21. «مَرَّ عَلَى صُبْرَةِ» بضمِّ الصاد الْمُهمَلة، وسكون الْمُوحَّدة جمع (صُبَر)؛ كغُرْفَة وغُرَف: ما جُمِعَ من الطعام بلا كَيْلٍ ووَزْنٍ، واشتريتُ الشيءَ صُبرةً؛ أي: بلا كَيل ولا وزن.

22. «مَرَّ عَلَى صُبْرَةِ طَعَامٍ» المراد بالطعام: جِنْسُ الحُبوب المأكول، وإذا أَطلَق أهلُ الحجاز لفظ الطَّعام، عَنَوْا به البُرَّ خاصَّةً. وفي العُرف اسمٌ لِمَا يؤكَل [1].

23. «قال: أصابته السماء»؛ أي: المطر؛ لأنه ينزل منها، فهو من مجاز التعبير بالمحلِّ عن الحالِّ فيه.

المراجع

    1.  "دليل الفالحين لطرق رياض الصالحين" لابن علان (8/ 422).


    31. معنى الاختصاص في قوله: «الكبرياء ردائي والعظمة إزاري» من وجهين؛ أحدهما: أنه من التشبيه، كما أن رداء الرجل وإزاره مختصَّان به لا يُشاركه فيهما غيرُه، كذلك الكبرياء والعظمة مختصَّتان بالله تعالى، لا يوصَف بهما غيره. وثانيهما: تعريف المسنَد إليه (أي: المبتدَأ) بالألف واللام، والمسنِد (الخبر) بالإضافة، يدلُّ على القَصْرِ وانحصار الكبرياء والعظمة في الله تعالى[1].

    32. عبَّر الله تعالى عن الكبرياء والعظمة بالرداء والإزار على طريقة الاستعارة المستعمَلة عند العرب؛ كما قال سبحانه:

    ﴿ولباس التقوى ذلك خير﴾

      فاستعار للتقوى لباسًا[2]. ومنه قول النبيِّ ﷺ: «الأنصار شِعار، والناس دِثار»[3]، والشِّعار: الثوب الذي يلي الجسد، والدِّثار: الثوبُ الذي يلي الشِّعارَ، وليس المرادُ بالرداء والإزار الثيابَ المحسوسة؛ لكن المناسبة أن هذين الثوبين يخصُّان اللابس؛ بحيث لا يمكِنه استغناؤه عنهما، ولا يَقبلان المشاركة.

    المراجع

    1. "الكاشف عن حقائق السنن" للطِّيبيِّ (10/ 3246).
    2. انظر: "المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم" للقرطبيِّ (6/607).
    3. أخرجه البخاريُّ (4330)، ومسلم (1061).


    13. في هذا الحديث تمثيل حسن هو من بَديع الكلام وفَصيحه وجوامعه الّتي أوتيها ﷺ، ومعناه: لا يوصَل الجنَّة إلَّا بارتكاب المكاره، والنَّار بالشّهوات، وكذلك هما محجوبتان بهما، فمن هَتَك الحجاب، وَصَل إلى المحجوب، فهتكُ حجاب الجنّة باقتحام المكاره، وهتك حجاب النّار بارتكاب الشّهوات.

    14. هذا الحديث وإن كان بلفظ الخبر، فيُحتمَل أن يكون المراد به النَّهْيَ[1].

    المراجع

    1. "فتح الباري" لابن حجر (11/ 320، 321).


    13. ىأَطلَق الكتاب على القرآن ليُثبِتَ له الكمال؛ لأن اسم الجنس إذا أُطلق على فَرد من أفراده، يكون محمولاً على كماله، وبلوغه إلى حدٍّ هو الجنس كلُّه؛ كأن غيره ليس منهج [1].

    14.الموالي: جمع مولًى، يُطلق على الْمُعْتِق والمعتَق

    15.استفهام عمر: (فَاسْتَخْلَفْتَ عَلَيْهِمْ مَوْلًى؟!)، استفهام للإنكار، وليس إنكارُ عمرَ رضي الله عنه  تَوْلِيَتَه عليهم؛ استخفافًا به، واحتقارًا له؛ وإنما أَنكَر فَوَاتَ غَرَضِ التَّوْلِية، وذلك أن المقصود من التولية ضبطُ أمور الناس، وسياستُهم، وهذا يَحتاج أن يكون الْمُوَلَّى عليهم رجلًا مُهابًا، له عظمةٌ وشرفٌ في قلوب العامَّة، وذلك أن يكون حرًّا نسيبًا ذا وَجاهة، وإلا استخفُّوا به، ولم يُطيعوه، فيَفُوت بذلك غرضُ الولاية.

    المراجع

    1. مرعاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح" للمباركفوري (7/ 179، 180)


    27. بيع الغرر: من إضافة المصدر (بيع) إلى مفعوله (الغرر: هو الْمَبِيع نفسه)، وهو فَعَلٌ (غَرَر) بمعنى مفعول (أي: مَغْرُور به)؛ كالقبض والسلب؛ بمعنى: المقبوض والمسلوب، ومعناه الخِداع، الذي هو مَظِنَّةُ أن لا رضا به عند تَحَقُّقِه، فيكون من أَكْلِ المال بالباطل.

    28. أصل الغرر هو ما طُوِيَ عنك علمه، وخَفِيَ عليك باطنه وسِرُّه، وهو مأخوذ من قولك: طويتُ الثَّوْبَ على غَرِّه؛ أي: على كسره الأوّل (الغُرُور: مكاسِر الجِلد)، وكلُّ بيع كان المقصود منه مجهولًا غيرَ معلوم، ومعجوزًا عنه غيرَ مقدور عليه، فهو غَرَر [1].

    المراجع

      1.  "معالم السنن" للخطابيِّ (3/ 88).




      19. «أن لا تزدروا» متعلِّق بـ «أجدر» على حذف الجارِّ؛ بمعنى: أحق بأن لا تزدروا.

      20. الازدراء: الاحتقار والانتقاص والعَيب، وهو افتعالٌ من زَرَيْتَ عليه زِرَايةً إذا عِبْتَه. وأَزْرَيْتَ به إزراءً، إذا قصَّرْتَ به وتهاونتَ. وأصلُ (ازْدَرَيْت): ازْتَرَيت، وهو افتعل منه، فقُلِبت التاءُ دالًا؛ لأجل الزاي [1]

      المراجع

      1.  "الكاشف عن حقائق السنن" للطِّيبيِّ (10/ 3313).

      13. «فِيمَا أَفْنَاهُ؟ فِيمَ فَعَلَ؟ فِيمَ أَنْفَقَهُ؟ فِيمَ أَبْلَاهُ؟» (ما) الاستفهامية إذا جُرَّت بحرف الجر أو بالإضافة وَجَب حَذْفُ أَلِفِها، وفي هذه الرواية الألف مُثْبَتة في «فِيمَا أَفْنَاهُ؟» وهو قليل؛ قال تعالى:

      {عَمَّ يَتَسَآءَلُونَ}

      [النبأ: ١]

      وقال:

      {فِيمَ أَنتَ مِن ذِكْرَاهَا}

      [النازعات: ٤٣]

      وقال:

      { فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسَانُ مِمَّ خُلِقَ}

      [الطارق: ٥]

      14. «عن عُمُره» بضمِّ العَين والميم، وتُسكَّن الميمُ تخفيفًا؛ أي: حياته وبقائه في الدنيا.

      22. قال أهل اللّغة: الْمَعشَر هم الطّائفة الّذين يَشمَلهم وصفٌ؛ فالشّباب مَعشَر، والشّيوخ مَعشَر، والأنبياء معشر، والنّساء معشر، فكذا ما أشبهه [1].

      23. الشّباب جمع (شابٍّ)، ويُجمَع على شُبَّانٍ وشَبَبة، والشّابُّ من بلغ ولم يجاوز ثلاثين سنةً [2].

      24. الباءة: فيها أربع لغات، الفصيحة المشهورة الباءة بالمدِّ والهاء، والثّانية الْبَاةُ بلا مدٍّ، والثّالثة البَاءُ بالمدِّ بلا هاء، والرّابعة البَاهَةُ بهاءين بلا مدٍّ، وأصلُها في اللّغة الجِمَاع، مشتقَّة من الْمَبَاءة، وهي المنزِل، ومنه مَبَاءة الإبل، وهي مَوَاطِنها، ثمّ قيل لعَقد النّكاح: باءَة؛ لأنّ من تزوَّج امرأةً بوَّأها منزلًا [3].


      المراجع

      1. "شرح النوويِّ على مسلم" (9/ 172، 173).

      2. "شرح النوويِّ على مسلم" (9/ 172).

      3. "شرح النوويِّ على مسلم" (9/ 172).



      21- قوله ﷺ: «مَن»: أداة شرط تُفيد عموم مَن ذهب إلى كاهن أو عرَّاف، بصرف النظر عن شخصه ومكانته.

      22- الكَهَانة - بفتح الكاف ويجوز كسرها -: ادِّعاء علم الغيب؛ كالإخبار بما سيقع في الأرض مع الاستناد إلى سبب، والأصلُ فيه استراق الجنّيِّ السَّمْعَ من كلام الملائكة، فيُلقيه في أُذن الكاهن[1].

      23- الكاهن لفظ يُطلَق على العرَّاف، والّذي يَضرِب بالحصى، والمنجِّم، ويُطلَق على مَن يقوم بأمر آخَرَ، ويسعى في قضاء حوائجه [2].

      المراجع

      1.  "فتح الباري" لابن حجر (10/ 216).
      2.  "فتح الباري" لابن حجر (10/ 216).

      18. الأصلُ في معنى الربا الزيادة، يقال: رَبا الشيء إذا زاد، ومن ذلك قول الله تبارك وتعالى:

      ﴿يَمْحَقُ ٱللَّهُ ٱلرِّبَوٰا وَيُرْبِى ٱلصَّدَقَٰتِ ۗ وَٱللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ﴾ 

       [البقرة: 276]

      الرِّبَا مقصور، وحُكِيَ مَدُّه وهو شاذٌّ، وهو من (رَبَا يَرْبُو)، فَيُكتَب بالأَلِف؛ ولكن وقع في خَطِّ المصاحف بالواو [1]

      المراجع

        1. "نيل الأوطار" للشوكانيِّ (5/ 225).


        20. قوله: «فاظفر» جَزَاء شَرط مَحْذُوف؛ أَي: إِذا تحقَّق ما فصَّلتُ لك تفصيلًا بيِّنًا، فاظفر أيُّها المسترشِد بذات الدين؛ فإنها تَكسِبُك منافع الدارين.

        21. اختلفوا في معنى «تربت يداك». فقيل: هو دعاء في الأصل، إلّا أن العرب تستعملها للإنكار والتعجُّب والتعظيم والحثِّ على الشّيء، وهذا هو المراد به ههنا، وفيه التّرغيب في صُحبة أهل الدّين في كلِّ شيء؛ لأن من صاحَبَهم يستفيد من أخلاقهم، ويأمن المفسدة من جهتهم، وقيل: هي كلمة جارية على ألسنتهم؛ كقولهم: لا أبَ لك، ولم يريدوا وقوع الأمر، وقيل: قصده بها وقوعه لتعدية ذوات الدّين إلى ذوات المال ونحوه؛ أي: تربت يداك إن لم تفعل ما قلتُ لك من الظّفر بذات الدّين، وقيل: معنى «تربت يداك»؛ أي: لَصِقت بالتّراب، وهو كناية عن الفقر [1].

        22. اللامات المكرَّرة مُؤذِنة بأن كلًّا منهن مستقلَّة في الغَرَض [2].

        23. الحَسَب في الأصل: الشّرف بالآباء وبالأقارب، مأخوذ من الحساب؛ لأنّهم كانوا إذا تفاخروا، عَدُّوا مناقبهم ومآثر آبائهم وقومهم وحَسَبوها، فيُحكَم لمن زاد عدده على غيره. وقيل: المراد بالحسب هنا: الفِعال الحسنة [3].

        المراجع

        1. "عمدة القاري شرح صحيح البخاري" للعينيِّ (20/ 86).

        2. "الكاشف عن حقائق السنن" للطِّيبيِّ (7/ 2259).

        3. "فتح الباري" لابن حجر (9/ 135).



        31. قوله ﷺ: «الصلاة على وقتها»: دليلٌ على فضل أول الوقت للصلاة؛ لأن "على" للظرفية؛ كقولهم: "كان كذا على عهد فلان"، والأفعال الواقعة في الأزمان المتَّسِعة عنها لا تستقرُّ فيها؛ بل تقع في جزء منها؛ لكنها إذا وقعت في أول ذلك الوقت، فقد صار الوقت كلُّه ظرفًا لها حُكمًا؛ ولهذا سُمِّي المصلِّي مصلِّيًا في حال صلاته وبعدها، إما حقيقةً أو مجازًا، على اختلاف في ذلك، وأما قبل الفعل في الوقت، فليس بمصلٍّ حقيقةً ولا حُكمًا؛ وإنما هو مصلٍّ بمعنى استباحة الصلاة فقط، فإذا صلَّى في أول الوقت، فإنه لم يُسمَّ مصلِّيًا إلا في آخر الوقت [1].

        32. قوله: [على وقتها]. قيل: [على] بمعنى اللّام، فيكون معناها مثلَ رواية [لوقتها]؛ فاللّام للاستقبال؛ أي: مستقبِلاً وقتَها. وقيل: للابتداء؛ أي: لبداية وقتها. وقيل: بمعنى [في]؛ أي: في وقتها. وقيل: [على] لإرادة الاستعلاء على الوقت، وفائدته تحقُّق دخول الوقت ليقع الأداء فيه [2].

        33. قوله: [ثمّ أيّ]: حكى ابن الجوزيِّ عن ابن الخشَّاب الجزم بتنوينه؛ لأنّه مُعرَب غيرُ مضاف، وتُعُقِّب بأنّه مضاف تقديرًا، والمضاف إليه محذوف لفظًا، والتّقدير: ثمّ أيُّ العمل أحبُّ؟ فيُوقَف عليه بلا تنوين، وقد نصَّ سيبوَيْهِ على أنّها تُعرَب؛ ولكنّها تُبنى إذا أُضيفت، واستشكله الزّجَّاج. وقيل: الصّواب أنّه غير منوَّن؛ لأنّه غير موقوف عليه في الكلام، والسّائل ينتظر الجواب، والتّنوين لا يوقَف عليه، فتنوينُه ووَصْلُه بما بعدَه خطأ، فيوقَف عليه وقفةً لطيفةً ثمّ يؤتى بما بعده. قاله الفاكهانيُّ [3]. وقال النُّحاة: إن أيًّا الموصولة والشرطية والاستفهامية معرَبة دائمًا، فإذا كانت: [أي] هذه معرَبة عند الإفراد، فكيف يُقال: إنّها مبنيَّة عند الإضافة؟ ولَمّا نُقل عن سيبويه هذا هكذا، أنكر عليه الزّجَّاج، فقال: ما تبيَّن لي أن سيبويهِ غلط إلّا في موضعين: هذا أحدُهما، فإنّه يُسلِّم أنّها تُعرَب إذا أُفرِدت، فكيف يقول ببنائها إذا أُضيفت؟! [4].

        المراجع

        1. "فتح الباري" لابن رجب (4/ 209، 210).
        2. "فتح الباري" لابن حجر (2/ 10)
        3. "فتح الباري" لابن حجر (2/ 10)
        4. "عمدة القاري شرح صحيح البخاري" لبدر الدين العيني (5/ 13، 14).


        30. قوله ﷺ «إِذَا صَلَحَتْ صَلَحَ الْجَسَدُ كُلُّهُ، وَإِذَا فَسَدَتْ فَسَدَ الْجَسَدُ كُلُّهُ» يُقال: (صَلَحَ وَفَسَدَ) بفتح اللام والسِّين، وضمِّهما (صَلُحَ وفَسُدَ)، والفتحُ أَفصحُ وأَشْهَرُ[1].

        31. وجه التشبيه في قوله ﷺ: «كالراعي يَرْعى حولَ الحمى يوشِك أن يرتعَ فيه» هو حصولُ العقاب بعدم الاحتراز في ذلك، كما أن الراعيَ إذا جرَّه رعيُه حول الحِمى إلى وقوعه، استحقَّ العقاب لذلك، فكذا من أكثَرَ من الشبهات، وتعرَّض لمقدِّماتها، وقعَ في الحرام، فاستحقَّ العقاب[2].

        32. قوله ﷺ: «كالراعي يرعى حول الحمى يوشك أن يقع فيه»: هذا مَثَلٌ ضَرَبه لمحارم الله عزَّ وجلَّ، وأصله أن العرب كانت تحمي مراعيَ لمواشيها، وتَخرُج بالتوعُّد بالعقوبة لمن قَربها، فالخائف من عقوبة السلطان يَبعُد بماشيته عن ذلك الحمى؛ لأنه إن قَرُب منه، فالغالبُ الوقوعُ فيه؛ لأنه قد تَنفرِد الفاذَّة وتَشِذُّ الشاذَّة، ولا ينضبط، فالحَذَرُ أن يَجعَل بينه وبين ذلك الحمى مسافةً يَأمَن فيها وقوعَ ذلك، وهكذا محارمُ الله عزَّ وجلَّ من القتل والربا والسرقة وشرب الخمر[3].

        33. الْمُضغة هي القطعةُ من اللحم، سُمِّيت بذلك؛ لأنها تُمضَغ في الفم لصغرها، والمراد تصغيرُ القلب بالنسبة إلى باقي الجسد.

        المراجع

        1. "شرح النَّوويِّ على مسلم" (11/ 28، 29).
        2. انظر: "جامع العلوم والحكم" لابن رجب (1/194)، و"إرشاد الساري" للقسطلانيِّ (4/7).
        3. "شرح الأربعين النووية" لابن دقيق العيد (ص: 47).


        16. قوله: «أو عابر سبيل»: (أو) فيه يجوز أن يكون للتخيير والإباحة، والأحسنُ أن يكون بمعنى (بل)؛ يريد بل عابر سبيل. شبَّه الناسِكَ السالك أولًا بالغريب الذي ليس له مَسكَن يُؤويه، ولا سَكَن يُسْلِيه، ثم ترقَّى وأَضرَب عنه بقوله: «أو عابر سبيل»؛ لأن الغريب قد يَسكُن في بلاد الغُربة، ويُقيم فيها، بخلاف عابر السبيل القاصدِ للبلد الشاسع، وبينه وبينها أَوْدِيَةٌ مُرْدِيَة، ومفاوزُ مُهلِكة، وهو بمرصد من قطَّاع طريقه، فهل له أن يُقيم لحظةً، أو يَسكُن لَمْحةً؟![1].

        17. لَمَّا كان الغريبُ قليلَ الانبساط إلى الناس؛ بل هو مستوحِشٌ منهم؛ لأنه لا يكاد يعرفه أحدٌ، فهو ذليلٌ في نفْسه خائفٌ، وكذلك عابرُ السبيل لا يَنفُذ في سَفَره إلا بقوَّته، معه زادُه وراحلته يُبلِّغانِه إلى بُغيته من قصدِه - شبَّهه بهما، وفي ذلك إشارةٌ إلى إيثار الزُّهد في الدنيا، فكما لا يحتاج المسافرُ إلى أكثرَ مما يُبلِّغه إلى غاية سفره، فكذلك لا يحتاج المؤمنُ في الدنيا إلى أكثرَ مما يُبلِّغه المحلَّ[2].

        المراجع

        1. "الكاشف عن حقائق السنن" للطِّيبيِّ (4/ 1364).
        2. انظر: "شرح صحيح البخاريِّ" لابن بطِّال (10/149).


        11. يَظهَر أن استعمال هذه العبارة الهائلة - وهي قوله: "عرشه" - تهكُّمٌ، وسخرية؛ فإنها استُعمِلت في الجبَّار الذي لا يُغالَب

        ﴿وَكَانَ عَرْشُهُۥ عَلَى ٱلْمَآءِ﴾

        [هود: 7]

        والقَصْدُ أن إبليس مَسكَنُه البحر [1].

        12. قوله: «يضع عرشه في الماء» يَحتمِل بأن يُجرى على ظاهره، ويكون من جُملة تمرُّده وطغيانه جَعَل عرشه على الماء؛

        كما في قوله تعالى:

        ﴿وَكَانَ عَرْشُهُۥ عَلَى ٱلْمَآءِ﴾

        [هود: 7]،

        وأن يُجرى على الكناية الإيمائية، عبَّر عن استيلائه على إغوائه الخلقَ، وتسلُّطه على إضلالهم بهذه العبارة [2].

        13. «السرايا» جمع سَريَّة، وهي طائفة من الجيش يبلغ أقصاها أربعمائة تُبعَث إلى العدوِّ، سمُّوا بذلك؛ لأنهم يكونون خالصةَ العسكر وخيارَهم، من الشيء السَّرِيِّ النَّفِيس. وقيل: سُمُّوا بذلك؛ لأنهم يَنفُذون سرًّا وخُفْية، وليس بالوجه [3].

        14. قوله: «فتنة»: الفتنة: الابتلاء والامتحان، وأصلُه من فتنتُ الفضَّة إذا أدخلتُها على النار؛ لتعرف جيِّدها من رديئها، وفُتِن فلانٌ بفلانة؛ أي: بُلِي بهواها، وسُمِّيت بها المعاصي [4].

        15. «يجيء أحدهم» جملة مبيِّنة لقوله: «أعظمهم فتنة».


        المراجع

        1.  "فيض القدير" للمناويِّ (2/ 408). 

        2. "الكاشف عن حقائق السنن" للطِّيبيِّ (2/ 523).

        3. "الكاشف عن حقائق السنن" للطِّيبيِّ (2/ 523).

        4. "الكاشف عن حقائق السنن" للطِّيبيِّ (2/ 523).



        42. الطَّلاق في اللّغة: حَلُّ الوَثاق، مشتَقٌّ من الإطلاق، وهو الإرسال والتَّرك، وفلانٌ طَلِق اليد بالخير؛ أي: كثير البذل. وفي الشَّرع: حلُّ عُقدة التَّزويج فقط، وهو موافق لبعض أفراد مدلوله اللُّغويِّ [1]. 

        43. "قوله: (لعدّتهنّ)؛ أي: عند ابتداء شروعهنّ في العِدَّة، واللّام للتَّوقيت؛ كما يُقال: لَقِيته لِلَيْلةٍ بَقِيَت من الشّهر" [2].

        44. الطلاق لفظ جاهليٌّ وَرَدَ الشَّرع بتقريره [3].

        45. طَلَقَتِ المرأة، بفتح الطّاء، وضمّ اللّام، وبفتحها أيضًا، وهو أفصح، وطُلِّقت أيضًا، بضمِّ أوَّله وكسر اللّام الثّقيلة، فإن خُفِّفت فهو خاصٌّ بالولادة، والمضارع فيهما بضمّ اللّام، والمصدر في الولادة طَلْقًا ساكنة اللّام، فهي طالق فيهما [4]. 

        46. قوله: (طاهرًا)؛ أي: حال كونها طاهرةً؛ وإنّما ذكره بلفظ التّذكير؛ لأن الطُّهر من الحيض من المختصَّات بالنساء، فلا يحتاج إلى التّاء، كما في الحائض [5].

        المراجع

        1. "فتح الباري" لابن حجر (9/ 346).

        2. "فتح الباري" لابن حجر (9/ 346).

        3. "فتح الباري" لابن حجر (9/ 346).

        4. "فتح الباري" لابن حجر (9/ 346).

        5. "عمدة القاري شرح صحيح البخاري" لبدر الدين العيني (19/ 244).


        16. في هذا الحديث أسلوب خبريٌّ يُقصَد به الطَّلَب؛ أي: هذا لفظُ خبرٍ معناه النهيُ عن اتِّباعهم، ومنعهم من الالتفات لغير دين الإسلام.

        17. لتتبعُنَّ: أصلها لـ(تتبعونَ نَّ = تتبعونَ نْنَ) الفعل (تَتَّبِع)، وواو الجماعة فاعل، ونون الرفع، ونون التوكيد الثقيلة. حُذفت نون الرفع لتوالي الأمثال، فصارت (تتبعُونْنَ)، فالتقى ساكنان، الواو والنون الساكنة، فحُذفت الواو، فصارت (تتبعُنَّ). وإعرابها: تتبع: فعل مضارع مرفوع بثبوت النون المحذوفة لتلاقي الأمثال، واو الجماعة المحذوفة لالتقاء الساكنين: ضمير مبنيٌّ على السكون في محل رفع فاعل، ونون التوكيد الثقيلة: حرف مبنيٌّ على الفتح لا محلَّ له من الإعراب.

        18. «سنن» بفتح السين هو أَوْلى من ضمِّها؛ لأنه لا يُستعمَل الشِّبر والذراع إلا في السَّنن، وهو الطريق، والسَّنَن مُفرَد، أما السُّنن فجمع سُنَّة، وهي الطريقة حسنةً كانت أو سيِّئةً، والمراد بها هاهنا طريقةُ أهل الأهواء والبِدَع التي ابتدعوها من تلقاء أنفسهم بعد أنبيائهم، من تغيير دينهم، وتحريف كتابهم، كما أتى على بني إسرائيل حَذْوَ النَّعل بالنعل

        19. «شِبرًا بشِبرٍ، وذراعًا بذراعٍ»: مثل (يدًا بيد)؛ أي: حال كون الاتِّباع شبرًا بشبر وذراعًا بذراع، ويجوز إعراب "شبرًا": منصوبًا بنزع الخافض؛ أي: لتتبعن سنن من كان قبلكم اتباعًا بشبر متلبِّس بشبر، وذراعٍ متلبِّس بذراع، وفي الحالتين هو كناية عن شدَّة الموافقة لهم في المخالفات والمعاصي لا في الكفر.

        29- قوله ﷺ: «ثلاثٌ»: هنا التنوين عِوَضٌ عن كلمة؛ فالتنوين عوض عن المضاف إليه المحذوف؛ أي: ثلاثُ خصال.

        30- قوله ﷺ: «ثلاثٌ»: العدد هنا ليس لحصر الخصال التي يجد المؤمن بتحصيلها حلاوة الإيمان؛ بل الحديث نصَّ على ثلاث منها.

        31- قوله ﷺ: «حلاوة الإيمان»: فيه استعارة مَكْنيَّة؛ حيث شبَّه الإيمان بشيء محسوس يُتذوَّق ويُلتذُّ به، وحذف المشبَّه به، وأتى بشيء من لوازمه.

        32- قوله ﷺ: «لا يحبُّه إلا لله»: استثناء مفرَّغ يُفيد الحصر، حَصَرَ المحبَّة في أن تكون لله فقط.

        33- قوله ﷺ: «يعود»: معناه على حقيقته في حقِّ المؤمن الذي كان كافرًا؛ بمعنى الرجوع والعودة، وفي حقِّ من وُلد مسلمًا يتضمَّن معنى (يصير)، فيعمل عمل كان وأخواتها.

        34- قوله ﷺ: «أن يكره أن يعود في الكفر كما يكره أن يقذف في النار»: هذا تشبيه المعقول بالمحسوس، فالمشبَّه به شدَّة الآلام الحسية لمن يُقذَف في النار من العذاب الأليم، والمشبَّه الألم النفسيُّ الذي يصيب المؤمن من الوقوع في الكفر، فالمؤمن يكره الألم النفسيَّ الذي يصيبه إذا وقع في الكفر كما يكره الألم الحسيَّ وعذاب النار الذي يتيقَّن أنه جزاء الكافرين.


        5. طُهُورُ: بضمِّ الطاء على وزن [فُعُول]؛ بمعنى فِعْلِ التطهُّر؛ أي: التنظُّف والتنزُّه، وطَهُور: بالفتح على وزن [فَعُول] اسمٌ للماء الذي يُتطَهَّر به.

        6. الغُدوُّ هو السَّيْرُ في أوَّل النهار، يَغْدو بمعنى: يُبكِّر، يقال: غدا إذا خرج صباحًا في مصالحه. وراح: إذا رجع بعشيٍّ.

        13. قال ﷺ: «واللهُ يُعطِي»، ولم يقل: مُعْطٍ (بصيغة اسم الفاعل)؛ لأن إعطاءَه تعالى متجدِّد ساعةً فساعةً[1].

        14. جاء قوله ﷺ: «خَيرًا» نكرةً ليَعُمَّ أنواع الخير كلَّها، وليشمل القليل والكثير منه، والتنكيرُ للتعظيم أيضًا؛ لأن المقام يَقتضيه.

        المراجع

        1. "مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح" للملا علي القاري (1/ 283).