136 - التجاوزُ عن حديثِ النفس بغير عمل

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: «إِنَّ اللَّهَ تَجَاوَزَ عَنْ أُمَّتِي مَا حَدَّثَتْ بِهِ أَنْفُسَهَا، مَا لَمْ تَعْمَلْ أَوْ تَتَكَلَّمْ»

هدايات الحديث

رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ

  1.  إنه دعاء المؤمن المستسلم الطائع الذي يحرص على الطاعة، ولا يريد نكولاً عن تكليف الله مهما كان؛ ولكن المؤمنين فقط يتوجَّهون إلى ربهم راجين متطلِّعين أن يرحم ضعفهم فلا يكلِّفهم ما لا يُطيقون؛ كي لا يعجِزوا عنه، ويقصِّروا فيه.

  2. رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ

     إنها الطاعة المطلَقة والتسليم، وطلب ما هو من شأن الله في معاملته لعباده من كرم وبِرٍّ وودٍّ وتيسير، والاعتراف بالضعف، والتوجُّس من التقصير، الذي لا يمحو آثاره إلا فضل الله العفوِّ الغفور.

  3. احذر الِاسْتِرْسَالَ مع خواطر النفس في باطلِ أحاديثها، فذلك يُصَيِّرُ العبدَ عازِمًا على الْفِعْلِ، فَيُخَافُ منه الوقوعُ فيما يَحْرُمُ، فهو الذي ينبغي أن يُسَارِعَ بِقَطْعِهِ إذا خَطَرَ[1].

  4. إلهي أنتَ للإحسانِ أهلٌ = ومنك الجودُ والفضلُ الجزيلُ

  5. ذُنوبيَ إنْ فَكَّرتُ فيها كثيرةٌ = ورحمةُ ربِّي مِنْ ذُنوبيَ أَوْسَعُ

فما طمَعي في صالحٍ قد عَمِلْتُهُ = ولكنَّني في رحمةِ اللهِ أطْمَعُ

6. يا من يرَى ما في الضَّميرِ ويسمعُ = أنتَ الْمُعَدُّ لكلِّ ما يُتوقَّعُ

يا مَن يُرجَّى للشدائدِ كلِّها = يا مَنْ إليه الْمُشتَكَى والْمَفْزَعُ

يا مَن خزائنُ مُلكِهِ في قولِ كُنْ = امنُنْ فإنَّ الخيرَ عندَكَ أجمعُ

ما لي سِوَى فَقْرِي إليكَ وسيلةٌ = فبالافتِقَارِ إليكَ فَقْرِي أَدْفَعُ

ما لي سِوَى قَرْعِي لبابِك حيلةٌ = فلئِن رُدِدْتُ فأيَّ بابٍ أقرعُ؟!

ومن الذي أدُعو وأَهْتِفُ باسمِهِ = إن كانَ فضلُكَ عن فقيرٍ يُمنعُ؟!

حاشَا لمجدِك أن تُقنِّط عاصيًا = فالفَضْلُ أجزلُ والمواهبُ أوسعُ

7. ولما قَسَا قَلْبِي وضاقتْ مذَاهِبي = جَعَلْتُ الرَّجا مِني لِعَفْوِكَ سُلَّمَا

تعاظَمَنِي ذَنْبِي فلمَّا قَرَنْتُهُ = بعَفْوِكَ ربِّي كَانَ عفوُكَ أعظَمَا

فما زلتَ ذا عفوٍ عَنِ الذنبِ لم تَزَلْ = تجُودُ وتعفُو مِنَّةً وتكرُّمَا

8. أيا مَنْ لَيسَ لي مِنْهُ مُجِيرُ = بِعَفْوِكَ مِنْ عَذَابِكَ أَستَجِيرُ

أنا العَبدُ الْمُقِرُّ بِكُلِّ ذَنبٍ = وأنتَ السَّيِّدُ المولَى الغَفُورُ

فَإِنْ عَذَّبْتَنِي فَبِسُوءِ فِعلِي = وإِنْ تَغْفِرْ فَأنتَ بِهِ جَدِيرُ

أَفرُّ إليكَ مِنْكَ وأَيْنَ إِلَّا = يَفرُّ إِليكَ مِنْكَ الْمُستَجِيرُ

9. رَبٌّ يُرَبِّي العَالَمينَ بِبِرِّهِ = ونَوَالُهُ أبَدًا إِليهم وَاصِلُ

تَعصِيهِ وهْوَ يسُوقُ نَحوَكَ دَائِمًا = مَا لا تَكُونُ لبَعضِهِ تَستَأهِلُ

مُتَفَضِّلٌ أبَدًا وأنتَ لِجُودِهِ = بِقَبَائِحِ العِصيَانِ مِنكَ تُقَابِلُ

المراجع

  1. "سبل السلام" للصنعانيِّ (2/ 258، 259).


مشاريع الأحاديث الكلية