عَنْ جَابِرِ بنِ عبدالله - رضي الله عنهما - قَالَ: «لَعَنَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: آكِلَ الرِّبَا، وَمُؤْكِلَهُ، وَكَاتِبَهُ، وَشَاهِدَيْهِ»، وَقَالَ: «هُمْ سَوَاءٌ»
عَنْ جَابِرِ بنِ عبدالله - رضي الله عنهما - قَالَ: «لَعَنَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: آكِلَ الرِّبَا، وَمُؤْكِلَهُ، وَكَاتِبَهُ، وَشَاهِدَيْهِ»، وَقَالَ: «هُمْ سَوَاءٌ»
1. في الحديث دليل على حرص دين الإسلام على نشر المعاملات الطيِّبة بين الناس، وتحريم المعاملات الخبيثة، ومن ذلك أنه أحلَّ البيع وحرَّم الربا.
2. نهى اللهُ تعالى في كتابه الكريم عن أكل أموال الناس بالباطل؛
قال تعالى:
﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوا لَا تَأْكُلُوٓا أَمْوَٰلَكُم بَيْنَكُم بِٱلْبَٰطِلِ إِلَّآ أَن تَكُونَ تِجَٰرَةً عَن تَرَاضٍۢ مِّنكُمْ ۚ﴾
[النساء: 29]،
3. أكل الربا مِن أكبر الكبائر، وهو مِن السَّبْع الموبقات التي أمر النبيُّ ﷺ باجتنابها، وقد توعَّد الله تعالى آكله بالمحاربة؛
قال تعالى:
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لَا تَظْلِمُونَ وَلَا تُظْلَمُونَ﴾
[البقرة (278- 279)].
4. اللَّعْنُ هو الطرد والإبعاد عن رحمة الله، والملعون مشارك لإبليسَ في العقوبة؛ لأن الله قال لإبليس:
﴿وَإِنَّ عَلَيْكَ ٱللَّعْنَةَ﴾
[الحجر: ٣٥] [1].
1. "شرح رياض الصالحين" لابن عثيمين (6/ 333، 334).
الفوائد الفقهية4. الرِّبَا - كما عرِّف في الفقه -: هو فضل مال بلا عِوَض في مُعاوضَة مال بمال.
6. أكل الربا: هو تعاطيه بالأخذ أو الإعطاء.
7. أجمعت الأمَّة على تحريم الرّبا في الجُملة، مع اختلافهم في التّفاصيل [1].
8. الْمُراد بآكِل الربا هو من يأخذه كمن يقترض بالربا، أما مُؤكِل الربا فهو المعطي؛ كمن يُقرض بالربا.
9. في الحديث خصَّ الأكل لأنّه الأغلب في الانتفاع، وغير الأكل مثل الأكل في الإثم [2].
10. إثمُ الكاتب والشّاهدينِ لإعانتهم على المحظور، وذلك إذا قَصَدا وعَرَفا بالرّبا [3].
11. في الحديث تصريح بتحريم كتابة المبايعة بين المترابِيَيْنِ والشهادة عليهما، وفيه تحريم الإعانة على الباطل [4]
12. سرُّ تحريم الربا هو الجشع المانع من حُسن المعاشرة، والذريعة إلى ترك القرض، وما في التوسعة من مكارم الأخلاق؛
ولذلك قال تعالى:
﴿فَأْذَنُوا بِحَرْبٍۢ مِّنَ ٱللَّهِ وَرَسُولِهِۦ ۖ ﴾
[البقرة: 279]
غضبًا على أهله [5].
13. خصَّ النبيُّ ﷺ الأكل من بين سائر الانتفاعات؛ لأنه أعظم المقاصد [6].
14. يشترك آكل الرِّبَا وموكله في الإثم، مع أن أحدهما رابح والآخر خاسر؛ لأنهما شريكان في الفِعل [7].
15. إذا أراد أن يتوب متعاطي الربا منه، فعليه بصدق التوبة وإخلاصها، والنَّدَم على هذا الذنب العظيم، والعزم على ألَّا يَعُود، ويؤخذ الربا من الْمُرابي ويُتصدَّق به أو يوضَع في بيت المال.
16. من كان يكتسب الحرام، وتعاملتَ معه معاملةً مباحة، فلا حرج عليك فيها [8]، فيجوز للإنسان أن يتعامل مع شخص يتعامل بالربا؛ لكن معاملته إيَّاه شرعية؛ مثل: شراء سلعة بثمن من الْمُرَابي، ويجوز أن يستقرض منه ولا حَرَج؛ فإن النبيَّ ﷺ كان يُعامل اليهود، مع أنهم أكَّالون للسُّحت، فقد قَبِل هَديَّتهم، وقد قَبِل دعوتهم، وقد باع واشترى منهم ﷺ [9].
1. "سبل السلام" للصنعانيِّ (2/ 49).
2. "سبل السلام" للصنعانيِّ (2/ 49).
3. "سبل السلام" للصنعانيِّ (2/ 49).
4. "شرح النووي على مسلم" (11/ 26).
5. "شرح سنن أبي داود" لابن رسلان (12/ 370).
6. "عمدة القاري شرح صحيح البخاري" بدر الدين العيني (11/ 203).
7. "عمدة القاري شرح صحيح البخاري" بدر الدين العيني (11/ 204).
8. "فتاوى نور على الدرب" (16/ 2) بترقيم الشاملة.
9. "فتاوى نور على الدرب" (16/ 2) بترقيم الشاملة.
17. مسند جابر بن عبد الله بلغ ألفًا وخمسمِائة وأربعين حديثًا، اتَّفَق له الشيخانِ على ثمانية وخمسين حديثًا، وانفرد له البخاريُّ بستة وعشرين حديثًا، ومسلمٌ بمائة وستة وعشرين حديثًا [1]
1. "سير أعلام النبلاء" للذهبيِّ (3/194).
18. الأصلُ في معنى الربا الزيادة، يقال: رَبا الشيء إذا زاد، ومن ذلك قول الله تبارك وتعالى:
﴿يَمْحَقُ ٱللَّهُ ٱلرِّبَوٰا وَيُرْبِى ٱلصَّدَقَٰتِ ۗ وَٱللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ﴾
[البقرة: 276]
الرِّبَا مقصور، وحُكِيَ مَدُّه وهو شاذٌّ، وهو من (رَبَا يَرْبُو)، فَيُكتَب بالأَلِف؛ ولكن وقع في خَطِّ المصاحف بالواو [1]
1. "نيل الأوطار" للشوكانيِّ (5/ 225).