1. يجب على المرء أن يُدرِك قيمة الوقت، وأنه محاسب عليه، فينفقه في طاعة الله وما يُرضيه؛ فإن الله سائلُه يوم القيامة عن وقته وحياته كلِّها، فإن أنفقه في خير وما يُرضي الله تعالى، نجا وسَلِم، وإلا فهو الخسران الْمُبين.
2. قال علىّ بنُ أبى طالب رضى الله عنه "إن الدنيا قد ترحَّلت مدبِرةً، وإن الآخرة قد ترحَّلت مقبِلةً، ولكلٍّ منهما بنون، فكونوا من أبناء الآخرة، ولا تكونوا من أبناء الدنيا؛ فإن اليوم عملٌ ولا حساب، وغدًا حسابٌ ولا عمل"[1].
3. المؤمن في الدّنيا مهمومٌ حزين، همُّه مَرمَّةُ جهازه. ومن كان في الدّنيا كذلك، فلا همَّ له إلّا في التّزوُّد بما يَنفَعه عند عَوْده إلى وطنه، فلا يُنافِس أهلَ البلد الّذي هو غريب بينهم في عزِّهم، ولا يجزع من الذُّلِّ عندهم[2].
4. إن المسلم له نظرة فريدة للوقت، فليس هو مجرَّدَ لحظات تمضي، وعُمر يمرُّ، نحسبه ونَعُدُّه؛ إنه الحياة!
5. قال بعض الحكماء: عجبتُ ممّن الدّنيا مولِّيةٌ عنه، والآخرة مُقبِلة إليه، يَشغَل بالمدبِرة، ويُعرِض عن الْمُقبِلة[3].
6. إنما أنت أيامٌ مجموعة، كلَّما مضى يومٌ، مضى بعضُك[4].
7. طولُ الأَمَلِ غُرورٌ وخِداعٌ؛ إذ لا ساعةَ من ساعاتِ العُمر إلا ويمكِن فيها انقضاءُ الأَجَل، فلا معنى لطُول الأمل المورِّثِ قسوةَ القلبِ، وتسليط الشيطان، وربما جرَّ إلى الطغيان[5].
8. للإنسان سيئاتٌ جاريةٌ كما له حسناتٌ جاريةٌ؛ فكما يموت الإنسانُ وصحيفةُ حسناته لَمَّا تُقْفَلْ بعدُ، فكذا قد تكون له سيئاتٌ جاريةٌ تُسطَّر في ديوانه بعد موته، فاحرص أن تكون حسناتُكَ جاريةً، وسيِّئاتُك منقطِعةً بعد مَوتك.
9. قال عمرُ بنُ عبد العزيز: إنّ الدّنيا ليست بدار قراركم، كَتَب اللّه عليها الفناء، وكتب اللّه على أهلها منها الظَّعْن، فكم من عامر موثَقٍ عن قليل يَخرَب، وكم من مقيم مُغتبِط عمّا قليل يَظعَن! فأحسنوا - رحمكم اللّه - منها الرّحلة بأحسن ما بحضرتكم من النُّقْلة، وتزوَّدوا فإنّ خير الزّاد التّقوى[6].
10. العمر ثروة، فلا تُضيِّعْه في المعاصي والذنوب.
11. ما أبأسَ العلمَ الذي لا يعمل به صاحبه!
12. المال شرٌّ ووبال على صاحبه إذا لم يكن الاكتساب والإنفاق منه حلالاً وطاعةً.
13. كل إنسان مأخوذٌ بما يعمَل، فلْيحرِص على ما يُنْجيه في الدنيا والآخرة.
14. دَقَّاتُ قَلْبِ الْمَرْءِ قَائِلَةٌ لَهُ = إِنَّ الحَيَاةَ دَقَائِقٌ وَثَوَانِي
15. استثمِرِ الخَيْرَ في دُنياكَ واجتهِدِ = ولا تُبَالِ بداعي الشرِّ والحسَدِ
واعْمَلْ ليومٍ جميعُ الناس تَرقُبُه = فيه القضاءُ قضاءُ الواحدِ الأحدِ
أفعالُكَ اليومَ تحكي أيَّ منزلةٍ = رَوْضُ الجنانِ أمِ النيرانُ في اللَّحَدِ
16. إِنَّا لَنَفْرَحُ بِالْأَيَّامِ نَقْطَعُهَا = وَكُلُّ يَوْمٍ مَضَى يُدْنِي مِنَ الْأَجَلِ
فَاعْمَلْ لِنَفْسِكَ قَبْلَ الْمَوْتِ مُجْتَهِدًا = فَإِنَّمَا الرِّبْحُ وَالْخُسْرَانُ فِي الْعَمَلِ
17. إِذا ما لَم يُفِدكَ العِلمُ خَيرًا = فَخَيرٌ مِنهُ أَن لَوْ قَد جَهِلتَا
وَإِن أَلقاكَ فَهمُكَ في مَهاوٍ = فَلَيتَكَ ثُمَّ لَيتَكَ ما فَهِمتا
سَتَجني مِن ثِمارِ العَجزِ جَهلاً = وَتَصغُرُ في العُيونِ إِذا كَبُرتا
18. جَمَعُوا فَمَا أَكَلُوا الَّذِي جَمَعُوا = وَبَنَوْا مَسَاكِنَهُم فَمَا سَكَنُوا
فَكَأنَّهُمْ كَانُوا بِهَا ظُعُنًا = لَمَّا اسْتَراحُوا سَاعَةً ظَعَنُوا
19. أموالُنا لذَوِي الْمِيراثِ نَجمَعها = ودَارُنا لخَرَابِ البُومِ نَبنِيها
لا دارَ للمَرْءِ بعدَ الْمَوْتِ يَسْكُنُها = إلَّا الَّتِي كَانَ قَبْلَ الْمَوْتِ يَبْنِيها
فمَنْ بَنَاهَا بخَيْرٍ طَابَ مَسْكَنُهُ = ومَنْ بَنَاهَا بشَرٍّ خَابَ بَانِيها
20. كَمْ مِنْ فَتًى عَاشَ الْحَيَاةَ كَأَنَّهُ = لَمْ يَأْتِ لِلدُّنْيَا كَمَا الأَنْعَامِ
وَفَتًى مُنَى الدُّنْيَا تَطُولُ حَيَاتُهُ = كَالشَّمْسِ كَالأَنْهَارِ كَالأَعْلامِ
تَبْكِيهِ حِينَ وَفَاتِهِ سَمَوَاتُهَا = وَالأَرْضُ حَتَّى الأُسْدُ فِي الآجَامِ
يَحْيَا بِذِكْرٍ يَبْعَثُ الأَحْرَارَ قَدْ = صَارَتْ كَبَدْرٍ رُوحُهُ بِظَلامِ
21. نَلْهُو ونَأْمُل آمَالاً نُسَرُّ بها = شَرِيعةُ الموتِ تَطْوِينا وتَطْوِيها
فاغْرِسَ أُصُولَ التُّقَى ما دُمْتَ مُقْتَدِرًا = واعلَمْ بأنَّكَ بعدَ الموتِ لاقِيها
تَجْنِي الثِّمَارَ غَدًا في دارِ مَكْرُمةٍ = لا مَنَّ فيها ولا التَّكْدِيرُ يأتيها
المراجع
- "إغاثة اللهفان" لابن القيم (1/ 71).
- "جامع العلوم والحكم" لابن رجب (2/ 378، 379).
- "جامع العلوم والحكم" لابن رجب (2/ 378).
- "جامع العلوم والحكم" لابن رجب (2/ 382).
- "فيض القدير" للمناويِّ (5/417).
- "جامع العلوم والحكم" لابن رجب (2/ 378).
1. قال ﷺ: «ومَن وقع في الشبهات وقع في الحرام» فمن لم يتَّقِ الله وتجرَّأ على الشُّبهات، أفضت به إلى المحرَّمات، ويحمله التساهل في أمرها على الجُرأة على الحرام؛ كما قال بعضهم: الصغيرة تجرُّ الكبيرة، والكبيرةُ تجرُّ الكُفْرَ، وكما رُوِي: المعاصي بَرِيد الكُفر[1].
2. قال ﷺ: «ومَن وقع في الشبهات وقع في الحرام» فمَن أَكثَر من مُواقَعة الشُّبهات أَظلَم عليه قلبُه؛ لفُقدان نور العلم، ونور الوَرَع، فيقع في الحرام وهو لا يَشعُر به، وقد يَأثَم بذلك إذا تسبَّب منه إلى تقصير[2].
3. الاهتمام بتصحيح القلب وتسديده أولى ما اعتمد عليه السالكون، والنَّظَر في أمراضه وعلاجها أهمُّ ما تنسَّك به الناسِكون؛ فإن القلب لهذه الأعضاء كالْمَلِك المتصرِّف في الجنود، الذي تَصدُر كلُّها عن أمره، ويستعملها فيما شاء، فكلُّها تحت عبوديَّته وقهرِه، وتكتسب منه الاستقامةَ والزَّيغ، وتَتبَعه فيما يريد، فهو مَلِكُها، وهي المنفِّذة لما يَأمُرها به[3].
4. لَمَّا عَلِم عدوُّ الله إبليسُ أن الْمَدَار على القلب، والاعتمادَ عليه، أَجلَب عليه بالوَساوس، وأَقبَل بوجوه الشَّهوات إليه، وزيَّن له من الأقوال والأعمال ما يصدُّه عن الطريق، وأَمَدَّه من أسباب الغيِّ بما يَقطَعه عن أسباب التوفيق، ونَصَبَ له من المصايد والحبائل ما إن سَلِم من الوقوع فيها، لم يَسلَم من أن يَحصُل له بها التعْوِيق[4].
5. لا نجاةَ من مصايد الشيطان ومكايده إلا بدوام الاستعانة بالله تعالى، والتعرُّض لأسباب مَرْضَاته، والْتِجَاء القلب إليه، وإقباله عليه في حركاته وسَكناته، والتحقُّق بذُلِّ العُبودية الذى هو أولى ما تلبَّس به الإنسان؛ ليَحصُل له الدخول في ضمان:
{ إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ}
[الحجر: 42]
فهذه الإضافة هي القاطعة بين العبد وبين الشياطين، وحصولُها يسبِّب تحقيق مقام العبودية لربِّ العالمين[5].
6. إذا أُشرب القلبُ العبوديةَ والإخلاص صار عند الله من المقرَّبين، وشَمِله استثناء:
{إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ} [6].
[الحجر: 40]
7. الْقلب مَلِك والأعضاء جُنُوده، فإذا طَابَ الْمَلِك طابت جُنُوده، وَإِذا خَبُث الْمَلِك خَبُثت جُنُوده [7].
8. متى رأيتَ القلبَ قد ترحَّل عنه حبُّ الله، والاستعدادُ للقائه، وحلَّ فيه حبُّ المخلوق، والرضا بالحياة الدنيا، والطمأنينة بها، فاعلم أنه قد خُسِف به[8].
9. متى أَقحَطت العينُ من البكاء من خشية الله تعالى، فاعلم أن قَحْطَها من قسوة القلب، وأبعدُ القلوبِ من الله القلبُ القاسي[9].
10. القلب يَمرَض كما يمرض البَدَن، وشفاؤه في التوبة، ويصدأ كما تصدأ الْمِرآة، وجِلاؤه بالذِّكر، ويَعرى كما يعرى الجسم، وزينتُه التقوى، ويجوع ويظمأ كما يجوع البدن، وطعامُه وشرابه المعرفةُ والمحبَّة، والتوكُّل، والإنابة، والخِدمة[10].
11. الله سبحانه الذي جَعَل بعض القلوب مُخْبِتًا إليه، وبعضَها قاسيًا، وجعل للقسوة آثارًا، وللإخبات آثارًا، فمن آثار القسوة: تحريفُ الكَلِم عن مواضعه، وذلك من سوء الفَهم، وسوء القصد، وكلاهما ناشئ عن قسوة القلب، ومنها نسيانُ ما ذكِّر به، وهو تركُ ما أُمِر به علمًا وعملاً، ومن آثار الإخبات: وجَلُ القلوب لذكره سبحانه، والصبر على أقداره، والإخلاص في عبوديته، والإحسان إلى خلقه[11].
12. ليس أَرْوَحُ للمرء، ولا أطرد لهمومه، ولا أقرَّ لعينه من أن يعيش سليم القلب، مبرَّأ من وساوس الضغينة، وثوران الأحقاد، إذا رأى نعمة تنساق لأحد رَضِيَ بها، وأحسَّ فضل الله فيها، وفقر عباده إليها. وإذا رأى أذى يلحق أحدًا من خلق الله رثى له، ورجا الله أن يفرِّج كربه، ويغفر ذنبه[12].
13. يحيا المسلم سليم القلب ناصعَ الصفحة، راضيًا عن الله وعن الحياة، مستريح النفس من نزعات الحقد الأعمى؛ فإنَّ فساد القلب بالضغائن داءٌ عَيَاء، وما أسرعَ أن يتسرَّب الإيمان من القلب المغشوش، كما يتسرَّب السائل من الإناء المثلوم! [13]
14. إن القلب القاسيَ لا يَقبَل الحقَّ، وإن كَثُرت دلائله.
15. كثرةُ تَعاطي المشتبهات يُسهِّل على الإنسان الوقوع في المحظور.
16. يجب على المسلم الابتعادُ عن مواطن الشبهات سلامةً لدينه وعِرضه.
17. التهاوُنُ في الأمور اليسيرة يُجرِّئ المتهاونَ فيما هو أكبرُ منها، لذا؛ فإن المسلم يُسارع إلى المداوَمة على الطاعة.
18. ما سُمِّيَ القلب إلَّا من تَقَلُّبِه = فاحذَرْ على القلبِ من قَلْبٍ وتحويلِ
19. تَوَرَّعْ ودَعْ ما قَدْ يَرِيبُكَ كُلَّهُ = جَمِيعًا إلى ما لا يَرِيبُكَ تَسْلَمِ
وحَافِظْ عَلَى أعضائِكَ السَّبْعِ جُمْلةً = ورَاعِ حُقُوقَ الله في كلِّ مُسْلِمِ
وكُنْ راضيًا بالله ربًّا وحاكمًا = وَفوِّضْ إليهِ فِي الأمورِ وسَلِّمِ
20. ليس الظَّرِيفُ بكاملٍ في ظُرفِه = حتى يكونَ عن الحرامِ عَفِيفَا
فإذا تورَّعَ عن مَحارمِ ربِّه = فهناك يُدعى في الأنامِ ظريفَا
21. رَأَيْتُ الذُّنوبَ تُمِيتُ القلوبَ = وقد يُورِثُ الذُّلَّ إِدْمَانُها
وَتَرْكُ الذُّنوبِ حَيَاةُ القلوبِ = وخيرٌ لنفسِكَ عِصْيَانُها
المراجع
- "شرح الأربعين النووية" لابن دقيق العيد (ص: 47).
- "شرح الأربعين النووية" لابن دقيق العيد (ص: 47).
- "إغاثة اللهفان من مصايد الشيطان" لابن القيم (1/ 5).
- "إغاثة اللهفان من مصايد الشيطان" لابن القيم (1/ 5).
- "إغاثة اللهفان من مصايد الشيطان" لابن القيم (1/ 5).
- "إغاثة اللهفان من مصايد الشيطان" لابن القيم (1/ 6).
- "مفتاح دار السعادة" لابن القيم (1/ 193).
- "بدائع الفوائد" لابن القيم (3/ 224).
- "بدائع الفوائد" لابن القيم (3/ 224).
- "الفوائد" لابن القيم (ص: 98).
- "شفاء العليل" لابن القيم (ص: 106).
- "خلق المسلم" لمحمد الغزالي (74-77) بتصرف يسير.
- "خلق المسلم" لمحمد الغزالي (74-77) بتصرف يسير.
1. «إذا أمسيتَ فلا تنتظر الصباح، وإذا أصبحتَ فلا تنتظر المساء»؛ أي: سِر دائمًا، ولا تَفتُر عن السَّير ساعةً؛ فإنك إن قصَّرت في السَّير، انقطعتَ عن المقصود، وهَلَكْتَ في تلك الأودية[1].
2. «وخذ من صحَّتك لمرضك»؛ يعني: عُمرك لا يخلو من الصحة والمرض، فإذا كنتَ صحيحًا، سِرْ سَيركَ القَصْدَ؛ بل لا تقنع به، وزِدْ عليه ما عسى أن يَحصُل لك الفتورُ بسبب المرض[2].
3. قال بعض الحكماء: عجبتُ ممّن الدّنيا مولِّيةٌ عنه، والآخرة مُقبِلة إليه، يَشغَل بالمدبِرة، ويُعرِض عن الْمُقبِلة[3].
4. قال عمرُ بنُ عبد العزيز: إنّ الدّنيا ليست بدار قراركم، كَتَب اللّه عليها الفناء، وكتب اللّه على أهلها منها الظَّعْن، فكم من عامر موثَقٍ عن قليل يَخرَب، وكم من مقيم مُغتبِط عمّا قليل يَظعَن! فأحسنوا - رحمكم اللّه - منها الرّحلة بأحسن ما بحضرتكم من النُّقْلة، وتزوَّدوا فإنّ خير الزّاد التّقوى[4].
5. قال الفُضيل بن عياض: المؤمن في الدّنيا مهموم حزين، همُّه مَرمَّة جَهازه، ومن كان في الدّنيا كذلك، فلا همَّ له إلّا في التّزوُّد بما ينفعه عند عَوده إلى وطنه، فلا ينافس أهل البلد الّذي هو غريب بينهم في عزِّهم، ولا يَجزَع من الذُّلِّ عندهم[5].
6. قال الحسن: المؤمن كالغريب لا يَجزَع من ذُلِّها، ولا يُنافس في عزِّها، له شأن، وللنّاس شأن[6].
7. لَمّا خُلق آدم عليه السّلام أُسكن هو وزوجته الجنّة، ثمّ أُهبطا منها ووُعِدا بالرّجوع إليها، وصالح ذُرّيّتهما؛ فالمؤمن أبدًا يحنُّ إلى وطنه الأوّل[7].
8. كان عطاءٌ السُّلَيْميُّ يقول في دعائه: اللّهمّ ارحم في الدّنيا غُربتي، وارحم في القبر وَحشتي، وارحم موقفي غدًا بين يَدَيك[8].
9. قيل لمحمّدِ بنِ واسع: كيف أصبحت؟ قال: ما ظنُّكَ برجل يرتحل كلَّ يوم مرحلة إلى الآخرة؟![9]
10. قال الحسن: إنّما أنت أيّام مجموعة، كلَّما مضى يومٌ، مضى بعضك[10].
11. قال الحسن: ابنَ آدَمَ، إنّما أنت بين مطيَّتين يُوضِعانِك، يوضعك النّهار إلى اللّيل، واللّيل إلى النّهار، حتّى يُسْلِمانِك إلى الآخرة، فمن أعظم منك يا بنَ آدم خطرًا[11].
12. قال الحسن: الموت معقود في نواصيكم، والدّنيا تُطوى من ورائكم[12].
13. قال داودُ الطّائيُّ: إنّما اللّيل والنّهار مراحلُ ينزلها النّاس مرحلةً مرحلةً حتّى ينتهيَ ذلك بهم إلى آخر سفرهم، فإن استطعت أن تقدِّم في كلّ مرحلة زادًا لما بين يديها، فافعل؛ فإنّ انقطاع السّفر عن قريب ما هو، والأمر أعجل من ذلك، فتزوَّد لسفرك، واقض ما أنت قاض من أمرك، فكأنّك بالأمر قد بغتُّك[13].
14. قال بعض الحكماء: كيف يفرح بالدّنيا من يومُه يَهدِم شهره، وشهره يهدم سنته، وسَنَتُه تهدم عمره؟! كيف يفرح من يقوده عمره إلى أجله، وتقوده حياته إلى موته؟![14]
15. قال الفُضيل بن عياض لرجل: كم أتت عليك؟ قال: ستّون سنةً، قال: فأنت منذ ستّين سنةً تسير إلى ربّك يوشك أن تبلغ، فقال الرّجل: إنّا للّه وإنّا إليه راجعون، فقال الفضيل: أتعرف تفسيره؟ تقول: أنا للّه عبد وإليه راجع، فمن علم أنّه للّه عبد، وأنّه إليه راجع، فليعلم أنّه موقوف، ومن علم أنّه موقوف، فليعلم أنّه مسؤول، ومن علم أنّه مسؤول، فليُعِدَّ للسّؤال جوابًا، فقال الرّجل: فما الحيلة؟ قال يسيرة، قال: ما هي؟ قال: تُحسن فيما بَقِيَ يُغفَر لك ما مضى، فإنّك إن أسأت فيما بَقِيَ، أُخذت بما مضى وبما بقي[15].
16. طولُ الأَمَلِ غُرورٌ وخِداعٌ؛ إذ لا ساعةَ من ساعاتِ العُمر إلا ويمكِن فيها انقضاءُ الأَجَل، فلا معنى لطُول الأمل المورِّثِ قسوةَ القلبِ، وتسليط الشيطان، وربما جرَّ إلى الطغيان[16].
17. لما خُلقَ آدمُ عليه السلام أُسكِنَ هو وزوجتُه الجنةَ، ثم أُهبِطا منها، ووُعدا بالرجوع إليها، وصالح ذريَّتهما، فالمؤمن أبدًا يحِنُّ إلى وطنه الأول[17].
18. ارتحلت الدنيا مدبِرةً، وارتحلت الآخرةُ مُقبِلةً، ولكلِّ واحدة منهما بنون، فكونوا من أبناء الآخرة، ولا تكونوا من أبناء الدنيا؛ فإن اليومَ عملٌ ولا حساب، وغدًا حسابٌ ولا عمل[18].
19. كيف لا يكون العبد في هذه الدار غريبًا، وهو على جَناح سَفَرٍ، لا يَحِلُّ عن راحلته إِلَّا بين أهل القبور؟! فهو مسافر في صورة قاعد.
20. وَلَا بُدَّ لِلْإِنْسَانِ مِنْ حَمْلِ عُدَّةٍ = وَلَا سِيَّمَا إِنْ خَافَ صَوْلَةَ قَاهِرِ
21. نَسِيرُ إِلَى الْآجَالِ فِي كُلِّ لَحْظَةٍ = وَأَيَّامُنَا تُطْوَى وَهُنَّ مَرَاحِلُ
وَلَمْ أَرَ مِثْلَ الْمَوْتِ حَقًّا كَأَنَّهُ = إِذَا مَا تَخَطَّتْهُ الْأَمَانِيُّ بَاطِلُ
وَمَا أَقْبَحَ التَّفْرِيطَ فِي زَمَنِ الصِّبَا = فَكَيْفَ بِهِ وَالشَّيْبُ لِلرَّأْسِ شَامِلُ؟!
تَرَحَّلْ مِنَ الدُّنْيَا بِزَادٍ مِنَ التُّقَى = فَعُمْرُكَ أَيَّامٌ وَهُنَّ قَلَائِلُ
22. وَمَا أَدْرِي وَإِنْ أَمَّلْتُ عُمْرًا = لَعَلِّي حِينَ أُصْبِحُ لَسْتُ أُمْسِي
أَلَمْ تَرَ أَنَّ كُلَّ صَبَاحِ يَوْمٍ = وَعُمْرُكَ فِيهِ أَقْصَرُ مِنْهُ أَمْسِ
23. إِنَّا لَنَفْرَحُ بِالْأَيَّامِ نَقْطَعُهَا = وَكُلُّ يَوْمٍ مَضَى يُدْنِي مِنَ الْأَجَلِ
فَاعْمَلْ لِنَفْسِكَ قَبْلَ الْمَوْتِ مُجْتَهِدًا = فَإِنَّمَا الرِّبْحُ وَالْخُسْرَانُ فِي الْعَمَلِ
24. فَحَيَّ عَلَى جَنَّاتِ عَدْنٍ فَإِنَّهَا = مَنَازِلُكَ الْأُولَى وَفِيهَا الْمُخَيَّمُ
وَلَكِنَّنَا سَبْيُ الْعَدُوِّ فَهَلْ تَرَى = نَعُودُ إِلَى أَوْطَانِنَا وَنُسَلَّمُ
وَأَيُّ اغْتِرَابٍ فَوْقَ غُرْبَتِنَا الَّتِي = لَهَا أَضْحَتِ الْأَعَدَاءُ فِينَا تَحَكَّمُ
وَقَدْ زَعَمُوا أَنَّ الْغَرِيبَ إِذَا نَأَى = وَشَطَّتْ بِهِ أَوْطَانُهُ فَهْوَ مُغْرَمُ
فَمِنْ أَجْلِ ذَا لَا يَنْعَمُ الْعَبْدُ سَاعَةً = مِنَ الْعُمْرِ إِلَّا بَعْدَ مَا يَتَأَلَّمُ
25. وَمَا هَذِهِ الْأَيَّامُ إِلَّا مَرَاحِلٌ = يَحُثُّ بِهَا دَاعٍ إِلَى الْمَوْتِ قَاصِدُ
وَأَعْجَبُ شَيْءٍ لَوْ تَأَمَّلْتَ أَنَّهَا = مَنَازِلُ تُطْوَى وَالْمُسَافِرُ قَاعِدُ
26. دَعِ الأيَّامَ تفعلُ ما تشاءُ = وطِبْ نفسًا بما حكم القضاءُ
ولا تَجْزَعْ لحادثةِ اللَّيالي = فما لحوادثِ الدُّنيا بقاءُ
ورزقُك ليس يَنقُصُه التَّأنِّي = وليس يَزيدُ في الرِّزقِ العَنَاءُ
ولا حُزنٌ يَدُومُ ولا سُرورٌ = ولا بؤسٌ عليكَ ولا رخاءُ
27. إذا هبَّت رياحُكَ فاغتَنِمْها = فعُقبى كلِّ خافقةٍ سُكونُ
ولا تَغْفُلْ عنِ الإحسانِ فيها = فما تَدْري السُّكونُ متى يَكُونُ
28. لَيْسَ الغَريبُ غَريبَ الشَّامِ واليمنِ = إِنَّ الغَريبَ غَريبُ اللَّحْدِ والكَفَنِ
إِنَّ الغَريِبَ لَهُ حَقٌّ لِغُرْبَتهِ = على الْمُقيمِينَ في الأَوطانِ والسَّكَنِ
لا تَنْهَرَنَّ غَريبًا حَالَ غُربتهِ = الدَّهْرُ يَنْهَرُهُ بالذُّلِّ والْمِحَنِ
سَفْرِي بَعيدٌ وَزادي لَنْ يُبَلِّغَني = وَقُوَّتي ضَعُفَتْ والموتُ يَطلُبُني
وَلي بَقايا ذُنوبٍ لَسْتُ أَعْلَمُها = الله يَعْلَمُها في السِّرِّ والعَلَنِ
29. وَإِنَّ امْرأً قَدْ سَارَ سِتِّينَ حِجَّةً = إِلَى مَنْهَلٍ مِنْ وِرْدِهِ لِقَرِيبُ
30. سَبِيلُكَ فِي الدُّنْيَا سَبِيلُ مُسَافِرٍ = وَلَا بُدَّ مِنْ زَادٍ لِكُلِّ مُسَافِرِ
المراجع
- "الكاشف عن حقائق السنن" للطِّيبيِّ (4/ 1364).
- "الكاشف عن حقائق السنن" للطِّيبيِّ (4/ 1364).
- "جامع العلوم والحكم" لابن رجب (2/ 378).
- "جامع العلوم والحكم" لابن رجب (2/ 378).
- "جامع العلوم والحكم" لابن رجب (2/ 378، 379).
- "جامع العلوم والحكم" لابن رجب (2/ 378، 379).
- "جامع العلوم والحكم" لابن رجب (2/ 378، 379).
- "جامع العلوم والحكم" لابن رجب (2/ 378، 379).
- "جامع العلوم والحكم" لابن رجب (2/ 382).
- "جامع العلوم والحكم" لابن رجب (2/ 382).
- "جامع العلوم والحكم" لابن رجب (2/ 382).
- "جامع العلوم والحكم" لابن رجب (2/ 382).
- "جامع العلوم والحكم" لابن رجب (2/ 382).
- "جامع العلوم والحكم" لابن رجب (2/ 382، 383).
- "جامع العلوم والحكم" لابن رجب (2/ 383).
- "فيض القدير" للمناويِّ (5/417).
- انظر: "جامع العلوم والحكم" لابن رجب (2/379).
- رواه البخاريُّ (8/89).
1. قال رسول الله ﷺ: «مَن يُرِدِ اللهُ به خيرًا يُفَقِّهْهُ في الدِّينِ»، فعليك بالتفقُّه في الدين؛ فإنه نعم الفضلُ، وكفاه فضلاً أنه يقود إلى خشية الله، والتزام طاعته، وتجنُّب معاصيه؛ قال الله تعالى:
{إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ}
[فاطر: 28]
2. قال ابن عمر - للذي قال له: فقيه -: إنما الفقيه الزاهد في الدنيا، الراغب في الآخرة.
3. لمعرفة العلماء بما وَعَدَ الله به الطائعين، وأَوْعَد العاصين، ولعظيم نعم الله على عباده؛ اشتدَّت خَشْيَتُهم[1].
4. إن المجاهد الذي يسوِّي أسِنَّةَ قَوسِه، وطالب العلم الذي يستخرج المسائل العلمية من بطون الكتب، كلٌّ منهما يعمل في سبيل الله، وبيان شريعة الله لعباد الله؛ قال تعالى:
{وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنفِرُوا كَافَّةً ۚ فَلَوْلَا نَفَرَ مِن كُلِّ فِرْقَةٍ مِّنْهُمْ طَائِفَةٌ لِّيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ} [2].
[التوبة: 122]
5. وجَّه اللهُ نبيَّه ﷺ بطلب الزيادة في العلم، فقال تعالى:
{وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا}
[طه: 114]
"فالرسل محتاجون إلى العلم والزيادة فيه، وإلى سؤال الله تعالى أن يَزيدهم منه، فمَن دون الأنبياء من باب أَوْلى، فجديرٌ بالعبد أن يسأل الله دائمًا أن يَزيده من العلم، وإذا سأل الله أن يَزيده من العلم فلا بدَّ أن يسعى في الأسباب التي يحصِّل بها العلم"[3].
6. طريقُ الفقه في الدين هو طريقُ العلم والتحصيل، وطريق العبودية والخشوع والخضوع لله - عزَّ وجلَّ – لذا؛ فالفقيهُ هو الزاهدُ في الدنيا، الراغبُ في الآخرة، والبصيرُ بأمر دينه، المداومُ على عبادة ربِّه[4].
7. رأيت العلمَ صاحبُه كريمٌ = ولو ولدتْه آباءٌ لئِـامُ
وليس يَزَالُ يَرفَعُه إلى أن = يُعظِّمَ أمرَه القوم الكرامُ
ويتَّبِعونَه في كلِّ حالٍ = كراعي الضأن تَتْبَعُه السَّوَامُ
فلولا العلمُ ما سَعِدت رجالٌ = ولا عُرِف الحلال ولا الحرامُ
8. العلمُ مَبلَغُ قومٍ ذِرْوَةَ الشَّرَفِ = وصاحبُ العِلْمِ محفوظٌ من التَّلَفِ
يا صاحبَ العِلْمِ مَهْلاً لا تُدَنِّسُه = بالْمُوبقاتِ فما للعلمِ من خَلَفِ
العلمُ يَرْفَعُ بَيْتًا لا عِمَادَ لهُ = والجهلُ يَهْدِمُ بَيْتَ العزِّ والشَّرَفِ
المراجع
- "شرح صحيح البخاريِّ" لابن بطَّال (1/ 154).
- "شرح رياض الصالحين" ابن عثيمين (5/ 414).
- "شرح رياض الصالحين" ابن عثيمين (5/ 414).
- "عمدة القاري شرح صحيح البخاري" بدر الدين العيني (2/ 49).
1. العلم شأنه عظيم، وفضله كبير، ومَن سلَك الطريق الموصِّل إلى العلم، فإنه يُجازى بجنس عمله على ذلك بأن ييسَّر له الطريق والسبيل التي توصِّله إلى الجنة[1].
2. رفع الله تعالى شأنَ العلم والعلماء، ووعَد مَن يبذُل جهدَه في هذا الطريق بخير الجزاء في الدنيا والآخرة، وقد بيَّن النبيُّ ﷺ عظيمَ فضل الله - عزَّ وجلَّ - وعطائه لِمَن يَجِدُّ في طلب العلم، ويسعى في تحصيله.
3. الجَنَّة هي دار كرامة الله تعالى ونعيمه لعباده الطائعين، وقد كثُر ذِكرها بأوصافها، وكذا ذِكرُ ما يوصِّل إليها في الكتاب والسُّنة، ومن أهمِّها طلب العلم.
4. يا لها من فضيلة لطالب العلم أن يَستغفِر له جميع الكائنات؛ مَن في السموات، ومَن في الأرض، حتى الحيتانُ في جَوف البحر، يطلبون من الله المغفرةَ لطالب العلم إذا لحِقَه ذَنْب؛ مجازاةً على حُسن فِعله؛ وذلك لأن نَفْع طالب العلم يعمُّ جميع الموجودات.
5. مَنْ عَمِلَ بما عَلِمَ، أَوْرَثَهُ اللَّه عِلْمَ مَا لم يَعْلَمْ.
6. ثَوَابُ الْحَسَنَةِ الْحَسَنَةُ بَعْدَهَا؛ قَال تَعَالَى:
{وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى وَآتَاهُمْ تَقْوَاهُمْ}
[محمد: 17]
7. قال بعضُ السَّلَف: هل من طالب عِلْمٍ فَيُعَانَ عليه؟![2]
8. لا طريقَ إلى معرفة اللّه، وإلى الوصول إلى رضوانه، والفوزِ بقُربه ومجاورته في الآخرة، إلّا بالعلم النّافع الذي بَعَث اللّه به رسله، وأنزل به كُتبه[3].
9. بالعلم يُعرَف الله حقَّ المعرفة، وبالعلم يُهتدى في ظلمات الجهل والشُّبَه والشُّكوك؛ ولهذا سمَّى اللّه كتابه نورًا؛ لأنّه يُهتدى به في الظُّلُمات
قال تعالى:
{قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيرًا مِمَّا كُنْتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ ۚ قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ 15 يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَىٰ صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} [4].
[المائدة: 15 - 16]
10. قال ابن مسعود: إنَّ أقوامًا يقرؤون القرآن لا يجاوز تراقيَهم؛ ولكن إذا وقع في القلب، فرَسَخ فيه، نَفَع[5].
11. العلم علمان: علمٌ على اللّسان، فذاك حُجَّة اللّه على ابن آدَمَ، وعلمٌ في القلب، فذاك العلم النّافع[6].
12. فَقُمْ غُصْ أَخِي فِي بِحَارِ الْعُلُومِ = وَحُزْ دُرَرًا وَانْسَ نَوْمَ السُّبَاتْ
تَزَيَّنْ بِدُرِّكَ إِنْ حُزْتَهُ = وَكُنْ مَالِكَ الْمَاءِ فِي الْفَلَوَاتْ
فَهَذَا الطَّرِيقُ طَرِيقُ الْحَيَاةِ = أَخِي إِنْ حَيِيتَ وَإِلاَّ الْمَمَاتْ
13. إِذا ما لَم يُفِدكَ العِلمُ خَيرًا = فَخَيرٌ مِنهُ أَن لَو قَد جَهِلتَا
وَإِن أَلقاكَ فَهمُكَ في مَهاوٍ = فَلَيْتَكَ ثُمَّ لَيْتَكَ ما فَهِمتا
سَتَجني مِن ثِمارِ العَجزِ جَهلاً = وَتَصغُرُ في العُيونِ إِذا كَبُرْتا
14. إِذَا مَا تَعَلَّمْتُ شَيْئًا كَأَنِّي = بِصَحْرَاءَ حَالِكَةِ الظُّلُمَاتْ
وَنَجْمٌ بَدَا فَأَضَاءَ الطَّرِيقَ = وَكَمْ يُفْرِحُ الْمَرْءَ ذِي اللَّحَظَاتْ
وَلَكِنَّهَا فَرْحَةٌ كَالسَّرَابِ = فَيَبْدُو الطَّرِيقُ طَوِيلاً وَعَاتْ
وَمِنْ خَلْفِهِ تَكْثُرُ الطُّرُقَاتُ = فَإِمَّا أُلُوفٌ وَإِمَّا مِئَاتْ
فَيَا لَيْتَ شِعْرِي أَعِلْمِي يَزِيدُ = أَمِ الْجَهْلُ يَبْدُو فَقَطْ فِي ثَبَاتْ؟
وَلَكِنْ عَجِبْتُ لِهَذَا الطَّرِيق = لأَشْوَاكِهِ لَذَّةُ الشَّهَوَاتْ
المراجع
- "شرح سنن أبي داود" عبد المحسن العباد (3/412) وهو تفريغ صوتي لدروس الشيخ، ورقم الجزء هو رقم الدرس.
- "جامع العلوم والحكم" لابن رجب (2/ 297).
- "جامع العلوم والحكم" لابن رجب (2/ 298).
- "جامع العلوم والحكم" لابن رجب (2/ 298).
- "جامع العلوم والحكم" لابن رجب (2/ 299).
- "جامع العلوم والحكم" لابن رجب (2/ 299).
1. اعلمْ أنه لا يَقبل ما أنزل اللهُ من الهدى والدين إلا مَن كان قلبُه نقيًّا من الإشراك والشكِّ، فالقوب التي قبِلت العلم والهدى هي كالأرض المتعطِّشة إلى الغيث، فهي تنتفعُ به فتَحْيا فتُنبِت.
2. إن القلوب البريئة من الشكِّ والشرك، المتعطِّشة إلى معالم الهدى والدين، إذا وعَتِ العلمَ، حَيَتْ به، فعمِلت، وأنبتت ما تَحْيا به أرواح الناس المحتاجين إلى مثل ما كانت القلوب الواعية تحتاجُ إليه[1].
3. إن حاجة العباد إلى العلم كحاجتهم إلى الْمَطَر؛ بل أعظم، وإنهم إذا فقدوا العلم، فهم بِمَنْزِلَة الأرض التي فقدت الْغَيْث.
4. إقبالُ القلوب على الله، وقَبولها الهدى والعلم، والانتفاع بهما، ونفعُ الناس بذلك - هي مِنَحٌ من الله وعطاءاتٌ قبل أن تكون جِدًّا واكتسابًا؛ فالاستعدادات ليست بمكتسَبة؛ بل هي مواهبُ ربَّانية، وكمالها أن تنهَل من مِشْكاة النبوَّة، فلا خيرَ فيمَن يشتغل بغير الكتاب والسُّنة[2].
5. الكِبر عن الحقِّ، والإعراض عن قَبوله، شرُّ الأمراض التي تُهلك صاحبها في الدنيا والآخرة، وتَصرِفه عن قَبول الحقِّ والانتفاع به
قال الله تعالى:
﴿سَأَصْرِفُ عَنْ آيَاتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَإِن يَرَوْا كُلَّ آيَةٍ لَّا يُؤْمِنُوا بِهَا وَإِن يَرَوْا سَبِيلَ الرُّشْدِ لَا يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا وَإِن يَرَوْا سَبِيلَ الْغَيِّ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا ۚ ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَكَانُوا عَنْهَا غَافِلِينَ﴾
[الأعراف: 146]
6. النَّاس محتاجون إلى الْعلم أكثرَ من حاجتهم إلى الطعام والشراب؛ لأن الطعام والشراب يُحْتَاج إليه في اليوم مرَّةً أو مرَّتَيْنِ، وَالعلم يُحْتَاج إليه بِعَدَد الأنفاس[3].
7. القلوبُ أَوْعِيَةٌ فخَيْرُهَا أَوْعاها[4].
8. الْقُلُوبُ آنِيَةُ اللَّه في أرضه، فَأَحَبُّهَا إلى اللَّه تعالى أَرَقُّهَا وأصْفاها[5].
9. إنّ القلبَ إذا كان رقيقًا ليِّنًا، كان قبوله للعلم سهلًا يسيرًا، ورَسَخ العلم فيه، وثَبَت وأثَّر، وإن كان قاسيًا غليظًا، كان قبوله للعلم صعبًا عسيرًا. ولا بدَّ مع ذلك أن يكون زكيًّا صافيًا سليمًا؛ حتى يَزْكُوَ فيه العلم ويُثمر ثمرًا طيِّبًا، وإلّا فلو قَبِل العلم وكان فيه كَدَر وخُبث، أفسد ذلك العلمَ، وكان كالدَّغَل في الزّرع، إن لم يَمنَع الحَبَّ من أن يَنبُت مَنَعه من أن يزكوَ ويَطِيب، وهذا بيِّن لأولي الأبصار[6].
10. ما الفضلُ إِلا لأهلِ العلمِ إِنهمُ = على الهُدى لمن استهدى أَدِلَّاءُ
وقيمةُ المرءِ ما قد كان يُحْسِنُهُ = والجاهِلونَ لأهل العلمِ أعداءُ
فقمْ بعلمٍ ولا تَطلُبْ به بدلاً = فالناسُ مَوْتى وأهلُ العلمِ أحياءُ
11. كن عالِمًا في الناسِ أو متعلِّمًا = أو سامعًا فالعلمُ ثَوْبُ فَخَارِ
من كلِّ فنٍّ خُذْ ولا تجهلْ به = فالحُرُّ مطَّلِعٌ على الأسرارِ
وإِذا فَهِمْتَ الفقهَ عشتَ مُصَدَّرًا = في العالمينَ مُعَظَّمَ المقدارِ
المراجع
- "شرح صحيح البخاري لابن بطال" ابن بطال (1/ 163).
- "مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح" الطيبي (1/ 248).
- "مفتاح دار السعادة" لابن القيم (1/ 60، 61).
- "مجموع الفتاوى" (9/ 315).
- "مجموع الفتاوى" (9/ 315).
- "مجموع الفتاوى" (9/ 315).
1. إن الدعوة إلى الله تعالى شرف وواجب؛ فبها تنتشر الفضائل والمكارم، وتنمحي الرذائل، وتعلو كلمة الله، ويهتدي الحَيَارى، ويَعِزُّ الإسلام والمسلمون.
2. قال تعالى:
{وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ}
[فصلت: 33]
أي: لا أحد أحسنُ قولًا ممن دعا إلى الله مع العمل الصالح الذي يُصدِّق قوله، ومع استسلامه لله تعالى منكِرًا ذاته، فتُصبح دعوته خالصةً لله تعالى، ليس له فيها إلا التبليغ.
3. على المسلم أن يدعوَ إلى الله تعالى بما وهبه الله من مواهبَ، لا يُشترط أن يكون خطيبًا مفوَّهًا؛ بل إن وسائل الدعوة كثيرة، خاصَّة في العصر الحديث، وما استُحدث فيه من وسائلَ هائلةٍ.
4. أمر النبيُّ ﷺ بتبليغ ولو آيةً واحدة؛ حتى يسارع كل مسلم إلى تبليغ ما بَلَغه من الشرع مهما قلَّ، وحتمًا سيصل كل ما جاء به ﷺ إذا فعل كل مسلم ذلك.
5. يجب على العلماء والدعاة القائمين على أمر الدعوة، أصحاب الخبرة والبذل والعطاء، الذين وهبوا حياتهم للدعوة إلى الله، أن يوجِّهوا الناس إلى القيام بواجبهم تُجاهَ الدعوة إلى الله، ودعوتهم للانخراط في مجالات العمل الدعويِّ المختلفة، ويحفِّزوهم ويحضُّوهم على ذلك، ويوجِّهوا كلًّا منهم إلى ما يُحسنه، مستغلِّين المواهب والإمكانياتِ المختلفة لديهم، فيفتحوا لهم آفاق الدعوة التي يمكِنهم العمل من خلالها.
6. إن الدعوة إلى الله تعالى هي أشرفُ الأعمال وأعظمها، وهي مَهمَّة الأنبياء والرسل - عليهم السلام - ومن أكبر النعم على المرء أن يحظى بشرف الدعوة إلى الله تعالى، ويكفيه شرفًا أنه يبلِّغ ما جاء به المصطفى ﷺ.
7. إن الدالَّ على الخير كفاعلِه، والدالَّ على الشرِّ كفاعله، ومَن فتَح بابَ خيرٍ كان له أجرٌ مِثلُ أجْرِ مَن عمِل به، ومَن فتح باب شرٍّ كان عليه من الوِزر مِثلُ وِزرِ مَن عمِل به؛ لأنه سببٌ ووسيلة في الخير أو الشرِّ[1].
8. السَّعيد مَن كان إمامًا في الخير، وقائدًا إليه، والشقيُّ مَن كان عونًا على الشرِّ، وطريقًا إليه.
9. ما أشرفَ قولَ رِبْعِيِّ بْنِ عَامِرٍ لكلِّ داعية: "اللّهُ ابتَعَثنا لنُخرج من شاء من عبادة العباد إلى عبادة اللّه، ومن ضِيق الدّنيا إلى سَعَتها، ومن جَور الأديان إلى عدل الإسلام، فأرسلنا بدينه إلى خلقه لندعوَهم إليه"[2].
10. تَحْيَا الخلائِقُ وَالْغَوِيُّ يَشُدُّها = نحوَ الضَّلالِ لحَمْأَةٍ وفَسَادِ
يَسْعى بهم أهلُ الدَّهَاءِ بمَكْرِهمْ = ليجنِّبوهم منهجَ الإرشاد
لا يَفتُرون عن الوسائل للهوى = مهما رَأَوْا مِن شِدَّةٍ وعِنادِ
حَمَلوا النفوس على الغَوايَة والأذى = وتَعَمَّقُوا في الزَّيْغِ والإفساد
11. دَعَوْتُ إلى اللهِ بين الورى = فهذا استَجَابَ وذا اسْتَكْبَرَا
وظَلْتُ على دعوتي مُؤْجَرًا = فَمَنْ يَدْعُ للهِ لن يَخْسَرا
أيا قَوْمِ توبوا إلى ربِّكِمْ = فرِضوانُه لم يَزَلْ أَكْبَرا
12. فَرْضٌ علينا أن نَقُومَ بدعوةٍ = ونُبَلِّغَ الحقَّ الوَضِيءَ لصَادِ
فاللهُ وَحَّدَ قَصْدَنا بشريعةٍ = تُهْدَى من الأجداد للأحفادِ
ولَئِنْ صَبَرْنا بعدَ طُولِ مَشَقَّةٍ = نِلْنَا منَ المزروع خيرَ حَصَادِ
فتَعَلَّمُوا نِعْمَ الْفَتى مُتعلِّمًا = وتَزَوَّدُوا نِعْمَ التُّقَى مِن زَادِ
المراجع
- "فتح المنعم شرح صحيح مسلم" لموسى شاهين لاشين (10/ 214).
- "البداية والنهاية" لابن كثير (7/ 39).
1. إن أفضل ما صرفتَ فيه الأوقات، واستثمرتَ فيه الساعات، وأمضيت فيه الأعمار، الاشتغالُ بالعلم وتحصيله، والعناية به، سماعًا وفَهمًا، وحفظًا ومذاكرة، وتبليغًا؛
قال رسولُ الله ﷺ:
«نضَّر اللهُ امرأً سَمِعَ منَّا حديثًا، فحفِظَه حتى يُبلِّغَه».
2. إن النَّضْرةَ هي البهجة والحُسن الّذي يُكساه الوجهُ من آثار الإيمان، وابتهاج الباطن به، وفَرح القلب وسروره والْتِذاذه به، فتظهر هذه البهجة والسّرور والفرحة نضارةً على الوجه؛ ولهذا يجمع له سبحانه بين البهجة والسُّرور والنضرة
كما في قوله تعالى:
{فَوَقَاهُمُ اللَّهُ شَرَّ ذَٰلِكَ الْيَوْمِ وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُورًا}
[الإنسان: ١١]
فالنضرة في وجوههم، والسّرور في قلوبهم[1].
3. إن النعيم وَطيب الْقلب يَظْهَر نضارةً في الْوَجْه
كما قال تعالى:
{تَعْرِفُ فِي وُجُوهِهِمْ نَضْرَةَ النَّعِيمِ}
[المطففين: ٢٤]
والمقصود أن هذه النضرة في وَجه من سَمِع سنَّة رسول الله، ووعاها، وحفظها، وبَلَّغها؛ فهي أَثَر تلك الْحَلاوة والبهجة وَالسُّرُور الذي في قلبه وباطنه[2].
4. يكفي شرفًا من يبلِّغ ما جاء به النبيُّ ﷺ أنه يدخل في قوله تعالى:
{وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ}
[فصلت: 33]
أي: لا أحد أحسنُ قولاً ممن دعا إلى الله مع العمل الصالح الذي يُصدِّق قوله، ومع استسلامه لله تعالى منكِرًا ذاته، فتصبح دعوته خالصةً لله تعالى، ليس له فيها إلا التبليغ.
5. تبليغ العلم وبثُّه فِي الأمَّة ليحصل بِهِ ثَمَرَته ومقصوده؛ فهو بمَنْزِلة الكَنْز المدفون في الأرض الذي لا يُنْفَق منه، وهو معرَّض لذَهابه؛ فإن الْعلم مَا لم يُنْفَق منه ويُعلَّم، فإنه يُوشك أن يَذهَب، فإذا أُنفِق منه، نَما وزكا على الإنفاق[3].
6. إن من أعظم الواجبات على كلِّ مسلم، وأفضل القُربات إلى الله: طلبَ العلم، والدعوةَ إلى الله تعالى؛ فقد رغَّب الإسلام فيهما، وحضَّ المسلمَ عليهما على قدر استطاعته، فليتعلَّم ولو آيةً ليُبلِّغَها، وله عظيم الجزاء.
7. قَالَ سُفْيانُ بنُ عُيَيْنَة: لا تَجِدُ أحدًا من أهل الحديث إلَّا وفي وجهه نَضْرَةٌ؛ لدعوة النَّبِيِّ ﷺ[4].
8. مِن أعظم أبواب الخير أن يُرزَق العبدُ تعلُّمَ حديث رسول الله ﷺ وتعليمه؛ فلم يَزَل لأهل الحديث نضارةٌ في وجوههم؛ لخبر النبيِّ ﷺ ودعائه
9. إنما خصَّ حافِظَ سُنَّته ومبلِّغَها بهذا الدعاء «نضَّر الله امرأ»؛ لأنه سعى في نضارة العلم، وتجديد السُّنَّة، فجازاه في دعائه له بما يُناسب حاله في المعاملة؛ فالجزاء من جنس العمل.
10. ما الفَضلُ إِلَّا لِأَهلِ العِلمِ إِنَّهُمُ = عَلى الهُدى لِمَنِ استَهدى أَدِلَّاءُ
11. رَأَيتُ العِلمَ صاحِبُهُ كَريمٌ = وَلَو وَلَدَتْهُ آباءٌ لِئامُ
فلَيسَ يزالُ يَرفَعُهُ إِلى أَن = يُعَظِّمَ أَمرَهُ القَومُ الكِرامُ
وَيَتَّبِعونَهُ في كُلِّ حالٍ = كَراعي الضَّأنِ تَتبَعُهُ السَّوامُ
فَلَولا العِلمُ ما سَعِدَت رِجالٌ = وَلا عُرِفَ الحَلالُ وَلا الحَرامُ
المراجع
- "مفتاح دار السعادة" لابن القيم (1/ 72).
- "مفتاح دار السعادة" لابن القيم (1/ 72).
- "مفتاح دار السعادة" لابن القيم (1/ 72).
- "مجموع الفتاوى" (1/ 11).
1. عليك بعُلُوِّ الهِمَّة في طلب العلم وتَحصيله، مع الإخلاص لله تعالى في طلبه.
2. الذي جانَبَه الصوابُ بعد الاجتهاد والتحرِّي، وطَرَق أبواب المعرفة، مأجورٌ مرفوعٌ عنه الإثم والحَرَج، بخلاف الجاهل إذا اجتهد؛ فإنه ليس متمكِّنًا من آلات الاجتهاد، وفرضُه التعلُّم، وسؤال أهل العلم.
3. لولا ما ذكَر الله من أمرِ داود وسليمان – عليهما السلام - لرأينا أن القضاة قد هلكوا؛ فإنه أثنى على هذا بعمله، وعذَر هذا باجتهاده؛ يعني قوله:
{وَدَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ إِذْ يَحْكُمَانِ فِي الْحَرْثِ إِذْ نَفَشَتْ فِيهِ غَنَمُ الْقَوْمِ وَكُنَّا لِحُكْمِهِمْ شَاهِدِينَ 78 فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ ۚ وَكُلًّا آتَيْنَا حُكْمًا وَعِلْمًا ۚ وَسَخَّرْنَا مَعَ دَاوُودَ الْجِبَالَ يُسَبِّحْنَ وَالطَّيْرَ ۚ وَكُنَّا فَاعِلِينَ} »[1].
[الأنبياء: 78، 79]
4.
قال تعالى:
{قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ ۗ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ}
[الزمر: ٩]
5.
قال تعالى:
{إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ}
[فاطر: ٢٨]
أي: إنما يخشاه حقَّ خشيته العلماءُ العارفون به؛ لأنه كلَّما كانت المعرفةُ بالله العظيم أتمَّ، والعلمُ به أكملَ، كانت الخشية له أعظمَ وأكثر[2].
6. يَظُنُّ الْغُمْرُ أَنَّ الْكُتْبَ تَهْدِي = أَخَا فَهْمٍ لِإِدْرَاكِ الْعُلُومِ
وَمَا يَدْرِي الْجَهُولُ بِأَنَّ فِيهَا = غَوَامِضَ حَيَّرَتْ عَقْلَ الْفَهِيمِ
7. تَعَلَّمْ فَإِنَّ الْعِلْمَ زَيْنٌ لِأَهْلِهِ = وَفَضْلٌ وَعُنْوَانٌ لِكُلِّ الْمَحَامِدِ
تَفَقَّهْ فَإِنَّ الْفِقْهَ أَفْضَلُ قَائِدٍ = إِلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَأَعْدَلُ قَاصِدِ
8. الْعِلْمُ قَالَ اللَّهُ قَالَ رَسُولُهُ = قَالَ الصَّحَابَةُ لَيْسَ بِالتَّمْوِيهِ
مَا الْعِلْمُ نَصْبَكَ لِلْخِلافِ سَفَاهَةً = بَيْنَ الرَّسُولِ وَبَيْنَ رَأْيِ فَقِيهِ
9. مَا الْفَخْرُ إلَّا لِأَهْلِ الْعِلْمِ إِنَّهُمُ = عَلَى الْهُدَى لِمَنِ اسْتَهْدَى أَدِلَّاءُ
وَقَدْرُ كُلِّ امْرِئٍ مَا كَانَ يُحْسِنُهُ = وَالْجَاهِلُونَ لِأَهْلِ الْعِلْمِ أَعْدَاءُ
فَفُزْ بِعِلْمٍ تَعِشْ حَيًّا بِهِ أَبَدًا = فَالنَّاسُ مَوْتَى وَأَهْلُ الْعِلْمِ أَحْيَاءُ
المراجع
- "جامع العلوم والحكم" ابن رجب الحنبلي (2/ 366).
- تفسير ابن كثير (6/482).
1. التقوى أن تعمل بطاعة الله، على نور من الله، ترجو ثوابَ الله، وأن تتركَ معصيةَ الله، على نور من الله، تخافُ عقابَ الله[1].
2. التقوى كلمة جامعة من أجمع الكلمات الشرعية، ومعناها: أن يتَّخِذ الإنسان وقايةً من عذاب الله، ولا يكون هذا إلا بفعل الأوامر واجتناب النواهي، ولا يكون فعلُ الأوامر واجتناب النواهي إلا بعلم الأوامر والنواهي[2].
3. إذا اجتمع للإنسان العلم والعمل، نال بذلك خشية الله، وحَصَلت له التقوى؛ فتقوى الله: أن يتَّخَذ الإنسان وقاية من عذابه، بفعل أوامره، واجتناب نواهيه، ولا وصول إلى ذلك إلا بالعلم بما يُعِين عليه من أوامر الله[3].
4. عليك بسنَّة النبيِّ ﷺ؛ فإن سنَّة النبيِّ ﷺ هي سبيل النجاة من الخلافات والبدع.
5. قال ابن مسعود: نِعمَ المجالس المجلسُ الذي تُنشر فيه الحكمةُ، وتُرجى فيه الرحمةُ، هي مجالس الذِّكر[4].
6. قال عبد اللّه بن مسعود: "اتَّبِعوا ولا تبتدعوا؛ فقد كُفيتم؛ فإنّ كلّ محدَثة بِدعة، وكلَّ بدعة ضلالة"[5].
7. قال عبد اللّه بن مسعود: "إنّا نقتدي ولا نبتدي، ونتَّبِع ولا نبتدِع، ولن نَضِلَّ ما تمسَّكنا بالأثر"[6].
8. قال عبد اللّه بن مسعود: "إيّاكم والتّبدُّعَ، وإيّاكم والتّنطُّع، وإيّاكم والتّعمُّقَ، وعليكم بالدّين العتيق"[7].
9. قال عبد اللّه بن مسعود: "وإيّاكم والمحدَثاتِ؛ فإنّ شرَّ الأمور محدَثاتها، وكلّ بدعة ضلالة"[8].
10. قال عبد اللّه بن مسعود: "اتَّبِعْ ولا تبتدع؛ فإنّك لن تضلَّ ما أَخَذْتَ بالأثر"[9].
11. قال ابن عبّاس: "كان يقال: عليكم بالاستقامة والأثر، وإيّاكم والتّبدُّعَ"[10].
قال شُرَيْحٌ: "إنّما أقتفي الأَثَرَ، فما وجدتُ قد سَبَقنا إليه غيرُكم، حدَّثتُكم به"[11].
12. قال إبراهيم النَّخَعِيُّ: "لو بلغني عنهم - يعني الصّحابةَ - أنّهم لم يجاوزوا بالوضوء ظُفْرًا ما جاوزتُه به، وكفى على قوم وِزْرًا أن تُخالف أعمالهم أعمال أصحاب نبيِّهم ﷺ"[12].
13. قال عمر بن عبد العزيز: "إنّه لم يبتدع النّاس بدعةً إلّا وقد مضى فيها ما هو دليلٌ وعِبرة منها، والسُّنَّة ما استنَّها إلّا من عَلِم ما في خلافها من الخطأ والزَّلل والحُمق والتّعمُّق، فارضَ لنفسك ما رَضِيَ القوم"[13].
14. قال عمر بن عبد العزيز: "قِفْ حيث وقف القوم، وقل كما قالوا، واسكت كما سكتوا؛ فإنّهم عن عِلْمٍ وقفوا، وببصر ناقد كفُّوا، وهم على كشفها كانوا أقوى، وبالفضل لو كان فيها أحرى. أي: فلئن كان الهدى ما أنتم عليه، فلقد سبقتموهم إليه، ولئن قلتُم: حَدَث بعدَهم، فما أحدثه إلّا من سلك غيرَ سبيلهم، ورَغِب بنفسه عنهم، وإنّهم لهم السّابقون، ولقد تكلَّموا منه بما يكفي، ووصفوا منه ما يَشفي، فما دونهم مقصِّر، ولا فوقهم مجسِّر، ولقد قصَّر عنهم قوم فجَفَوْا، وطَمَح آخرون عنهم فغَلَوْا، وإنّهم فيما بين ذلك لعلى هدًى مستقيم"[14].
15. متى صحَّت التقوى، رأيتَ كلَّ خير، والمتَّقي لا يُرائي الخَلق، ولا يتعرَّض لما يؤذي دينه، ومن حفظ حدود الله حفظه الله"[15].
16. يدوم طِيب القلب بدوام التقوى[16].
17. يحضُّ الإسلام دائمًا على لزوم الجماعة؛ فرفع راية الحقِّ وكلمة الله تعالى يتوقَّف تحقُّقه على القوَّة الجماعية، وقوة الأمَّة في وَحْدتها.
18. شكا رجُل إلى الحسن رحمه الله قساوةَ قلبه فقال: ادْنُهْ من الذِّكر، وقال: مجلس الذِّكر محياةُ العلم، ويُحدث في القلب الخشوع؛ فإن القلوب الميِّتة تحيا بالذِّكر كما تحيا الأرض الميتة بالقَطْر[17].
19. إِذَا أَنْتَ لَمْ تَرْحَلْ بِزَادٍ مِنَ التُّقَى = وَلَاقَيْتَ بَعْدَ الْمَوْتِ مَنْ قَدْ تَزَوَّدَا
نَـدِمْتَ عَـَلى أَلَّا تَكُونَ كَمِثْلِهِ = وَأَنَّكَ لَمْ تَرْصُدْ كَمَا كَانَ أَرْصَدَا
20. وَمَا لَبِسَ الإنسانُ أَبْهَى مِنَ التُّقَى = وَإِنْ هُوَ غَالَى فِي حِسَانِ الْمَلابِسِ
21. مِلَاكُ الأَمْرِ تَقْوَى اللهِ فَاجْعَلْ = تُـَقاهُ عِدَّةٌ لِـَصلاحِ أَمْرِكْ
وَبَـادِرْ نَحْوَ طَاعَتِهِ بِعَزْمٍ = فَمَا تَدْرِي مَتَى يَمْضِي بِعُمْرِكْ
المراجع
- انظر: "الرسالة التبوكية = زاد المهاجر إلى ربه" لابن تيمية (1/ 9)، "مدارج السالكين" لابن القيم (1/ 459).
- "شرح رياض الصالحين" للعثيمين (2/ 276).
- "شرح رياض الصالحين" للعثيمين (2/ 276).
- "لطائف المعارف" لابن رجب (ص: 14).
- "إعلام الموقعين عن رب العالمين" لابن القيم (4/ 115).
- "إعلام الموقعين عن رب العالمين" لابن القيم (4/ 115).
- "إعلام الموقعين عن رب العالمين" لابن القيم (4/ 115).
- "إعلام الموقعين عن رب العالمين" لابن القيم (4/ 115).
- "إعلام الموقعين عن رب العالمين" لابن القيم (4/ 115).
- "إعلام الموقعين عن رب العالمين" لابن القيم (4/ 115).
- "إعلام الموقعين عن رب العالمين" لابن القيم (4/ 115).
- "إعلام الموقعين عن رب العالمين" لابن القيم (4/ 115).
- "إعلام الموقعين عن رب العالمين" لابن القيم (4/ 115).
- "إعلام الموقعين عن رب العالمين" لابن القيم (4/ 115).
- "صيد الخاطر" لابن الجوزيِّ (ص: 509).
- "صيد الخاطر" لابن الجوزيِّ (ص: 410).
- "لطائف المعارف" لابن رجب (ص: 14).
1. من نوى الخير ولم يستطع تنفيذه لعُذر، كُتب له أجره.
2. بالنية الصالحة تتحوَّل العادات إلى عبادات.
3. الخير كلُّه في إصلاح النوايا.
4. إيَّاكَ والشِّرك الخفيَّ؛ فالرياءُ يُحبط الأعمال، ويحوِّل عظائم العبادات إلى مُهلِكات.
5. الإنسان قد يجتهد ويَبذُل كثيرًا من المشقَّة يَقصِد بذلك غيرَ وجه الله، فيكون عمله محبَطًا، وسببًا في هلاكه.
6. قال الفُضيل في قوله تعالى:
{لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا}
[الملك: 2]
قال: أَخلَصُه وأَصوَبه. وقال: إنّ العمل إذا كان خالصًا، ولم يكن صوابًا، لم يُقبَل، وإذا كان صوابًا، ولم يكن خالصًا، لم يُقبَل حتّى يكون خالصًا وصوابًا. قال: والخالصُ إذا كان للّه عزَّ وجلَّ، والصَّوابُ إذا كان على السُّنَّة[1].
7. رُبَّ عملٍ صالح أُريد به ثناءُ الناس واستحسانهم لعمله، كان سببًا في هلاك صاحبه ودخوله النار؛ فأوَّلُ من تُسعَّر بهم النار رَجُلٌ اسْتُشْهِدَ، حيث قاتل ليقال عنه: جَرِيءٌ، ورجلٌ تَعَلَّمَ الْعِلْمَ ليُقال عنه: عَالِمٌ، ورجل يُنفِق ليُقال عنه: هو جَوَادٌ، وقد قِيلَ.
8. الله عزَّ وجلَّ لا يَقبَل من العمل إلا ما أُريد به وجهُه، فـ"قولوا لمن لم يكن صادقًا لا تَتعَب"[2].
9. قَالَ ﷺ:
«مَنْ تَعَلَّمَ عِلْمًا مِمَّا يُبْتَغَى بِهِ وَجْهُ اللَّهِ، لَا يَتَعَلَّمُهُ إِلَّا لِيُصِيبَ بِهِ عَرَضًا مِنَ الدُّنْيَا، لَمْ يَجِدْ عَرْفَ الْجَنَّةِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ»
يَعْنِي رِيحَهَا[3].
10. اعلم أن الإنسان يُضاعَفُ أجرُه وثوابُه على قدر نيَّاته، فمن دَخَل إلى مسجد يريد الصلاة ونَوَى بدخوله انتظارَ الصلاة واعتكافًا في المسجد، وذِكْرَ الله، وكفَّ جوارِحِه عن المعاصي، وخَلْوةً مع الله - فإنه يُثاب على هذه النيَّات كلِّها.
11. اعلم أن عون الله تعالى للعبد على قدر النيَّة، فمن تمَّت نيَّته، تمَّ عَوْنُ الله له، وإن نَقَصت نَقَص بقَدْرِه[4].
12. تَعَلَّمِ النِّيَّةَ؛ فإنها أَبْلَغُ من العمل[5].
13. انْوِ في كُلِّ شَيْءٍ تريده الْخَيْرَ، حتى في الطعام والشَّراب.
14. إن الخير كلَّه إِنَّما يَجمَعه حُسْنُ النِّيَّةِ، وكفاك بها خَيْرًا وإن لم تَتعب[6].
15. الْبِرُّ هِمَّةُ التَّقِيِّ، ولو تعَلَّقت جميعُ جوارحه بِحُبِّ الدنيا، لرَدَّته يَوْمًا نِيَّتُه إلى أصله[7].
16. تخليصُ النِّيَّةِ من فسادها أشدُّ على العاملين من طول الاجتهاد[8].
17. صَلَاحُ الْقَلْبِ بِصَلَاحِ الْعَمَلِ، وَصَلَاح العمل بصلاح النِّيَّةِ.
18. مَن سَرَّهُ أَنْ يَكْمُلَ له عَمَلُهُ، فَلْيُحسنْ نِيَّتَه؛ فإنَّ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ يَأْجُرُ العبدَ إذا حَسُنَتْ نِيَّتُهُ، حتى باللُّقْمةِ[9].
19. رُبَّ عملٍ صغيرٍ تُعَظِّمُهُ النِّيَّةُ، وَرُبَّ عملٍ كبير تُصغِّرُه النِّيَّةُ[10].
20. لَا يَصْلُح العمل إلَّا بثلاث: التقوى لِلَّه، والنِّيَّةِ الحسنة، والإصابة[11].
21. إنما يريد اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ منك نِيَّتَك وإرادتَك[12].
22. أفضلُ الأعمال أَدَاءُ ما افترض اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ، وَالْوَرَعُ عَمَّا حَرَّمَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ، وصِدقُ النِّيَّة فيما عند اللَّه عَزَّ وَجَلَّ[13].
23. كان السلف الصالح يتفاضلون بنيَّاتهم ومقاصدهم وما وَقَر في قلوبهم، ولم يكونوا يتفاضلون بالصوم والصلاة.
24. يُثاب المرء بقَدْر نيَّته.
25. النية الصالحة تعظِّم من العمل الصغير، والنية الفاسدة تحقِّر من العمل الكبير.
26. إصلاح النية يحتاج إلى جهدٍ ومِران.
27. لا تُقبَل الأعمال إلا بالإخلاص، وموافقتِها للكتاب والسنَّة.
28. الوساوس والخواطر التي تَرِد على القلب لا تؤثِّر على النيَّة ما لم تتغيَّر.
29. الحذرَ كلَّ الحذر من الدنيا، وتوجُّه قلبكَ إليها، ونسيان الآخرة.
30. إِذَا شِئْتَ أَنْ تُدْعَى كَرِيمًا مُهَذَّبًا = تَقِيًّا سَرِيًّا مَاجِدًا فَطِنًا حُرَّا
فَكُنْ مُخْلِصًا للهِ جَلَّ جَلالُهُ = وَكَنْ تَابِعًا لِلْمُصْطَفَى تُحْرِزِ الأَجْرَا
31. قلوبُ الْمُخلِصينَ لها عيونٌ = تَرى ما لا يراه الناظرونَ
وأجنحةٌ تطيرُ بغيرِ ريشٍ = إلى ملكوت ربِّ العالمين
فتسقيها شرابَ الصدق صِرْفًا = وتشرب مِن كؤوس العارفينَ
32. لَعَمْرُك إن المجدَ والفخر والعلا = ونَيْلَ الأمانِي واكتسابَ الفضائلِ
لِمَنْ يُخلِصُ الأعمال لله وحدَهُ = ويُكثِر مِن ذكرٍ له في المنازلِ
33. إذا السرُّ والإعلان في المؤمن استوى = فقد عزَّ في الدارينِ واستوجب الثَّنَـا
فإن خـالَفَ الإعلانُ سِــرًّا فما له = على سَعْيِه فضلٌ سوى الكَدِّ والعَنَا
المراجع
- "جامع العلوم والحكم" لابن رجب (1/ 72).
- "تلبيس إبليس" لابن الجوزيِّ (137).
- رواه أحمد (8457)، وأبو داود (3664)، وابن ماجه (252)، وصححه الألبانيُّ في "صحيح الترغيب والترهيب" (105).
- "إحياء علوم الدين" لأبي حامد الغزاليِّ (4/364).
- "جامع العلوم والحكم" لابن رجب (1/ 70).
- "جامع العلوم والحكم" لابن رجب (1/ 70).
- "جامع العلوم والحكم" لابن رجب (1/ 70).
- "جامع العلوم والحكم" لابن رجب (1/ 70).
- "جامع العلوم والحكم" لابن رجب (1/ 71).
- "جامع العلوم والحكم" لابن رجب (1/ 71).
- "جامع العلوم والحكم" لابن رجب (1/ 71).
- "جامع العلوم والحكم" لابن رجب (1/ 71).
- "جامع العلوم والحكم" لابن رجب (1/ 71).
1. الروح في البَدَن حياةٌ، وغِيابُها موت، وكذلك الذِّكر، إنه روح تُحيي ما تَحُلُّ به وتَسري فيه، جمادًا كان أو إنسانًا، وإذا غابت عن شيء فهو الموت، ويا لَقَساوة القلب الغافل! إنه لَقلبٌ ميِّت!
2. ما تَلَذَّذَ المتلَذِّذون بِمِثْلِ ذكرِ الله - عزَّ وجلَّ - فليس شيءٌ من الأعمال أخفَّ مُؤنةً منه، ولا أعظمَ لذَّةً ولا أكثرَ فرحةً وابتهاجًا للقلب[1].
3. البيتُ الذي يملؤه ذكرُ الله تعالى، والذي يحيا فيه الذاكر، هو بمنزلة بيت الحيِّ، فيه حياةٌ، وقلبُ الذاكر حيٌّ فيه حياة، أما بيتُ الغافل، فإنه بمنزلة بيت الميِّت، بمنزلة القبر، وقلبُ الغافل قاسٍ ميتٌ لا روحَ فيه ولا حياة.
4. أدنى دَرَجات الذِّكر الذكرُ باللسان دون حضور القلب؛ حيث إن المقصود من ذكر الله تعالى حضورُ القلب، وأفضلُه ما تَوَاطَأ عليه القلبُ واللسان، ثم ذكر الله بالقلب وحدَه.
5. رغم أن الذكر سهلٌ يسير، فإنه لا يتأتَّى إلا لمن كان قلبُه عامرًا بالإيمان.
6. لابدَّ أن يناجيَ القلبُ ربَّه، ما بين تضرُّع لله، وثناءٍ، وتملُّق، واستعظام، وغيرها من أنواع المناجاة بالقلب الحيِّ، وهذا شأن كلِّ محبٍّ وحبيبه.
7. هذه هي القلوب الحيَّة التي وصفها الله تعالى بقوله:
{الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ}
[الرعد: ٢٨]
قلوب تطمئنُّ بذكر الله وتَأنَس به، وبصِلَتها بالله تعالى، والأُنس بجواره، والأمن في جَنَابِه وفي حِماه، لا تَسْتَوْحِش الطريق، ولا يُصيبها الحَيرة والوَحْدةُ والقَلق.
8. إذا كانت الروح في البَدَن حياةً، وغِيابُها موتًا، فكذلك الذكر، يُحيي ما يَحُلُّ به، جمادًا كان أو إنسانًا، بيتًا كان أو قلبًا؛ فيا لقساوة القلب الغافل! إنه لَقلبٌ ميت.
9. قلوب الذاكرين تَأنَس وتطمئنُّ بالله، وبمعرفته، وبحكمتِه، ورحمتِه، لا تخشى ما يصيبها من ضُرٍّ أو شَرٍّ لا تُدرك حكمته؛ بل هي مطمئنَّة بذكر الله، وبحمايته، فتصبر على البلاء؛ بل ترضى بما يُصيبها، وتدرك أنه الخير؛
{أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ}.
10. إذا كان ذكرُ الله كالروح، فهو مِثْلُها يَسْرِي في القلب كما تَسري الروح في الَبَدن، فيستشعر الطمأنينةَ والصِّلة بالله، فيَنعَم، ويُسَرُّ بها، ويَنْدَى بها، ويَهَشُّ لها، فيطمئنُّ ويشعر أنه ليس مُفرَدًا دون أنيس في هذا الوجود.
11. ليس هناك أسعدُ من الذاكرين اللهَ كثيرًا والذاكرات، وليس هناك أشقى في هذا الوجود ممن غَفَل عن ذكر الله فقَسَا قلبه، وحُرم طمأنينة الأُنس إلى الله.
12. احرص على أن يكون قلبك حيًّا، وبيتُك عامرًا بالحياة، وما ذلك إلا بذكر الله، والأُنس إليه، والصلة به، والاطمئنان إليه.
13. فَنِسْيَانُ ذِكْرِ اللهِ مَوْتُ قُلُوبِهِمْ = وَأَجْسَامُهُمْ قَبْلَ الْقُبُورِ قُبُورُ
وَأَرْوَاحُهُمْ فِي وَحْشَةٍ مِنْ جُسُومِهِمْ = وَلَيْسَ لَهُمْ حَتَّى النُّشُورِ نُشُورُ
14. فذِكرُ إلَهِ العرشِ سرًّا ومُعْلِنًا = يُزِيلُ الشَّقَا والهَمَّ عَنْكَ ويَطْرُدُ
ويَجْلِبُ للخَيراتِ دنيا وآجِلًا = وإنْ يأتِكَ الوَسواسُ يومًا يُشَرَّدُ
15. عَلَيْكَ بذِكْرِ اللهِ يا طالبَ الأَجْرِ = وَيا راغِبًا في الخَيْرِ والفَضْلِ والبِرِّ
عليكَ بِهِ تُعطى الرغائبَ كلَّها = وتُكفى به كلَّ الْمُهمَّات والضُرِّ
فمَنْ يَذْكُرِ الرحمنَ فهْوَ جَلِيسُهُ = ومَنْ يَذْكُرِ اللهَ يُكافِئْهُ بالذِّكْرِ
ومَنْ يَعْشُ عن ذِكْرِ الإلهِ فإنه = قَرِينٌ له الشَّيْطَانُ في داخِلِ الصَّدْرِ
ومَن يَنْسَ مَوْلاهُ الكَرِيمَ فَرَبُّهُ = له ناسيًا، أَعْظِمْ بذلك من خُسْرِ!
له استحوَذَ الشَّيْطَانُ نسَّاهُ ذِكْرَ مَنْ = تفضَّلَ بالإيجادِ في أوَّلِ الأمرِ
المراجع
- "الوابل الصيب من الكلم الطيب" لابن القيم (ص 81).
1. بالذكر تحيا القلوب.
2. الذي يَذكُر الله تعالى قد أحيا الله قلبَه بذكره، وشَرَح له صدره، فكان كالحيِّ، وأما الذي لا يَذكُر الله فإنه لا يطمئنُّ قلبه، ولا يَنشرِح صدره للإسلام، فهو كمَثَل الميِّت.
3. كلَّما غَفَل الإنسان عن ذِكر اللهِ - عزَّ وجلَّ - فإنه يقسو قلبه، وربما يموت قلبه[1].
4. الذِّكْرُ لَذَّةُ قلوب العارفين
قال اللَّه - عزَّ وجلَّ -:
{الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ}
[الرعد: 28]
5. قلوب الْمُحِبِّين لا تطْمَئِنُّ إِلَّا بذِكره، وأرواح المشتاقين لا تَسْكُن إِلَّا برؤيته[2].
6. قال ذو النُّون: "ما طابت الدنيا إِلَّا بذِكره، ولا طابت الآخرة إِلَّا بعَفْوه، ولا طابت الْجَنَّة إِلَّا برُؤيته"[3].
7. الروح في البَدَن حياةٌ، وغِيابُها موت، وكذلك الذِّكر، إنه روح تُحيي ما تَحُلُّ به وتَسري فيه، جمادًا كان أو إنسانًا، وإذا غابت عن شيء فهو الموت، ويا لَقَساوة القلب الغافل! إنه لَقلبٌ ميِّت!
8. ما تَلَذَّذَ المتلَذِّذون بِمِثْلِ ذكرِ الله - عزَّ وجلَّ - فليس شيءٌ من الأعمال أخفَّ مُؤنةً منه، ولا أعظمَ لذَّةً ولا أكثرَ فرحةً وابتهاجًا للقلب[4].
9. قلوب الذاكرين تَأنَس وتطمئنُّ بالله، وبمعرفته، وبحكمتِه، ورحمتِه، لا تخشى ما يصيبها من ضُرٍّ أو شَرٍّ لا تُدرك حكمته؛ بل هي مطمئنَّة بذكر الله، وبحمايته، فتصبر على البلاء؛ بل ترضى بما يُصيبها، وتدرك أنه الخير
{أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ}
10. إذا كان ذكرُ الله كالروح، فهو مِثْلُها يَسْرِي في القلب كما تَسري الروح في الَبَدن، فيستشعر الطمأنينةَ والصِّلة بالله، فيَنعم، ويُسَرُّ بها، ويَنْدَى بها، ويَهَشُّ لها، فيطمئنُّ ويشعر أنه ليس مُفرَدًا دون أنيس في هذا الوجود.
11. ليس هناك أسعدُ من الذاكرين اللهَ كثيرًا والذاكرات، وليس هناك أشقى في هذا الوجود ممن غَفَل عن ذكر الله فقَسَا قلبه، وحُرم طمأنينة الأُنس إلى الله.
12. احرص على أن يكون قلبك حيًّا، وبيتُك عامرًا بالحياة، وما ذلك إلا بذكر الله، والأُنس إليه، والصلة به، والاطمئنان إليه.
13. علامة حبِّ اللّه كَثْرةُ ذِكره؛ فإنّك لن تحبَّ شيئًا إلّا أكثرتَ ذكره[5].
14. المحبُّ للّه لا يَغفُل عن ذكر اللّه طرفةَ عَين[6].
15. من اشتغل قلبه ولسانه بالذّكر، قذف اللّه في قلبه نور الاشتياق إليه[7].
16. كان يُقال: من علامة المحبِّ للّه دوام الذّكر بالقلب واللّسان، وقلَّما ولع المرء بذكر اللّه عزّ وجلّ إلّا أفاد منه حبَّ اللّه[8].
17. إذا سَئم البطَّالون من بِطالتهم، فلن يسأم محبُّوك من مناجاتك وذكرك يا ألله[9].
18. وليُّ اللّه المحبُّ للّه لا يخلو قلبه من ذكر ربِّه، ولا يسأم من خدمته[10].
19. كَيْفَ يَنْسَى الْمُحِبُّ ذِكْرَ حَبِيبٍ = اسْمُهُ فِي فُؤَادِهِ مَكْتُوبُ
20. لَا لِأَنِّي أَنْسَاكَ أُكْثِرُ ذِكْرَا = كَ وَلَكِنْ بِذَاكَ يَجْرِي لِسَانِي
21. فَنِسْيَانُ ذِكْرِ اللهِ مَوْتُ قُلُوبِهِمْ = وَأَجْسَامُهُمْ قَبْلَ الْقُبُورِ قُبُورُ
وَأَرْوَاحُهُمْ فِي وَحْشَةٍ مِنْ جُسُومِهِمْ = وَلَيْسَ لَهُمْ حَتَّى النُّشُورِ نُشُورُ
22. فذِكرُ إلَهِ العرشِ سرًّا ومُعْلِنًا = يُزِيلُ الشَّقَا والهَمَّ عَنْكَ ويَطْرُدُ
ويَجْلِبُ للخَيراتِ دنيا وآجِلًا = وإنْ يأتِكَ الوَسواسُ يومًا يُشَرَّدُ
23. عَلَيْكَ بذِكْرِ اللهِ يا طالبَ الأَجْرِ = وَيا راغِبًا في الخَيْرِ والفَضْلِ والبِرِّ
عليكَ بِهِ تُعطى الرغائبَ كلَّها = وتُكفى به كلَّ الْمُهمَّات والضُرِّ
فمَنْ يَذْكُرِ الرحمنَ فَهْوَ جَلِيسُهُ = ومَنْ يَذْكُرِ اللهَ يُكافِئْهُ بالذِّكْرِ
ومَنْ يَعْشُ عن ذِكْرِ الإلهِ فإنه = قَرِينٌ له الشَّيْطَانُ في داخِلِ الصَّدْرِ
ومَن يَنْسَ مَوْلاهُ الكَرِيمَ فَرَبُّهُ = له ناسيًا، أَعْظِمْ بذلك من خُسْرِ!
له استحوَذَ الشَّيْطَانُ نسَّاهُ ذِكْرَ مَنْ = تفضَّلَ بالإيجادِ في أوَّلِ الأمرِ
المراجع
- "شرح رياض الصالحين" لابن عثيمين (5/ 517).
- "جامع العلوم والحكم" لابن رجب (2/ 520).
- "جامع العلوم والحكم" لابن رجب (2/ 521).
- "الوابل الصيب من الكلم الطيب" لابن القيم (ص 81).
- "جامع العلوم والحكم" لابن رجب (2/ 516).
- "جامع العلوم والحكم" لابن رجب (2/ 516).
- "جامع العلوم والحكم" لابن رجب (2/ 516).
- "جامع العلوم والحكم" لابن رجب (2/ 516).
- "جامع العلوم والحكم" لابن رجب (2/ 516).
- "جامع العلوم والحكم" لابن رجب (2/ 516).
1. «سيد الاستغفار أن تقول: اللهم أنت ربي وأنا عبدك» فتُقِرَّ لله عزَّ وجلَّ بلسانك وبقلبك أن الله هو ربُّك المالك لك، المدبِّر لأمرك، المعتني بحالك، وأنت عبده كَوْنًا وشَرْعًا، عبدُه كونًا يفعل بك ما يشاء، إن شاء أَمرَضك، وإن شاء أصحَّكَ، وإن شاء أغناك، وإن شاء أفقرك، وإن شاء أضلَّكَ، وإن شاء هداك، حسبما تقتضيه حكمته عزَّ وجلَّ، وكذلك أنت عبده شرعًا تتعبَّد له بما أَمَر، تقوم بأوامره، وتنتهي عن نواهيه[1].
2. احرص على حفظ دعاء سيد الاستغفار، وحافظ عليه صباحًا ومساءً، فإنك إن متَّ من يومكَ، فأنت من أهل الجنة، وإن متَّ من ليلتكَ، فأنت من أهل الجنَّة.
3. إنّ المذنِب بمنزلة من رَكِب طريقًا تؤدِّيه إلى هلاكه، ولا توصِّله إلى المقصود، فهو مأمور أن يولِّيَها ظهره، ويرجع إلى الطّريق الّتي فيها نجاته، والتي توصله إلى مقصوده، وفيها فلاحُه[2].
4. إن العبد إذا اعترف بذنبه وتاب، تاب الله عليه.
5. أفضل الاستغفار أن يبدأ العبد بالثناء على ربه، ثم يُثَنِّي بالاعتراف بالنِّعَم، ثم يُقرُّ لربِّه بذنبه وتقصيره، ثم يسأل بعد ذلك ربَّه المغفرة.
6. من أسباب إجابة الدعاء: الاعتراف بالذنب والاستغفار منه، والاعتراف بالنعمة، وشكر اللَّه عليها.
7. من أراد الله به خيرًا، فتح له باب الذُّلِّ والانكسار، ودَوَام اللجوء إلى الله تعالى، والافتقار إليه، ورؤية عيوب نفسه، وجهلها، وعُدْوانها، ومشاهدة فضل ربِّه، وإحسانه، ورحمته، وجُوده، وبِرِّه، وغناه، وحمده[3].
8. قال الفُضَيل بن عياضٍ: "بقدرِ ما يصغُرُ الذنبُ عندك، يَعظُمُ عند الله، وبقدر ما يَعظُمُ عندك، يَصغُرُ عند الله"[4].
9. قال عبدالله بن مسعودٍ: "إن المؤمنَ يرى ذنوبه كأنه قاعد تحت جبلٍ يخاف أن يقع عليه، وإن الفاجرَ يرى ذنوبه كذُبابٍ مرَّ على أنفه، فقال به هكذا"[5].
10. قال عبدالله بن عباسٍ – رضي الله عنهما -: "يا صاحبَ الذَّنْب، لا تأمنَنَّ مِن سوء عاقبته، ولَمَا يَتبَع الذنبَ أعظمُ من الذنب إذا علمتَه؛ فإن قلَّة حيائك ممن على اليمين وعلى الشمال، وأنت على الذنب، أعظمُ مِن الذنب الذي عملتَه، وضَحِكُكَ وأنت لا تدري ما اللهُ صانع بك أعظمُ من الذنب، وفرحُكَ بالذنب إذا ظفِرْتَ به أعظمُ من الذنب، وحُزْنُكَ على الذنب إذا فاتك أعظمُ من الذنب إذا ظفِرْتَ به، وخوفُك من الريح إذا حرَّكَتْ سِتْرَ بابك وأنت على الذنب ولا يضطرب فؤادك مِن نظر الله إليك أعظمُ مِن الذنب إذا عملتَه"[6].
11. من تمام توفيق الله للعبد محاسبته لنفسه على الدوام.
12. يا ربِّ إنْ عَظُمَتْ ذُنُوبِي كَثْرَةً = فلقد عَلِمْتُ بِأَنَّ عفوَكَ أَعْظَمُ
إِنْ كَانَ لاَ يَرْجُوكَ إِلَّا مُحْسِنٌ = فَمَن الذي يَدْعُو ويَرْجُو المجرِمُ؟!
أَدْعُوكَ رَبِّ كما أمرتَ تَضَرُّعًا = فَإِذَا رَدَدْتَ يَدِي فمن ذا يَرْحَمُ؟!
مَا لِي إِلَيْكَ وَسِيلَةٌ إِلَّا الرَّجَا = وَجَمِيلُ عَفْوِكَ ثُمَّ إِنِّي مُسْلِمُ
13. أستغفرُ الله من ذنبي ومن سَرَفي = إني، وإن كنتُ مستورًا لَخَطَّاءُ
لم تقتحم بي دواعي النفسِ معصيةً = إلَّا وبيني وبين النور ظَلْمَاءُ
14. يَا لَيْتَ شِعْرِي، كَيْفَ أَيَّامِي مَضَتْ = فِي خِفَّةٍ وَبِحِمْلِهَا هِيَ تُفْجَعُ؟!
قَدْ أُثْقِلَتْ بِذُنُوبِ عَبْدٍ لَوْ بَدَتْ = لِلْخَلْقِ أَزْكَمَتِ الْأُنُوفَ وَتَبْشَعُ
يَا رَبِّ عَبْدُكَ مُوحِلٌ بِذُنُوبِهِ = يَرْجُو النَّجَاةَ وَسَتْرَ ذَنْبٍ يَفْظُعُ
صَارَ الطَّرِيحَ بِبَابِ عَفْوِكَ دَاعِيًا = وَيَقِينُهُ أَنَّ الرَّحِيمَ سَيَسْمَعُ
فَاغْفِرْ لَهُ مَا قَدْ عَلِمْتَ وَعَافِهِ = وَارْزُقْهُ قَلْبًا ذَاكِرًا لا يَهْجَعُ
15. تَضَرُّعِي وَابْتِهَالِي = بِدَمْعِ عَاصٍ جَفَاكَ
وَصِرْتُ أَدْعُو وَأَرْجُو = مُؤَمِّلاً رُحْمَاكَ
فَارْحَمْ ضَعِيفًا مُقِرًّا = بِذَنْبِهِ قَدْ أَتَاكَ
تَبَتُّلِي وَصَلاتِي = أَدْعُو وَأَرْجُو رِضَاكَ
فَاغْفِرْ ذُنُوبِي وَهَبْنِي = فِي كُلِّ أَمْرِي هُدَاكَ
16. إلهي لا تعذِّبني فإني = مُقِرٌّ بالذي قد كان منِّي
وما لي حيلةٌ إلَّا رجائي = لعفوِكَ إن عفوتَ وحُسْنُ ظنِّي
فكم من زلَّةٍ لي في البرايا = وأنتَ عليَّ ذو فضل ومَنِّ
17. يا راكِبَ الغَيّ غيرَ مُرْتَشِدِ = شتَّانَ بينَ الضَّلالِ والرَّشَدِ
حَسْبُكَ ما قَدْ أتَيْتَ مُعْتَمِدًا = فاستغفرِ اللهَ ثمَّ لاَ تَعُدِ
18. واسْتَفْرِغ الدَّمْعَ مِنْ عَيْنٍ قَدِ امْتَلأتْ = مِنَ الْمَحارِمِ وَالْزَمْ حِمْيَةَ النَّدَمِ
وخالفِ النفسَّ والشيطانَ واعْصِهِمَا = وإنْ هُما مَحَّضَاكَ النُّصْحَ فاتَّهِمِ
وَلا تُطِعْ منهما خَصْمًا وَلا حَكَمًا = فأنْتَ تَعْرِفُ كَيْدَ الخَصْمِ والحَكَمِ
أسْتَغْفِرُ الله مِنْ قَوْلٍ بِلاَ عَمَلٍ = لقد نَسَبْتُ به نَسْلاً لذي عُقُمِ
19. وَلَمَّا قَسا قَلبي وَضاقَت مَذاهِبي = جَعَلتُ الرَّجا مِنّي لِعَفْوِكَ سُلَّمَا
تَعاظَمَني ذَنبي فَلَمَّا قَرَنْتُهُ = بِعَفْوِكَ رَبِّي كانَ عَفْوُكَ أَعظَما
فَما زِلْتَ ذا عَفْوٍ عَنِ الذَنبِ لَم تَزَلْ = تَجُودُ وَتَعْفُو مِنَّةً وَتَكَرُّما
المراجع
- "شرح رياض الصالحين" لابن عثيمين (6/ 717).
- "مدارج السالكين" لابن القيم (1/ 315).
- "الوابل الصيب من الكلم الطيب" لابن القيم (ص: 7).
- "سير أعلام النبلاء" للذهبيِّ (8/ 427).
- رواه البخاريُّ (6308).
- "حلية الأولياء" لأبي نُعيم الأصبهانيِّ (1/ 324).
1. الانتفاع بالعلم لا يَكمُل إلا بالعمل به، وبفَهمه وتعليمه.
2. عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ:
قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ:
«الْمَاهِرُ بِالْقُرْآنِ مَعَ السَّفَرَةِ الْكِرَامِ الْبَرَرَةِ، وَالَّذِي يَقْرَأُ الْقُرْآنَ وَيَتَتَعْتَعُ فِيهِ، وَهُوَ عَلَيْهِ شَاقٌّ، لَهُ أَجْرَانِ»[1].
3. عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رضي الله عنه، قَالَ:
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ:
«يُقَالُ لِصَاحِبِ الْقُرْآنِ: اقْرَأْ، وَارْتَقِ، وَرَتِّلْ كَمَا كُنْتَ تُرَتِّلُ فِي الدُّنْيَا؛ فَإِنَّ مَنْزِلَتَكَ عِنْدَ آخِرِ آيَةٍ تَقْرَؤُهَا»[2].
4. عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ:
قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «إِنَّ لِلَّهِ أَهْلِينَ مِنْ خَلْقِهِ» قَالُوا: وَمَنْ هُمْ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: «أَهْلُ الْقُرْآنِ هُمْ أَهْلُ اللهِ وَخَاصَّتُهُ»[3].
5. القرآن حُجَّةٌ لك أو عليك، فتَنتفع به إن تَلَوْتَهُ وَعَمِلْتَ به، وإلَّا فهو حُجَّةٌ عليك[4].
6. كما يرفع القرآنُ من شأن صاحبه في الآخرة، يَرفَع من شأنه في الدنيا أيضًا؛ فعَنْ عَامِرِ بْنِ وَاثِلَةَ، أَنَّ نَافِعَ بْنَ عَبْدِ الْحَارِثِ، لَقِيَ عُمَرَ بِعُسْفَانَ، وَكَانَ عُمَرُ يَسْتَعْمِلُهُ عَلَى مَكَّةَ، فَقَالَ: مَنِ اسْتَعْمَلْتَ عَلَى أَهْلِ الْوَادِي؟ فَقَالَ: ابْنَ أَبْزَى، فقال: وَمَنِ ابْنُ أَبْزَى؟ فقال: مَوْلًى مِنْ مَوَالِينَا. قَالَ: فَاسْتَخْلَفْتَ عَلَيْهِمْ مَوْلًى؟ قَالَ: إِنَّهُ قَارِئٌ لِكِتَابِ اللهِ عزَّ وجلَّ، وَإِنَّهُ عَالِمٌ بِالْفَرَائِضِ، قَالَ عُمَرُ: أَمَا إِنَّ نَبِيَّكُمْ ﷺ قَدْ قَالَ: «إِنَّ اللهَ يَرْفَعُ بِهَذَا الْكِتَابِ أَقْوَامًا، وَيَضَعُ بِهِ آخَرِينَ»[5].
7.
قال تعالى:
{وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ ۙ وَلَا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَسَارًا}
[الإسراء: 82]
في القرآن شفاء، وفي القرآن رحمة، لمن خالطت قلوبَهم بشاشةُ الإيمان، فأشرقت وتفتَّحت لتَلقى ما في القرآن من روح وطمأنينة وأمان.
8. القرآن رحمة للمؤمنين؛ ففي القرآن شفاء من الوسوسة والقلق والحَيرة؛ فهو يصل القلب بالله، فيَسكُن ويطمئنُّ ويستشعر الحماية والأمن، ويرضى فيَنعَم بالرضى من الله، والرضى عن الحياة، والقلقُ مَرَضٌ، والحَيرة نَصَبٌ وتَعَب، والوسوسة داءٌ.
9. القرآن رحمة للمؤمنين؛ ففي القرآن شفاء من الهوى والدَّنَس والطمع والحسد ونَزَغات الشيطان، وهي من آفات القلب تُصيبه بالمرض والضعف والتَّعَب، وتدفع به إلى التحطُّم والبِلى والانهيار.
10. القرآن رحمة للمؤمنين؛ ففي القرآن شفاء من الاختلال في الشعور والتفكير؛ فهو يَعصِم العقل من الشَّطط، ويُطلق له الحرية في مجالاته المثمِرة، ويكفُّه عن إنفاق طاقته فيما لا يُجدي، ويأخذه بمنهج سليم منضبِط، يجعل نشاطَه منتِجًا ومأمونًا، ويَعصِمه من الشَّطط والزَّلل.
11. القرآن رحمة للمؤمنين؛ ففي القرآن شفاء من العلل الاجتماعية التي تُخَلخِل بناء الجماعات، وتَذهب بسلامتها وأمنها وطمأنينتها، فتعيش الجماعة في ظلِّ نظامه الاجتماعيِّ وعدالته الشاملة في سلامة وأمن وطمأنينة.
12. إن القرآن يضع أناسًا؛ حيث إنهم لا ينتفعون بما فيه من شفاء ورحمة، وهم في غيظ وقهر من استعلاء المؤمنين به، وهم في عنادهم وكبريائهم يشتطُّون في الظُّلم والفساد، وهم في الدنيا مغلوبون من أهل هذا القرآن، فهم خاسرون، وفي الآخرة معذَّبون بكفرهم به، وطغيانهم
{وَلَا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَسَارًا}
13. لم يُجالس هذا القرآنَ أحدٌ إلَّا قام عنه بزيادة أو نُقصانـ[6].
14. كن من أهل القرآن؛ حتى تكون ممن يرفعهم القرآن، ويكون حجَّةً لهم، لا عليهم.
15. حفظُ القرآن والعملُ به رِفْعةٌ في الدنيا والآخرة.
16. حفظ كتاب الله وتعلُّمه والانشغال به شرفٌ ليس بعدَه شرف.
17. عزُّ الأمَّة وشرفُها في تمسُّكها بدينها، والعمل بكتابها، والقيام بحقِّ ربِّها.
18. العلم يرفع من لا حَسَبَ له ولا نَسَب.
19. الْعِلْمُ يَبْنِى بُيُوتًا لا عِمَادَ لها = والجَهْلُ يَهْدِمُ بَيْتَ العِزِّ والكَرَمِ
20. دعاهم إلى أن يفتحوا القلبَ كي ترى = بَصِيرتُه ما يُبصِرُ البُصَراءُ
دعاهم إلى القرآنِ نورًا وحِكمةً = وفيه لأَدْواءِ الصدورِ شِفاءُ
21. وجَرَوْا يَنْشرون في الأرْضِ هَدْيًا = مِنْ سَنا العِلْمِ أو سَنا القُرآنِ
لا تَضِلُّ الشُّعُوبُ مِصْباحُها العِلْـ = ـمُ يُؤاخِيه راسِخُ الإِيمانِ
22. هكَذا يا روحُ كُونِي نَحْلَةً = لَمْ تَمِلْ للنَّوْمِ أو إغْرائِهِ
دونَكِ القرآنَ رَوْضًا ناضِرًا = فارشُفِي ما شئتِ مِن أندائِهِ
قدِّمِي للكَوْنِ مِن أزهارِهِ = شَهْدَهُ الْمَشْهُودَ باستحْلائِهِ
لا تَرومِي غيرَهُ رَوْضًا؛ فَكَمْ = عِفْتُ طِيبًا شَذَّ عن أشذائِهِ
فالهُدَى في هَدْيِهِ، والفوزُ في = نهجِهِ، والْمَجْدُ في إعْلائِهِ
23. اقْرَأْ كِتَابَ اللهِ وَافْهَمْ حُكْمَهُ = تُدْرِكْ عَطَاءَ اللهِ فِي إِحْسَانِ
فَهُوَ الخِطَابُ لِكُلِّ عَقْلٍ نَابِهٍ = وَهُوَ الضِّيَاءُ بِنُورِهِ الرَّبَّانِي
يَهْدِي إِلَى الخَيْرِ العَمِيمِ وَإِنَّهُ = أَمْنُ القُلُوبِ وَرَاحَةُ الأَبْدَانِ
قَدْ أَنْزَلَ القُرْآنَ رَبٌّ حَافِظٌ = لِيُعَلِّمَ الإِنْسَانَ خَيْرَ بَيَانِ
إنا بنو القُرآنِ والدِّينِ الذي = صَدَعَ الشُّكوكَ وجاء بالتِّبْيانِ
ضاعت حقوق العالمين فَرَدَّها = وأقامَها بالقِسْطِ والْمِيزان
ظَلَم العزيزُ فهدَّه وأَهَانَه = وحَمى الذَّلِيلَ فبَاتَ غيرَ مُهانِ
24. نَوِّرْ جَبِينَكَ فـي هُـدى الْقُـرآنِ = وَاقطِفْ حصادَك بعد طول نِضال
واسْلُكْ دُرُوبَ العارفيـنَ بهِمَّةٍ = والْـَزمْ كتـابَ الله غيـرَ مبـالِ
فهُوَ الْمُعِينُ عَلَى الشَّدَائـدِ وَطْـأةً = وهُوَ الْمُهَيْمِنُ فَوْقَ كلِّ مَجَـالِ
وَهُوَ الشَّفِيعُ عَلَى الخلائقِ شاهـدٌ = في مَوْقِفٍ يُنْجِي مِنَ الأَهوالِ
25. أُنزِلَ القرآنُ نورًا وهُدَى = في بيانٍ بالغٍ أقصى الْمَدَى
يتَوَالَى الصَّوْتُ منه والصَّدَى: = إن هذا الكَوْنَ لم يُخلَقْ سُدَى
فاسْتَفِيقِي يا ظُنونَ الجُهَلاءْ
المراجع
- رواه مسلم (244).
- رواه أحمد (6799)، وأبو داود (1464)، والترمذيُّ (2914)، وقال: هذا حديث حسن صحيح، وقال الألبانيُّ في "صحيح أبي داود" (1317): "إسناده حسن صحيح، وصحَّحه ابن حبان والحاكم والذهبيُّ".
- رواه أحمد (12279)، والنسائيُّ (7977)، وصحَّحه الألبانيُّ في "صحيح الترغيب والترهيب" (1432).
- "شرح النوويِّ على مسلم" (3/ 102).
- رواه مسلم (817).
- "أخلاق حملة القرآن" للآجرِّيِّ (ص: 73).
1. قال ﷺ: «وَالْقُرْآنُ حُجَّةٌ لَكَ أَوْ عَلَيْكَ»؛ أي: تنتفع به إن تَلَوْتَه وعَمِلت به، وإلَّا فهو حُجَّةٌ عليك"[1].
2. «إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ» قيل: إنها تجمع سرَّ الكتب المنزَّلة من السماء كلِّها؛ لأن الخلق إنما خُلقوا ليؤمَروا بالعبادة
كما قالَ:
{وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ}
[الذاريات: ٥٦]
وإنما أُرسلت الرسل، وأُنزلت الكتب لذلك، فالعبادة حقُّ الله على عباده، ولا قدرة للعباد عليها بدون إعانة الله لهم؛ فلذلك كانت هذه الكلمة بين الله وبين عبده؛ لأن العبادة حقُّ الله على عبده، والإعانة من الله فضل من الله على عبده[2].
3. «الحمد لله»: يفيض قلب المؤمن حين يقولها بشعور إيمانيٍّ يعترف فيه بأن خَلْقَه ووجوده ابتداءً من نعم الله التي تستوجب الحمد والثناء، وفي كل لحظة تتوالى آلاء الله تترى، التي لا تُعَدُّ ولا تُحصى، فالحمد لله ابتداءً، كما له الحمد ختامًا.
4. إن القرآن الكريم هو أصلُ العلم، ومَنبَع العلم، وكلُّ العلم
وقد قال الله تعالى:
{يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ}
[المجادلة: ١١]
أما في الآخرة فيَرفَع الله به أقوامًا في جنات النعيم، ويُقال للقارئ: اقرأ ورتِّل واصعد، وله إلى منتهى قراءته صعود في الجنة إن شاء الله[3].
5. عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رضي الله عنه، قَالَ:
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ:
«يُقَالُ لِصَاحِبِ الْقُرْآنِ: اقْرَأْ، وَارْتَقِ، وَرَتِّلْ كَمَا كُنْتَ تُرَتِّلُ فِي الدُّنْيَا؛ فَإِنَّ مَنْزِلَتَكَ عِنْدَ آخِرِ آيَةٍ تَقْرَؤُهَا»[4].
6. عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ:
قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ:
«الْمَاهِرُ بِالْقُرْآنِ مَعَ السَّفَرَةِ الْكِرَامِ الْبَرَرَةِ، وَالَّذِي يَقْرَأُ الْقُرْآنَ وَيَتَتَعْتَعُ فِيهِ، وَهُوَ عَلَيْهِ شَاقٌّ، لَهُ أَجْرَانِ»[5].
7. عَنْ عثمانَ بنِ عفَّانَ رضي الله عنه، عن النبيِّ ﷺ قال: «خَيْرُكُمْ مَنْ تَعَلَّمَ القُرْآنَ وَعَلَّمَهُ»[6]. إن قراءة القرآن أفضلُ أعمال البرِّ كلِّها، والدليل أن مَن تعلَّم القرآن وعلَّمه أفضل الناس وخيرهم، وقد وجبت له الخيرية والفضلُ من أجل القرآن، وكان له فضل التعليم جاريًا، ما دام كلُّ من علَّمه تاليًا[7].
8.
قال ﷺ:
«إِنَّ اللهَ يَرْفَعُ بِهَذَا الْكِتَابِ أَقْوَامًا، وَيَضَعُ بِهِ آخَرِينَ»[8].
9. عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ:
قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ:
«إِنَّ لِلَّهِ أَهْلِينَ مِنْ خَلْقِهِ» قَالُوا: وَمَنْ هُمْ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: «أَهْلُ الْقُرْآنِ هُمْ أَهْلُ اللهِ وَخَاصَّتُهُ»[9].
10.
قال تعالى:
{وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ ۙ وَلَا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَسَارًا}
[الإسراء: 82]
في القرآن شفاء، وفي القرآن رحمة، لمن خالطت قلوبَهم بشاشةُ الإيمان، فأشرقت وتفتَّحت لتَلقى ما في القرآن من روح وطمأنينة وأمان.
11. القرآن رحمة للمؤمنين؛ ففي القرآن شفاء من الوسوسة والقلق والحَيرة؛ فهو يصل القلب بالله، فيَسكُن ويطمئنُّ ويستشعر الحماية والأمن، ويرضى فيَنعَم بالرضى من الله، والرضى عن الحياة، والقلقُ مَرَضٌ، والحَيرة نَصَبٌ وتَعَب، والوسوسة داءٌ.
12. القرآن رحمة للمؤمنين؛ ففي القرآن شفاء من الهوى والدَّنَس والطمع والحسد ونَزَغات الشيطان، وهي من آفات القلب تُصيبه بالمرض والضعف والتَّعَب، وتدفع به إلى التحطُّم والبلى والانهيار.
13. القرآن رحمة للمؤمنين؛ ففي القرآن شفاء من الاختلال في الشعور والتفكير؛ فهو يَعصِم العقل من الشَّطط، ويُطلق له الحرية في مجالاته المثمِرة، ويكفُّه عن إنفاق طاقته فيما لا يُجدي، ويأخذه بمنهج سليم منضبِط، يجعل نشاطَه منتِجًا ومأمونًا، ويَعصِمه من الشَّطط والزَّلل.
14. «مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ»: يا لَسَعادةِ المؤمن الذي يطمئنُّ قلبه إلى أن نصيبه في الدنيا بعُمره المحدود ليس هو نصيبَه الأخير، وأن له حياة أخرى تستحقُّ أن يجاهد لها، ويترفَّع عن شهواته، ويضحِّي بالنفس والنفيس من أجل رضا ربِّه مالك يوم الدين! ويا لَتَعاسة منكري يوم الدين الذين يَحسَبون أن عمرهم المحدود بما فيه من شقاء وقلق وكبد وشهوات ونزوات هو كل نصيبهم، فلا ينتظرون بعده خيرًا أبدًا!
15. القرآن رحمة للمؤمنين؛ ففي القرآن شفاء من العلل الاجتماعية التي تُخَلخِل بناء الجماعات، وتذهب بسلامتها وأمنها وطمأنينتها، فتعيش الجماعة في ظلِّ نظامه الاجتماعيِّ وعدالته الشاملة في سلامة وأمن وطمأنينة.
16. اقْرَأْ كِتَابَ اللهِ وَافْهَمْ حُكْمَهُ = تُدْرِكْ عَطَاءَ اللهِ فِي إِحْسَانِ
فَهُوَ الخِطَابُ لِكُلِّ عَقْلٍ نَابِهٍ = وَهُوَ الضِّيَاءُ بِنُورِهِ الرَّبَّانِي
يَهْدِي إِلَى الخَيْرِ العَمِيمِ وَإِنَّهُ = أَمْنُ القُلُوبِ وَرَاحَةُ الأَبْدَانِ
قَدْ أَنْزَلَ القُرْآنَ رَبٌّ حَافِظٌ = لِيُعَلِّمَ الإِنْسَانَ خَيْرَ بَيَانِ
17. نَوِّرْ جَبِينَكَ فـي هُـدى الْقُـرآنِ = وَاقطِفْ حصادَك بعد طول نِضالِ
واسْلُكْ دُرُوبَ العارفيـنَ بهِمَّةٍ = والْـَزمْ كتـابَ الله غيـرَ مبـالِ
فهُوَ الْمُعِينُ عَلَى الشَّدَائـدِ وَطْـأةً = وهُوَ الْمُهَيْمِنُ فَوْقَ كلِّ مَجَـالِ
وَهُوَ الشَّفِيعُ عَلَى الخلائقِ شاهـدٌ = في مَوْقِفٍ يُنْجِي مِنَ الأَهوالِ
18. إنا بنو القُرآنِ والدِّينِ الذي = صَدَعَ الشُّكوكَ وجاء بالتِّبْيانِ
ضاعت حقوق العالمين فَرَدَّها = وأقامَها بالقِسْطِ والْمِيزان
ظَلَم العزيزُ فهدَّه وأَهَانَه = وحَمى الذَّلِيلَ فبَاتَ غيرَ مُهانِ
19. أُنزِلَ القرآنُ نورًا وهُدَى = في بيانٍ بالغٍ أقصى الْمَدَى
يتَوَالَى الصَّوْتُ منه والصَّدَى: = إن هذا الكَوْنَ لم يُخلَقْ سُدَى
فاسْتَفِيقِي يا ظُنونَ الجُهَلاءْ
المراجع
- "شرح النوويِّ على مسلم" (3/ 102).
- "فتح الباري" لابن رجب (7/ 102، 103).
- "شرح رياض الصالحين" لابن عثيمين (4/ 646، 647).
- رواه أحمد (6799)، وأبو داود (1464)، والترمذيُّ (2914)، وقال: هذا حديث حسن صحيح، وقال الألبانيُّ في "صحيح أبي داود" (1317): "إسناده حسن صحيح، وصحَّحه ابن حبان والحاكم والذهبيُّ".
- رواه مسلم (244).
- رواه البخاريُّ (5027).
- "شرح صحيح البخاريِّ" لابن بطَّال (10/ 265).
- رواه مسلم (817).
- رواه أحمد (12279)، والنسائيُّ (7977)، وصحَّحه الألبانيُّ في "صحيح الترغيب والترهيب" (1432).
1. يَشعُر المؤمن بالوحشة وموت القلب، فيَفِرُّ إلى الحيِّ القيِّوم؛ ليُحيي قلبه ويُقيمه على الهدى، فتتفجَّر ينابيع الحياة في قلبه، ويعود مُزهِرًا مشبَعًا بالحياة والطاعة.
2. قال بعض السلف: يا ربِّ، عجبتُ لمَن يَعرِفك كيف يرجو غيرَكَ؟! وعجبتُ لمَن يَعرِفك كيف يَستعين بغيركَ؟![1]
3. للرفق أثر كبير في نفوس المدعوِّين، وهو أدعى للاستجابة، حتى إن الله تعالى أمر موسى وهارون – عليهما السلام – باللين في مخاطبتهما فرعون المستكبر
قال تعالى:
{فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَىٰ}
[طه: ٤٤]
4. ينبغي الرفقُ بالمتعلِّم والجاهل ومُلاطفتُه، وإيضاحُ المسائل، والاقتصارُ في حقِّه على المهمِّ دونَ المكمِّلات التي لا يَحتمِل حالُه حفظَها[2].
5. نَوِّرْ جَبِينَكَ فـي هُـدى الْقُـرآنِ = وَاقطِفْ حصادَك بعد طول نِضالِ
واسْلُكْ دُرُوبَ العارفيـنَ بهِمَّةٍ = والْـَزمْ كتـابَ الله غيـرَ مبـالِ
فهُوَ الْمُعِينُ عَلَى الشَّدَائـدِ وَطْـأةً = وهُوَ الْمُهَيْمِنُ فَوْقَ كلِّ مَجَـالِ
وَهُوَ الشَّفِيعُ عَلَى الخلائقِ شاهـدٌ = في مَوْقِفٍ يُنْجِي مِنَ الأَهوالِ
6. ضَلَّ الأُلى جَحَدوه واتَّخُذوا له = شركاءَ من أربابهم وخصومَا
ما هذه الأربابُ ما لِعبادها = جَهِلوه ربًّا واحدًا قيُّومَا
المراجع
- انظر: "جامع العلوم والحكم" لابن رجب (1/ 482).
- "شرح النوويِّ على مسلم" (4/ 108).
1. قال ﷺ: «وَالْقُرْآنُ حُجَّةٌ لَكَ أَوْ عَلَيْكَ»؛ أي: تَنْتَفِع به إن تَلَوْتَه وعَمِلْتَ به، وإلَّا فهو حُجَّةٌ عليك"[1].
2. إن القرآن الكريم هو أصلُ العلم، ومَنبَع العلم، وكلُّ العلم
وقد قال الله تعالى:
{يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ}
[المجادلة: ١١]
أما في الآخرة فيَرفَع الله به أقوامًا في جنات النعيم، ويُقال للقارئ: اقرأ ورتِّل واصعد، وله إلى منتهى قراءته صعود في الجنة إن شاء الله[2].
3.
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رضي الله عنه، قَالَ:
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «يُقَالُ لِصَاحِبِ الْقُرْآنِ: اقْرَأْ، وَارْتَقِ، وَرَتِّلْ كَمَا كُنْتَ تُرَتِّلُ فِي الدُّنْيَا؛ فَإِنَّ مَنْزِلَتَكَ عِنْدَ آخِرِ آيَةٍ تَقْرَؤُهَا»[3].
4.
عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ:
قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «الْمَاهِرُ بِالْقُرْآنِ مَعَ السَّفَرَةِ الْكِرَامِ الْبَرَرَةِ، وَالَّذِي يَقْرَأُ الْقُرْآنَ وَيَتَتَعْتَعُ فِيهِ، وَهُوَ عَلَيْهِ شَاقٌّ، لَهُ أَجْرَانِ»[4].
5. إن قراءة القرآن أفضلُ أعمال البرِّ كلِّها؛ عَنْ عثمانَ بنِ عفَّانَ رضي الله عنه
عن النبيِّ ﷺ قال:
«خَيْرُكُمْ مَنْ تَعَلَّمَ القُرْآنَ وَعَلَّمَهُ»[5].
6. كما يرفع القرآن من شأن صاحبه في الآخرة، يرفع من شأنه في الدنيا أيضًا؛ فعن عامر بن واثلة، أنّ نافعَ بنَ عبد الحارث، لَقِيَ عمر بعُسْفانَ، وكان عمر يستعمله على مكّة، فقال: من استعملتَ على أهل الوادي؟ فقال: ابْنَ أَبْزى، فقال: ومَنِ ابنُ أبزى؟ فقال: مولًى من موالينا. قال: فاستخلفتَ عليهم مولًى؟ قال: إنّه قارئ لكتاب الله عزّ وجلّ، وإنّه عالم بالفرائض
قال عمر:
أما إنّ نبيّكم ﷺ قد قال: «إِنَّ اللهَ يَرْفَعُ بِهَذَا الْكِتَابِ أَقْوَامًا، وَيَضَعُ بِهِ آخَرِينَ»[6].
7.
عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ:
قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «إِنَّ لِلَّهِ أَهْلِينَ مِنْ خَلْقِهِ» قَالُوا: وَمَنْ هُمْ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: «أَهْلُ الْقُرْآنِ هُمْ أَهْلُ اللهِ وَخَاصَّتُهُ»[7].
8.
قال تعالى:
{وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ ۙ وَلَا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَسَارًا}
[الإسراء: 82]
في القرآن شفاء، وفي القرآن رحمة، لمن خالطت قلوبَهم بشاشةُ الإيمان، فأشرقت وتفتَّحت لتَلقى ما في القرآن من روح وطمأنينة وأمان.
9. القرآن رحمة للمؤمنين؛ ففي القرآن شفاء من الوسوسة والقلق والحَيرة؛ فهو يصل القلب بالله، فيَسكُن ويطمئنُّ ويستشعر الحماية والأمن، ويرضى فيَنعَم بالرضى من الله، والرضى عن الحياة، والقلقُ مَرَضٌ، والحَيرة نَصَبٌ وتَعَب، والوسوسة داءٌ.
10. القرآن رحمة للمؤمنين؛ ففي القرآن شفاء من الهوى والدَّنَس والطمع والحسد ونَزَغات الشيطان، وهي من آفات القلب تُصيبه بالمرض والضعف والتَّعَب، وتدفع به إلى التحطُّم والبلى والانهيار.
11. القرآن رحمة للمؤمنين؛ ففي القرآن شفاء من الاختلال في الشعور والتفكير؛ فهو يَعصِم العقل من الشَّطط، ويُطلق له الحرية في مجالاته المثمِرة، ويكفُّه عن إنفاق طاقته فيما لا يُجدي، ويأخذه بمنهج سليم منضبِط، يجعل نشاطَه منتِجًا ومأمونًا، ويَعصِمه من الشَّطط والزَّلل.
12. القرآن رحمة للمؤمنين؛ ففي القرآن شفاء من العلل الاجتماعية التي تُخَلخِل بناء الجماعات، وتذهب بسلامتها وأمنها وطمأنينتها، فتعيش الجماعة في ظلِّ نظامه الاجتماعيِّ وعدالته الشاملة في سلامة وأمن وطمأنينة.
11. أَيَا مَنْ لَيْسَ لِي مِنْهُ مُجيرُ = بعفوِكَ من عِقَابِكَ أستَجِيرُ
أَنَا العَبْدُ الْمُقِرُّ بِكُلِّ ذَنْبٍ = وَأَنْتَ السَّيِّدُ الصَّمَدُ الغَفُورُ
فَإِنْ عَذَّبْتني فالذَّنْبُ ذَنْبي = وإِنْ تَغْفِرْ فَأَنْتَ به جَدِيرُ
12. اقْرَأْ كِتَابَ اللهِ وَافْهَمْ حُكْمَهُ = تُدْرِكْ عَطَاءَ اللهِ فِي إِحْسَانِ
فَهُوَ الخِطَابُ لِكُلِّ عَقْلٍ نَابِهٍ = وَهُوَ الضِّيَاءُ بِنُورِهِ الرَّبَّانِي
يَهْدِي إِلَى الخَيْرِ العَمِيمِ وَإِنَّهُ = أَمْنُ القُلُوبِ وَرَاحَةُ الأَبْدَانِ
قَدْ أَنْزَلَ القُرْآنَ رَبٌّ حَافِظٌ = لِيُعَلِّمَ الإِنْسَانَ خَيْرَ بَيَانِ
إنا بنو القُرآنِ والدِّينِ الذي = صَدَعَ الشُّكوكَ وجاء بالتِّبْيانِ
ضاعت حقوق العالمين فَرَدَّها = وأقامَها بالقِسْطِ والْمِيزان
ظَلَم العزيزُ فهدَّه وأَهَانَه = وحَمى الذَّلِيلَ فبَاتَ غيرَ مُهانِ
13. نَوِّرْ جَبِينَكَ فـي هُـدى الْقُـرآنِ = وَاقطِفْ حصادَك بعد طول نِضالِ
واسْلُكْ دُرُوبَ العارفيـنَ بهِمَّةٍ = والْـَزمْ كتـابَ الله غيـرَ مُبـالِ
فهُوَ الْمُعِينُ عَلَى الشَّدَائـدِ وَطْـأةً = وهُوَ الْمُهَيْمِنُ فَوْقَ كلِّ مَجَـالِ
وَهُوَ الشَّفِيعُ عَلَى الخلائقِ شاهـدٌ = في مَوْقِفٍ يُنْجِي مِنَ الأَهوالِ
14. أُنزِلَ القرآنُ نورًا وهُدَى = في بيانٍ بالغٍ أقصى الْمَدَى
يتَوَالَى الصَّوْتُ منه والصَّدَى: = إن هذا الكَوْنَ لم يُخلَقْ سُدَى
فاسْتَفِيقِي يا ظُنونَ الجُهَلاءْ
المراجع
- "شرح النوويِّ على مسلم" (3/ 102).
- "شرح رياض الصالحين" لابن عثيمين (4/ 646، 647).
- رواه أحمد (6799)، وأبو داود (1464)، والترمذيُّ (2914)، وقال: هذا حديث حسن صحيح، وقال الألبانيُّ في "صحيح أبي داود" (1317): "إسناده حسن صحيح، وصحَّحه ابن حبان والحاكم والذهبيُّ".
- رواه مسلم (244).
- رواه البخاريُّ (5027).
- رواه مسلم (817).
- رواه أحمد (12279)، والنسائيُّ (7977)، وصحَّحه الألبانيُّ في "صحيح الترغيب والترهيب" (1432).
عليك بالمعوِّذات؛ فإنها كافية من كلِّ سوء وشرٍّ.
الحسد منشؤه حبُّ الدنيا.
الكِبر والحسد يغطِّيان نور العقل.
اعلم أن من الأمر الموضوع في النفوس الحسدَ على النِّعم، أو الغِبطة، وحبَّ الرِّفعة، فإذا رآك من يعتقدك مِثْلًا له، وقد ارتقيتَ عليه، فلا بدَّ أن يتأثَّر، وربما حَسَد؛ فإن إخوة يوسف عليهم السلام من هذا الجنس [1].
أَخرَج الحسدُ قابيلَ إلى القتل، وإخوة يوسف باعوه بثَمَن بَخْسٍ، وكان أبو عامر الراهب [الفاسق] من المتعبِّدين العقلاء، وعبدُ الله بنُ أُبيٍّ من الرؤساء، أخرجهما حَسَدُ رسولِ الله ﷺ إلى النفاق، وتَرْكِ الصواب [2].
ما طاب عَيْشُ أهل الجنة إلا حين نُزِع الحسدُ والغِلُّ من صدورهم، ولولا أنه نُزع، تحاسَدوا، وتنغَّص عَيْشُهم [3].
الْفرق بَين المنافسة والحسد أَن المنافسة الْمُبَادرَة إِلَى الْكَمَال الَّذِي تشاهد من غَيْرك، فتنافسه فِيهِ حَتَّى تلْحقَهُ أَو تجاوزه؛ فَهِيَ من شرف النَّفس وعلوِّ الهمَّة وَكبر الْقدر، وَأَصلُهَا من الشَّيْء النفيس الَّذِي تتَعَلَّق بِهِ النُّفُوس طلبًا ورغبةً، فينافس فِيهِ كلٌّ من النَّفْسَين الْأُخْرَى، وَرُبمَا فرحت إِذا شاركتها فِيهِ؛ كَمَا كَانَ أَصْحَاب رَسُول الله يتنافسون فِي الْخَيْر ويفرح بَعضهم بِبَعْض باشتراكهم فِيهِ؛ بل يحضُّ بَعضهم بَعْضًا عَلَيْهِ مَعَ تنافسهم فِيهِ [4].
الحسد خُلق نفسٍ ذميمة وضيعة سَاقِطَة، لَيْسَ فِيهَا حرصٌ على الْخَيْر، فلِعَجْزِها ومهانتها؛ تَحسُد من يَكْسِب الْخَيْر والمحامد، ويفوز بهَا دونهَا، وتتمنَّى أَن لو فاته كَسْبُها حَتَّى يساويَها فِي الْعَدَم [5].
يا مَنْ ألُوذُ بِهِ فيمَا أُؤمّلُهُ = وَمَنْ أعُوذُ بهِ مِمّا أُحاذِرُهُ لا يَجْبُرُ النّاسُ عَظْمًا أنْتَ كاسِرُهُ = وَلا يَهيضُونَ عَظْمًا أنتَ جابِرُهُ
أَعُوذُ بِرَبِّ العَرْشِ مِنْ فِئَةٍ بَغَتْ = عَلَيَّ فَمَا لِي عَوْضُ إِلَّاهُ نَاصِرُ
أعوذُ بربِّ النَّاسِ من كلِّ طاعِنٍ = عَلينا بسوءٍ أو مُلِحٍّ بباطلِ ومِن كاشحٍ يَسْعى لنا بمَعيبةٍ = ومِن مُلحِقٍ في الدِّين ما لم نُحاولِ
أعوذ برَبّيَ من سُخْطِهِ = وتَفريطِ نَفسي وإفراطِها
أعوذ برب الناس من كل ظالمٍ = وأشكو إليه كل خَصمٍ مماحِكِ
أعوذ به من كلِّ سوءٍ وأحتمي = بأسمائه من كلِّ عادٍ وفاتك
بدا فَلَقُ الصُّبْحِ مِن وجهِهِ = فقلتُ: أعوذُ بربِّ الفَلَقْ وَلَمْ أَدْرِ لَمَّا رَنَا طَرْفُهُ = عَدُوٌّ رَمَى أم حَبِيبٌ رَمَقْ
وَذَرِ الحَسُودَ ولو صفا لَكَ مرَّةً = أبْعِدْهُ عَنْ رُؤْيَاكَ لا يُسْتجْلَبُ
وزِنِ الكلامَ إذا نطقتَ ولا تكن = ثَرْثارَةً في كلِّ نادٍ تَخْطُبُ
واحفَظْ لسانك واحترِزْ من لفظه = فالمرءُ يَسلَم باللسان ويَعطَبُ
والسِّرُّ فاكْتُمْهُ ولا تَنطِق به = فهُوَ الأسيرُ لديكَ إذ لا يَنْشَبُ
المراجع
- "صيد الخاطر" لابن الجوزيِّ (ص: 323).
- "صيد الخاطر" لابن الجوزيِّ (ص: 643). "صيد الخاطر" لابن الجوزيِّ (ص: 643).
- "الروح" لابن القيم (ص: 251).
- "الروح" لابن القيم (ص: 252).
قال تعالى:
﴿ وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ ۙ وَلَا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَسَارًا﴾
[ الإسراء: 82]
في القرآن شفاء، وفي القرآن رحمة، لمن خالطت قلوبَهم بشاشةُ الإيمان، فأشرقت وتفتَّحت لتَلقى ما في القرآن من روح وطمأنينة وأمان.
القرآن رحمة للمؤمنين؛ ففي القرآن شفاء من الوسوسة والقلق والحَيرة؛ فهو يصل القلب بالله، فيَسكُن ويطمئنُّ ويستشعر الحماية والأمن، ويرضى فيَنعَم بالرضى من الله، والرضى عن الحياة، والقلقُ مَرَضٌ، والحَيرة نَصَبٌ وتَعَب، والوسوسة داءٌ.
القرآن رحمة للمؤمنين؛ ففي القرآن شفاء من الهوى والدَّنَس والطمع والحسد ونَزَغات الشيطان، وهي من آفات القلب تُصيبه بالمرض والضعف والتَّعَب، وتدفع به إلى التحطُّم والبلى والانهيار.
القرآن رحمة للمؤمنين؛ ففي القرآن شفاء من الاختلال في الشعور والتفكير؛ فهو يَعصِم العقل من الشَّطط، ويُطلق له الحرية في مجالاته المثمِرة، ويكفُّه عن إنفاق طاقته فيما لا يُجدي، ويأخذه بمنهج سليم منضبِط، يجعل نشاطَه منتِجًا ومأمونًا، ويَعصِمه من الشَّطط والزَّلل.
القرآن رحمة للمؤمنين؛ ففي القرآن شفاء من العلل الاجتماعية التي تُخَلخِل بناء الجماعات، وتذهب بسلامتها وأمنها وطمأنينتها، فتعيش الجماعة في ظلِّ نظامه الاجتماعيِّ وعدالته الشاملة في سلامة وأمن وطمأنينة.
إن القرآن يضع أناسًا؛ حيث إنهم لا ينتفعون بما فيه من شفاء ورحمة، وهم في غيظ وقهر من استعلاء المؤمنين به، وهم في عنادهم وكبريائهم يشتطُّون في الظُّلم والفساد، وهم في الدنيا مغلوبون من أهل هذا القرآن، فهم خاسرون، وفي الآخرة معذَّبون بكفرهم به، وطغيانهم،
﴿وَلَا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَسَارًا﴾
ربما يمهِل الله سبحانه وتعالى للكافر الجاحد المستكبِر، وتَزْدان له الدنيا؛ لكنه لا يَزيده ذلك إلا خسارًا؛ وإنما في الآخرة، فالحَذَرَ الحذرَ أن تكون من القسم الثاني، يضعهم الله بهذا القرآن، كن من القسم الأول الذين يرفعهم الله بالقرآن [1].
لم يُجالس هذا القرآنَ أحدٌ إلَّا قام عنه بزيادة أو نقصان [2].
كن من أهل القرآن؛ حتى تكون ممن يرفعهم القرآن، ويكون حجَّةً لهم، لا عليهم.
حفظُ القرآن والعملُ به رِفْعةٌ في الدنيا والآخرة.
حفظ كتاب الله وتعلُّمه والانشغال به شرفٌ ليس بعدَه شرف.
عزُّ الأمَّة وشرفُها في تمسُّكها بدينها، والعمل بكتابها، والقيام بحقِّ ربِّها.
العلم يرفع من لا حَسَبَ له ولا نَسَب.
الْعِلْمُ يَبْنِى بُيُوتًا لا عِمَادَ لها = والجَهْلُ يَهْدِمُ بَيْتَ العِزِّ والكَرَمِ
دعاهم إلى أن يفتحوا القلبَ كي ترى = بَصِيرتُه ما يُبصِرُ البُصَراءُ دعاهم إلى القرآنِ نورًا وحِكمةً = وفيه لأدواءِ الصدورِ شِفاءُ
وجَرَوْا يَنْشرون في الأرْضِ هَدْيًا = مِنْ سَنا العِلْمِ أو سَنا القُرآنِ
لا تَضِلُّ الشُّعُوبُ مِصْباحُها العِلْـ = ـمُ يُؤاخِيِه راسِخُ الإِيمانِ
هكَذا يا روحُ كُونِي نَحْلَةً = لَمْ تَمِلْ للنَّوْمِ أو إغْرائِهِ
دونَكِ القرآنَ رَوْضًا ناضِرًا = فارشُفِي ما شئتِ مِن أندائِهِ
18. قدِّمِي للكَوْنِ مِن أزهارِهِ = شَهْدَهُ الْمَشْهُودَ باستحْلائِهِ
لا تَرومِي غيرَهُ رَوْضًا؛ فَكَمْ = عِفْتُ طِيبًا شَذَّ عن أشذائِهِ
فالهُدَى في هَدْيِهِ، والفوزُ في = نهجِهِ، والْمَجْدُ في إعْلائِهِ
19. اقْرَأْ كِتَابَ اللهِ وَافْهَمْ حُكْمَهُ = تُدْرِكْ عَطَاءَ اللهِ فِي إِحْسَانِ
فَهُوَ الخِطَابُ لِكُلِّ عَقْلٍ نَابِهٍ = وَهُوَ الضِّيَاءُ بِنُورِهِ الرَّبَّانِي
يَهْدِي إِلَى الخَيْرِ العَمِيمِ وَإِنَّهُ = أَمْنُ القُلُوبِ وَرَاحَةُ الأَبْدَانِ
قَدْ أَنْزَلَ القُرْآنَ رَبٌّ حَافِظٌ = لِيُعَلِّمَ الإِنْسَانَ خَيْرَ بَيَانِ
إنا بنو القُرآنِ والدِّينِ الذي = صَدَعَ الشُّكوكَ وجاء بالتِّبْيانِ
ضاعت حقوق العالمين فَرَدَّها = وأقامَها بالقِسْطِ والْمِيزان
ظَلَم العزيزُ فهدَّه وأَهَانَه = وحَمى الذَّلِيلَ فبَاتَ غيرَ مُهانِ
20. نَوِّرْ جَبِينَكَ فـي هُـدى الْقُـرآنِ = وَاقطِفْ حصادَك بعد طول نِضال
واسْلُكْ دُرُوبَ العارفيـنَ بهِمَّةٍ = والْـَزمْ كتـابَ الله غيـرَ مبـالِ
فهُوَ الْمُعِينُ عَلَى الشَّدَائـدِ وَطْـأةً = وهُوَ الْمُهَيْمِنُ فَوْقَ كلِّ مَجَـالِ
وَهُوَ الشَّفِيعُ عَلَى الخلائقِ شاهـدٌ = في مَوْقِفٍ يُنْجِي مِنَ الأَهوالِ
21. أُنزِلَ القرآنُ نورًا وهُدَى = في بيانٍ بالغٍ أقصى الْمَدَى
يتَوَالَى الصَّوْتُ منه والصَّدَى: = إن هذا الكَوْنَ لم يُخلَقْ سُدَى
فاسْتَفِيقِي يا ظُنونَ الجُهَلاءْ
المراجع
- "شرح رياض الصالحين" لابن عثيمين (4/ 646، 647).
- "أخلاق حملة القرآن" للآجرِّيِّ (ص: 73)