1. قال ﷺ: «وَالْقُرْآنُ حُجَّةٌ لَكَ أَوْ عَلَيْكَ»؛ أي: تَنْتَفِع به إن تَلَوْتَه وعَمِلْتَ به، وإلَّا فهو حُجَّةٌ عليك"[1].
2. إن القرآن الكريم هو أصلُ العلم، ومَنبَع العلم، وكلُّ العلم
{يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ}
أما في الآخرة فيَرفَع الله به أقوامًا في جنات النعيم، ويُقال للقارئ: اقرأ ورتِّل واصعد، وله إلى منتهى قراءته صعود في الجنة إن شاء الله[2].
3.
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رضي الله عنه، قَالَ:
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «يُقَالُ لِصَاحِبِ الْقُرْآنِ: اقْرَأْ، وَارْتَقِ، وَرَتِّلْ كَمَا كُنْتَ تُرَتِّلُ فِي الدُّنْيَا؛ فَإِنَّ مَنْزِلَتَكَ عِنْدَ آخِرِ آيَةٍ تَقْرَؤُهَا»[3].
4.
قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «الْمَاهِرُ بِالْقُرْآنِ مَعَ السَّفَرَةِ الْكِرَامِ الْبَرَرَةِ، وَالَّذِي يَقْرَأُ الْقُرْآنَ وَيَتَتَعْتَعُ فِيهِ، وَهُوَ عَلَيْهِ شَاقٌّ، لَهُ أَجْرَانِ»[4].
5. إن قراءة القرآن أفضلُ أعمال البرِّ كلِّها؛ عَنْ عثمانَ بنِ عفَّانَ رضي الله عنه
«خَيْرُكُمْ مَنْ تَعَلَّمَ القُرْآنَ وَعَلَّمَهُ»[5].
6. كما يرفع القرآن من شأن صاحبه في الآخرة، يرفع من شأنه في الدنيا أيضًا؛ فعن عامر بن واثلة، أنّ نافعَ بنَ عبد الحارث، لَقِيَ عمر بعُسْفانَ، وكان عمر يستعمله على مكّة، فقال: من استعملتَ على أهل الوادي؟ فقال: ابْنَ أَبْزى، فقال: ومَنِ ابنُ أبزى؟ فقال: مولًى من موالينا. قال: فاستخلفتَ عليهم مولًى؟ قال: إنّه قارئ لكتاب الله عزّ وجلّ، وإنّه عالم بالفرائض
أما إنّ نبيّكم ﷺ قد قال: «إِنَّ اللهَ يَرْفَعُ بِهَذَا الْكِتَابِ أَقْوَامًا، وَيَضَعُ بِهِ آخَرِينَ»[6].
7.
عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ:
قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «إِنَّ لِلَّهِ أَهْلِينَ مِنْ خَلْقِهِ» قَالُوا: وَمَنْ هُمْ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: «أَهْلُ الْقُرْآنِ هُمْ أَهْلُ اللهِ وَخَاصَّتُهُ»[7].
8.
{وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ ۙ وَلَا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَسَارًا}
في القرآن شفاء، وفي القرآن رحمة، لمن خالطت قلوبَهم بشاشةُ الإيمان، فأشرقت وتفتَّحت لتَلقى ما في القرآن من روح وطمأنينة وأمان.
9. القرآن رحمة للمؤمنين؛ ففي القرآن شفاء من الوسوسة والقلق والحَيرة؛ فهو يصل القلب بالله، فيَسكُن ويطمئنُّ ويستشعر الحماية والأمن، ويرضى فيَنعَم بالرضى من الله، والرضى عن الحياة، والقلقُ مَرَضٌ، والحَيرة نَصَبٌ وتَعَب، والوسوسة داءٌ.
10. القرآن رحمة للمؤمنين؛ ففي القرآن شفاء من الهوى والدَّنَس والطمع والحسد ونَزَغات الشيطان، وهي من آفات القلب تُصيبه بالمرض والضعف والتَّعَب، وتدفع به إلى التحطُّم والبلى والانهيار.
11. القرآن رحمة للمؤمنين؛ ففي القرآن شفاء من الاختلال في الشعور والتفكير؛ فهو يَعصِم العقل من الشَّطط، ويُطلق له الحرية في مجالاته المثمِرة، ويكفُّه عن إنفاق طاقته فيما لا يُجدي، ويأخذه بمنهج سليم منضبِط، يجعل نشاطَه منتِجًا ومأمونًا، ويَعصِمه من الشَّطط والزَّلل.
12. القرآن رحمة للمؤمنين؛ ففي القرآن شفاء من العلل الاجتماعية التي تُخَلخِل بناء الجماعات، وتذهب بسلامتها وأمنها وطمأنينتها، فتعيش الجماعة في ظلِّ نظامه الاجتماعيِّ وعدالته الشاملة في سلامة وأمن وطمأنينة.
11. أَيَا مَنْ لَيْسَ لِي مِنْهُ مُجيرُ = بعفوِكَ من عِقَابِكَ أستَجِيرُ
أَنَا العَبْدُ الْمُقِرُّ بِكُلِّ ذَنْبٍ = وَأَنْتَ السَّيِّدُ الصَّمَدُ الغَفُورُ
فَإِنْ عَذَّبْتني فالذَّنْبُ ذَنْبي = وإِنْ تَغْفِرْ فَأَنْتَ به جَدِيرُ
12. اقْرَأْ كِتَابَ اللهِ وَافْهَمْ حُكْمَهُ = تُدْرِكْ عَطَاءَ اللهِ فِي إِحْسَانِ
فَهُوَ الخِطَابُ لِكُلِّ عَقْلٍ نَابِهٍ = وَهُوَ الضِّيَاءُ بِنُورِهِ الرَّبَّانِي
يَهْدِي إِلَى الخَيْرِ العَمِيمِ وَإِنَّهُ = أَمْنُ القُلُوبِ وَرَاحَةُ الأَبْدَانِ
قَدْ أَنْزَلَ القُرْآنَ رَبٌّ حَافِظٌ = لِيُعَلِّمَ الإِنْسَانَ خَيْرَ بَيَانِ
إنا بنو القُرآنِ والدِّينِ الذي = صَدَعَ الشُّكوكَ وجاء بالتِّبْيانِ
ضاعت حقوق العالمين فَرَدَّها = وأقامَها بالقِسْطِ والْمِيزان
ظَلَم العزيزُ فهدَّه وأَهَانَه = وحَمى الذَّلِيلَ فبَاتَ غيرَ مُهانِ
13. نَوِّرْ جَبِينَكَ فـي هُـدى الْقُـرآنِ = وَاقطِفْ حصادَك بعد طول نِضالِ
واسْلُكْ دُرُوبَ العارفيـنَ بهِمَّةٍ = والْـَزمْ كتـابَ الله غيـرَ مُبـالِ
فهُوَ الْمُعِينُ عَلَى الشَّدَائـدِ وَطْـأةً = وهُوَ الْمُهَيْمِنُ فَوْقَ كلِّ مَجَـالِ
وَهُوَ الشَّفِيعُ عَلَى الخلائقِ شاهـدٌ = في مَوْقِفٍ يُنْجِي مِنَ الأَهوالِ
14. أُنزِلَ القرآنُ نورًا وهُدَى = في بيانٍ بالغٍ أقصى الْمَدَى
يتَوَالَى الصَّوْتُ منه والصَّدَى: = إن هذا الكَوْنَ لم يُخلَقْ سُدَى
فاسْتَفِيقِي يا ظُنونَ الجُهَلاءْ
المراجع
- "شرح النوويِّ على مسلم" (3/ 102).
- "شرح رياض الصالحين" لابن عثيمين (4/ 646، 647).
- رواه أحمد (6799)، وأبو داود (1464)، والترمذيُّ (2914)، وقال: هذا حديث حسن صحيح، وقال الألبانيُّ في "صحيح أبي داود" (1317): "إسناده حسن صحيح، وصحَّحه ابن حبان والحاكم والذهبيُّ".
- رواه مسلم (244).
- رواه البخاريُّ (5027).
- رواه مسلم (817).
- رواه أحمد (12279)، والنسائيُّ (7977)، وصحَّحه الألبانيُّ في "صحيح الترغيب والترهيب" (1432).