛ و
{فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ ۖ }
غضبًا على أهله[1].
26. المراد من أكل مال اليتيم الاستيلاء، لا خصوص الأكل، وخُصَّ الأكل بالذكر لأنه المقصودُ الغالب من المال؛
{إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَىٰ ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا ۖ وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا }
27. ينهى الإسلام عن أكل أموال الناس بالباطل؛
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ ۚ وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا}
28. التولِّي عن القتال إنما يكون كبيرةً إذا فرَّ ولم يلتحق بفئة من المؤمنين، وإذا كان العدوُّ ضِعْفَيِ المسلمين؛
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا زَحْفًا فَلَا تُوَلُّوهُمُ الْأَدْبَارَ [15] وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلَّا مُتَحَرِّفًا لِقِتَالٍ أَوْ مُتَحَيِّزًا إِلَى فِئَةٍ فَقَدْ بَاءَ بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ [16] فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ قَتَلَهُمْ وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى وَلِيُبْلِيَ الْمُؤْمِنِينَ مِنْهُ بَلَاءً حَسَنًا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ }
29.إذا لَقِيَتْ فئةٌ من المؤمنين فئةً هي ضعفُ المؤمنين من المشركين، فالفرضُ ألَّا يَفِرُّوا أمامهم، فمن فَرَّ من اثنين، فهو فارٌّ من الزحف، ومن فَرَّ من ثلاثة، فليس بفارٍّ من الزحف، ولا يتوجَّه عليه الوعيد، والفرار كبيرةٌ مُوبِقة بظاهر القرآن، وإجماعُ الأكثرِ من الأئمَّة[3].
30. قذف المحصَنات هو رَمْيهن بالزنى، والإحصان في الحديث: العفَّة عن الفواحش.
31. التقييد بوصف "الغافلات" لتغليظ الذنب، وليس قيدًا للاحتراز يُبيح قذف غير الغافلات[4].
32. احتُرز بـ«المؤمنات» عن قذف الكافرات؛ فإن قذفَهن ليس من الكبائر، فإن كانت ذِمِّيَّةً، فقَذْفُها من الصغائر لا يوجب الحَدَّ، وفي قذف الأَمَة المسلِمة التعزيرُ دون الحَدِّ؛
{إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ}
33. لا يَقتصِر حدُّ القذف على قذف النساء فقط بالفاحشة؛ وإنما يَدخُل فيه أيضًا قذف الرجال؛ فقد قام الإجماع أن حكم المحصَنين في القذف كحُكم المحصَنات قياسًا واستدلالاً، وأن من قَذَف حُرًّا عفيفًا مؤمنًا عليه الحَدُّ ثمانون؛ كمن قَذَف حُرَّة مؤمِنة، وجاءت الأخبار عن الشارع بالتغليظ في رميِ المحصَنات، وأن ذلك من الكبائر[6].
34. إحصان المقذوف بكونه مُكَلَّفًا؛ أي: عاقلاً بالغًا حرًّا مُسلِمًا عفيفًا عن زنا، فهذه خمس شرائطَ، دخل تحت قوله تعالى:
{وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا ۚ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ}
فَإِذا فُقد واحد منها لا يكون مُحصَنًا[7].
35.كلُّ السحر محرَّم، وقد تبرَّأ النبيُّ صلي الله عليه وسلم ممَّن سَحَر وسُحِر له، ومن السحر ما يوصِّل إلى الكفر، فإذا كان الساحر يتوصَّل إلى سحره بالأرواح الشيطانية يتقرَّب إليها ويتعبَّد لها حتى تُطيعه، فهذا كُفْرٌ لا شكَّ فيه، وأما إذا لم يكن كذلك، فإنه أذيَّة ومحرَّم، ومن كبائر الذنوب[8].
يجب على وليِّ الأمر أن يَقتُل الساحرَ قتلاً بدون توبة؛ بمعنى: أن يقتله قتلاً وإن تاب؛ لأنه إن تاب فأمرُه إلى الله عزَّ وجلَّ؛ لكننا نقتله دَرْءًا لمضرَّته ومفسدته، وأما إذا لم يَتُب، فهو من أهل النار، إذا كان سحره مكفِّرًا؛ لأن السحر من أعظم الفساد في الأرض، ومن أعظم الشرور؛ لأنه يأتي الإنسان من غير أن يَحترِز منه[9].
المراجع
- "شرح سنن أبي داود" لابن رسلان (12/ 370).
- "المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم" لأبي العبَّاس القرطبيِّ (1/ 284).
- "الجامع لأحكام القرآن" للقرطبيِّ (7/ 380).
- "فتح المنعم شرح صحيح مسلم" لموسى شاهين لاشين (1/ 291).
- "الكاشف عن حقائق السنن" للطِّيبيِّ (2/ 506).
- "التوضيح لشرح الجامع الصحيح" لابن الملقِّن (31/ 284).
- "عمدة القاري شرح صحيح البخاري" للبخاريِّ (14/ 64).
- "شرح رياض الصالحين" لابن عثيمين (6/ 573).
- "شرح رياض الصالحين" لابن عثيمين (6/ 573).
الفوائد العقدية
36.في الحديث بيان أن الشرك بالله هو أعظم الكبائر على الإطلاق؛
{وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ ۖ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ}
وعن عَبْدِاللهِ بن مسعود رضي الله عنه قَالَ:
سَأَلْتُ النَّبِيَّ صلي الله عليه وسلم: أَيُّ الذَّنْبِ أَعْظَمُ عِنْدَ اللَّهِ؟ قَالَ: «أَنْ تَجْعَلَ لِلَّهِ نِدًّا وَهُوَ خَلَقَكَ». قُلْتُ: إِنَّ ذَلِكَ لَعَظِيمٌ...
37.الساحر وإن لم يُسَمِّ أفعاله عبادةً للشيطان، فهو عبادةٌ له، وإن سمَّاه بما سمَّاه به؛ فإن الشِّرك والكفر هو شرك وكُفر لحقيقته ومعناه، لا لاسمه ولَفظِه؛ فمن سَجَد لمخلوق وقال: ليس هذا بسجود له، هذا خضوع وتقبيل الأرض بالجبهة كما أقبِّلها بالنِّعم، أو هذا إكرام، لم يَخرُج بهذه الألفاظ عن كونه سجودًا لغير الله، فليسمِّه بما شاء[2].
38.اختلفوا فيمن يتعلَّم السِّحر ويستعمله. فقال أبو حنيفة ومالك وأحمدُ: يكفر بذلك، وعن بعض الحنفيّة: إن تعلَّمه ليتَّقِيَه أو ليجتنَّبه، فلا يكفر، ومن تعلَّمه معتقدًا جوازَه أو أن ينفعه، كفر، وكذا من اعتقد أن الشّياطين تفعل له ما يشاء، فهو كافر[3].
قال الشّافعيُّ: إذا تعلَّم السِّحر، قلنا له: صِفْ لنا سحرك، فإن وَصَف ما يوجب الكفر؛ مثل ما اعتقده أهل بابل من التّقرُّب إلى الكواكب السَّبعة، وأنّها تفعل ما يُلتمَس منها، فهو كافر، وإن كان لا يوجب الكفر، فإن اعتقد إباحته فهو كافر[4].
المراجع
- "شرح رياض الصالحين" لابن عثيمين (6/ 573).
- رواه البخاريُّ (4477)، ومسلم (86).
- "بدائع الفوائد" لابن القيم (2/ 760).
- "عمدة القاري شرح صحيح البخاري" للبخاريِّ (14/ 63).
- "عمدة القاري شرح صحيح البخاري" للبخاريِّ (14/ 63).
الفوائد اللغوية
39. الأصلُ في معنى الربا الزيادة، يقال: رَبا الشيء إذا زاد، ومن ذلك قول الله تبارك وتعالى:
{ يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ ۗ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ}
40. الزَّحْفُ أصله المشيُ المتثاقِل؛ كالصبيِّ يَزحَف قبل أن يمشيَ، وسُمِّي الجيشُ زَحْفًا؛ لأنه يزحف فيه[1].
41. قَوْله: «الْغَافِلَات» كِنَايَةٌ عَن البريئات؛ لِأَن البريء غافلٌ عَمَّا بُهت بِهِ من الزِّنَا[2].
42. قَوْله: «وَقذف الْمُحْصنَات»؛ الْقَذْفُ الرَّمْيُ الْبعيد، استُعير للشتم وَالْعَيْب والبُهتان كَمَا استُعير للرمي، وَالْمُحصَنات جمع مُحصَنة، بِفَتْح الصَّاد، اسْم مفعول؛ أَي: الَّتِي أَحصَنها الله تَعَالَى وحَفِظها من الزِّنَا، وبكسرها، اسْم فَاعل؛ أَي: الَّتِي حَفِظت فرجهَا من الزِّنَا[3].
المراجع
- "التوضيح لشرح الجامع الصحيح" لابن الملقِّن (17/ 264).
- "عمدة القاري شرح صحيح البخاري" للبخاريِّ (14/ 62).
- "عمدة القاري شرح صحيح البخاري" للبخاريِّ (14/ 62).