عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ «إنَّ اللَّهَ قَالَ: : مَنْ عَادَى لِي وَلِيًّا فَقَدْ آذَنْتُهُ بِالحَرْبِ، وَمَا تَقَرَّبَ إِلَيَّ عَبْدِي بِشَيْءٍ أَحَبَّ إِلَيَّ مِمَّا افْتَرَضْتُ عَلَيْهِ، وَمَا يَزَالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إِلَيَّ بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ، فَإِذَا أَحْبَبْتُهُ: كُنْتُ سَمْعَهُ الَّذِي يَسْمَعُ بِهِ، وَبَصَرَهُ الَّذِي يُبْصِرُ بِهِ، وَيَدَهُ الَّتِي يَبْطِشُ بِهَا، وَرِجْلَهُ الَّتِي يَمْشِي بِهَا، وَإِنْ سَأَلَنِي لَأُعْطِيَنَّهُ، وَلَئِنِ اسْتَعَاذَنِي لَأُعِيذَنَّهُ، وَمَا تَرَدَّدْتُ عَنْ شَيْءٍ أَنَا فَاعِلُهُ تَرَدُّدِي عَنْ نَفْسِ المُؤْمِن، يَكْرَهُ المَوْتَ وَأَنَا أَكْرَهُ مَسَاءَتَهُ» 

هدايات الحديث

  1. قال عمرُ بن الخطّاب رضي اللّه عنه: أفضلُ الأعمال أداء ما افتَرَض اللّه، والوَرَع عمّا حرَّم اللّه، وصِدق النّيّة فيما عند اللّه عزّ وجلّ [1].

  2. قال عمر بن عبد العزيز في خُطبته: أفضلُ العبادة أداء الفرائض، واجتنابُ المحارم؛ وذلك لأنّ اللّه عزّ وجلّ إنّما افترض على عباده هذه الفرائض ليقرِّبَهم منه، ويوجب لهم رضوانه ورحمته [2].

  3. كان داود - عليه السّلام - يقول في دعائه: "اللّهمّ إنّي أسألك حبَّك، وحبَّ من يحبُّك، وحبَّ العمل الّذي يبلِّغني حبَّك، اللّهمّ اجعل حبَّك أحبَّ إليَّ من نفسي وأهلي ومالي، ومن الماء البارد"[3].

  4. لا تشتغل جوارح العبد المؤمن المحبوب المقرَّب إلا بالطاعات، ولا تتحرَّك إلا فيما يرضي ربَّ العباد.

  5. قال أبو بكر الصديق رضي الله عنه لعمر بن الخطاب رضي الله عنه: "إنّي موصيك بوصيّة إن حفظتَها، فإنّ للّه حقًّا في اللّيل لا يَقبَله في النّهار، وإنّ للّه حقًّا في النّهار لا يقبله في اللّيل، وإنّه لا يقبل نافلةً حتّى تؤدَّى الفريضة" [4].

  6. إن العبد الصالح في كَنَف الله تعالى ورعايته، يحفظه، ولا يَكِله إلى نفسه طرفة عين؛ قال تعالى:

    إِنَّ وَلِـِّۧيَ ٱللَّهُ ٱلَّذِي نَزَّلَ ٱلۡكِتَٰبَۖ وَهُوَ يَتَوَلَّى ٱلصَّٰلِحِينَ

     [الأعراف: 196]

  7.  من أحبَّ اللّه، لم يكن عنده شيء آثَر من هواه، ومن أحبَّ الدّنيا، لم يكن عنده آثَرُ من هوى نفسه، فالحبُّ للّه تعالى أمير مؤمَّر على الأمراء، زُمْرته أوَّل الزُّمَر يوم القيامة، ومجلسه أقرب المجالس فيما هنالك [5]

  8. المحبّة منتهى القُربة والاجتهاد، ولن يسأم المحبُّون من طول اجتهادهم للّه عزّ وجلّ، يحبُّونه ويحبّون ذكره، ويحبِّبونه إلى خلقه، يمشون بين عباده بالنّصائح، ويخافون عليهم من أعمالهم يوم تبدو الفضائح، أولئك أولياء اللّه وأحبَّاؤه، وأهل صفوته، أولئك الّذين لا راحة لهم دون لقائه [6].

  9. المحبُّ لا يجد مع حبِّ اللّه عزّ وجلّ للدّنيا لذَّةً، ولا يَغفُل عن ذكر اللّه طرفة عين [7]

  10. ما يكاد يملُّ القُربة إلى اللّه تعالى محبٌّ للّه عزّ وجلّ، وما يكاد يسأم من ذلك [8]

  11. المحبُّ للّه طائر القلب، كثير الذّكر، متسبِّب إلى رضوانه بكلِّ سبيل يقدر عليها من الوسائل والنّوافل دَوْبًا دوبًا، وشَوْقًا شوقا [9]

  12. معرفة الله جلا نورُها كلَّ ظُلمة، وكَشَف سرورُها كلَّ غُمَّة [10]

  13. إن من عرف الله أحبَّه ولا بدَّ، ومن أحبَّه انقشعت عنه سحائبُ الظُّلمات، وانكشفت عن قلبه الهموم والغموم والأحزان، وعَمُر قلبُه بالسرور والأفراح، وأقبلت إليه وفود التهاني والبشائر من كل جانب؛ فإنه لا حزن مع الله أبدًا [11]

  14. قال تعالى حكايةً عن نبيِّه ﷺ، أنه قال لصاحبه أبى بكر: 

    لَا تَحۡزَنۡ إِنَّ ٱللَّهَ مَعَنَاۖ

    [التوبة: 40]

    فدلَّ أنه لا حُزْنَ مع الله، وأن من كان الله معه، فما له وللحزن؟! وإنما الحزن كلُّ الحُزن لمن فاته الله، فمن حصَلَ اللهُ له، فعلى أيِّ شَيءٍ يَحزَنُ؟! ومن فاته اللهُ، فبأيِّ شَيءٍ يَفرَحُ؟! [12].

  15. اعلم أنّ جميع المعاصي محاربة للّه عزَّ وجلَّ؛ فهل لك بمحاربة اللّه من طاقة؟! فإنّ من عصى اللّه فقد حاربه؛ لكن كلَّما كان الذّنب أقبحَ، كان أشدَّ محاربةً للّه؛ ولهذا سمَّى اللّه تعالى أَكَلَة الرّبا وقُطّاع الطّريق محاربين للّه تعالى ورسوله؛ لعِظَم ظُلمهم لعباده، وسعيهم بالفساد في بلاده، وكذلك معاداة أوليائه، فإنّه تعالى يتولَّى نُصرة أوليائه، ويحبُّهم ويؤيّدهم، فمن عاداهم، فقد عادى اللّه وحاربه [13]

  16. مَعَ اللهِ فِي نَبْذِ مَا قَدْ نَهَى = مَعَ اللهِ بِالسَّمْعِ فِيمَا أَمَرْ

مَعَ اللهِ فِي خَلَوَاتِ اللَّيَالِي = مَعَ اللهِ فِي الرَّهْطِ وَالْمُؤتَمَرْ

مَعَ اللهِ فِي حُبِّ أَهْلِ التُّقَى = مَعَ اللهِ فِي كُرْهِ مَنْ قَدْ فَجَرْ

مَعَ اللهِ فِي مُدْلَهِمِّ الدُّجَى = مَعَ اللهِ عِنْدَ انبِلَاجِ السَّحَرْ

17. لكَ محيايَ خالصًا ومَماتي = يا إلهي ويا عظيمَ الصِّفِاتِ

لكَ سَعْيي وفيكَ غايةُ حُبِّي = ونجَاوَى ضَرَاعتي وصَلاتِي

وسُجُودي معرَاجُ رُوحي وعَقلي = وانعِتاقي ولذَّتي وحَياتِي

18. وكُنْ لِرَبِّكَ ذَا حُبٍّ لِتَخْدُمَهُ = إِنَّ الْمُحِبِّينَ لِلْأَحْبَابِ خُدَّامُ  

19. مَا لِلْمُحِبِّ سِوَى إِرَادَةِ حُبِّهِ = إِنَّ الْمُحِبَّ بِكُلِّ بِرٍّ يَضْرَعُ

20. سَاكِنٌ فِي الْقَلْبِ يَعْمُرُهُ = لَسْتُ أَنْسَاهُ فَأَذْكُرُهُ

غَابَ عَنْ سَمْعِي وَعَنْ بَصَرِي = فَسُوَيْدَا الْقَلْبِ يُبْصِرُهُ

21. تَعصي الإِلَهَ وَأَنتَ تُظهِرُ حُبَّهُ = هَذا مُحَالٌ في القِياسِ بَديعُ

لَو كانَ حُبُّكَ صادِقًا لَأَطَعتَهُ = إِنَّ الْمُحِبَّ لِمَن يُحِبُّ مُطيعُ

في كُلِّ يَومٍ يَبْتَديكَ بِنِعمَةٍ = مِنهُ وَأَنتَ لِشُكرِ ذاكَ مُضيعُ

22. يُعَادِي الَّذِي عَادَى مِنَ النَّاسِ كُلِّهِمْ = جَمِيعًا وَلَوْ كَانَ الْحَبِيبَ الْمُصَافِيَا

23. وَيَا فَوْزَ مَن أدَّى مناسِكَ دينِه = وعاشَ سليمَ القلبِ وهْو طَهُورُ

وتَابَعَ دِينَ الحقِّ فِقْهًا وحِكْمَةً = ولَبَّى نِداءَ اللهِ وهْوَ شَكُورُ

فَهَذا الذي في الخُلْدِ يَنْعَمُ بَالُه = وتَحْظى به بين الأرائكِ حُورُ

المراجع

  1. "جامع العلوم والحكم" لابن رجب (2/ 336).
  2.  "جامع العلوم والحكم" لابن رجب (2/ 336).
  3. "جامع العلوم والحكم" لابن رجب (2/ 340).
  4.  "الزهد" لهناد بن السري (1/ 284).
  5.  "جامع العلوم والحكم" لابن رجب (2/ 341)
  6.  "جامع العلوم والحكم" لابن رجب (2/ 341).
  7.  "جامع العلوم والحكم" لابن رجب (2/ 341).
  8. "جامع العلوم والحكم" لابن رجب (2/ 341).
  9.  "جامع العلوم والحكم" لابن رجب (2/ 341، 342)
  10. "طريق الهجرتين وباب السعادتين" لابن القيم (ص: 280).
  11. "طريق الهجرتين وباب السعادتين" لابن القيم (ص: 280).
  12.  "طريق الهجرتين وباب السعادتين" لابن القيم (ص: 280
  13.  "جامع العلوم والحكم" لابن رجب (2/ 335).


مشاريع الأحاديث الكلية