1. يجب على المرء أن يُدرِك قيمة الوقت، وأنه محاسب عليه، فينفقه في طاعة الله وما يُرضيه؛ فإن الله سائلُه يوم القيامة عن وقته وحياته كلِّها، فإن أنفقه في خير وما يُرضي الله تعالى، نجا وسَلِم، وإلا فهو الخسران الْمُبين.
2. قال علىّ بنُ أبى طالب رضى الله عنه "إن الدنيا قد ترحَّلت مدبِرةً، وإن الآخرة قد ترحَّلت مقبِلةً، ولكلٍّ منهما بنون، فكونوا من أبناء الآخرة، ولا تكونوا من أبناء الدنيا؛ فإن اليوم عملٌ ولا حساب، وغدًا حسابٌ ولا عمل"[1].
3. المؤمن في الدّنيا مهمومٌ حزين، همُّه مَرمَّةُ جهازه. ومن كان في الدّنيا كذلك، فلا همَّ له إلّا في التّزوُّد بما يَنفَعه عند عَوْده إلى وطنه، فلا يُنافِس أهلَ البلد الّذي هو غريب بينهم في عزِّهم، ولا يجزع من الذُّلِّ عندهم[2].
4. إن المسلم له نظرة فريدة للوقت، فليس هو مجرَّدَ لحظات تمضي، وعُمر يمرُّ، نحسبه ونَعُدُّه؛ إنه الحياة!
5. قال بعض الحكماء: عجبتُ ممّن الدّنيا مولِّيةٌ عنه، والآخرة مُقبِلة إليه، يَشغَل بالمدبِرة، ويُعرِض عن الْمُقبِلة[3].
6. إنما أنت أيامٌ مجموعة، كلَّما مضى يومٌ، مضى بعضُك[4].
7. طولُ الأَمَلِ غُرورٌ وخِداعٌ؛ إذ لا ساعةَ من ساعاتِ العُمر إلا ويمكِن فيها انقضاءُ الأَجَل، فلا معنى لطُول الأمل المورِّثِ قسوةَ القلبِ، وتسليط الشيطان، وربما جرَّ إلى الطغيان[5].
8. للإنسان سيئاتٌ جاريةٌ كما له حسناتٌ جاريةٌ؛ فكما يموت الإنسانُ وصحيفةُ حسناته لَمَّا تُقْفَلْ بعدُ، فكذا قد تكون له سيئاتٌ جاريةٌ تُسطَّر في ديوانه بعد موته، فاحرص أن تكون حسناتُكَ جاريةً، وسيِّئاتُك منقطِعةً بعد مَوتك.
9. قال عمرُ بنُ عبد العزيز: إنّ الدّنيا ليست بدار قراركم، كَتَب اللّه عليها الفناء، وكتب اللّه على أهلها منها الظَّعْن، فكم من عامر موثَقٍ عن قليل يَخرَب، وكم من مقيم مُغتبِط عمّا قليل يَظعَن! فأحسنوا - رحمكم اللّه - منها الرّحلة بأحسن ما بحضرتكم من النُّقْلة، وتزوَّدوا فإنّ خير الزّاد التّقوى[6].
10. العمر ثروة، فلا تُضيِّعْه في المعاصي والذنوب.
11. ما أبأسَ العلمَ الذي لا يعمل به صاحبه!
12. المال شرٌّ ووبال على صاحبه إذا لم يكن الاكتساب والإنفاق منه حلالاً وطاعةً.
13. كل إنسان مأخوذٌ بما يعمَل، فلْيحرِص على ما يُنْجيه في الدنيا والآخرة.
14. دَقَّاتُ قَلْبِ الْمَرْءِ قَائِلَةٌ لَهُ = إِنَّ الحَيَاةَ دَقَائِقٌ وَثَوَانِي
15. استثمِرِ الخَيْرَ في دُنياكَ واجتهِدِ = ولا تُبَالِ بداعي الشرِّ والحسَدِ
واعْمَلْ ليومٍ جميعُ الناس تَرقُبُه = فيه القضاءُ قضاءُ الواحدِ الأحدِ
أفعالُكَ اليومَ تحكي أيَّ منزلةٍ = رَوْضُ الجنانِ أمِ النيرانُ في اللَّحَدِ
16. إِنَّا لَنَفْرَحُ بِالْأَيَّامِ نَقْطَعُهَا = وَكُلُّ يَوْمٍ مَضَى يُدْنِي مِنَ الْأَجَلِ
فَاعْمَلْ لِنَفْسِكَ قَبْلَ الْمَوْتِ مُجْتَهِدًا = فَإِنَّمَا الرِّبْحُ وَالْخُسْرَانُ فِي الْعَمَلِ
17. إِذا ما لَم يُفِدكَ العِلمُ خَيرًا = فَخَيرٌ مِنهُ أَن لَوْ قَد جَهِلتَا
وَإِن أَلقاكَ فَهمُكَ في مَهاوٍ = فَلَيتَكَ ثُمَّ لَيتَكَ ما فَهِمتا
سَتَجني مِن ثِمارِ العَجزِ جَهلاً = وَتَصغُرُ في العُيونِ إِذا كَبُرتا
18. جَمَعُوا فَمَا أَكَلُوا الَّذِي جَمَعُوا = وَبَنَوْا مَسَاكِنَهُم فَمَا سَكَنُوا
فَكَأنَّهُمْ كَانُوا بِهَا ظُعُنًا = لَمَّا اسْتَراحُوا سَاعَةً ظَعَنُوا
19. أموالُنا لذَوِي الْمِيراثِ نَجمَعها = ودَارُنا لخَرَابِ البُومِ نَبنِيها
لا دارَ للمَرْءِ بعدَ الْمَوْتِ يَسْكُنُها = إلَّا الَّتِي كَانَ قَبْلَ الْمَوْتِ يَبْنِيها
فمَنْ بَنَاهَا بخَيْرٍ طَابَ مَسْكَنُهُ = ومَنْ بَنَاهَا بشَرٍّ خَابَ بَانِيها
20. كَمْ مِنْ فَتًى عَاشَ الْحَيَاةَ كَأَنَّهُ = لَمْ يَأْتِ لِلدُّنْيَا كَمَا الأَنْعَامِ
وَفَتًى مُنَى الدُّنْيَا تَطُولُ حَيَاتُهُ = كَالشَّمْسِ كَالأَنْهَارِ كَالأَعْلامِ
تَبْكِيهِ حِينَ وَفَاتِهِ سَمَوَاتُهَا = وَالأَرْضُ حَتَّى الأُسْدُ فِي الآجَامِ
يَحْيَا بِذِكْرٍ يَبْعَثُ الأَحْرَارَ قَدْ = صَارَتْ كَبَدْرٍ رُوحُهُ بِظَلامِ
21. نَلْهُو ونَأْمُل آمَالاً نُسَرُّ بها = شَرِيعةُ الموتِ تَطْوِينا وتَطْوِيها
فاغْرِسَ أُصُولَ التُّقَى ما دُمْتَ مُقْتَدِرًا = واعلَمْ بأنَّكَ بعدَ الموتِ لاقِيها
تَجْنِي الثِّمَارَ غَدًا في دارِ مَكْرُمةٍ = لا مَنَّ فيها ولا التَّكْدِيرُ يأتيها
المراجع
- "إغاثة اللهفان" لابن القيم (1/ 71).
- "جامع العلوم والحكم" لابن رجب (2/ 378، 379).
- "جامع العلوم والحكم" لابن رجب (2/ 378).
- "جامع العلوم والحكم" لابن رجب (2/ 382).
- "فيض القدير" للمناويِّ (5/417).
- "جامع العلوم والحكم" لابن رجب (2/ 378).