1. قال عمرُ بن الخطّاب رضي اللّه عنه: أفضلُ الأعمال أداء ما افتَرَض اللّه، والوَرَع عمّا حرَّم اللّه، وصِدق النّيّة فيما عند اللّه عزّ وجلّ [1].

  2. قال عمر بن عبد العزيز في خُطبته: أفضلُ العبادة أداء الفرائض، واجتنابُ المحارم؛ وذلك لأنّ اللّه عزّ وجلّ إنّما افترض على عباده هذه الفرائض ليقرِّبَهم منه، ويوجب لهم رضوانه ورحمته [2].

  3. كان داود - عليه السّلام - يقول في دعائه: "اللّهمّ إنّي أسألك حبَّك، وحبَّ من يحبُّك، وحبَّ العمل الّذي يبلِّغني حبَّك، اللّهمّ اجعل حبَّك أحبَّ إليَّ من نفسي وأهلي ومالي، ومن الماء البارد"[3].

  4. لا تشتغل جوارح العبد المؤمن المحبوب المقرَّب إلا بالطاعات، ولا تتحرَّك إلا فيما يرضي ربَّ العباد.

  5. قال أبو بكر الصديق رضي الله عنه لعمر بن الخطاب رضي الله عنه: "إنّي موصيك بوصيّة إن حفظتَها، فإنّ للّه حقًّا في اللّيل لا يَقبَله في النّهار، وإنّ للّه حقًّا في النّهار لا يقبله في اللّيل، وإنّه لا يقبل نافلةً حتّى تؤدَّى الفريضة" [4].

  6. إن العبد الصالح في كَنَف الله تعالى ورعايته، يحفظه، ولا يَكِله إلى نفسه طرفة عين؛ قال تعالى:

    إِنَّ وَلِـِّۧيَ ٱللَّهُ ٱلَّذِي نَزَّلَ ٱلۡكِتَٰبَۖ وَهُوَ يَتَوَلَّى ٱلصَّٰلِحِينَ

     [الأعراف: 196]

  7.  من أحبَّ اللّه، لم يكن عنده شيء آثَر من هواه، ومن أحبَّ الدّنيا، لم يكن عنده آثَرُ من هوى نفسه، فالحبُّ للّه تعالى أمير مؤمَّر على الأمراء، زُمْرته أوَّل الزُّمَر يوم القيامة، ومجلسه أقرب المجالس فيما هنالك [5]

  8. المحبّة منتهى القُربة والاجتهاد، ولن يسأم المحبُّون من طول اجتهادهم للّه عزّ وجلّ، يحبُّونه ويحبّون ذكره، ويحبِّبونه إلى خلقه، يمشون بين عباده بالنّصائح، ويخافون عليهم من أعمالهم يوم تبدو الفضائح، أولئك أولياء اللّه وأحبَّاؤه، وأهل صفوته، أولئك الّذين لا راحة لهم دون لقائه [6].

  9. المحبُّ لا يجد مع حبِّ اللّه عزّ وجلّ للدّنيا لذَّةً، ولا يَغفُل عن ذكر اللّه طرفة عين [7]

  10. ما يكاد يملُّ القُربة إلى اللّه تعالى محبٌّ للّه عزّ وجلّ، وما يكاد يسأم من ذلك [8]

  11. المحبُّ للّه طائر القلب، كثير الذّكر، متسبِّب إلى رضوانه بكلِّ سبيل يقدر عليها من الوسائل والنّوافل دَوْبًا دوبًا، وشَوْقًا شوقا [9]

  12. معرفة الله جلا نورُها كلَّ ظُلمة، وكَشَف سرورُها كلَّ غُمَّة [10]

  13. إن من عرف الله أحبَّه ولا بدَّ، ومن أحبَّه انقشعت عنه سحائبُ الظُّلمات، وانكشفت عن قلبه الهموم والغموم والأحزان، وعَمُر قلبُه بالسرور والأفراح، وأقبلت إليه وفود التهاني والبشائر من كل جانب؛ فإنه لا حزن مع الله أبدًا [11]

  14. قال تعالى حكايةً عن نبيِّه ﷺ، أنه قال لصاحبه أبى بكر: 

    لَا تَحۡزَنۡ إِنَّ ٱللَّهَ مَعَنَاۖ

    [التوبة: 40]

    فدلَّ أنه لا حُزْنَ مع الله، وأن من كان الله معه، فما له وللحزن؟! وإنما الحزن كلُّ الحُزن لمن فاته الله، فمن حصَلَ اللهُ له، فعلى أيِّ شَيءٍ يَحزَنُ؟! ومن فاته اللهُ، فبأيِّ شَيءٍ يَفرَحُ؟! [12].

  15. اعلم أنّ جميع المعاصي محاربة للّه عزَّ وجلَّ؛ فهل لك بمحاربة اللّه من طاقة؟! فإنّ من عصى اللّه فقد حاربه؛ لكن كلَّما كان الذّنب أقبحَ، كان أشدَّ محاربةً للّه؛ ولهذا سمَّى اللّه تعالى أَكَلَة الرّبا وقُطّاع الطّريق محاربين للّه تعالى ورسوله؛ لعِظَم ظُلمهم لعباده، وسعيهم بالفساد في بلاده، وكذلك معاداة أوليائه، فإنّه تعالى يتولَّى نُصرة أوليائه، ويحبُّهم ويؤيّدهم، فمن عاداهم، فقد عادى اللّه وحاربه [13]

  16. مَعَ اللهِ فِي نَبْذِ مَا قَدْ نَهَى = مَعَ اللهِ بِالسَّمْعِ فِيمَا أَمَرْ

مَعَ اللهِ فِي خَلَوَاتِ اللَّيَالِي = مَعَ اللهِ فِي الرَّهْطِ وَالْمُؤتَمَرْ

مَعَ اللهِ فِي حُبِّ أَهْلِ التُّقَى = مَعَ اللهِ فِي كُرْهِ مَنْ قَدْ فَجَرْ

مَعَ اللهِ فِي مُدْلَهِمِّ الدُّجَى = مَعَ اللهِ عِنْدَ انبِلَاجِ السَّحَرْ

17. لكَ محيايَ خالصًا ومَماتي = يا إلهي ويا عظيمَ الصِّفِاتِ

لكَ سَعْيي وفيكَ غايةُ حُبِّي = ونجَاوَى ضَرَاعتي وصَلاتِي

وسُجُودي معرَاجُ رُوحي وعَقلي = وانعِتاقي ولذَّتي وحَياتِي

18. وكُنْ لِرَبِّكَ ذَا حُبٍّ لِتَخْدُمَهُ = إِنَّ الْمُحِبِّينَ لِلْأَحْبَابِ خُدَّامُ  

19. مَا لِلْمُحِبِّ سِوَى إِرَادَةِ حُبِّهِ = إِنَّ الْمُحِبَّ بِكُلِّ بِرٍّ يَضْرَعُ

20. سَاكِنٌ فِي الْقَلْبِ يَعْمُرُهُ = لَسْتُ أَنْسَاهُ فَأَذْكُرُهُ

غَابَ عَنْ سَمْعِي وَعَنْ بَصَرِي = فَسُوَيْدَا الْقَلْبِ يُبْصِرُهُ

21. تَعصي الإِلَهَ وَأَنتَ تُظهِرُ حُبَّهُ = هَذا مُحَالٌ في القِياسِ بَديعُ

لَو كانَ حُبُّكَ صادِقًا لَأَطَعتَهُ = إِنَّ الْمُحِبَّ لِمَن يُحِبُّ مُطيعُ

في كُلِّ يَومٍ يَبْتَديكَ بِنِعمَةٍ = مِنهُ وَأَنتَ لِشُكرِ ذاكَ مُضيعُ

22. يُعَادِي الَّذِي عَادَى مِنَ النَّاسِ كُلِّهِمْ = جَمِيعًا وَلَوْ كَانَ الْحَبِيبَ الْمُصَافِيَا

23. وَيَا فَوْزَ مَن أدَّى مناسِكَ دينِه = وعاشَ سليمَ القلبِ وهْو طَهُورُ

وتَابَعَ دِينَ الحقِّ فِقْهًا وحِكْمَةً = ولَبَّى نِداءَ اللهِ وهْوَ شَكُورُ

فَهَذا الذي في الخُلْدِ يَنْعَمُ بَالُه = وتَحْظى به بين الأرائكِ حُورُ

المراجع

  1. "جامع العلوم والحكم" لابن رجب (2/ 336).
  2.  "جامع العلوم والحكم" لابن رجب (2/ 336).
  3. "جامع العلوم والحكم" لابن رجب (2/ 340).
  4.  "الزهد" لهناد بن السري (1/ 284).
  5.  "جامع العلوم والحكم" لابن رجب (2/ 341)
  6.  "جامع العلوم والحكم" لابن رجب (2/ 341).
  7.  "جامع العلوم والحكم" لابن رجب (2/ 341).
  8. "جامع العلوم والحكم" لابن رجب (2/ 341).
  9.  "جامع العلوم والحكم" لابن رجب (2/ 341، 342)
  10. "طريق الهجرتين وباب السعادتين" لابن القيم (ص: 280).
  11. "طريق الهجرتين وباب السعادتين" لابن القيم (ص: 280).
  12.  "طريق الهجرتين وباب السعادتين" لابن القيم (ص: 280
  13.  "جامع العلوم والحكم" لابن رجب (2/ 335).


  1. اعلم أن أداءَ الصلاةِ على وقتها أحبُّ الأعم‍ال إلى الله، حيث تتَّجِه بالعبادة لله وحدَه، ترتفع وتتسامى عن عبادة العباد، وعبادة الأشياء، حيث تُحنى الجباه لله لا للعبيد، والقلب يَسجُد لله حقًّا، ليلَ نهارَ يتَّصِل بربِّه خالق الخلق، يجد لحياته غايةً أعلى من أن تُستغرق في الأرض وحاجاتها، فيصير مؤمنًا ربَّانيَّ التصوُّر، ربَّانيَّ الشعور، ربَّانيَّ السلوك.

  2. إن برَّ الوالدينِ من أفضل الأعمال، ومِن أعظم أسباب دخول الجنة.

  3. إن الوالدينِ هما أقربُ الأقرباء، وإن لهما لفضلاً، وإن لهما لرَحِمًا، وإن لهما لواجبًا مفروضًا: واجبَ الحبِّ والكرامة والاحترام والكفالة؛ ولكن ليس لهما من طاعة في حقِّ الله؛

    قال تعالى:

    ﴿وَوَصَّيْنَا ٱلْإِنسَٰنَ بِوَٰلِدَيْهِ حُسْنًا ۖ وَإِن جَٰهَدَاكَ لِتُشْرِكَ بِى مَا لَيْسَ لَكَ بِهِۦ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَآ ۚ﴾ 

    [العنكبوت: ٨].

  4. إن الصلة في الله هي الصلة الأولى، والرابطة في الله هي العُروة الوُثقى، فإن كان الوالدان مشركينِ، فلهما الإحسان والرعاية، لا الطاعة ولا الاتِّباع.

5. الجهادُ هو ذِرْوةُ سَنام الإسلام؛ به تُرفَع رايةُ الدِّين، وتعلو كلمة الحقِّ إلى قيام الساعة، وبه يُعِزُّ الله المؤمنين، ويُذِلُّ أعداءه.

6. مدَح اللهُ الجهادَ، ووعد المجاهدين بالأجر العظيم فضلًا منه وكرَمًا

فقال في كتابه العزيز:

 ﴿لَّا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ ۚ فَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ عَلَى الْقَاعِدِينَ دَرَجَةً ۚ وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَىٰ ۚ وَفَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ عَلَى الْقَاعِدِينَ أَجْرًا عَظِيمًا ۞  دَرَجَاتٍ مِّنْهُ وَمَغْفِرَةً وَرَحْمَةً ۚ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا ﴾  

[النساء: 95، 96].

7. مدح الله الله المؤمنين المجاهدين وتضحيتهم في قوله تعالى: 

﴿۞ إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَىٰ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُم بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ ۚ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ ۖ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنجِيلِ وَالْقُرْآنِ ۚ وَمَنْ أَوْفَىٰ بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ ۚ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُم بِهِ ۚ وَذَٰلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ  ﴾ 

[التوبة: 111].

8. إن الجهاد في سبيل الله يكون من أجل نشر الإسلام وحماية العقيدة، فلا يَضْطَهِدُها أو يَحصُرها أو يَفتِن أتباعها متجبِّر، فالجهاد لحمايتها من الفتنة، وحماية منهجها وشريعتها في الحياة، وإقرار رايتها في الأرض بحيث يَرهَبها من يُهِمُّ بالاعتداء عليها قبل الاعتداء، وبحيث يلجأ إليها كلُّ راغب فيها فلا يخشى قوَّة أخرى في الأرض تتعرَّض له أو تمنعه أو تَفتِنه.

9. زُرْ والدَيْكَ وقِفْ على قبرَيْهما = فكأنني بك قد نُقِلتَ إليهما

لو كنتَ حيث هما وكانا بالبَقَا = زاراكَ حَبْوًا لا على قدمَيْهما

 ما كان ذنبُهما إليكَ فطالما = مَنحاكَ نفسَ الوُدِّ من نفسَيهما 

كانا إذا سَمِعا أنينَكَ أَسْبَلا = دمعَيْهما أَسَفًا على خدَّيْهما 

وتمنَّيا لو صادفا بك راحةً = بجميع ما يحويه مِلْكُ يدَيهما 

10. قالوا: غَزَوْتَ، وَرُسْلُ اللهِ ما بُعِثُوا = لِقَتْلِ نَفْسٍ، وَلا جاؤوا لسَفْكِ دَمِ

جَهْلٌ، وَتَضْلِيلُ أَحْلامٍ، وَسَفْسَطَةٌ = فَتَحْتَ بِالسَّيْفِ بَعْدَ الْفَتْحِ بِالقَلَمِ 

لَمَّا أَتى لكَ عَفْوًا كلُّ ذي حَسَبٍ = تَكَفَّلَ السَّيْفُ بالجُهَّالِ والعَمَمِ 

والشَّرُّ إِنْ تَلْقَهُ بِالخَيْرِ ضِقْتَ بهِ = ذَرْعًا، وإِنْ تَلْقَهُ بالشَّرِّ يَنْحسِمِ


1. 

عن أبي هريرة عن النّبيِّ ﷺ، قال:

«كان تاجرٌ يُدَايِنُ النّاس، فإذا رأى معسِرًا قال لصِبيانه: تجاوزوا عنه؛ لعلَّ اللّه أن يتجاوز عنَّا، فتجاوز اللّهُ عنه»

[1].

2. قال بعض السَّلَف: أدركتُ قومًا لم يكن لهم عُيوب، فذكروا عيوب النَّاس، فذكر النَّاس لهم عيوبًا، وأدركتُ أقوامًا كانت لهم عيوبٌ، فكفُّوا عن عيوب النَّاس، فنُسِيت عيوبهم[2].

3.

قال النّبيُّ ﷺ:

«يا مَعْشَرَ من آمَن بلسانه، ولم يَدخُلِ الإيمان في قلبه، لا تغتابوا المسلمين، ولا تتَّبِعوا عَوْرَاتِهم؛ فإنّه من اتَّبَع عَوْراتِهم، تتبَّع اللَّهُ عورته، ومن تتبَّع اللَّهُ عورته، يَفْضَحْهُ في بيته»

[3].

4. عن ابن عمر رضي الله عنه،

أن رسول الله ﷺ قال:

«المسلمُ أخو المسلِمِ؛ لا يَظلِمُه، ولا يُسلِمه، ومَن كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته، ومَن فرَّج عن مسلم كُربةً، فرَّج الله عنه كُربةً من كُربات يوم القيامة، ومَن ستَر مسلمًا ستَره الله يوم القيامة»

[4].

5. رفع الله تعالى شأنَ العلم والعلماء، ووعَد مَن يبذُل جهدَه في هذا الطريق بخير الجزاء في الدنيا والآخرة، وقد بيَّن النبيُّ ﷺ عظيمَ فضل الله - عزَّ وجلَّ - وعطائه لِمَن يَجِدُّ في طلب العلم، ويسعى في تحصيله.

6. الجَنَّة هي دار كرامة الله تعالى ونعيمه لعباده الطائعين، وقد كثُر ذِكرها بأوصافها، وكذا ذِكرُ ما يوصِّل إليها في الكتاب والسُّنة، ومن أهمها طريق العلم. 

7. من عَمِل بما عَلِم، أَورثه اللَّه عِلْمَ ما لم يَعلَم.

8. بالعلم يُعرَف الله حقَّ المعرفة، وبالعلم يُهْتَدَى فِي ظُلُمَاتِ الْجَهْلِ وَالشُّبَهِ وَالشُّكُوكِ؛ وَلِهَذَا سَمَّى اللَّهُ كِتَابَهُ نُورًا؛ لِأَنَّهُ يُهْتَدَى بِهِ فِي الظُّلُمَاتِ

قَالَ تعالي:

{قَدْ جَاءَكُم مِّنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُّبِينٌ [15] يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ وَيُخْرِجُهُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ} 

[المائدة: 15 - 16] [5].

9. إذا شِئْتَ أن تَحْيا ودِينُكَ سالـمٌ = وَحَظُّكَ مَوْفُورٌ وعِرْضُكَ صَيِّنُ

لِسَانُكَ لا تَذْكُرْ به عَوْرةَ امْرئٍ = فعِنْدَكَ عَوْرَاتٌ وللنَّاسِ أَلْسُنُ

وَعَيْنُكَ إن أَبْدَتْ إليكَ مَعَايبًا = لِقَوْمٍ فَقُلْ: يا عَيْنُ للنَّاسِ أَعْيُنُ

وصَاحِبْ بمَعْرُوفٍ وجانِبْ مَن اعتدَى = وفَارِقْ وَلَكِنْ بالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ

10. ومَنْ لم يُقِمْ سِتْرًا على عَيْبِ غَيْرِهِ = يَعِشْ مُسْتَبَاحَ العِرْضِ، مُنْهَتِكَ السِّتْرِ

11. لا تَلْتَمِسْ مِن مَسَاوِي النَّاسِ ما سَتَرُوا = فيَهْتِكَ النَّاسُ سِتْرًا مِن مَسَاوِيكا

واذْكُرْ محاسِنَ ما فيهم إذا ذُكِروا = ولا تَعِبْ أحدًا عَيْبًا بما فِيكَا

12. لَوْلا التَّعَاوُنُ بَيْنَ النَّاسِ ما شَرُفَتْ = نَفْسٌ ولا ازدَهَرَتْ أَرْضٌ بعِمْرَانِ

13. أُعِينُ أَخِي أو صاحِبِي في بَلائِه = أَقُومُ إذا عَضَّ الزَّمانُ وأَقْعُدُ

ومَن يُفْرِدِ الإخوانَ فيما يَنُوبُهمْ = تَـنُـبْهُ اللَّيَالي مَرَّةً وهو مُفْرَدُ

14. لَعَمْرُكَ مَا الْإِنْسَانُ إِلَّا بِدِينِهِ = فَلَا تَتْرُكِ التَّقْوَى اتِّكَالًا عَلَى النَّسَبْ

لَقَدْ رَفَعَ الْإِسْلَامُ سَلْمَانَ فَارِسٍ = وَقَدْ وَضَعَ الشِّرْكُ الشَّقِيَّ أَبَا لَهَبْ

15. فَقُمْ غُصْ أَخِي فِي بِحَارِ الْعُلُومِ = وَحُزْ دُرَرًا وَانْسَ نَوْمَ السُّبَاتْ

تَزَيَّنْ بِدُرِّكَ إِنْ حُزْتَهُ = وَكُنْ مَالِكَ الْمَاءِ فِي الْفَلَوَاتْ

فهَذَا الطَّرِيقُ طَرِيقُ الْحَيَاةِ = أَخِي إِنْ حَيِيتَ وَإِلاَّ الْمَمَاتْ

16. إِذا ما لَم يُفِدكَ العِلمُ خَيرًا = فَخَيرٌ مِنهُ أَن لَو قَد جَهِلتَا

وَإِن أَلقاكَ فَهمُكَ في مَهاوٍ = فَلَيتَكَ ثُمَّ لَيتَكَ ما فَهِمتا

سَتَجني مِن ثِمارِ العَجزِ جَهلًا = وَتَصغُرُ في العُيونِ إِذا كَبُرتا

المراجع

  1. رواه البخاريُّ (2078)، ومسلم (1562).
  2. "جامع العلوم والحكم" لابن رجب (2/ 291 - 293).
  3. رواه أحمد (20014)، وأبو داود (4880)، وقال الألبانيُّ في "صحيح الترغيب والترهيب" (2340): حسن صحيح.
  4. رواه البخاري (2442)، ومسلم (2580).
  5. "جامع العلوم والحكم" لابن رجب (2/ 298).




1. احرص على القرآن حتى تكون ممن يكون القرآن حجَّةً لهم، لا عليهم.

2. هناك من يُعتقون أنفسهم بأعمالهم الصالحة، وهناك من يُهلكونها بأعمالهم السيئة، فمع من تريد أن تكون؟!

3. قال ﷺ:

«وَسُبْحَانَ اللهِ وَالْحَمْدُ للهِ تَمْلَآنِ مَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ»،

فإذا حَمِد اللهَ حامدٌ مُستحضِرًا معنى الحمد في قلبه، امتلأ ميزانه من الحسنات، فإن أضاف إلى ذلك: سبحانَ الله، الذي معناه تَبْرئةُ الله، وتَنزيهه عن كلِّ ما لا يَليق به من النقائص، ملأت حسناتُه وثوابها زيادةً على ذلك ما بين السموات والأرض؛ إذ الميزانُ مملوءٌ بثواب التحميد، «وَالْحَمْدُ للهِ تَمْلَأُ الْمِيزَانَ»[1].

4. «وَالصَّلَاةُ نُورٌ»؛ فإن الصلاة تنوِّر بين يدي العبد الظُّلُماتِ يومَ القيامة، وتُنوِّر الصلاةُ وجهَ العبد يوم القيامة، فيكون ذا غُرَّة وتحجيل؛ كما قال ﷺ:

«إن أمتي يُدْعَوْن يومَ القيامة غُرًّا محجَّلين من آثار الوضوء، فمَن استطاع منكم أن يُطيل غُرَّته فلْيَفْعَل»

[2].

5. الصلاة نورٌ للعبد في قلبه، وفي وجهه، وفي قبره، وفي حشره.

6. تَجِد أكثرَ الناس نورًا في الوجوه أكثرَهم صلاةً، وأخشعَهم فيها لله تعالى.

7.الصلاة نورٌ للإنسان في قلبه، تَفتَح عليه باب المعرفة لله عزَّ وجلَّ، وباب المعرفة في أحكام الله، وأفعاله، وأسمائه، وصفاته.

8. الصلاة نورٌ في قبر الإنسان؛ فالصلاةُ هي عمود الإسلام، إذا قام العمود قام البناء، وإذا لم يقم العمود فلا بناء.

9. الصلاة نور للإنسان في جميع أحواله، وهذا يقتضي أن تحافظ عليها، وأن تحرص عليها، وأن تُكثر منها حتى يَكثُر نورك وعلمك وإيمانك.

10. «وَسُبْحَانَ اللهِ وَالْحَمْدُ للهِ تَمْلَآنِ مَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ» فداومْ على ذِكْر الله تعالى، ولا يزال لسانكَ رطبًا من ذِكْر الله.

11. إن القرآن إما أن ينتفع به صاحبُه، فيكون حجَّةً له، وذلك إذا قام به حقَّ القيام، وإما ألَّا ينتفع به، فيكون حجَّةً عليه، وذلك إذا لم يقُم بحقِّه[3].

12. كل إنسان مأخوذٌ بما يعمَل، فلْيحرِص على ما يُنْجيه في الدنيا والآخرة.

13. استثمِرِ الخَيْرَ في دُنياكَ واجتهِدِ = ولا تُبَالِ بداعي الشرِّ والحسَدِ

واعْمَلْ ليومٍ جميعُ الناس تَرقُبُه = فيه القضاءُ قضاءُ الواحدِ الأحدِ

أفعالُكَ اليومَ تحكي أيَّ منزلةٍ = رَوْضُ الجنانِ أمِ النيرانُ في اللَّحَدِ

14. فالحمدُ للّهِ حمْدًا لا انْقِطاعَ لَهُ = ما إنْ يُعَظَّمُ إلا مَنْ لَهُ وَرقُ

والحمدُ للهِ حمدًا دائمًا أبدًا = فازَ الّذينَ، إلى ما عِندَهُ، سَبَقُوا

15. لكَ الحمدُ حمدًا نستلِذُّ به ذِكْرَا = وإن كنتُ لا أُحصي ثَنَاءً ولا شُكرا

لكَ الحمدُ حمدًا طَيِّبًا يملأُ السَّمَا = وأقطارَها والأرضَ والبرَّ والبَحْرا

16. يا مَنْ تـَصَدَّقَ مالُ الله ِ تـَبْذلـُهُ = في أوجُـهِ الخير ِما لِلمال نـُقصانُ

كـَمْ ضاعَفَ اللهُ مالاً جادَ صاحِبُهُ = إنَّ السَّخاءَ بـِحُـكـْم ِاللهِ رضــوانُ

الشـُّحُّ يُـفـْضي لِسُقمٍ لا دَواءَ لـَهُ = مالُ البَخيل ِغـَدا إرْثـًا لِمَنْ عانوا

إنَّ التـَصَدُّقَ إسعادٌ لِمَنْ حُـرِموا = أهلُ السَّخاءِ إذا ما احْتـَجْتَهُمْ بـانوا

17. هكَذا يا روحُ كُونِي نَحْلَةً = لَمْ تَمِلْ للنَّوْمِ أو إغْرائِهِ

دونَكِ القرآنَ رَوْضًا ناضِرًا = فارشُفِي ما شِئْتِ مِن أندائِهِ

قدِّمِي للكَوْنِ مِن أزهارِهِ = شَهْدَهُ الْمَشْهُودَ باستحْلائِهِ

لا تَرومِي غيرَهُ رَوْضًا؛ فَكَمْ = عِفْتُ طِيبًا شَذَّ عن أشذائِهِ

فالهُدَى في هديِهِ، والفوزُ في = نهجِهِ، والْمَجْدُ في إعْلائِهِ

18. اقْرَأْ كِتَابَ اللهِ وَافْهَمْ حُكْمَهُ = تُدْرِكْ عَطَاءَ اللهِ فِي إِحْسَانِ

فَهُوَ الخِطَابُ لِكُلِّ عَقْلٍ نَابِهٍ = وَهُوَ الضِّيَاءُ بِنُورِهِ الرَّبَّانِي

يَهْدِي إِلَى الخَيْرِ العَمِيمِ وَإِنَّهُ = أَمْنُ القُلُوبِ وَرَاحَةُ الأَبْدَانِ

قَدْ أَنْزَلَ القُرْآنَ رَبٌّ حَافِظٌ = لِيُعَلِّمَ الإِنْسَانَ خَيْرَ بَيَانِ

المراجع

  1. "المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم" لأبي العباس القرطبيِّ (3/ 102). 
  2.  رواه البخاريُّ (136)، ومسلم (246)، وانظر: "المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم" للقرطبيِّ (1/ 476). 
  3.   "ذخيرة العقبى في شرح المجتبى" محمد بن علي الولَّوي (21/ 391).


1. الإسلام يدعو إلى العدل؛ قال رِبْعِيُّ بْنُ عَامِرٍ: "اللَّهُ ابتَعَثَنا لنُخرِجَ مَن شاء من عبادة العباد إلى عبادة اللَّه، ومن ِضيق الدُّنيا إلى سَعَتها، ومن جَور الأديان إلى عدل الإسلام، فأَرسَلنا بدينه إلى خَلقِه لندعوَهم إليه" [1].

2. اعلم أن أداءَ الصلاةِ على وقتها أحبُّ الأعمال إلى الله، حيث تتَّجِه بالعبادة لله وحدَه، ترتفع وتتسامى عن عبادة العباد، وعبادة الأشياء، حيث تُحنى الجباه لله لا للعبيد، والقلب يَسجُد لله حقًّا، ليلَ نهارَ يتَّصِل بربِّه خالق الخلق، يجد لحياته غايةً أعلى من أن تُستغرق في الأرض وحاجاتها، فيصير مؤمنًا ربَّانيَّ التصوُّر، ربَّانيَّ الشعور، ربَّانيَّ السلوك.

3. أعدَّ الله تعالى منزلًا في الجنة لمن غدا إلى المسجد أو راح؛

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ:

«مَنْ غَدَا إِلَى الْمَسْجِدِ وَرَاحَ، أَعَدَّ اللهُ لَهُ نُزُلَهُ مِنَ الجَنَّةِ كُلَّمَا غَدَا أَوْ رَاح"

[2].

4.

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلي الله عليه وسلم :

«لاَ يَلِجُ النَّارَ رَجُلٌ بَكَى مِنْ خَشْيَةِ اللهِ حَتَّى يَعُودَ اللَّبَنُ فِي الضَّرْعِ، وَلاَ يَجْتَمِعُ غُبَارٌ فِي سَبِيلِ اللهِ وَدُخَانُ جَهَنَّمَ»

[3].

5. قال محمد بن الحنفية : "الكمال في ثلاثة: العفَّة في الدين، والصبر على النوائب، وحسن التدبير في المعيشة" [4]. 

6. حقيقة الحب في الله: ألَّا يَزيدَ بالبِرِّ ولا يَنقُصَ بالجفاء [5].

7. محبَّة المؤمن وظيفةٌ متعيِّنة على الدوام، وُجِدت الأغراض أو عُدِمت، ولما كانت المحبَّة للأغراض هي الغالبةَ، قلَّ وِجدان تلك الحلاوة؛ بل قد انعدم، لا سيَّما في هذه الأزمان التي قد انْمَحى فيها أكثرُ رسوم الإيمان [6].

8. مَحبَّة المؤمنين من العبادات التي لا بد فيها من الإخلاص في حسن النيَّات [7].

9. محبَّةُ المؤمن توجب على المسلم أن يسعى في إيصال النفع لأخيه المسلم، وأن يكفَّ عنه أذاه؛

فعن ابن عمر ﭭ، أن رسول الله ﷺ قال:

«المسلم أخو المسلم؛ لا يظلمه، ولا يُسلِمه، ومَن كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته، ومَن فرَّج عن مسلم كُربةً، فرَّج الله عنه كُربةً من كُربات يوم القيامة، ومَن ستَر مسلمًا ستَره الله يوم القيامة»

[8].

10. على المؤمن أن لا يحبَّ إلّا في اللّه، ولا يُبغض إلّا فيه، ولا يوالي إلّا فيه، ولا يُعادي إلّا فيه، ولا يُعطي إلّا له، ولا يمنع إلّا له، ولا يرجو إلّا إيّاه، ولا يستعين إلّا به، فيكون دينه كلُّه ظاهرًا وباطنًا للّه، ويكون اللّه ورسوله أَحبّ إليه ممّا سواهما، فلا يُوَادُّ من حادَّ اللّه ورسوله، ولو كان أقربَ الخلق إليه.

11. استثمِرِ الخَيْرَ في دُنياكَ واجتهِدِ = ولا تُبَالِ بداعي الشرِّ والحسَدِ

واعْمَلْ ليومٍ جميعُ الناس تَرقُبُه = فيه القضاءُ قضاءُ الواحدِ الأحدِ

أفعالُكَ اليومَ تحكي أيَّ منزلةٍ = رَوْضُ الجنانِ أمِ النيرانُ في اللَّحَدِ

12. ارْتِفَاعُ الأَذَان فَوْقَ الْمَآذِنْ = فِي انْبِلَاجِ الصَّبَاحِ وَاللَّيْلُ سَاكِنْ

دَعْوَةٌ تَحْمِلُ الْحَيَاةَ إِلَى الْكَوْ= ن وَسُكَّانِهِ قُرًى وَمَدَائِنْ

وَنِدَاءٌ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الأَرْ = ضِ إِلَى ظَاهِرٍ عَلَيْهَا وَبَاطِنْ

وَلِقَاءٌ بَيْنَ الْمَلائِكِ وَالإِيـ = ـمَانِ وَالْمُؤْمِنِينَ مِنْ غَيْرِ آذِنْ

وَانْطِلاقٌ إِلَى الْفَلاحِ إِلَى الْخَيْـ = ـرِ إِلَى الْحَقِّ وَالْهُدَى وَالْمَحَاسِنْ

13. إيَّاكَ مِن عَسْفِ الأنامِ وظُلمِهم = واحْذَرْ مِنَ الدَّعَوَاتِ في الأَسْحَارِ

14. أَدِّ الأمانةَ والخيانةَ فاجتنبْ = واعْدِلْ ولا تَظْلِمْ يَطِيبُ الْمَكْسَبُ

واحذَرْ مِن المظلومِ سَهْمًا صائبًا = واعْلَمْ بأنَّ دعاءَه لا يُحجَبُ

15. لا تَظْلِمَنَّ إذا ما كُنْتَ مُقْتَدِرًا = فالظُّلْمُ آخِرُه يَأْتِيكَ بالنَّدَمِ

نامَتْ عُيُونُكَ والمظلومُ مُنْتَبِهٌ = يَدْعو عَلَيْكَ وَعَيْنُ اللهِ لم تَنَمِ

16. عليكَ بالعَدْلِ إِنْ وُلِّيتَ مملكةً = واحذرْ مِن الْجَوْرِ فيها غايةَ الحَذَرِ

فَالْمُلْكُ يَبْقَى عَلَى عَدْلِ الكَفُورِ وَلَا = يَبْقَى مَعَ الجَوْرِ فِي بَدْوٍ وَلا حَضَرِ

17. عِفُّوا تَعِفَّ نِسَاؤُكُمْ فِي الْمَحْرَمِ = وَتَجنَّبُوا مَا لا يَلِيقُ بمُسْلِمِ

إِنَّ الزِّنا دَيْنٌ إِذَا أَقْرَضْتَهُ = كَانَ الْوَفَا مِنْ أَهْلِ بَيْتِكَ فَاعْلَمِ

يَا هَاتِكًا حُرَمَ الرِّجالِ وَقَاطِعًا = سُبُلَ الْمَوَدَّةِ عِشْتَ غَيْرَ مُكَرَّمِ

18. لَوْ كُنْتَ حُرًّا مِنْ سُلالةِ مَاجِدٍ = ما كُنْتَ هَتَّاكًا لحُرْمَةِ مُسْلِمِ

مَنْ يَزْنِ يُزْنَ بِهِ وَلَوْ بِجِدَارِه = إِنْ كُنْتَ يَا هَذَا لَبِيبًا فَافْهَمِ

19. لَعَمْرُكَ مَا أَهْوَيْتُ كَفِّي لِرِيبَةٍ = وَلَا حَمَلَتْنِي نَحْوَ فَاحِشَةٍ رِجْلِي

وَلا قَادَنِي سَمْعِي وَلا بَصَرِي لَهَا = وَلا دَلَّنِي رَأْيِي عَلَيْهَا وَلَا عَقْلِي

وَأَعْلَمُ أَنِّي لَمْ تُصِبْنِي مُصِيبَةٌ = مِنَ الدَّهْرِ إِلَّا قَدْ أَصَابَتْ فَتًى قَبْلِي

وَلَسْتُ بمَاشٍ مَا حَيِيتُ بمُنْكَرٍ = مِنَ الأَمْرِ لَا يَسْعَى إِلَى مِثْلِهِ مِثْلِي

وَلا مُؤْثرًا نَفْسِي عَلَى ذِي قَرَابَةٍ = وَأُوثرُ ضَيْفِي مَا أَقَامَ عَلَى أَهْلِي

المراجع

  1. "البداية والنهاية" لابن كثير (7/ 39).
  2. رواه البخاريُّ (662)، ومسلم (669).
  3. رواه الترمذيُّ (1633)، والنسائيُّ (3108)، وقال الترمذيُّ: هذا حديث حسن صحيح، وصححه الألبانيُّ في "صحيح الترغيب والترهيب" (1269).
  4. "أدب الدنيا والدين" للماورديِّ (329).
  5. انظر: فتح الباري شرح صحيح البخاري" لابن حجرٍ العسْقلاني (1/ 62).
  6. "المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم" لأبي العباس القرطبي (1/ 215).
  7. "المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم" لأبي العباس القرطبي (1/ 215).
  8. رواه البخاري (2442)، ومسلم (2580).


1. الذِّكْرُ لَذَّةُ قلوب العارفين؛

قال اللَّه - عزَّ وجلَّ -:

{الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ ۗ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ}

[الرعد: 28].

2. قال رجل: يا رسولَ الله، إنَّ شرائعَ الإسلامِ قد كثُرت عليَّ، فأخبِرني بشيءٍ أتشبَّثُ به، قال: «لا يَزَالُ لسانُكَ رَطْبًا مِنْ ذِكْرِ اللهِ»[1].

3. الذكر عبادةٌ سهلةٌ يسيرة، لا تحتاج إلى تهيئة كحاجة الصلاة للتهيئة بالوضوء، ولا تحتاج إلى هيئة معيَّنة مثل حركات الصلاة، فالذكر يكون على كلِّ حال، قيامًا أو قعودًا أو على جَنْب؛

كما في قوله تعالى:

{ إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ 190 الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَىٰ جُنُوبِهِمْ }

[آل عمران: 190، 191].

4. ما تَلَذَّذَ المتلَذِّذون بِمِثْلِ ذكرِ الله - عزَّ وجلَّ - فليس شيءٌ من الأعمال أخفَّ مُؤنةً منه، ولا أعظمَ لذَّةً ولا أكثرَ فرحةً وابتهاجًا للقلب [2].

5. قَالَ خَالِدُ بْنُ مَعْدَانَ: "إِن اللَّه يتصدَّق كلَّ يوم بصدقة، وما تَصدَّق اللَّهُ على أحد من خَلقه بشيء خَيْرٌ من أن يتصدَّق عليه بذِكره" [3].

6.

قال رسول الله ﷺ:

«أَلَا أُنَبِّئُكُمْ بِخَيْرِ أَعْمَالِكُمْ وَأَزْكَاهَا عِنْدَ مَلِيكِكُمْ، وَأَرْفَعِهَا فِي دَرَجَاتِكُمْ، وَخَيْرٍ لَكُمْ مِنْ إِنْفَاقِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ، وَخَيْرٍ لَكُمْ مِنْ أَنْ تَلْقَوْا عَدُوَّكُمْ، فَتَضْرِبُوا أَعْنَاقَهُمْ، وَيَضْرِبُوا أَعْنَاقَكُمْ؟» قَالُوا: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: «ذِكْرُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ»

[4].

7.

قال ﷺ:

«مَنْ قَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ، وَلَهُ الْحَمْدُ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، فِي يَوْمٍ مِائَةَ مَرَّةٍ، كَانَتْ لَهُ عَدْلَ عَشْرِ رِقَابٍ، وَكُتِبَتْ لَهُ مِائَةُ حَسَنَةٍ، وَمُحِيَتْ عَنْهُ مِائَةُ سَيِّئَةٍ، وَكَانَتْ لَهُ حِرْزًا مِنَ الشَّيْطَانِ يَوْمَهُ ذَلِكَ حَتَّى يُمْسِيَ، وَلَمْ يَأْتِ أَحَدٌ بِأَفْضَلَ مِمَّا جَاءَ بِهِ إِلَّا أَحَدٌ عَمِلَ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ»

[5].

8. استثمِرِ الخَيْرَ في دُنياكَ واجتهِدِ = ولا تُبَالِ بداعي الشرِّ والحسَدِ

واعْمَلْ ليومٍ جميعُ الناس تَرقُبُه = فيه القضاءُ قضاءُ الواحدِ الأحدِ

أفعالُكَ اليومَ تحكي أيَّ منزلةٍ = رَوْضُ الجنانِ أمِ النيرانُ في اللَّحَدِ

9. لكَ الحمدُ حمدًا نستلِذُّ به ذِكْرَا = وإن كنتُ لا أُحصي ثَنَاءً ولا شُكرا

لكَ الحمدُ حمدًا طَيِّبًا يملأُ السَّمَا = وأقطارَها والأرضَ والبرَّ والبَحْرا

10. يا مَنْ تـَصَدَّقَ مالُ اللهِ تـَبْذلـُهُ = في أوجُـهِ الخير ِما لِلمال نـُقصانُ

كـَمْ ضاعَفَ اللهُ مالًا جادَ صاحِبُهُ = إنَّ السَّخاءَ بـِحُـكـْم ِاللهِ رضــوانُ

الشُّـحُّ يُـفـْضي لِسُقمٍ لا دَواءَ لـَهُ = مالُ البَخيل ِغـَدا إرْثـًا لِمَنْ عانوا

إنَّ التـَصَدُّقَ إسعادٌ لِمَنْ حُـرِموا = أهلُ السَّخاءِ إذا ما احْتـَجْتَهُمْ بـانوا

11. فذِكرُ إلَهِ العرشِ سرًّا ومُعْلِنًا = يُزِيلُ الشَّقَا والهَمَّ عَنْكَ ويَطْرُدُ

ويَجْلِبُ للخَيراتِ دنيا وآجِلًا = وإنْ يأتِكَ الوَسْوَاسُ يومًا يُشَرَّدُ

12. عَلَيْكَ بذِكْرِ اللهِ يا طالبَ الأَجْرِ = وَيا راغِبًا في الخَيْرِ والفَضْلِ والبِرِّ

عليكَ بِهِ تُعطى الرغائبَ كلَّها = وتُكفى به كلَّ الْمُهِمَّات والضُّرِّ

فمَنْ يَذْكُرِ الرحمنَ فهْوَ جَلِيسُهُ = ومَنْ يَذْكُرِ اللهَ يُكافِئْهُ بالذِّكْرِ

ومَنْ يَعْشُ عن ذِكْرِ الإلهِ فإنه = قَرِينٌ له الشَّيْطَانُ في داخِلِ الصَّدْرِ

ومَن يَنْسَ مَوْلاهُ الكَرِيمَ فَرَبُّهُ = له ناسيًا، أَعْظِمْ بذلك من خُسْرِ!

له استحوَذَ الشَّيْطَانُ نسَّاهُ ذِكْرَ مَنْ = تفضَّلَ بالإيجادِ في أوَّلِ الأمرِ

المراجع

  1. رواه أحمد (18167)، وابن ماجه (3793)، والترمذيُّ (3375)، وصحَّحه الألبانيُّ في "صحيح الترغيب والترهيب" (1491).
  2. "الوابل الصيب من الكلم الطيب" لابن القيم (ص 81).
  3. "جامع العلوم والحكم" لابن رجب (2/ 59).
  4. رواه أحمد (21702)، والترمذيُّ (3377)، وصحَّحه الألبانيُّ في "صحيح الترغيب والترهيب" (1493).
  5. رواه البخاريُّ (3293)، ومسلم (2691).


من رحمة الله تعالى وفضله على عباده المؤمنين أن مَنَّ عليهم بأيام العَشْرِ من ذي الحِجَّة الْمُبارَكة؛ رَحمةً منه وفضلًا وكرَمًا، حيث يُضاعِفُ لهم فيها الأجرَ على الطاعات، ويُكرمهم فيها بجَزيلَ الثَّوابِ، ويكفِّر عنهم السيِّئات.

  1. ينبغي للمؤمن أن يغتنم هذه النفحات الكريمة بأن يستقبلها بالتوبة إلى الله تعالى، وأن يبرأ إلى الله تعالى من كلِّ المعاصي والآثام التي يرتكبها، وأن يجتنب كلَّ ما نهى الله تعالى عنه ورسولُه؛ فالذنوب والمعاصي تُقسِّي القلب، وتُبعده عن الله تعالى، وتحرم الإنسان فضلَ ربِّه.

  2. على المسلم أن يحرص أشدَّ الحرص على أن يغتنم العشر الأُوَل من ذي الحِجَّة بالإكثار من الطاعات والأعمال الصالحة فيها، وأن يجتنب المعاصيَ والآثام.

  3. على المسلم أن يستقبل عَشْرَ ذي الحجة ونفحاتها المبارَكة بالنية الخالصة، والقلب الصافي، والعزم الأكيد على اغتنامها، والسعي لنيل رضا الله تعالى، وليحرص على اغتنام هذه الْمَكرُمات والفضائل والنفحات قبل أن تفوته، فلا يحصِّل إلا الحسرة والندم.

  4. على المسلم أن يحرص على صيام يوم عَرَفَةَ، الَّذِي قال رَسُولُ اللَّهِ صلي الله عليه وسلم عن صِيَامِه:

    «أَحْتَسِبْ عَلَى اللَّهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الْمَاضِيَةَ وَالْآتِيَةَ»

    [1].

  5. اعلم أن مِن أعظم الأعمال الصالحة والطاعاتِ في عشر ذي الحجة: ذِكرَ اللهِ تعالى، وأعظمُ الذِّكرِ قِراءةُ القُرآنِ، والتَّهليلُ، والتَّكبيرُ، والتَّحميدُ.

  6. عن ابْنِ عُمَرَ عن النبيِّ ﷺ قال:

    «ما مِن أيَّامٍ أعظمُ عِندَ اللهِ، ولا أحَبُّ إليه، مِن العَملِ فيهنَّ مِن هذه الأيَّامِ العَشْرِ؛ فأَكْثِروا فيهِنَّ مِن التَّهليلِ، والتَّكبيرِ، والتَّحْمِيد»

    [2].

  7. اعلم أن مِن أعظم الأعمال الصالحة والطاعاتِ في عشر ذي الحجة: الصيامَ، وإن لم تستطع صيام التسع، فما استطعت، ومهما يكن، فلا تفرِّط في صيام يوم عرفة.

  8. كَانَ ابْنُ عُمَرَ وَأَبُو هُرَيْرَةَ يَخْرُجَانِ إِلَى السُّوقِ فِي أَيَّامِ العَشْرِ يُكَبِّرَانِ، وَيُكَبِّرُ النَّاسُ بِتَكْبِيرِهِمَا [3].

  9. لتحرصْ أيها المسلم في عشر ذي الحجة على إحسان الفَرائض والواجِبات، والإكثار من كلِّ أعْمالِ البِرِّ والمَعروفِ، والتزوُّد من التَّطوُّعِ في العِباداتِ؛ من صلاة النوافل، وقيام الليل، والصيام، وبِرِّ الوالدينِ، وصلة الرحم، والإكثار من الصدقة، والإكثار من قراءة القرآن، والإكثار من الدعاء، والحرص على الصلاة في جماعة، وعلى الوقوف في الصفِّ الأوَّل في الجماعة، وهَلُمَّ جرًّا.

  10. إن الجهاد في سبيل الله ذِرْوةُ سَنام الإسلام، وهو من أفضل الأعمال الصالحة، وله الأجر العظيم والثواب الجزيل من الله تعالى، وله قَدْرُه في دين الإسلام، وشَرَفُه الذاتيُّ الذي لا يرتبط بزمان ولا مكان.

  11. للهِ قَومٌ أَطَاعُوا اللهَ خَالِقَهُم = فآمنوا واسْتَقَامُوا مِثْلَ ما أُمِرُوا

وَالوَجْدُ والشَّوْقُ وَالأَفْكَارُ قُوتُهُمُ = وَلازَمُوا الجِدَّ والإدْلاجَ في البُكَرِ

وَبَادَرُوا لرِضَا مَوْلاهُمُ وَسَعَوْا = قَصْدَ السَّبِيلِ إليه سَعْيَ مُؤْتَمِرِ

وَشَمَّرُوا وَاسْتَعَدُّوا وَفْقَ ما طُلِبُوا = وَاسْتَغْرقوا وَقْتَهُمْ في الصَّوم والسَّهَرِ

وَجَاهَدُوا وانْتَهَوْا عَمَّا يُبَاعِدُهم = عَنْ بَابِهِ وَاسْتَلانُوا كُلَّ ذِي وَعِرِ

جَنَّاتُ عَدْنٍ لَهُم مَا يَشتهونَ بها = في مَقْعَدِ الصِّدْقِ بَيْنَ الرَّوْضِ والزَّهَرِ

لَهُم مِنَ اللهِ مَا لا شَيْءَ يَعْدِلُهُ = سَمَاعُ تَسْليمِهِ وَالفَوزُ بِالنَّظَرِ

13. طُوْبَى لِعَبْدٍ أَطَاعَ اللهَ خَالِقَهُ = وَقَامَ جَنْحَ الدُّجَى بالدَّمْعِ مُنْسَجِمِ

14. وَمَنْ لَمْ يَكُنْ في طَاعَةِ اللهِ شُغْلُهُ = عَلَى كُلِّ حَالٍ لا يَفُوزُ بِبُغْيَةِ

وَمَنْ أَكْثَرَ العِصْيَانَ مِن غَيْرِ تَوْبةٍ = فَذَاكَ طَرِيحٌ في فَيَافِي الغَوَايَةِ

بَعِيدٌ مِنَ الخَيْرَاتِ حَلَّ بِه البَلا = وَوَاجَهَهُ الخِذْلانُ من كُلِّ وِجْهَةِ

تَنَكَّبَ عَجْزًا عَنْ طَرِيقِ عَزِيمَةٍ = وَمَالَ لِتَأوِيلٍ ضَعِيفٍ وَرُخْصَةِ

يَهِمُّ بِلا جِدٍّ وَلَيْسَ بِنَاهِضٍ = عَلى قَدَمِ التَشْمِيرِ مِنْ فَرْطِ غَفْلَةِ

وَقَدْ سَارَ أَهْلُ العَزْمِ وَهْوَ مُخَلَّفٌ = وَقَدْ ظَفِرُوا بِالقُربِ مِنْ خَيْرِ حَضْرَةِ

وَقَدْ أَدْرَكُوا الْمَطْلُوبَ وَهْوَ مُقَيَّدٌ = بِقَيْدِ الأَمَانِي وَالحُظُوظِ الخَسِيسَةِ

وَلَمْ يَنْتَهِزْ مِن فَائِتِ العُمْرِ فُرْصَةً = وَلَم يَغْتَنِمْ حَالَيْ فَرَاغٍ وَصِحَّةِ

المراجع

  1. رواه مسلم (1162).
  2. رواه أحمد (5446)، وصحَّحه شعيب الأرنؤوط.
  3. "صحيح البخاريِّ" (2/ 20).


  1. ينبغي على المسلم أن يبدأ باليمين في كلِّ أموره، وأن يتنبَّه لذلك، وألَّا يستهين به، فهو سنَّة نبيِّنا ﷺ، وهَدْيُه، وفي اتِّباعه كلِّ خيرٍ في الدنيا والآخرة.

  2. اعلم بأن التيمُّن بَرَكة، وهو هَدْيُ النبيِّ ﷺ.

  3. استحباب البَداءة باليمين في كل ما كان من باب التكريم والتزيين، وما كان بضدِّها استُحِبَّ فيه التياسُر.

  4. كانت محبَّته ﷺ للتيمُّن تبرُّكًا منه باسم اليمين؛ لإضافة الخير إليها؛

    كما قال تعالى:

    (وَأَصْحَابُ الْيَمِينِ مَا أَصْحَابُ الْيَمِينِ)  

    [الواقعة: 27]

    ولما فيه من اليُمن والبركة، وهو من باب التفاؤل، ونقيضه الشمال.

  5. احترام اليمين وإكرامها، فلا تستعمل في إزالة شيء من الأقذار، ولا في شيء من خسيس الأعمال، وقد نهى ﷺ عن الاستنجاء، ومسِّ الذَّكَر باليمين.

  6. اعلم بأن استعمال الشمال في الطعام والشراب خُلق الشيطان؛ ففي الحديث:

    «إذا أكل أحدكم فليأكل بيمينه، وإذا شرب فليشرب بيمينه؛ فإن الشيطان يأكل بشماله، ويشرب بشماله»

    [1].

  7. وَهَبْ لِي كِتَابِي بِاليَمِينِ وَثَقِّلَنْ = لِمِيزَانِ عَبْدٍ فِي رَجَائِكَ يَطْمَعُ

المراجع

  1. رواه مسلم (2020)


  1. الاستخارةُ من أجلِّ أسباب سعادة العبد في دينه ودنياه؛

    فعن سعدِ بنِ أبي وقَّاصٍ قال: قال رسول الله ﷺ: «مِنْ سَعَادَةِ ابْنِ آدَمَ اسْتِخَارَتُهُ اللَّهَ، وَمِنْ سَعَادَةِ ابْنِ آدَمَ رِضَاهُ بِمَا قَضَى اللَّهُ، وَمِنْ شِقْوَةِ ابْنِ آدَمَ تَرْكُهُ اسْتِخَارَةَ اللهِ، وَمِنْ شِقْوَةِ ابْنِ آدَمَ سَخَطُهُ بِمَا قَضَى اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ»

    [1]

  2. ما نَدِم مَن استخار الخالق، وشاوَرَ المخلوقين، وتثبَّت في أمره.

  3. قال عبد اللّه بنُ عمرَ - رضي الله عنهما -:

    "إنّ الرجل ليَسْتَخيرُ اللّه، فيختار له، فيَسخَط على ربِّه، فلا يَلبَثُ أن يَنظُر في العاقبة، فإذا هو قد خار له"

    [2].

  4. الاستخارة عبوديةٌ وانكسار، ودليلٌ على تعلُّق قلب المؤمن بربِّه في سائر أحواله.

  5. الاستخارة تَرْفع الروح المعنوية للمستخير، فتجعله واثقًا مِن توفيق الله له.

  6. الاستخارة تعظيم لله وثناء، وهي مَخرجٌ من الحَيرة والشكِّ، ومَدْعاة للطمأنينة وراحة البال، وهي سبيلُ التوكُّلِ وتفويضِ الأمر إلى الله تعالى.

  7. إذا كنتَ تؤمن أنه لا يَعلَمُ الغَيبَ إلَّا اللهُ تعالى، ولا يُقدِّرُ الخيرَ والشَّرَّ للعَبْدِ سواه، فعليك أن ترُدَّ الأمور كلَّها إلى الله، وأن تتبرَّأ من حَولك وقوَّتك وقُدرتك وعِلمك إلى حَول الله وقوَّته وقُدرته وعِلمه.

  8. ينبغي للعبد أن لا يَقصِد شيئًا من دقيق الأمور وجَلِيلها، حتى يستخيرَ اللهَ فيه، ويَسألَه أن يَحمِلَه فيه على الخير، ويَصرِف عنه الشرَّ؛ إذعانًا بالافتقار إليه في كلِّ أمر، والتزامًا بذِلَّة العبودية له، واتِّباعًا لسُنَّة نبيِّه ﷺ في الاستخارة.

  9. رُبَّ أَمْرٍ تَتَّقِيهِ = جَرَّ أَمْرًا تَرْتَضِيهِ

خَفِيَ الْمَحْبُوبُ مِنْهُ = وَبَدَا الْمَكْرُوهُ فِيهِ

المراجع

  1. رواه أحمد (1444)، وضعفه الألبانيُّ في "ضعيف الجامع وزيادته" (5300).
  2. "شفاء العليل" لابن القيم (ص: 94).



  1. الدين كلُّه خُلُقٌ، فمن زاد عليك في الخُلق، زاد عليك في الدين[1].

  2. حُسن الخُلق بذلُ النَّدى، وكفُّ الأذى، واحتمال الأذى.

  3. حُسن الخُلق: بذل الجميل، وكفُّ القبيح.

  4. حُسن الخُلق: التخلِّي من الرذائل، والتحلِّي بالفضائل.

  5. إن الطمأنينة في الصدق، والكذب سبب في الريبة والقلق[2]. 

  6. قال رسول الله ﷺ: «خيارُكم أحاسنُكم أخلاقًا»[3].

  7. قال رسول الله ﷺ: «ما من شيءٍ أثقلُ في ميزان المؤمن يوم القيامة من حُسن الخُلق، وإن الله تعالى ليُبغِضُ الفاحشَ البذيء»[4].

  8. سُئل رسولُ الله ﷺ عن أكثرِ ما يُدخل الناسَ الجنَّةَ، فقال:

    «تقوى الله وحُسن الخُلق»، وسُئل عن أكثرِ ما يُدخل الناس النار، فقال: «الفَمُ والفَرْجُ»

    [5].

    جمع النبيُّ ﷺ بَين تقوى الله وحُسن الخُلق؛ لِأَن تقوى الله تُصلح مَا بَين العَبْد وربِّه، وحُسن الخُلق يُصلح ما بينه وبين خَلقه، فتقوى الله توجب له محبَّة الله، وحُسن الخلق يدعو إلى محبَّته[6].

  9. قال النبيُّ ﷺ:

    «إن من أكمل المؤمنين إيمانًا: أحسنَهم خُلقًا، وخيارُكم خيارُكم لنسائهم»

    [7].

  10. قال رسول الله ﷺ:

    «إن المؤمن لَيُدْرِكُ بحُسن خُلقه درجةَ الصائم القائم»

    [8].

  11. الكَيِّسُ مَن يتبيَّن دينَه، ويسألُ عن طريق النجاة في الدنيا والآخرة.

  12. الإيمانُ الحقُّ يُورِثُ الفرحَ بطاعة الله، والهمَّ والغمَّ لمعصيته.

  13. الورعُ سبيلُ الأنبياء والمرسلين، وطريقُ الصالحين، فاحرِصْ عليه تكُنْ من الفائزين.

  14. الزهد المشروع هو تَرْك الرغبة فيما لا ينفع في الدار الآخرة، وهو أن يكون على سبيل الوَرَع، والورَعُ المشروعُ: هو تَرْك ما قد يضرُّ في الدار الآخرة [9].

  15. مكتوب في الحكمة: التوفيق خير قائد، وحُسْنُ الخُلق خيرُ قَرين، والوَحْدةُ خير من جليس السوء[10].

  16. لا عَقْلَ كالتدبير، ولا وَرَعَ كالكَفِّ، ولا حَسَبَ كحُسْن الْخُلُق، ولا غنى كالرِّضى[11].

  17. إن حُسن الخُلق من الرضى، وسوء الخُلق من السَّخَط، وحسن الخلق يبلغ بصاحبه درجة الصائم القائم، وسوء الخُلق يأكل الحسناتِ كما تأكل النار الحطب[12]

  18. إن حُسْنَ الْخُلُقِ وتَزْكِيَةَ النَّفْس بمكارم الأخلاق يَدُلُّ على سَعَة قلب صاحبه، وكَرَمِ نَفْسه وسَجِيَّته[13]

  19. صَلاحُ أَمْرِكَ للأخلاقِ مَرْجِعُهُ = فَقَوِّمِ النفسَ بالأخلاقِ تَسْتَقِمِ

  20. إِنّي لَتُطرِبُني الخِلالُ كَريمَةً = طَرَبَ الغَريبِ بِأَوبَةٍ وَتَلاقي

وَتَهُزُّني ذِكرى الْمُروءَةِ وَالنَدى = بَينَ الشَمائِلِ هِزَّةَ الْمُشتاقِ

21. والمرءُ بالأخلاق يسمو ذِكْرُه = وبها يُفضَّل في الورى ويوقَّر

22. ما الحظُّ إلا امتلاكُ الْمَرْءِ عِفَّتَه = وما السعادةُ إلا حُسْنُ أخلاقِ

المراجع

  1. "مدارج السالكين" لابن القيم (2/ 307).
  2. انظر: "الفوائد المستنبطة من الأربعين النووية وتتمتها الرجبية"، لعبد الرحمن بن ناصر البراق (ص: 28).
  3. رواه البخاريُّ (6035)، ومسلم (68).
  4. رواه الترمذيُّ (2002)، وقال: حديث حسن صحيح، وصحَّحه الألبانيُّ في "صحيح الترغيب والترهيب" (2641).
  5. رواه الترمذيُّ (2004)، وحسَّنه الألبانيُّ في "صحيح الترغيب والترهيب" (1723).
  6. الفوائد لابن القيم (ص: 54).
  7. رواه الترمذيُّ (1162)، وصحَّحه الألبانيُّ في "صحيح الترغيب والترهيب" (1923).
  8. رواه أبو داود (4798) وصحَّحه الألبانيُّ في "صحيح وضعيف سنن أبي داود" (4798).
  9. "مجموع الفتاوى" (21/ 305).
  10. "البيان والتبيين" للجاحظ (2/ 52).
  11. "الأدب الصغير" لابن المقفَّع (ص: 72).
  12. "مدارج السالكين" لابن القيم (2/ 220).
  13. "مدارج السالكين" لابن القيم (1/ 465).


  1. اعلم أن الكفَّ عن الشرِّ والسيِّئات يَجلِب الحسناتِ؛

    قال ﷺ:

    «على كلِّ مُسلمٍ صَدَقةٌ». قالوا: فإن لم يَفعَل؟ قال: «يُمسِكُ عن الشرِّ؛ فإنه صَدَقةٌ»

    [1]. 

  2. قال الفُضَيل بن عياضٍ: "بقدرِ ما يصغُرُ الذنبُ عندك يعظُمُ عند الله، وبقدر ما يعظُمُ عندك يصغُرُ عند الله"[2].

  3. قال أبو الدّرداء: من أتى فراشه وهو ينوي أن يصلّيَ من اللّيل، فغلبتْه عيناه حتّى يُصبح، كُتب له ما نَوى[3].

  4. من أراد الله به خيرًا، فتح له باب الذُّلِّ والانكسار، ودَوَام اللجوء إلى الله تعالى، والافتقار إليه، ورؤية عيوب نفسه، وجهلها، وعُدْوانها، ومشاهدة فضل ربِّه، وإحسانه، ورحمته، وجُوده، وبِرِّه، وغناه، وحمده[4].

  5. اعلم أن الصغيرة تَكبُر بأسباب، منها: الإصرارُ، والمواظبة؛ ولذلك قيل: لا صغيرةَ مع إصرار، ولا كبيرةَ مع استغفار، فكبيرةٌ واحدة تَنصرِم ولا يَتبَعها مثلُها، لو تصوّر ذلك، كان العفوُ عنها أرجى من صغيرة يواظب العبد عليها، ومثال ذلك: قَطَرات من الماء تقع على الحَجَر على تَوَالٍ فتؤثِّر فيه، وذلك القدرُ من الماء لو صُبَّ عليه دَفْعةً واحدة لم يؤثِّر[5].

  6. قال عبدالله بن عباسٍ – رضي الله عنهما -: "يا صاحبَ الذَّنْب، لا تأمنَنَّ مِن سوء عاقبته، ولَمَا يَتبَع الذنبَ أعظمُ من الذنب إذا علمتَه؛ فإن قلَّة حيائك ممن على اليمين وعلى الشمال، وأنت على الذنب، أعظمُ مِن الذنب الذي عملتَه، وضَحِكُكَ وأنت لا تدري ما اللهُ صانع بك أعظمُ من الذنب، وفرحُكَ بالذنب إذا ظفِرْتَ به أعظمُ من الذنب، وحُزْنُكَ على الذنب إذا فاتك أعظمُ من الذنب إذا ظفِرْتَ به، وخوفُك من الريح إذا حرَّكَتْ سِتْرَ بابك وأنت على الذنب ولا يضطرب فؤادك مِن نظر الله إليك أعظمُ مِن الذنب إذا عملتَه"[6].

  7. وَإِنَّ عَلَيْنَا حَافِظِينَ مَلائِكًا = كِرَامًا بِسُكَّانِ البَسِيطةِ وُكِّلُوا

فَيُحْصُونَ أَقْوالَ ابْنِ آدَمَ كُلَّهَا = وَأَفْعَالَهُ طُرًّا فَلا شَيءَ يُهْمَلُ

8. إِذَا أَنْتَ لَمْ تَرْحَلْ بِزَادٍ مِنَ التُّقَى = وَلَاقَيْتَ بَعْدَ الْمَوْتِ مَنْ قَدْ تَزَوَّدَا

نَـدِمْتَ عَـَلى أَلَّا تَكُونَ كَمِثْلِهِ = وَأَنَّكَ لَمْ تَرْصُدْ كَمَا كَانَ أَرْصَدَا

9. وَنَفْسَكَ فازْجُرْها عَن الغَيِّ والخَنَا = وَلا تَتَّبِعْها فَهْيَ أُسُّ الْمَفَاسِدِ

وَحَاذِرْ هَواهَا مَا اسْتطعَتَ فَإِنَّهُ = يَصُدُّ عَن الطاعاتِ غَيْرَ المجاهِدِ 

وَإِنَّ جهادَ النَّفس حَتْمٌ على الفتى = وإنَّ التُّقَى حَقًّا لَخَيْرُ الْمَقَاصِدِ 

فَإِنْ رُمْتَ أن تُحْظى بنَيْلِ سعادةٍ = وَتُعْطى مَقَامَ السالكينَ الأَمَاجِدِ 

فَبَادِرْ بِتَقْوَى الله واسْلُكْ سبيلَها = ولا تَتَّبِعْ غَيَّ الرَّجيم المُعَانِدِ 

وَإِيَّاكَ دُنْيا لا يَدُومُ نَعِيمُهَا = وَإِنَّكَ صَاحِ لَسْتَ فِيْهَا بِخَالِدِ تَمَسَّكْ 

بِشَرْعِ اللهِ وَالْزَمْ كِتَابَهُ = وَبِالعِلْمِ فاعْمَلْ تَحْوِ كُلَّ المَحَامِدِ

10. خلِّ الذنوبَ صغيرَها = وكبيرَها فهُوَ التُّقى

كن مثلَ ماشٍ فوق أرْ = ضِ الشَّوْكِ يَحْذَرُ ما يرى

لا تحقِرَنَّ صغيرةً = إنَّ الجبالَ مِن الحصى

11. دَعَوْتُ نَفْسِي إِلَى الخَيْرَاتِ فَامْتَنَعَتْ = وَأَعْرَضَتْ عَن طَرِيْقِ الخَيْر والنِّعَمِ

خَسِرْتُ عُمْرِي وَقَدْ فَرَّطْتُ فِي زَمَنِي = فِي غَيْرِ طَاعَةِ مَوْلاَيَ فَيَا نَدَمِي

حَمَلْتُ ثِقْلاً مِنَ الأَوْزَارِ فِي صِغَري = يَا خَجْلَتي فِي غَدٍ مِن زَلَّةِ القَدَمِ

المراجع

  1. رواه البخاريُّ (1445)، ومسلم (1008).
  2. "سير أعلام النبلاء" للذهبيِّ (8/ 427).
  3. "جامع العلوم والحكم" لابن رجب (2/ 319).
  4. "الوابل الصيب من الكلم الطيب" لابن القيم (ص: 7).
  5. "إحياء علوم الدين" لأبي حامد الغزاليِّ (4/ 32).
  6. "حلية الأولياء" لأبي نُعيم الأصبهانيِّ (1/ 324).



  1. قال الفُضَيل بن عياضٍ: "بقدرِ ما يصغُرُ الذنبُ عندك يعظُمُ عند الله، وبقدر ما يعظُمُ عندك يصغُرُ عند الله"[1].

  2. قال عبدالله بن مسعودٍ: "إن المؤمنَ يرى ذنوبه كأنه قاعد تحت جبلٍ يخاف أن يقع عليه، وإن الفاجرَ يرى ذنوبه كذُبابٍ مرَّ على أنفه، فقال به هكذا"[2].

  3. قال عبدالله بن عباسٍ – رضي الله عنهما -: "يا صاحبَ الذَّنْب، لا تأمنَنَّ مِن سوء عاقبته، ولَمَا يَتبَع الذنبَ أعظمُ من الذنب إذا علمتَه؛ فإن قلَّة حيائك ممن على اليمين وعلى الشمال، وأنت على الذنب، أعظمُ مِن الذنب الذي عملتَه، وضَحِكُكَ وأنت لا تدري ما اللهُ صانع بك أعظمُ من الذنب، وفرحُكَ بالذنب إذا ظفِرْتَ به أعظمُ من الذنب، وحُزْنُكَ على الذنب إذا فاتك أعظمُ من الذنب إذا ظفِرْتَ به، وخوفُك من الريح إذا حرَّكَتْ سِتْرَ بابك وأنت على الذنب ولا يضطرب فؤادك مِن نظر الله إليك أعظمُ مِن الذنب إذا عملتَه" [3].

  4. إن جريمة قتل المؤمن، ليست مجرَّد قتل بغير حقٍّ لنفس فحسبُ؛ ولكنها كذلك جريمة قتل للوشيجة العزيزة والرابطة الوُثقى التي أنشأها الله بين المسلم والمسلم، إنها تنكُّر للإيمان ذاته، وللعقيدة نفسها. 

  5. قال وَهْب بن مُنبِّه رحمه الله: "مَن سرَّه أن يَستَجيب الله دعوتَه، فلْيُطِبْ مطعمَه [4].

  6. قَالَ وَهْبُ بْنُ الْوَرْدِ رحمه الله: "لو قُمْتَ مَقام هذه الساريَة، لم يَنْفَعْك شيء حتى تَنْظُرَ ما يدخل بَطْنَكَ حلالٌ أو حرام" [5].

  7. سُئل أحمدُ بنُ حنبلٍ رحمه الله: بمَ تَلين القلوب؟ ثم أطرَقَ ساعة، ثم رفع رأسه، فقال: بأكل الحلال [6].

8. خلِّ الذنوبَ صغيرَها = وكبيرَها فهُوَ التُّقى 

كن مثلَ ماشٍ فوق أرْ = ضِ الشَّوْكِ يَحْذَرُ ما يرى

لا تحقِرَنَّ صغيرةً = إنَّ الجبالَ مِن الحصى

9. هُوَ اللهُ رَبُّ الكونِ والكونُ عَبْدُهُ = فلا تَسْألَنَّ العبدَ واللهَ فَاسْألِ 

هُوَ اللهُ مولانا لهُ الْمُلكُ وَحْدَهُ = وليسَ لِغَيْرِ اللهِ حَبَّةُ خَرْدل 

10. ضَلَّ الأُلى جَحَدوه واتَّخُذوا له = شركاءَ من أربابهم وخصومَا

ما هذه الأربابُ ما لِعبادها = جَهِلوه ربًّا واحدًا قيُّومَا

11. رَأَيْتُ حَلالَ الْمَالِ خَيْرَ مَغَبَّةٍ = وَأجْدَرَ أَنْ يَبْقَى عَلَى الْحَدَثَانِ 

وَإِيَّاكَ وَالْمَالَ الْحَرَامَ فَإِنَّهُ = وَبَالٌ إِذَا مَا قُدِّمَ الْكَفَنَانِ 

12. يا نفسُ، كُفِّي عن العصيانِ واكتَسِبي = فِعلًا جميلًا لعلَّ اللهَ يرحَمُني

يا نفسُ، وَيْحَكِ توبي واعمَلي حَسَنًا = عسى تُجازَيْنَ بعدَ الموتِ بالحسَنِ 

13. وَفِي النَّاسِ مَن ظُلمُ الوَرَى عَادةٌ لهُ = وَيَنْشُرُ أَعَذارًا بها يَتَأوَّلُ 

جَرِيءٌ على أَكْلِ الحرامِ ويدَّعِي = بأنَّ له في حِلِّ ذلك مَحْمَلُ

فَيَا آكِلَ الْمَالِ الحرامِ أَبِنْ لَنَا = بأيِّ كتابٍ حِلُّ مَا أَنْتَ تَأكُلُ؟

ألمْ تَدْرِ أَنَّ اللهَ يَدْرِي بما جَرَى = وبينَ البَرايَا في القِيامةِ يَفْصِلُ

14. لا ترغبنْ في كثير المال تَكنِزُه = من الحرام فلا يُنْمَى وإن كَثُرا 

واطلبْ حلالاً وإن قلَّت فَوَاضِلُه = إن الحلال زكيٌّ حيثما ذُكِرا


المراجع

1. سير أعلام النبلاء" للذهبيِّ (8/ 427).

2. رواه البخاريُّ (6308).

3. "حلية الأولياء" لأبي نُعيم الأصبهانيِّ (1/ 324)

4. جامع العلوم والحكم" لابن رجب (1/ 275).

5. "جامع العلوم والحكم" لابن رجب (1/ 263).

6. "مناقب الإمام أحمد" لابن الجوزيِّ  (ص 269).


  1. بذكر الله تحيا القلوب.

  2. الذي يَذكُر الله تعالى قد أحيا الله قلبَه بذكره، وشَرَح له صدره، فكان كالحيِّ، وأما الذي لا يَذكُر الله فإنه لا يطمئنُّ قلبه، ولا يَنشرِح صدره، فهو كمَثَل الميِّت.

  3. كلَّما غَفَل الإنسان عن ذِكر اللهِ - عزَّ وجلَّ - فإنه يقسو قلبه، وربما يموت قلبه[1].

  4. الذِّكْرُ لَذَّةُ قلوب العارفين

    قال اللَّه - عزَّ وجلَّ -:

    { الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ ۗ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ}

    [الرعد: 28].

  5. قلوب الْمُحِبِّين لا تطْمَئِنُّ إِلَّا بذِكره، وأرواح المشتاقين لا تَسْكُن إِلَّا برؤيته[2].

  6. قال ذو النُّون: "ما طابت الدنيا إِلَّا بذِكره، ولا طابت الآخرة إِلَّا بعَفْوه، ولا طابت الْجَنَّة إِلَّا برُؤيته"[3].

  7. الروح في البَدَن حياةٌ، وغِيابُها موت، وكذلك الذِّكر، إنه روح تُحيي ما تَحُلُّ به وتَسري فيه، جمادًا كان أو إنسانًا، وإذا غابت عن شيء فهو الموت، ويا لَقَساوة القلب الغافل! إنه لَقلبٌ ميِّت!

  8. ما تَلَذَّذَ المتلَذِّذون بِمِثْلِ ذكرِ الله - عزَّ وجلَّ - فليس شيءٌ من الأعمال أخفَّ مُؤنةً منه، ولا أعظمَ لذَّةً ولا أكثرَ فرحةً وابتهاجًا للقلب[4].

  9. قلوب الذاكرين تَأنَس وتطمئنُّ بالله، وبمعرفته، وبحكمتِه، ورحمتِه، لا تخشى ما يصيبها من ضُرٍّ أو شَرٍّ لا تُدرك حكمته؛ بل هي مطمئنَّة بذكر الله، وبحمايته، فتصبر على البلاء؛ بل ترضى بما يُصيبها، وتدرك أنه الخير

     أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ

  10. إذا كان ذكرُ الله كالروح، فهو مِثْلُها يَسْرِي في القلب كما تَسري الروح في الَبَدن، فيستشعر الطمأنينةَ والصِّلة بالله، فيَنعَم، ويُسَرُّ بها، ويَنْدَى بها، ويَهَشُّ لها، فيطمئنُّ ويشعر أنه ليس مُفرَدًا دون أنيس في هذا الوجود.

  11. ليس هناك أسعدُ من الذاكرين اللهَ كثيرًا والذاكرات، وليس هناك أشقى في هذا الوجود ممن غَفَل عن ذكر الله فقَسَا قلبه، وحُرم طمأنينة الأُنس إلى الله.

  12. احرص على أن يكون قلبك حيًّا، وبيتُك عامرًا بالحياة، وما ذلك إلا بذكر الله، والأُنس إليه، والصلة به، والاطمئنان إليه.

  13. علامة حبِّ اللّه كَثْرةُ ذِكره؛ فإنّك لن تحبَّ شيئًا إلّا أكثرتَ ذكره[5].

  14. المحبُّ للّه لا يَغفُل عن ذكر اللّه طرفةَ عَين[6].

  15. من اشتغل قلبه ولسانه بالذّكر، قذف اللّه في قلبه نور الاشتياق إليه[7].

  16. كان يُقال: من علامة المحبِّ للّه دوام الذّكر بالقلب واللّسان، وقلَّما ولع المرء بذكر اللّه عزّ وجلّ إلّا أفاد منه حبَّ اللّه[8].

  17. إذا سَئم البطَّالون من بِطالتهم، فلن يسأم محبُّوك من مناجاتك وذكرك يا ألله[9].

  18. وليُّ اللّه المحبُّ للّه لا يخلو قلبه من ذكر ربِّه، ولا يسأم من خدمته[10].

  19. قال عمر: من كَثُر كلامه، كَثُر سَقْطه، ومن كثر سقطه، كثرت ذنوبُه، ومن كَثُرت ذنوبه، كانت النّار أولى به[11].

  20. قال مجاهد: ما جلس قوم مجلسًا، فتفرَّقوا قبل أن يذكروا اللّه، إلّا تفرَّقوا عن أنتن من ريح الجيفة، وكان مجلسهم يشهد عليهم بغفلتهم، وما جلس قوم مجلسًا، فذكروا اللّه قبل أن يتفرَّقوا، إلّا أن يتفرَّقوا عن أطيب من ريح المسك، وكان مجلسهم يشهد لهم بذكرهم[12].

  21. قال بعض السَّلَف: يُعرَض على ابن آدمَ يومَ القيامة ساعات عمره، فكلُّ ساعة لم يَذكُر اللّه فيها تتقطَّع نفسه عليها حسرات[13].

  22. قال محمّد بن عجلانَ: إنّما الكلام أربعة: أن تذكر اللّه، وتقرأ القرآن، وتُسأل عن علم فتُخبِر به، أو تكلّم فيما يعنيك من أمر دنياك[14].

  23. قال رجل لسلمانَ: أوصني، قال: لا تكلَّم، قال: ما يستطيع من عاش في النّاس أن لا يتكلَّم، قال: فإن تكلَّمت، فتكلَّم بحقٍّ أو اسكت[15].

  24. كان أبو بكر الصّدّيق رضي اللّه عنه يأخذ بلسانه ويقول: هذا أوردني الموارد[16].

  25. قال ابن مسعود: واللّه الّذي لا إله إلّا هو، ما على الأرض أحقُّ بطول سجن من اللّسان[17].

  26. قال وهب بن منبِّه: أجمعت الحكماء على أنّ رأس الحكم الصّمت[18].

  27. قال شُميط بن عجلان: يا بنَ آدمَ، إنّك ما سكتَّ، فأنت سالم، فإذا تكلَّمت، فخذ حذرك، إمّا لك وإمّا عليك[19].

  28. ينهى الإسلام عن أكل أموال الناس بالباطل

    قال تعالى:

     {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ ۚ}

    [النساء: 29].

  29. إذا أردتَ الدُّعَاءَ مؤمِّلاً من الله الإجابة، فعليك الاعتناءَ بالرزق الحلال الطيِّب، والبُعد عن الحرام والشُّبهات، قبل أن ترفع يديَكَ متضرِّعًا إلى السماء.

  30. لَكَ الحَمدُ والنَّعْمَاءُ والْمُلكُ رَبَّنا = ولا شَيءَ أعلَى مِنكَ مَجدًا وأمجَدُ

مَلِيكٌ على عَرشِ السَّماءِ مُهيمِنٌ = لِعِزَّتِهِ تَعنُو الوُجُوهُ وَتَسجُدُ

فَسُبحانَ مَنْ لا يَقدُرُ الخلْقُ قَدرَهُ = وَمَنْ هُوَ فَوقِ العَرشِ فَردٌ مُوحَّدُ

ومَنْ لَم تُنَازِعْهُ الخَلائِقُ مُلكَهُ = وَإِن لَم تُفَرِّدهُ العِبَادُ فَمُفرَدُ

مَليكُ السَّمَاوَاتِ الشِّدَادِ وأرضِها = وَلَيسَ بِشَيءٍ عَنْ قَضَاهُ تَأوُّدُ

هُوَ اللهُ بَاري الخلقِ، وَالخَلقُ كُلُّهُم = إِماءٌ لهُ طَوعًا جَمِيعًا وأَعبُدُ

31. تبارَكَ ذُو الجلالِ وذو الْمِحَالِ = عَزيزُ الشَّأْنِ مَحْمُودُ الفِعَالِ

سُروري بالسُّؤالِ لكي أراهُ = فكيف أُسَرُّ منه بالنوَالِ؟!

فيا ذَا العِزِّ، يا ذا الجُودِ، جُدْ لِي = وغيِّرْ مَا تَرَى من سُوءِ حالِي

32. وَأَسْلمتُ وَجهِي لمَنْ أسلمتْ = لهُ الْمُزنُ تَحْمِل عَذْبًا زُلَالا

إذا هِيَ سِيقَتْ إلى بَلدةٍ = أطَاعَتْ فَصَبَّتْ عليها سِجالا

33. كَيْفَ يَنْسَى الْمُحِبُّ ذِكْرَ حَبِيبٍ = اسْمُهُ فِي فُؤَادِهِ مَكْتُوبُ

34. لَا لِأَنِّي أَنْسَاكَ أُكْثِرُ ذِكْرَا = كَ وَلَكِنْ بِذَاكَ يَجْرِي لِسَانِي

35. فَنِسْيَانُ ذِكْرِ اللهِ مَوْتُ قُلُوبِهِمْ = وَأَجْسَامُهُمْ قَبْلَ الْقُبُورِ قُبُورُ

وَأَرْوَاحُهُمْ فِي وَحْشَةٍ مِنْ جُسُومِهِمْ = وَلَيْسَ لَهُمْ حَتَّى النُّشُورِ نُشُورُ

36. فذِكرُ إلَهِ العرشِ سرًّا ومُعْلِنًا = يُزِيلُ الشَّقَا والهَمَّ عَنْكَ ويَطْرُدُ

ويَجْلِبُ للخَيراتِ دنيا وآجِلًا = وإنْ يأتِكَ الوَسواسُ يومًا يُشَرَّدُ

37. عَلَيْكَ بذِكْرِ اللهِ يا طالبَ الأَجْرِ = وَيا راغِبًا في الخَيْرِ والفَضْلِ والبِرِّ

عليكَ بِهِ تُعطى الرغائبَ كلَّها = وتُكفى به كلَّ الْمُهِمَّات والضُّرِّ

فمَنْ يَذْكُرِ الرحمنَ فهْوَ جَلِيسُهُ = ومَنْ يَذْكُرِ اللهَ يُكافِئْهُ بالذِّكْرِ

ومَنْ يَعْشُ عن ذِكْرِ الإلهِ فإنه = قَرِينٌ له الشَّيْطَانُ في داخِلِ الصَّدْرِ

ومَن يَنْسَ مَوْلاهُ الكَرِيمَ فَرَبُّهُ = له ناسيًا، أَعْظِمْ بذلك من خُسْرِ!

له استحوَذَ الشَّيْطَانُ نسَّاهُ ذِكْرَ مَنْ = تفضَّلَ بالإيجادِ في أوَّلِ الأمرِ

38. وكن رزينًا طويلَ الصَّمْتِ ذا فِكَرٍ = فإنْ نطقتَ فلا تُكْثِرْ من الخُطَبِ

ولا تُجِبْ سائلًا من غير تَرْوِيَةٍ = وبالذي عنه لم تُسَأَلْ فلا تُجِبِ

39. عوِّد لسانَكَ قَوْلَ الخَيْرِ تَحْظَ بهِ = إنَّ اللسانَ لِمَا عوَّدْتَ مُعْتادُ

مُوَكَّلٌ بتقاضي ما سَنَنْتَ لَهُ = فاخْتَرْ لنفسِكَ وانظر كيفَ ترتادُ

40. صَمُوتٌ إذا ما الصَّمْتُ زيَّن أهلَه = وفتَّاقُ أبكارِ الكلامِ الْمُخَتَّمِ

وَعَى ما وَعَى القرآنُ من كلِّ حِكْمةٍ = ونِيطَت لها الآداب باللَّحم والدَّم

41. لسانُ الفتى نصفٌ ونصفٌ فؤادُه = فلم يبقَ إلَّا صورةُ اللَّحمِ والدَّمِ

42. رَأَيْتُ حَلالَ الْمَالِ خَيْرَ مَغَبَّةٍ = وَأجْدَرَ أَنْ يَبْقَى عَلَى الْحَدَثَانِ

43. وَإِنِّي لأَسْتَغْنِي فما أَبْطُرُ الغِنَى = وَمَا الْمَالُ إلا عَارَةٌ وَوَدَائِعُ

44. لا تَجْعَلَنَّ الْمَالَ كَسْبَكَ مُفْردًا = وَتُقَى إِلهِكَ فَاجْعَلَنْ مَا تَكْسِبُ

كَفَلَ الإِلَهُ بِرِزْقِ كُلِّ بَرِيَّةٍ = وَالْمَالُ عَارِيَةٌ تَجِيءُ وَتَذْهَبُ

وَالرِّزْقُ أَسْرَعُ مِن تَلَفُّتِ نَاظِرٍ = سَبَبًا إِلى الإِنْسَانِ حِيْنَ يُسبَّبُ

45.وَإِيَّاكَ وَالْمَالَ الْحَرَامَ فَإِنَّهُ = وَبَالٌ إِذَا مَا قُدِّمَ الْكَفَنَانِ

المراجع

  1. "شرح رياض الصالحين" لابن عثيمين (5/ 517).
  2. "جامع العلوم والحكم" لابن رجب (2/ 520).
  3. "جامع العلوم والحكم" لابن رجب (2/ 521).
  4. "الوابل الصيب من الكلم الطيب" لابن القيم (ص 81).
  5. "جامع العلوم والحكم" لابن رجب (2/ 516).
  6. "جامع العلوم والحكم" لابن رجب (2/ 516).
  7. "جامع العلوم والحكم" لابن رجب (2/ 516).
  8. "جامع العلوم والحكم" لابن رجب (2/ 516).
  9. "جامع العلوم والحكم" لابن رجب (2/ 516).
  10. "جامع العلوم والحكم" لابن رجب (2/ 516).
  11. "جامع العلوم والحكم" لابن رجب (1/ 339).
  12. جامع العلوم والحكم" لابن رجب (1/ 338).
  13. جامع العلوم والحكم" لابن رجب (1/ 338).
  14. "جامع العلوم والحكم" لابن رجب (1/ 340).
  15. "جامع العلوم والحكم" لابن رجب (1/ 340).
  16. "جامع العلوم والحكم" لابن رجب (1/ 340).
  17. "جامع العلوم والحكم" لابن رجب (1/ 340).
  18. "جامع العلوم والحكم" لابن رجب (1/ 340).
  19. "جامع العلوم والحكم" لابن رجب (1/ 340).


رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ

  1.  إنه دعاء المؤمن المستسلم الطائع الذي يحرص على الطاعة، ولا يريد نكولاً عن تكليف الله مهما كان؛ ولكن المؤمنين فقط يتوجَّهون إلى ربهم راجين متطلِّعين أن يرحم ضعفهم فلا يكلِّفهم ما لا يُطيقون؛ كي لا يعجِزوا عنه، ويقصِّروا فيه.

  2. رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ

     إنها الطاعة المطلَقة والتسليم، وطلب ما هو من شأن الله في معاملته لعباده من كرم وبِرٍّ وودٍّ وتيسير، والاعتراف بالضعف، والتوجُّس من التقصير، الذي لا يمحو آثاره إلا فضل الله العفوِّ الغفور.

  3. احذر الِاسْتِرْسَالَ مع خواطر النفس في باطلِ أحاديثها، فذلك يُصَيِّرُ العبدَ عازِمًا على الْفِعْلِ، فَيُخَافُ منه الوقوعُ فيما يَحْرُمُ، فهو الذي ينبغي أن يُسَارِعَ بِقَطْعِهِ إذا خَطَرَ[1].

  4. إلهي أنتَ للإحسانِ أهلٌ = ومنك الجودُ والفضلُ الجزيلُ

  5. ذُنوبيَ إنْ فَكَّرتُ فيها كثيرةٌ = ورحمةُ ربِّي مِنْ ذُنوبيَ أَوْسَعُ

فما طمَعي في صالحٍ قد عَمِلْتُهُ = ولكنَّني في رحمةِ اللهِ أطْمَعُ

6. يا من يرَى ما في الضَّميرِ ويسمعُ = أنتَ الْمُعَدُّ لكلِّ ما يُتوقَّعُ

يا مَن يُرجَّى للشدائدِ كلِّها = يا مَنْ إليه الْمُشتَكَى والْمَفْزَعُ

يا مَن خزائنُ مُلكِهِ في قولِ كُنْ = امنُنْ فإنَّ الخيرَ عندَكَ أجمعُ

ما لي سِوَى فَقْرِي إليكَ وسيلةٌ = فبالافتِقَارِ إليكَ فَقْرِي أَدْفَعُ

ما لي سِوَى قَرْعِي لبابِك حيلةٌ = فلئِن رُدِدْتُ فأيَّ بابٍ أقرعُ؟!

ومن الذي أدُعو وأَهْتِفُ باسمِهِ = إن كانَ فضلُكَ عن فقيرٍ يُمنعُ؟!

حاشَا لمجدِك أن تُقنِّط عاصيًا = فالفَضْلُ أجزلُ والمواهبُ أوسعُ

7. ولما قَسَا قَلْبِي وضاقتْ مذَاهِبي = جَعَلْتُ الرَّجا مِني لِعَفْوِكَ سُلَّمَا

تعاظَمَنِي ذَنْبِي فلمَّا قَرَنْتُهُ = بعَفْوِكَ ربِّي كَانَ عفوُكَ أعظَمَا

فما زلتَ ذا عفوٍ عَنِ الذنبِ لم تَزَلْ = تجُودُ وتعفُو مِنَّةً وتكرُّمَا

8. أيا مَنْ لَيسَ لي مِنْهُ مُجِيرُ = بِعَفْوِكَ مِنْ عَذَابِكَ أَستَجِيرُ

أنا العَبدُ الْمُقِرُّ بِكُلِّ ذَنبٍ = وأنتَ السَّيِّدُ المولَى الغَفُورُ

فَإِنْ عَذَّبْتَنِي فَبِسُوءِ فِعلِي = وإِنْ تَغْفِرْ فَأنتَ بِهِ جَدِيرُ

أَفرُّ إليكَ مِنْكَ وأَيْنَ إِلَّا = يَفرُّ إِليكَ مِنْكَ الْمُستَجِيرُ

9. رَبٌّ يُرَبِّي العَالَمينَ بِبِرِّهِ = ونَوَالُهُ أبَدًا إِليهم وَاصِلُ

تَعصِيهِ وهْوَ يسُوقُ نَحوَكَ دَائِمًا = مَا لا تَكُونُ لبَعضِهِ تَستَأهِلُ

مُتَفَضِّلٌ أبَدًا وأنتَ لِجُودِهِ = بِقَبَائِحِ العِصيَانِ مِنكَ تُقَابِلُ

المراجع

  1. "سبل السلام" للصنعانيِّ (2/ 258، 259).



  1. إن الدعوة إلى الله تعالى شرف وواجب، فبها تنتشر الفضائل والمكارم، وتنمحي الرذائل، وتعلو كلمة الله، ويهتدي الحيارى، ويَعِزُّ الإسلام والمسلمون.

  2. للإنسان سيئاتٌ جاريةٌ كما له حسناتٌ جاريةٌ؛ فكما يموت الإنسانُ وصحيفةُ حسناته لَمَّا تُقْفَلْ بعدُ، فكذا قد تكون له سيئاتٌ جاريةٌ تُسطَّر في ديوانه بعد موته، فاحرص أن تكون حسناتُكَ جاريةً، وسيِّئاتُك منقطِعةً بعد مَوتك.

  3. قال تعالى:

    {وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ}

    [فصلت : 33]

    أي : لا أحد أحسنُ قولاً ممن دعا إلى الله مع العمل الصالح الذي يُصدِّق قوله، ومع استسلامه لله تعالى منكِرًا ذاته، فتصبح دعوته خالصةً لله تعالى، ليس له فيها إلا التبليغ.

  4. على المسلم أن يدعوَ إلى الله تعالى بما وهبه الله من مواهبَ، لا يُشترط أن يكون خطيبًا مفوَّهًا؛ بل إن وسائل الدعوة كثيرة، خاصَّة في العصر الحديث، وما استُحدث فيه من وسائلَ هائلةٍ.

  5. أمر النبيُّ ﷺ بتبليغ ولو آيةً واحدة؛ حتى يسارع كل مسلم إلى تبليغ ما بَلَغه من الشرع مهما قلَّ، وحتمًا سيصل كل ما جاء به ﷺ إذا فعل كل مسلم ذلك.

  6. على كل مسلم أن يستشعر المسؤولية العظمى تُجاه دينه وأمَّته، ودوره في مواجهة التحدِّيات التي تواجهها، والسعي للنهوض بأمَّته، ورفع الجهل عنها، ومعالجة عللها وأدوائها، خاصَّةً الدعاةَ إلى الله، الذين التزموا بدينه وشرائعه، أهل الخير والدعوة إليه، الذين يغترفون من مَعين الحقِّ؛ فهؤلاء هم أجدر الناس للقيام بذلك بعزيمة وقوَّة. 

  7. يجب على العلماء والدعاة القائمين على أمر الدعوة، أصحاب الخبرة والبذل والعطاء، الذين وهبوا حياتهم للدعوة إلى الله، أن يوجِّهوا الناس إلى القيام بواجبهم تجاه الدعوة إلى الله، ودعوتهم للانخراط في مجالات العمل الدعويِّ المختلفة، ويحفِّزوهم ويحضُّوهم على ذلك، ويوجِّهوا كلًّا منهم إلى ما يُحسنه، مستغلِّين المواهب والإمكانياتِ المختلفة لديهم، فيفتحوا لهم آفاق الدعوة التي يمكِنهم العمل من خلالها.

  8. إن الدعوة إلى الله تعالى هي أشرفُ الأعمال وأعظمها، وهي مَهمَّة الأنبياء والرسل - عليهم السلام - ومن أكبر النعم على المرء أن يحظى بشرف الدعوة إلى الله تعالى، ويكفيه شرفًا أنه يبلِّغ ما جاء به المصطفى ﷺ.

  9. إن الدالَّ على الخير كفاعلِه، والدالَّ على الشرِّ كفاعله، ومَن فتَح بابَ خيرٍ كان له أجرٌ مِثلُ أجْرِ مَن عمِل به، ومَن فتح باب شرٍّ كان عليه من الوِزر مِثلُ وِزرِ مَن عمِل به؛ لأنه سببٌ ووسيلة في الخير أو الشرِّ[1].

  10. السَّعيد مَن كان إمامًا في الخير، وقائدًا إليه، والشقيُّ مَن كان عونًا على الشرِّ، وطريقًا إليه.

  11. إن الاعتصامَ بالكتاب والسُّنة طريقُ الفلاح والنجاح في الدنيا والآخرة.

  12. ما أشرفَ قولَ رِبْعِيِّ بْنِ عَامِرٍ لكلِّ داعية: "اللّهُ ابتَعَثنا لنُخرج من شاء من عبادة العباد إلى عبادة اللّه، ومن ضِيق الدّنيا إلى سَعَتها، ومن جَور الأديان إلى عدل الإسلام، فأرسلنا بدينه إلى خلقه لندعوَهم إليه"[2].

  13. تَحْيَا الخلائِقُ وَالْغَوِيُّ يَشُدُّها = نحوَ الضَّلالِ لحَمْأَةٍ وفَسَادِ

يَسْعى بهم أهلُ الدَّهَاءِ بمَكْرِهم = ليجنِّبوهم منهجَ الإرشاد

لا يَفْتُرُونَ عَنِ الوسائلِ للهوى = مهما رَأَوْا مِن شِدَّةٍ وعِنادِ

حَمَلوا النفوس على الغَوايَة والأذى = وتَعَمَّقُوا في الزَّيْغِ والإفساد

المراجع

  1. "فتح المنعم شرح صحيح مسلم" لموسى شاهين لاشين (10/ 214).
  2. "البداية والنهاية" لابن كثير (7/ 39).



  1. لا ضَرَرَ ولا ضِرارَ؛ فإذا كانت حريةُ قومٍ مُضِرَّةً لآخرين، لم يجزْ لهم ذلك.

  2. تنتهي حرِّيتُك عندما تبدأ حرية الآخرين.

  3. لا يجوز لأحد الادِّعاء بحريته في الإضرار بالآخرين.

  4. إن ترك صاحب المنكر بلا إنكار قد يكون سببًا في هلاك المجتمع.

  5. إن أصحاب المنكرات يُظهرون منكرهم في قالَب خير للمجتمع؛ كما حكى الله تعالى عن المنافقين؛

    قال تعالى: 

    {وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ ْ}

    [البقرة: ١١].

  6. من الرحمة بالمسلم العاصي وبالمجتمع المسلم نُصحه والأخذ على يديه.

  7. دلَّ الحديثُ على أهمية الحفاظ على أوامر الله، واجتناب نواهيه، ودعوة الناس إلى ذلك.

  8. المؤمنُ الحقُّ لا يَكتفي بإصلاح نفْسه فحسبُ؛ بل يَحمل همَّ المجتمع من حوله، ويعمل على بيان الأخطار التي تهدِّدهم في دينهم ودنياهم.

  9. تَرْك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر سبب في حلول الدمار، ووقوع الهلاك على المجتمع بأسره؛

    كما قال الله عز وجل

    {وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَّا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنكُمْ خَاصَّةً ۖ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ}

    [الأنفال: 25].

  10. الصبر على الناس وتحمُّل الأذى منهم، سبيلٌ لنجاة المجتمع بأسره.

  11. الأمرُ بالمعروف، والنهيُ عن المنكر من أجلِّ العبادات؛ فبه يقوم أمرُ المسلمين، وينصلح حالُهم، وبدونه تَنهدم عُرى الإسلام، ويتلاشى الإيمانُ من قلوب المسلمين وأفعالهم، ومن ثَمَّ ينزل الهلاكُ بالجميع.

  12. يبيِّن الرسول ﷺ حدود الحرية؛ فالأمر لا يخلو حينئذ من إحدى نتيجتين: إما أن يقوم أهل العُلْوِ بواجبهم في منع هذه الكارثة فينجو الجميع، وإما أن يتركوهم وشأنَهم بدعوى أن هذا نصيبهم يفعلون فيه ما يشاؤون، وحينئذ تكون النتيجة الحتمية هي هلاكَ الجميع.

  13. يبيِّن ﷺ حال الناس في المجتمع؛ فإنه لا يخلو مجتمع من بعض صور المنكر والفساد التي يُقدِم عليها ضعاف الإيمان، وقد يلتمس بعضهم لنفسه مبرِّرًا فيما يفعل؛ كأن يقول: هذه حرية شخصية، وأنا حرٌّ أصنع في ملكي ما أشاء، فإن قام أهل الرشد بواجبهم في إنكار هذه المنكرات والأخذ على أيدي الظالمين، صلح المجتمع، ونجا الجميع من غضب الله عزَّ وجلَّ، وأما إن تقاعسوا عن هذا الواجب، فإن العقوبة الإلهية تعمُّ الجميع.

  14. هو الأمر بالمعروف يُرشدُ لاهيًا = ويُنقذه من طبعهِ المتقلِّبِ

هو الأمر بالمعروف يَصْرِفُ منكَرًا = ويكشف دعوى كلِّ ذئب وثعلبِ


  1. بابُ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بابٌ عظيم، به قِوامُ الأمر ومِلاكه، وإذا كثُر الخبثُ عمَّ العقابُ الصالحَ والطالحَ، وإذا لم يأخُذوا على يدِ الظالم أوشَكَ أن يعمَّهم اللهُ تعالى بعقابه، فينبغي لطالب الآخرة والساعي في تحصيل رِضا الله عز وجل أن يعْتنيَ بهذا الباب؛ فإنَّ نفْعَه عظيمٌ[1].

  2. على المسلم الصادق أن يُبادر للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ولا يمنعه من ذلك هيبةُ مَن علَت به الرُّتب في الدنيا

    فإن اللهَ قال:

    ﴿وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ ۗ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ﴾

       [الحج: 40].

  3. مِن أعظم البلايا على المرء أن يتركَ الأمرَ بالمعروف والنهيَ عن المنكر من أجْل كسْبِ مَودَّةِ حبيب، أو لقرابة قريب، أو صَداقة صديق، أو مُداهنة ذي سلطان؛ فإن اللعنةَ نزَلت على بني إسرائيل لَمَّا منَعهم مثلُ ذلك من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكَر فيما بينَهم

قال تعالى:

﴿ لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَىٰ لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ۚ ذَٰلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ (78) كَانُوا لَا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ ۚ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ ﴾

[المائدة: 78، 79].

  1. إن النهيَ عن المنكر ليس عقوبةً؛ إنما هو تذكير باللسان، أو تغيير وإزالة باليد، فإن لم يستطع فليُنكر بقلبه، ولا يجتمع مع المنكر، فإن لم يستطع إزالته، زال هو عن المنكر.

  2. لا ضَرَرَ ولا ضِرارَ؛ فإذا كانت حريةُ قومٍ مُضِرَّةً لآخرين، لم يجزْ لهم ذلك.

  3. تنتهي حرِّيتُك عندما تبدأ حرية الآخرين.

  4. لا يجوز لأحد الادِّعاء بحريته في الإضرار بالآخرين.

  5. إن ترك صاحب المنكر بلا إنكار قد يكون سببًا في هلاك المجتمع.

  6. إن أصحاب المنكرات يُظهرون منكرهم في قالَب خير للمجتمع؛ كما حكى الله تعالى عن المنافقين

    قال تعالى:

    { وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ }

    [البقرة: ١١].

  7. من الرحمة بالمسلم العاصي وبالمجتمع المسلم نُصحه والأخذ على يديه.

  8. المؤمنُ الحقُّ لا يَكتفي بإصلاح نفْسه فحسبُ؛ بل يَحمل همَّ المجتمع من حوله، ويعمل على بيان الأخطار التي تهدِّدهم في دينهم ودنياهم.

  9. تَرْك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر سبب في حلول الدمار، ووقوع الهلاك على المجتمع بأسره

    كما قال الله :

    ﴿ وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً ۖ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ ﴾

    [الأنفال: 25].

  10. الصبر على الناس وتحمُّل الأذى منهم، سبيلٌ لنجاة المجتمع بأسره.

  11. الأمرُ بالمعروف، والنهيُ عن المنكر من أجلِّ العبادات؛ فبه يقوم أمرُ المسلمين، وينصلح حالُهم، وبدونه تَنهدم عُرى الإسلام، ويتلاشى الإيمانُ من قلوب المسلمين وأفعالهم، ومن ثَمَّ ينزل الهلاكُ بالجميع.

  12. يبيِّن الرسول ﷺ حدود الحرية؛ فالأمر لا يخلو حينئذ من إحدى نتيجتين: إما أن يقوم أهل العُلْوِ بواجبهم في منع هذه الكارثة فينجو الجميع، وإما أن يتركوهم وشأنَهم بدعوى أن هذا نصيبهم يفعلون فيه ما يشاؤون، وحينئذ تكون النتيجة الحتمية هي هلاكَ الجميع.

  13. يبيِّن ﷺ حال الناس في المجتمع؛ فإنه لا يخلو مجتمع من بعض صور المنكر والفساد التي يُقدِم عليها ضعاف الإيمان، وقد يلتمس بعضهم لنفسه مبرِّرًا فيما يفعل؛ كأن يقول: هذه حرية شخصية، وأنا حرٌّ أصنع في ملكي ما أشاء، فإن قام أهل الرشد بواجبهم في إنكار هذه المنكرات والأخذ على أيدي الظالمين، صلح المجتمع، ونجا الجميع من غضب الله عزَّ وجلَّ، وأما إن تقاعسوا عن هذا الواجب، فإن العقوبة الإلهية تعمُّ الجميع.

  14. وتسري إلى الآفاقِ منها نسائمٌ = تقرِّب أربابَ الصلاحِ وتجتبي

على الأمر بالمعروفِ شادتْ حُصُونَها = حصونًا على أسوارها الغَيْمُ يَحْتَبي

المراجع

  1. "المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج" للنَّووي (2/ 24).

  1. في هذا الحديث إخبار منه ﷺ أن الأمة الإسلامية باقية ببقاء السموات والأرض، ولن تُعْدَمَ من وجود طائفة من المسلمين ثابتة على الحقِّ ظاهرة.

  2. كرَّم اللهُ هذه الأُمةَ بأن جعَل الحقَّ فيها قائمًا وظاهرًا إلى قيام الساعة، وأن الحقَّ لا يَزال فيها باقيًا ببقاء الصادقين الحامِلين له، المدافِعين عنه، والداعين إليه إلى أن يشاءَ اللهُ تعالى.

  3. في الحديث إشارة إلى فضل الثبات على الدِّين، والتمسُّك بالحقِّ، دونَ الالتفات إلى خلاف المخالفين.

  4. على العاقل الفَطِن أن يلزمَ الصادقين الصالحين في كلِّ زمان ومكان، وأن يَسير على طريقتهم، ويكون لهم عونًا وسنَدًا.

  5. الحمدُ لله إذ منَّ على هذه الأمَّة بأنها مهما اختلفت وتخاذلت، فلا يزال طائفةٌ منها ظاهرين على الحقِّ لا يضرُّهم مَنْ خالفهم حتى يأتيَ أمر الله.

  1. ينبغي للمؤمن أن يتحرَّى الصِّدق في حديثه كلِّه، وأن يتحرَّى الاستقامة في أعماله كلِّها؛ فإنه كلَّما استقام في دينه، نالته بُشرى الدنيا ومبشِّرات النبوَّة، وكانت الرؤيا أقربَ إلى الصِّدق؛ فعلى حَسَبِ صِدقه في يَقَظته واستقامتِه في يقظته، وصلاحه، تكون رؤياه.

  2. لا ينبغي للإنسان أن يعتمد على الرؤيا؛ بل عليه أن يَجتهِد في العمل الصالح والاستقامة، فتَسُرُّه الرؤيا الصالحة؛ ولكن لا تُضعِفه عن عمل، ولا تُوكِله عن العمل؛ بل عليه أن يظلَّ مُجِدًّا في العمل الصالح.


  1. إن كثرة الذنوب تحجُب نورَ الطاعة عن القلب.

  2. إن الرجُل إذا تَبِعَ هواه، وارتكب المعاصيَ، دَخَل قلبَه بكلِّ معصية يتعاطاها ظُلمةٌ، وإذا صار كذلك افتُتِن وزال عنه نورُ الإسلام، والقلبُ مثلُ الكوز، فإذا انكبَّ انصبَّ ما فيه، ولم يَدخُله شيءٌ بعد ذلك[1].

  3. إن القلب إذا افتُتن وخرجت منه حُرمة المعاصي والمنكرات، خرج منه نور الإيمان كما يَخرُج الماء من الكوز إذا مال وانتكس.

  4. على المؤمن ألَّا يستسلم لمهلِكات الذنوب؛ بل يُسارع في التوبة ليمحوَ آثارَ سواد المعصية قبل أن يستفحِلَ أمرُها.

  5. القلب الأبيض قد أشرق فيه نور الإيمان، وأَزهَر فيه مصباحه، فإذا عُرِضت عليه الفتنة أَنكَرها وردَّها، فازداد نوره وإشراقه وقوَّته[2].

  6. القلوبُ أربعة: قلب أَجْرَدُ، فيه سِراج يُزهِر، فذلك قلب المؤمن، وقلب أَغلَفُ، فذلك قلب الكافر، وقلب منكوسٌ، فذلك قلب المنافق، عَرَف ثمّ أَنكَر، وأَبصَر ثمّ عَمِيَ، وقلب تَمُدُّه مادَّتان: مادَّة إيمان، ومادَّة نفاق، وهو لِما غَلَب عليه منهما[3].

  7. المعاصي والذنوب تُعمي بصائرَ القلوب، فلا يُدرَك الحقُّ كما ينبغي، وتضعُف قوَّتُه وعزيمتُه، فلا يصبر عليه؛ بل قد يتوارد على القلب حتى ينعكس إدراكه كما ينعكس سيره، فيدرك الباطلَ حقًّا، والحقَّ باطلًا، والمعروفَ منكرًا، والمنكر معروفًا، فينتكس في سيره[4]..

  8. وَيَبِيتُ قَلْبِي خَافِقًا يَتَضَرَّعُ = بَيْنَ الرَّجَاءِ وَخَوْفِ رَبِّي مَدْمَعُ

قَلْبٌ تَوَشَّحَ بِالسَّوَادِ حَيَاتَهُ = يَا لَلذُّنُوبِ سَوَادُهَا لا يُدْفَعُ!

عَاشَ الْحَيَاةَ تَغُرُّه بِغُرُورِهَا = فِي زَيْفِهَا وَخِدَاعِهَا كَمْ يَطْمَعُ!

فَيَلُوحُ فِي ظَمَأِ النُّفُوسِ خِدَاعُهَا = فَتَهُبُّ لِلزَّيْفِ الغَرُورِ وَتُهْرَعُ

وَتَظُنُّ فِي الدُّنْيَا سَخَاءً غَامِرًا = فَإِذَا سَرَابٌ سَاخِرٌ يَتَرَبَّعُ

وَالْيَوْمَ فِي الْغُفْرَانِ صَارَ مُؤَمِّلاً = خَبَرَ الْحَيَاةَ، بِزَيْفِهَا لا يُخْدَعُ

9.   وَلَمَّا قسا قلبي وضاقت مذاهبي = جعلتُ الرجا مني لعَفْوِكَ سُلَّمَا

تَعَاظَمَني ذنبي فلمَّا قرنتُه = بعفوِكَ ربِّي كان عفوُكَ أعظَمَا

فما زلتَ ذا عفوٍ عن الذنبِ لم تَزَلْ = تَجُودُ وتعفو مِنَّةً وتكرُّمَا

10.   رَأَيْتُ الذُّنوبَ تُمِيتُ القلوبَ = وقد يُورِثُ الذُّلَّ إِدْمَانُها

وَتَرْكُ الذُّنوبِ حَيَاةُ القلوبِ = وخيرٌ لنفسِكَ عِصْيَانُها

11.  عَجَبًا لِهَذَا القَلْبِ مَا أَقْسَاهُ! = لا تَعْجَبُوا فَالرَّانُ قَدْ غَطَّاهُ

قَلْبٌ يُشَبَّهُ فِي القَسَاوَةِ بِالحَصَى = وَبِذِكْرِ مَوْتٍ يَسْتَرِدُّ شِفَاهُ

لِلقَبْرِ قَدْ أُمِرَ الفَتَى بِزِيَارَةٍ = كَيْمَا تَجُولَ بِفِكْرِهِ أُخْرَاهُ

لَكِنَّنَا فِي غَفْلَةٍ مِنْ أَمْرِنَا = لَمْ نَتَّعِظْ وَالذَّنْبُ قَارَفْنَاهُ

المراجع

  1.  انظر: "شرح النوويِّ على مسلم" (2/173).
  2.  "إغاثة اللهفان من مصايد الشيطان" لابن القيم (1/ 12)
  3.  "إغاثة اللهفان من مصايد الشيطان" لابن القيم (1/ 12)
  4.  "الجواب الكافي" لابن القيم (93-94)