عَنْ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ رضى الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ «مَا مِنْكُمْ أَحَدٌ إِلَّا سَيُكَلِّمُهُ رَبُّهُ لَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ تُرْجُمَانٌ، فَيَنْظُرُ أَيْمَنَ مِنْهُ فَلا يَرَى إِلَّا مَا قَدَّمَ مِنْ عَمَلِهِ، وَيَنْظُرُ أَشْأَمَ مِنْهُ فَلا يَرَى إِلَّا مَا قَدَّمَ، وَيَنْظُرُ بَيْنَ يَدَيْهِ فَلا يَرَى إِلَّا النَّارَ تِلْقَاءَ وَجْهِهِ، فَاتَّقُوا النَّارَ وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ، فَمَنْ لَمْ يَجِدْ، فَبِكَلِمَةٍ طَيِّبَةٍ».

فوائد الحديث

الفوائد العلمية


  1. في الحديث بيان أنه ما من أحدٍ، إلا سيُلاقي ربَّه يوم القيامة وحدَه

    قال تعالى:

     وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَرْدًا 

    [مريم: 95]

    ويَقِف بين يدي ربِّه فيُخاطبه ويكلِّمه بدون واسطةٍ، ولا حجابٍ يَحجِزه.

  2. كل إنسان مرهونٌ بعمله

    قال تعالى:

    كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ

    [الطور: 21]

     وقال:

    يَا أَيُّهَا الْإِنْسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَىٰ رَبِّكَ كَدْحًا فَمُلَاقِيهِ

    [الانشقاق: 6]

    فسيُجازيه الله على عمله يومَ القيامة، إنْ خيرًا فخيرٌ، وإن شرًّا فشرٌّ.

  3. في الحديث الحثُّ على الصدقة ولو بالقليل.

  4. في الحديث عدم احتقار القليل من المعروف، أو الصدقة، أو القول الطيِّب.

  5. في الحديث أن الصدقة وإن قَلَّت فهي سبب للنجاة من النار.

  6. في الحديث أن الكلمة الطيّبة سبب للنجاة من النار.

  7. في الحديث أن الكلمة الطيبة صدقة كصدقة المال.

  8. عَن ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا،

    قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ:

    «إِنَّ اللَّهَ يُدْنِي الْمُؤْمِنَ، فَيَضَعُ عَلَيْهِ كَنَفَهُ وَيَسْتُرُهُ، فَيَقُولُ: أَتَعْرِفُ ذَنْبَ كَذَا، أَتَعْرِفُ ذَنْبَ كَذَا؟ فَيَقُولُ: نَعَمْ أَيْ رَبِّ، حَتَّى إِذَا قَرَّرَهُ بِذُنُوبِهِ، وَرَأَى فِي نَفْسِهِ أَنَّهُ هَلَكَ، قَالَ: سَتَرْتُهَا عَلَيْكَ فِي الدُّنْيَا، وَأَنَا أَغْفِرُهَا لَكَ اليَوْمَ، فَيُعْطَى كِتَابَ حَسَنَاتِهِ، وَأَمَّا الكَافِرُ وَالمُنَافِقُونَ، فَيَقُولُ الأشْهَادُ: هَٰؤُلَاءِ الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَىٰ رَبِّهِمْ ۚ أَلَا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ [هود: 18]»

    [1].

  9. عَنْ أَبِي ذَرٍّ رضى الله عنه،

    قَالَ: قَالَ لِيَ النَّبِيُّ ﷺ:

    «لَا تَحْقِرَنَّ مِنَ الْمَعْرُوفِ شَيْئًا، وَلَوْ أَنْ تَلْقَى أَخَاكَ بِوَجْهٍ طَلْقٍ»

    [2]


  10. جَاءَ سَائِلٌ إِلَى بَابِ عَائِشَةَ رضي الله عنها، فَقَالَتْ لِجَارِيَتِهَا: "أَطْعِمِيهِ"، فَذَهَبَتْ ثُمَّ رَجَعَتْ، فَقَالَتْ لَهَا: مَا وَجَدْتُ شَيْئًا أُطْعِمُهُ، قَالَتْ: "ارْجِعِي فَابْتَغِي لَهُ"، فَرَجَعَتْ فَوَجَدتْ تَمْرَةً فَأَتَتْ بِهَا، فَقَالَتْ عَائِشَةُ: "أَعْطِيهِ إِيَّاهَا؛ فَإِنَّ فِيهَا مَثَاقِيلَ ذَرَّةٍ إِنْ تُقُبِّلَتْ"[3].

  11. إذا كانت الكلمة الطيبة يُتَّقى بها النار، فالكلمة الخبيثة تُستوجَب بها النار.

  12. الكلام الطيِّب مندوبٌ إليه، وهو من جليل أفعال البِرِّ؛ لأن النبيَّ جعله كالصدقة بالمال.

  13. الكلمة الطيِّبة تُذهب الشحناء، وتُجلِي السخيمة

    كما قال تعالى:

    ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ 

    [فصلت: ٣٤]

    والدفع بالتي هي أحسنُ قد يكون بالقَوْلِ كما يكون بالفعل[4].

  14. نَظَرُ اليمين والشمال في الحديث كالْمَثَل؛ لأن الإنسان من شأنه إذا دَهَمه أمرٌ أن يلتفت يمينًا وشمالاً يطلب الغَوث[5]. وقد يكون سببُ الالتفات أنه يترجَّى أن يجد طريقًا يذهب فيها للنجاة من النار[6].

  15. الكلمةُ الطيِّبة تَشمَل: التسبيحَ، والتهليلَ، والتكبيرَ، وذِكْرَ الله عمومًا، وأفضلُ الذكر: قراءةُ القرآن، وتَشمَل كذلك: الأمرَ بالمعروف والنهيَ عن الْمُنكَر، وتعلُّم العلم وتعليمه، وتَشمَل كذلك: كلَّ ما يتقرَّب به الإنسان إلى ربِّه من القول؛ كنصيحة، أو كلمة حقٍّ، أو جبر خاطر، أو غير ذلك من طيِّب الأقوال.

المراجع

  1. رواه البخاريُّ (2441)، ومسلم (2768).
  2. رواه مسلم (2626).
  3. رواه البيهقيُّ في "شعب الإيمان" (3190).
  4. "شرح صحيح البخاريِّ" لابن بطال (9/ 225).
  5. "شرح القسطلانيِّ على صحيح البخاريِّ (9/ 314).
  6. "شرح القسطلانيِّ على صحيح البخاريِّ (9/ 314).
الفوائد اللغوية

16. وجهُ تشبيه النبيِّ الكلمة الطيبة بالصدقة بالمال هو أن الصدقة بالمال تحيا بها نفسُ المتصدَّق عليه ويَفرَح بها، والكلمة الطيِّبة يَفرَح بها المؤمن ويَحسُن موقعُها من قلبه، فاشتبها من هذه الجهة[1].

المراجع

  1. "شرح صحيح البخاريِّ" لابن بطال (9/ 225).

مشاريع الأحاديث الكلية