28. النَّصِيف: النِّصْفُ، وفيه أربعُ لُغات: نِصْفٌ بكسر النّون، ونُصْف بضمِّها، ونَصْف بفتحها، ونَصِيف بزيادة الياء[1].
29. العَرَبُ تسمِّي النِّصْفَ النَّصِيف، كما قالوا في العُشْر: عَشِير، وفي الخُمس: خَميس، وفي الثُّمن: ثمين، وفي التُّسع: تَسيع، واختلفوا في السُّبع والسُّدس والرُّبع، فمنهم من يقول: سُبع وسُدس ورَبيع، ومنهم من لا يقول ذلك، ولا يقولون في الثُّلث شيئًا[2].
المراجع
- "شرح النوويِّ على مسلم" (16/ 93).
- "إكمال المعلم بفوائد مسلم" للقاضي عياض (7/ 580).
45. لشهادة تأتي بمعنى اليمين
ومنه قوله تعالى:
فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ ۙ إِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ
[النور: ٦]
وقيل: معناه: أن يَحلِف إذا شَهِد وإذا عاهَد[1].
46. قوله: «ويَنذِرون ولا يُوفُون»، وقوله في الرواية الأخرى: (يَفُون)، صحيحان، يقال: وَفَى وأَوْفى[2].
47. الخيانة هي: الغدر والخديعة في موضع الائتمان.
48. قوله: «وَيَظْهَرُ فِيهِمُ السِّمَن»: هو كناية عن رغبتهم في الدنيا، وإيثارهم شهواتها على الآخرة وما أَعَدَّ الله فيها لأوليائه من الشهوات التي لا تَنفَد، والنعيم الذي لا يَبِيد، فهم يأكلون في الدنيا كما تأكل الأنعام، ولا يَقتَدون بمن كان قبلهم من السَّلَف الذين كانت هِمَّتُهم من الدنيا في أخذ القوت والبُلغة، وتوفير الشهوات إلى الآخرة[3].
22. «لا دَرَيْتَ وَلا تَلَيْتَ»: قوله: تَلَيْتَ: أصلُه تَلَوْتَ، يُقال: تلا يتلو القرآن؛ لكنه قال: تليتَ بالياء للازدواج مع دَرَيت؛ أي: لا كنتَ داريًا ولا تاليًا، والمعنى: لا دَرَيت ولا اتَّبَعتَ من يدري، وقيل: لا فَهِمْتَ، ولا قَرَأْتَ القرآن، وقيل: لم تتلُ الْقُرْآن، فَلم تنْتَفع بدرايتك وَلَا تلاوتك.
23. «صَيْحَة»: صاحَ صَيْحةً وصِياحًا وصُياحًا، وصيَّحَ: صوَّت بأقصى طاقته، يكون ذَلِك فِي النَّاس وَغَيرهم[1].
24. «إلَّا الثَّقَلَيْن»؛ أي: الجنَّ والإنس، وإنما قيل لهما: ثقلان؛ لثِقَلِهما على الأرض، وقيل: سُمِّيَا ثَقَلين لتفضيل الله إيَّاهما على سائر الحيوان المخلوق في الأرض بالتمييز والعقل، الذي خُصَّا به[2].
25. قرع النِّعَال: صَوتُهَا عند الْمَشْي، والقرع في الأصل: الضَّرْب، فكأنَّ أصحاب النِّعَال إِذا ضربوا الأرض بها، خرج منها صوت.
26. يدخل في قوله: (من يليه) الملائكة فقط؛ لأن (من) للعاقل. وقيل: يدخل غيرهم أيضًا تغليبًا، وهو أظهرُ[3].
المراجع
- ينظر: "المحكم والمحيط الأعظم" لابن سيده (3/ 421).
- "تهذيب اللغة" لأبي منصور الأزهريِّ (9/ 78).
- "شرح القسطلانيِّ على صحيح البخاري" (2/ 435).
18. الزلازل: جمْعُ زلزلة، وهي حرَكة الأرض واضْطرابها، وفسَّر بعضُ العلماء الزلازلَ بالفِتن التي تُزَلْزِل القلوب، والأظهرُ حمْلُ الحديث على المعنى الحسِّيِّ، وهو ارتجاف الأرض وتحرُّكها[1].
19. الفتنةُ معناها: الابتلاءُ، والاختبار، والامتحان، وقد كثُر استعمالُها فيما أخرَجه الاختبارُ مِن مكروه، ثم كثُر حتى استُعمِلَت بمعنى الإثم، والكفر، والقتال، والإحراق، والإزالة، والصَّرف عن الشيء[2].
المراجع
- "فتح الباري شرح صحيح البخاري" لابن رجب الحنبليِّ (9/ 244).
- انظر: "النهاية في غريب الحديث والأثر" لابن الأثير (3/ 411).
13. خُويصة: تصغير خاصَّة، والمراد: حادثة الموت التي تخصُّ الإنسان، وصغِّرت لاستصغارها في جنب سائر العظائم من بعث وحساب وغيرهما، وقيل: هي ما يخصُّ الإنسان من الشواغل المقلِقة من نفسه وماله وما يهتمُّ به، فتشغله عن غيره[1].
14. أصل الدَّجَل: الخَلْطُ، يُقال: دجَل إذا لبَّس وموَّه. والدجَّال: فعَّال من أبنية المبالغة؛ أي: يَكثُر منه الكذب والتلبيس، وهو الذي يظهر في آخر الزمان، ويدَّعي الإلهية.
15. «وأمر العامَّة»: القيامة؛ لأنها تعُمُّ الخلائق، أو الفتنة التي تُعمِي وتُصِمُّ، أو الأمر الذي يستبِدُّ به العوامُّ، وتكون من قِبَلهم دون الخواصِّ[2].
المراجع
- "فيض القدير" للمناويِّ (3/ 194).
- "فيض القدير" للمناويِّ (3/ 194).
22. أصل الدَّجَل: الخَلْطُ، يُقال: دجَل إذا لبَّس وموَّه. والدجَّال: فعَّال من أبنية المبالغة؛ أي: يَكثُر منه الكذب والتلبيس، وهو الذي يَظهَر في آخر الزمان، ويدَّعي الإلهية، وسُمِّي به؛ لأنه خدَّاع مُلبِس، ويغطِّي الأرض بأتباعه من الدَّجَل، وهو الخلط والتغطية[1].
23. معنى المسيح: ذكر أبو عبد الله القرطبيُّ ثلاثةً وعشرين قولاً في اشتقاق هذا اللفظ[2]، وذكر الفيروز آبادي خمسين قولاً؛ قال: "ومنه: الْمَسيحُ بنُ مريَمَ، وذَكَرْتُ في اشْتقاقِه خمسينَ قَوْلاً في شَرْحِي لِصَحيح البُخاريِّ وغيرِهِ"[3].
24. يُطلَق المسيحُ على الصِّدِّيق، وعلى الضِّلِّيل الكذَّاب؛ فالمسيحُ عيسى بنُ مريمَ - عليه السلام – الصِّدِّيق، والْمَسِيح الدجَّال الضِّلِّيل الكذَّاب؛ فخَلَق الله الْمَسِيحينِ، أحدُهما ضِدُّ الآخر؛ فعيسى - عليه السلام - مَسِيح الهُدى، يُبْرِئ الأَكْمَهَ والأَبرَص، ويُحيي الموتى بإذن الله، والدجَّال – لعنه الله – مَسِيح الضلالة، يَفتِن الناس بما يُعطاه من الآيات؛ كإنزال المطر، وإحياء الأرض بالنبات، وغيرهما من الخوارق.
25. سُمِّي الدجَّال مَسِيحًا، قيل: لأن إحدى عَيْنَيه ممسوحة، أو لأنه يَمسَح الأرض في أربعين يومًا، والقول الأول هو الراجح؛ لما جاء في الحديث: «الدَّجَّالُ مَمْسُوحُ الْعَيْنِ، مَكْتُوبٌ بَيْنَ عَيْنَيْهِ كَافِرٌ، ثُمَّ تَهَجَّاهَا (ك ف ر) يَقْرَؤُهُ كُلُّ مُسْلِمٍ»[4].
المراجع
- "فيض القدير" للمناويِّ (3/ 194).
- "التذكرة" للقرطبيِّ (2/358).
- "القاموس المحيط" للفيروز آبادي (ص: 225).
- رواه مسلم (2933).
16. وجهُ تشبيه النبيِّ ﷺ الكلمة الطيبة بالصدقة بالمال هو أن الصدقة بالمال تحيا بها نفسُ المتصدَّق عليه ويَفرَح بها، والكلمة الطيِّبة يَفرَح بها المؤمن ويَحسُن موقعُها من قلبه، فاشتبها من هذه الجهة[1].
المراجع
- "شرح صحيح البخاريِّ" لابن بطال (9/ 225).
9. «إِن كَانَت لكَافِيَة»، المعنى: إنَّ نار الدنيا لكانت كافية للعذاب؛ فكلمة (إِن) هَذِه مُخَفَّفَة من الثَّقِيلَة عِنْد الْبَصرِيين (إنَّ)، وَهَذِه اللاَّم (لكافية) هِيَ الْفارقة بَين (إِن) النافية، وَ(إن) المخفَّفة من الثَّقِيلَة. أما عند الكوفيين فهم يعتبرون أن هذا السياق عبارة عن أسلوب حصر، أداته النفيُ والاستثناء، فـ(إن) بمعنى ما النافية، واللام بمعنى إلَّا، والمعنى عندهم: ما كانت نار الدنيا إلا كافيةً للعذاب.
الخِداجُ: النُّقصان، يقال: خَدَجتِ النّاقةُ، إذا أَلقَت وَلَدَها قبل أوان النِّتاج، وإن كان تامَّ الخَلْق، وأَخْدَجَتْه إذا ولدتْه ناقصًا، وإن كان لتَمام الولادة، ومنه قيل لذي اليُدَيَّة: مُخْدَجُ اليَد؛ أي: ناقصُها، قالوا: فقوله ﷺ: خداجٌ؛ أي: ذاتُ خِدَاج، وقال جماعة من أهل اللّغة: خَدَجَت وأُخْدِجَتْ إذا وَلَدت لغَير تَمام[1]
المراجع
- "شرح النوويِّ على مسلم" (4/ 101).
25. الباء في قوله تعالى:
جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ
للسببية لا للمعاوضة؛ فالمعنى جزاءً بسبب ما كانوا يعملون.
26. "ما" في قوله ﷺ: «أَعْدَدْتُ لِعِبَادِيَ الصَّالِحِينَ مَا لَا عَيْنٌ رَأَتْ، وَلَا أُذُنٌ سَمِعَتْ، وَلَا خَطَرَ عَلَى قَلْبِ بَشَرٍ»: موصولة؛ بمعنى: أعددتُ لهم الذي لم تَرَه عينٌ، ولم تسمع به أذن... إلخ، ويجوز أن تكون نكرةً موصوفة؛ بمعنى: أعددت لهم شيئًا لم تره عين، ولم تسمع به أذن... إلخ.
27. "لا" هي لِمُطلَق النفي، ولا تنفي الجنس هنا، وإلا لكانت "لا عينَ ولا أُذنَ"؛ ولكن لَمَّا كانت "عين وأذن وقلب" نكراتٍ في سياق النفي، فقد أفادت الشمول؛ فكل العيون لم تَرَ، وكل الآذان لم تسمع، وكل قلوب البشر لم يخطر عليها.
28. إن جمال التشبيه في اللغة يكتسب جماله من المشبَّه به؛ فكيف إذا كان المشبَّهُ به غيرَ متخيَّل، إنه مجهول التصوُّر، غير معقول التخيُّل، لا تدركه الأفهام ولا الأوهام ولا الأحلام؛ جزاءً لعملهم الصالح.
29. في قوله: «أَعْدَدْتُ لِعِبَادِي الصَّالِحِينَ مَا لا عَيْنٌ رَأَتْ، وَلا أُذُنٌ سَمِعَتْ» صورةٌ تَنقُل المؤمن إلى عالم غير محسوس، لا توجد صورة لتُشبَّه به حتى يقترب المعنى له؛ بل يكفيه أن يعلم أنه مُعَدٌّ ومهيَّأ ومستور من قِبَل الله، أخفاه الله لعباده الصالحين مما لم تره عين، أو لم تسمع به أُذن، ولم يخطر على قلب بشر.
30. قُرَّة أَعْيُن: أَقَرَّ اللَّه عَيْنَه؛ أي: أعطاه حتى تَقَرَّ فلا تَطْمَحَ إلى من هو فوقَه، ويقال: حتى تَبْرُدَ ولا تَسْخَنَ؛ فللسُّرور دمعةٌ باردة، وللحُزن دمعة حارَّة [1].
المراجع
- "مختار الصحاح" للرازيِّ (ص: 250).
27- في الحديث ثلاثة أفعال مؤكَّدة باللام ونون التوكيد الثقيلة، هي: (لَيَنْتَهِيَنَّ، لَيَخْتِمَنَّ، لَيَكونُنَّ)؛ ولكنْ ثَمَّةَ فرقٌ لُغويٌّ بينها، على التفصيل التالي: الفعل (لَيَنْتَهِيَنَّ): يتكوَّن من: لام التوكيد، والفعل (ينتهي)، متَّصِلاً بنون التوكيد الثقيلة مباشرة، وكذلك الفعل (لَيَخْتِمَنَّ): يتكوَّن من: لام التوكيد، والفعل (يختم)، متَّصِلاً بنون التوكيد الثقيلة مباشرة، ومن ثم فإعرابهما: فعل مضارع مبنيٌّ على الفتح لاتصاله بنون التوكيد، ونون التوكيد الثقيلة: حرف مبنيٌّ على الفتح لا محلَّ له من الإعراب، أما (لَيَكونُنَّ) فأصلها لـ(يكونون نَّ = يكونون نْنَ): الفعل (يكون)، وواو الجماعة فاعل، ونون الرفع، ونون التوكيد الثقيلة. حُذفت نون الرفع لتوالي الأمثال، فصارت (يكونونْنَ)، فالتقى ساكنان، الواو والنون الساكنة، فحُذفت الواو، فصارت (يكونُنَّ). وإعرابها: يكون: فعل مضارع ناقص ناسخ مرفوع بثبوت النون المحذوفة لتلاقي الأمثال، واو الجماعة المحذوفة لالتقاء الساكنين: ضمير مبنيٌّ على السكون في محل رفع فاعل، ونون التوكيد الثقيلة: حرف مبنيٌّ على الفتح لا محلَّ له من الإعراب.
28- «عَنْ وَدْعِهُمُ الْجُمُعَاتِ»؛ أي: عن تركهم إيّاها والتّخلُّفِ عنها، من: وَدَع الشّيءَ يَدَعُه وَدْعًا، إذا تركه. وقال بعضُ أهل اللغة: إن الفعل "وَدَعَ" لم تَستعمل العرب منه الماضي والمصدر، بل أماتوه، وهذا الحديث يشهَد عليهم؛ فإن النبيَّ ﷺ استخدم المصدرَ منه، وفي صحيح مسلم استخدام الماضي منه؛
فعن عائشة أن النبيَّ ﷺ قال لها:
«يا عائشةُ، إن شرَّ الناس منزلةً عند الله يوم القيامة مَن وَدَعَه - أو تركه - الناس اتِّقاءَ فُحْشه»
[1]،
وقول النبيِّ ﷺ هو الحجَّة القاضية على كل ذي لهجة وفصاحة[2]
29- «أو ليختمن اللّه على قلوبهم» شُبِّهت القلوب بسبب إعراضهم عن الحقِّ واستكبارهم عن قَبوله، وعدم نفوذ الحقِّ إليها، بالأشياء الّتي استُوثق عليها بالختم، فلا يَنفُذ إلى باطنها شيء [3]
المراجع
- رواه مسلم (2591).
- انظر: "الميسر في شرح مصابيح السنة" للتُّورْبشتيِّ (1/ 335)، "مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح" للملا علي القاري (3/ 1023).
- "سبل السلام" للصنعانيِّ (1/ 397).
23. قَوْله: «فَوق الْعَرْش»، قَالَ بَعضهم: مَعْنَاهُ: دون الْعَرْش؛ استعظامًا أَن يكون شَيْء من الْخلق فَوق الْعَرْش
كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى:
بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَاﱠ
[البقرة: ٢٦]
أَي: فَمَا دونهَا؛ أَي: أَصْغَر مِنْهَا، وَقَالَ بَعضهم: إِن لفظ الفوق زَائِد
كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى:
فَإِنْ كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ
[النساء: ١١]
إِذِ الثنتان يرثان الثُّلثَيْنِ. وفي كلٍّ منهما نظر، أما الأول ففيه استعمالُ اللَّفظ في غير مَوْضِعه، وأما الثاني ففيه فساد المعنى؛ لأن معناه يكون حينئذٍ: فهو عنده العرش، وهذا لَا يَصحُّ[1].
24. قَوْله: «أَن رَحْمَتي»: بِفَتْح (أَن) على أَنَّهَا بدل من (كتب)، وبكسرها ابْتِدَاء كَلَامٍ حكايةٍ لمضمون الكتاب.
المراجع
- "عمدة القاري شرح صحيح البخاري" للعينيِّ (15/ 111).
36- قوله: «أبدلَكم بها» الباء هنا دخلت على المتروك
ومنه قوله تعالى:
﴿ أَتَسۡتَبۡدِلُونَ ٱلَّذِي هُوَ أَدۡنَىٰ بِٱلَّذِي هُوَ خَيۡرٌۚ ﴾
[البقرة: 61].
ويجوز أن تدخُل على المأخوذ
مثل قوله تعالى:
( ﱠفَلۡيُقَٰتِلۡ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ ٱلَّذِينَ يَشۡرُونَ ٱلۡحَيَوٰةَ ٱلدُّنۡيَا بِٱلۡأٓخِرَةِۚ)
[النساء: ٧٤]؛
"قال ثعلب: يُقال: "أَبْدَلتَ الخاتَمَ بالحَلْقة"، إذا نحَّيْتَ هذا وجعلتَ هذا مكانَه، و"بدَّلتَ الخاتم بالحلْقة"، إذا أَذَبْتَه وسوَّيتَه حَلْقةً، و"بدَّلتَ الحلْقة بالخاتم"، إذا أذبتَها وجعلتها خاتمًا. قال: وحقيقتُه أنّ التّبديل تغيير الصّورة إلى صورة أخرى، والجوهرة بعينها، والإبدال: تنحية الجوهرة، واستئناف جوهرة أخرى. قال أبو عمرو: فعَرَضْتُ هذا على المبرِّد، فاستحسنه، وزاد فيه، فقال: وقد جعلتِ العرب بدَّلتُ مكان أَبدَلتُ"[1]
37- «أَبْدَلَكُمُ اللَّهُ بِهِمَا خَيْرًا منهما»؛ (خيرًا) هنا ليست أفعل تفضيل؛ إذ لا خيريَّةَ في يومَيْهما.
المراجع
- "تاج العروس" للزَّبيديِّ (28/ 64).
19- يجوز أن يقدَّر مُضافٌ في قوله: «أحب البلاد... وأبغض البلاد»؛ أي: بِقاع البلاد، فيَرجِع الضمير في (مساجدها) و(أسواقها) إلى (بقاع) [1]
المراجع
- "الكاشف عن حقائق السنن" للطِّيبيِّ (3/ 930، 931).
«ثلاثٌ»: هنا التنوين عِوَضٌ عن كلمة؛ فالتنوين عوض عن المضاف إليه المحذوف؛ أي: ثلاثُ خصال.
قوله: «ثلاث» مبتدأ مرفوع، وجَوَّزَ الابتداءَ به مع أنه نكرة كونُه مضافًا إلى نكرة، فخُصِّص؛ فأصله: "ثلاثُ خصالٍ"، ثم حُذف المضاف إليه بعد ذلك، وعُوِّض عنه بالتنوين [1].
«ثلاثٌ مَن فعَلهنَّ»؛ أي: ثلاث طاعات إذا اكتسبهن المؤمن مجتمِعةً، واستقرَّت في نفسه، وجد فيهن حلاوة الإيمان، والعدد هنا ليس لحصر الخصال التي يجد المؤمن بتحصيلها حلاوة الإيمان؛ بل الحديث نصَّ على ثلاث منها فقط.
طعم الإيمان: فيه استعارة مكنية؛ حيث شبَّه الإيمان بشيء محسوس يُطعَم ويُتذوَّق ويُلتذُّ به، وحذف المشبَّه به، وأتى بشيء من لوازمه، وهو الطعم.
«طعم طعمَ الإيمان»: يتجلَّى في هذه الجملة براعة الاستهلال (براعة الْمَطلَع) وحُسْن الابتداء.
استخدم النبيُّ ﷺ الذَّوْقَ والطَّعْمَ مع أمر قلبيٍّ، وإنْ كان الذوقُ والطعمُ إنما يدخُل مع المأكول والمشروب من باب المجاز؛ كقوله تعالى:
وقوله تعالى:
﴿يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ ۚ فَأَمَّا ٱلَّذِينَ ٱسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكَفَرْتُم بَعْدَ إِيمَٰنِكُمْ فَذُوقُوا ٱلْعَذَابَ بِمَا كُنتُمْ تَكْفُرُونَ﴾[آل عمران: 106]
وقوله تعالى:
﴿ذُقْ إِنَّكَ أَنتَ ٱلْعَزِيزُ ٱلْكَرِيمُ﴾
[الدخان: 49]،
وقوله تعالى:
﴿فَذَاقَتْ وَبَالَ أَمْرِهَا وَكَانَ عَٰقِبَةُ أَمْرِهَا خُسْرًا﴾
[الطلاق: 9]
مبالغةً في إيصال المعنى [2].
7. قوله: «رافدة عليه» الرافدة: فَاعِلَة من الرَّفْد، وهو الإعانة؛ أي: مُعينة، يُقال: رَفَدْتُه أَرفِدُه إذا أَعَنْتُه؛ أي: تُعِينُه نفسُه على أداء الزكاة. وانتصابها على أنها حال من "نفسه"، والضمير الذي في "عليه" يرجع إلى الإعطاء، الذي يدلُّ عليه قوله: "وأعطى"، والمعنى: مُعينة على إعطائها؛ أي: أداء الزكاة.
8. وقوله: «ولكن مِن وسَطِ أموالكم» الوسطُ يأتي في اللغة بمعانٍ مختلفة؛ منها الأفضلُ؛
كقوله تعالى:
﴿قَالَ أَوْسَطُهُمْ أَلَمْ أَقُل لَّكُمْ لَوْلَا تُسَبِّحُونَ﴾
[القلم: 28]؛
أي: أفضلُهم وأخيرُهم، ويأتي بمعنى المنتصَف بين نقيضين؛
كقوله تعالى:
﴿وَكَذَٰلِكَ جَعَلْنَٰكُمْ أُمَّةً وَسَطًا﴾
[البقرة: 143]؛
أي: بين طرَفَيْ نَقيض، بين الإفراط والتفريط، وهذا المقصود هنا.
9. قوله: «طيبةً بها نفسه»؛ أي: حال كونه طيِّبةً بالزكاة نفسُه، وإنما أتت طيِّبة لاستنادها إلى النفس، يُقال: طابت نفسُه بالشيء، إذا سَمِحت به من غير كراهة ولا غضب.
10. قوله: «اللئيمة»: نُصِب على أنها صفة "للشَّرَط" ومعناها الدنيئة.
المراجع
1. انظر: "شرح سنن أبي داود" لابن رسلان (7/ 515).
2. انظر: "شرح المشكاة للطِّيبيِّ الكاشف عن حقائق السنن" (2/ 446).
38- «أَشْعَث أَغْبَرَ»؛ يعني: أشعث في شعره، أغبر من التراب؛ أي: أنه لا يهتمُّ بنفسه؛ بل أهمُّ شيء عنده الدعاء[1]
39- معنى تَسْمِيَة الله بالطيِّب هنا؛ أي: الْمُنزَّه عن النقائص؛ بمعنى القدُّوس، وأصل الطِّيب: الزَّكَاء والطهارة والسلامة من الخُبْث، والاستطابة: التنظيف من القَذَر، والطهارة منه، وقيل: سُمِّيت المدينة (طابة وطَيْبة)، من الطِّيب، وهو تطهيرها من الشرك، وظهور الإسلام بها([2]
40- «فَأَنَّى» اسم استفهام، والمراد به الاستبعاد، يعني: يبعد أن يُستجاب لهذا، مع أن أسباب الإجابة موجودة. وهذا للتحذير من أكل الحرام، وشربه، ولُبسه، والتغذّي به[3]؛ فهو استفهامٌ وقَع على وجه التعجُّب والاستبعاد، وليس صريحًا في استحالة الاستجابة ومَنْعها بالكلية؛ إذ يجوز أن يَستَجيب اللهُ تَفضُّلًا وكَرَمًا منه سبحانه، ويجوز أن يَستَجيب ليكون ذلك إمْهالًا له، وقَطعًا لحُجَّته أمام الله. فيؤخَذ من هذا أن التوسُّعَ في الحرام، والتغذِّيَ به من جملة موانع الإجابة [4]
المراجع
- "شرح الأربعين النووية" للعثيمين (ص 143).
- "إكمال المعلم بفوائد مسلم" للقاضي عياض (3/ 535).
- "شرح الأربعين النووية" للعثيمين (ص 144).
- انظر: "المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم" للقرطبي (3/ 60)، "جامع العلوم والحكم" لابن رجب (1/ 275).