عَنْ وَرَّادٍ، كَاتِبِ المُغِيرَةِ، قَالَ: كَتَبَ مُعَاوِيَةُ إِلَى المُغِيرَةِ رضي الله عنهما: اكْتُبْ إِلَيَّ مَا سَمِعْتَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، فَكَتَبَ إِلَيْهِ: إِنَّ نَبِيَّ اللَّهِ ﷺ كَانَ يَقُولُ فِي دُبُرِ كُلِّ صَلاةٍ: «لا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ المُلْكُ، وَلَهُ الحَمْدُ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، اللَّهُمَّ لا مَانِعَ لِمَا أَعْطَيْتَ، وَلا مُعْطِيَ لِمَا مَنَعْتَ، وَلا يَنْفَعُ ذَا الجَدِّ مِنْكَ الجَدُّ» وَكَتَبَ إِلَيْهِ: إِنَّه: «كَانَ يَنْهَى عَنْ قِيلَ وَقَالَ، وَكَثْرَةِ السُّؤَالِ، وَإِضَاعَةِ المَالِ، وَكَانَ يَنْهَى عَنْ عُقُوقِ الأُمَّهَاتِ، وَوَأْدِ البَنَاتِ، وَمَنْعٍ وَهَاتِ».

هدايات الحديث


  1. بذكر الله تحيا القلوب.

  2. الذي يَذكُر الله تعالى قد أحيا الله قلبَه بذكره، وشَرَح له صدره، فكان كالحيِّ، وأما الذي لا يَذكُر الله فإنه لا يطمئنُّ قلبه، ولا يَنشرِح صدره، فهو كمَثَل الميِّت.

  3. كلَّما غَفَل الإنسان عن ذِكر اللهِ - عزَّ وجلَّ - فإنه يقسو قلبه، وربما يموت قلبه[1].

  4. الذِّكْرُ لَذَّةُ قلوب العارفين

    قال اللَّه - عزَّ وجلَّ -:

    { الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ ۗ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ}

    [الرعد: 28].

  5. قلوب الْمُحِبِّين لا تطْمَئِنُّ إِلَّا بذِكره، وأرواح المشتاقين لا تَسْكُن إِلَّا برؤيته[2].

  6. قال ذو النُّون: "ما طابت الدنيا إِلَّا بذِكره، ولا طابت الآخرة إِلَّا بعَفْوه، ولا طابت الْجَنَّة إِلَّا برُؤيته"[3].

  7. الروح في البَدَن حياةٌ، وغِيابُها موت، وكذلك الذِّكر، إنه روح تُحيي ما تَحُلُّ به وتَسري فيه، جمادًا كان أو إنسانًا، وإذا غابت عن شيء فهو الموت، ويا لَقَساوة القلب الغافل! إنه لَقلبٌ ميِّت!

  8. ما تَلَذَّذَ المتلَذِّذون بِمِثْلِ ذكرِ الله - عزَّ وجلَّ - فليس شيءٌ من الأعمال أخفَّ مُؤنةً منه، ولا أعظمَ لذَّةً ولا أكثرَ فرحةً وابتهاجًا للقلب[4].

  9. قلوب الذاكرين تَأنَس وتطمئنُّ بالله، وبمعرفته، وبحكمتِه، ورحمتِه، لا تخشى ما يصيبها من ضُرٍّ أو شَرٍّ لا تُدرك حكمته؛ بل هي مطمئنَّة بذكر الله، وبحمايته، فتصبر على البلاء؛ بل ترضى بما يُصيبها، وتدرك أنه الخير

     أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ

  10. إذا كان ذكرُ الله كالروح، فهو مِثْلُها يَسْرِي في القلب كما تَسري الروح في الَبَدن، فيستشعر الطمأنينةَ والصِّلة بالله، فيَنعَم، ويُسَرُّ بها، ويَنْدَى بها، ويَهَشُّ لها، فيطمئنُّ ويشعر أنه ليس مُفرَدًا دون أنيس في هذا الوجود.

  11. ليس هناك أسعدُ من الذاكرين اللهَ كثيرًا والذاكرات، وليس هناك أشقى في هذا الوجود ممن غَفَل عن ذكر الله فقَسَا قلبه، وحُرم طمأنينة الأُنس إلى الله.

  12. احرص على أن يكون قلبك حيًّا، وبيتُك عامرًا بالحياة، وما ذلك إلا بذكر الله، والأُنس إليه، والصلة به، والاطمئنان إليه.

  13. علامة حبِّ اللّه كَثْرةُ ذِكره؛ فإنّك لن تحبَّ شيئًا إلّا أكثرتَ ذكره[5].

  14. المحبُّ للّه لا يَغفُل عن ذكر اللّه طرفةَ عَين[6].

  15. من اشتغل قلبه ولسانه بالذّكر، قذف اللّه في قلبه نور الاشتياق إليه[7].

  16. كان يُقال: من علامة المحبِّ للّه دوام الذّكر بالقلب واللّسان، وقلَّما ولع المرء بذكر اللّه عزّ وجلّ إلّا أفاد منه حبَّ اللّه[8].

  17. إذا سَئم البطَّالون من بِطالتهم، فلن يسأم محبُّوك من مناجاتك وذكرك يا ألله[9].

  18. وليُّ اللّه المحبُّ للّه لا يخلو قلبه من ذكر ربِّه، ولا يسأم من خدمته[10].

  19. قال عمر: من كَثُر كلامه، كَثُر سَقْطه، ومن كثر سقطه، كثرت ذنوبُه، ومن كَثُرت ذنوبه، كانت النّار أولى به[11].

  20. قال مجاهد: ما جلس قوم مجلسًا، فتفرَّقوا قبل أن يذكروا اللّه، إلّا تفرَّقوا عن أنتن من ريح الجيفة، وكان مجلسهم يشهد عليهم بغفلتهم، وما جلس قوم مجلسًا، فذكروا اللّه قبل أن يتفرَّقوا، إلّا أن يتفرَّقوا عن أطيب من ريح المسك، وكان مجلسهم يشهد لهم بذكرهم[12].

  21. قال بعض السَّلَف: يُعرَض على ابن آدمَ يومَ القيامة ساعات عمره، فكلُّ ساعة لم يَذكُر اللّه فيها تتقطَّع نفسه عليها حسرات[13].

  22. قال محمّد بن عجلانَ: إنّما الكلام أربعة: أن تذكر اللّه، وتقرأ القرآن، وتُسأل عن علم فتُخبِر به، أو تكلّم فيما يعنيك من أمر دنياك[14].

  23. قال رجل لسلمانَ: أوصني، قال: لا تكلَّم، قال: ما يستطيع من عاش في النّاس أن لا يتكلَّم، قال: فإن تكلَّمت، فتكلَّم بحقٍّ أو اسكت[15].

  24. كان أبو بكر الصّدّيق رضي اللّه عنه يأخذ بلسانه ويقول: هذا أوردني الموارد[16].

  25. قال ابن مسعود: واللّه الّذي لا إله إلّا هو، ما على الأرض أحقُّ بطول سجن من اللّسان[17].

  26. قال وهب بن منبِّه: أجمعت الحكماء على أنّ رأس الحكم الصّمت[18].

  27. قال شُميط بن عجلان: يا بنَ آدمَ، إنّك ما سكتَّ، فأنت سالم، فإذا تكلَّمت، فخذ حذرك، إمّا لك وإمّا عليك[19].

  28. ينهى الإسلام عن أكل أموال الناس بالباطل

    قال تعالى:

     {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ ۚ}

    [النساء: 29].

  29. إذا أردتَ الدُّعَاءَ مؤمِّلاً من الله الإجابة، فعليك الاعتناءَ بالرزق الحلال الطيِّب، والبُعد عن الحرام والشُّبهات، قبل أن ترفع يديَكَ متضرِّعًا إلى السماء.

  30. لَكَ الحَمدُ والنَّعْمَاءُ والْمُلكُ رَبَّنا = ولا شَيءَ أعلَى مِنكَ مَجدًا وأمجَدُ

مَلِيكٌ على عَرشِ السَّماءِ مُهيمِنٌ = لِعِزَّتِهِ تَعنُو الوُجُوهُ وَتَسجُدُ

فَسُبحانَ مَنْ لا يَقدُرُ الخلْقُ قَدرَهُ = وَمَنْ هُوَ فَوقِ العَرشِ فَردٌ مُوحَّدُ

ومَنْ لَم تُنَازِعْهُ الخَلائِقُ مُلكَهُ = وَإِن لَم تُفَرِّدهُ العِبَادُ فَمُفرَدُ

مَليكُ السَّمَاوَاتِ الشِّدَادِ وأرضِها = وَلَيسَ بِشَيءٍ عَنْ قَضَاهُ تَأوُّدُ

هُوَ اللهُ بَاري الخلقِ، وَالخَلقُ كُلُّهُم = إِماءٌ لهُ طَوعًا جَمِيعًا وأَعبُدُ

31. تبارَكَ ذُو الجلالِ وذو الْمِحَالِ = عَزيزُ الشَّأْنِ مَحْمُودُ الفِعَالِ

سُروري بالسُّؤالِ لكي أراهُ = فكيف أُسَرُّ منه بالنوَالِ؟!

فيا ذَا العِزِّ، يا ذا الجُودِ، جُدْ لِي = وغيِّرْ مَا تَرَى من سُوءِ حالِي

32. وَأَسْلمتُ وَجهِي لمَنْ أسلمتْ = لهُ الْمُزنُ تَحْمِل عَذْبًا زُلَالا

إذا هِيَ سِيقَتْ إلى بَلدةٍ = أطَاعَتْ فَصَبَّتْ عليها سِجالا

33. كَيْفَ يَنْسَى الْمُحِبُّ ذِكْرَ حَبِيبٍ = اسْمُهُ فِي فُؤَادِهِ مَكْتُوبُ

34. لَا لِأَنِّي أَنْسَاكَ أُكْثِرُ ذِكْرَا = كَ وَلَكِنْ بِذَاكَ يَجْرِي لِسَانِي

35. فَنِسْيَانُ ذِكْرِ اللهِ مَوْتُ قُلُوبِهِمْ = وَأَجْسَامُهُمْ قَبْلَ الْقُبُورِ قُبُورُ

وَأَرْوَاحُهُمْ فِي وَحْشَةٍ مِنْ جُسُومِهِمْ = وَلَيْسَ لَهُمْ حَتَّى النُّشُورِ نُشُورُ

36. فذِكرُ إلَهِ العرشِ سرًّا ومُعْلِنًا = يُزِيلُ الشَّقَا والهَمَّ عَنْكَ ويَطْرُدُ

ويَجْلِبُ للخَيراتِ دنيا وآجِلًا = وإنْ يأتِكَ الوَسواسُ يومًا يُشَرَّدُ

37. عَلَيْكَ بذِكْرِ اللهِ يا طالبَ الأَجْرِ = وَيا راغِبًا في الخَيْرِ والفَضْلِ والبِرِّ

عليكَ بِهِ تُعطى الرغائبَ كلَّها = وتُكفى به كلَّ الْمُهِمَّات والضُّرِّ

فمَنْ يَذْكُرِ الرحمنَ فهْوَ جَلِيسُهُ = ومَنْ يَذْكُرِ اللهَ يُكافِئْهُ بالذِّكْرِ

ومَنْ يَعْشُ عن ذِكْرِ الإلهِ فإنه = قَرِينٌ له الشَّيْطَانُ في داخِلِ الصَّدْرِ

ومَن يَنْسَ مَوْلاهُ الكَرِيمَ فَرَبُّهُ = له ناسيًا، أَعْظِمْ بذلك من خُسْرِ!

له استحوَذَ الشَّيْطَانُ نسَّاهُ ذِكْرَ مَنْ = تفضَّلَ بالإيجادِ في أوَّلِ الأمرِ

38. وكن رزينًا طويلَ الصَّمْتِ ذا فِكَرٍ = فإنْ نطقتَ فلا تُكْثِرْ من الخُطَبِ

ولا تُجِبْ سائلًا من غير تَرْوِيَةٍ = وبالذي عنه لم تُسَأَلْ فلا تُجِبِ

39. عوِّد لسانَكَ قَوْلَ الخَيْرِ تَحْظَ بهِ = إنَّ اللسانَ لِمَا عوَّدْتَ مُعْتادُ

مُوَكَّلٌ بتقاضي ما سَنَنْتَ لَهُ = فاخْتَرْ لنفسِكَ وانظر كيفَ ترتادُ

40. صَمُوتٌ إذا ما الصَّمْتُ زيَّن أهلَه = وفتَّاقُ أبكارِ الكلامِ الْمُخَتَّمِ

وَعَى ما وَعَى القرآنُ من كلِّ حِكْمةٍ = ونِيطَت لها الآداب باللَّحم والدَّم

41. لسانُ الفتى نصفٌ ونصفٌ فؤادُه = فلم يبقَ إلَّا صورةُ اللَّحمِ والدَّمِ

42. رَأَيْتُ حَلالَ الْمَالِ خَيْرَ مَغَبَّةٍ = وَأجْدَرَ أَنْ يَبْقَى عَلَى الْحَدَثَانِ

43. وَإِنِّي لأَسْتَغْنِي فما أَبْطُرُ الغِنَى = وَمَا الْمَالُ إلا عَارَةٌ وَوَدَائِعُ

44. لا تَجْعَلَنَّ الْمَالَ كَسْبَكَ مُفْردًا = وَتُقَى إِلهِكَ فَاجْعَلَنْ مَا تَكْسِبُ

كَفَلَ الإِلَهُ بِرِزْقِ كُلِّ بَرِيَّةٍ = وَالْمَالُ عَارِيَةٌ تَجِيءُ وَتَذْهَبُ

وَالرِّزْقُ أَسْرَعُ مِن تَلَفُّتِ نَاظِرٍ = سَبَبًا إِلى الإِنْسَانِ حِيْنَ يُسبَّبُ

45.وَإِيَّاكَ وَالْمَالَ الْحَرَامَ فَإِنَّهُ = وَبَالٌ إِذَا مَا قُدِّمَ الْكَفَنَانِ

المراجع

  1. "شرح رياض الصالحين" لابن عثيمين (5/ 517).
  2. "جامع العلوم والحكم" لابن رجب (2/ 520).
  3. "جامع العلوم والحكم" لابن رجب (2/ 521).
  4. "الوابل الصيب من الكلم الطيب" لابن القيم (ص 81).
  5. "جامع العلوم والحكم" لابن رجب (2/ 516).
  6. "جامع العلوم والحكم" لابن رجب (2/ 516).
  7. "جامع العلوم والحكم" لابن رجب (2/ 516).
  8. "جامع العلوم والحكم" لابن رجب (2/ 516).
  9. "جامع العلوم والحكم" لابن رجب (2/ 516).
  10. "جامع العلوم والحكم" لابن رجب (2/ 516).
  11. "جامع العلوم والحكم" لابن رجب (1/ 339).
  12. جامع العلوم والحكم" لابن رجب (1/ 338).
  13. جامع العلوم والحكم" لابن رجب (1/ 338).
  14. "جامع العلوم والحكم" لابن رجب (1/ 340).
  15. "جامع العلوم والحكم" لابن رجب (1/ 340).
  16. "جامع العلوم والحكم" لابن رجب (1/ 340).
  17. "جامع العلوم والحكم" لابن رجب (1/ 340).
  18. "جامع العلوم والحكم" لابن رجب (1/ 340).
  19. "جامع العلوم والحكم" لابن رجب (1/ 340).


مشاريع الأحاديث الكلية