1. النفسُ إن لم تَشغَلها بالطاعة، شغلتك بالمعصية.

  2. إن أعظم وأكرم وصف يمكِن أن يوصَف به الإنسان في هذه الحياة الدنيا هو وصف العبودية لله تعالى، فاخلع أيها الإنسان على نفسك ما شئتَ من الأوصاف الدنيوية الزائلة، وليخلع عليك الناس ما شاؤوا من الألقاب المصطَنعة البائدة، فلا قَدْرَ لذلك كلِّه، ولا شَرَفَ لك بذلك كلِّه، ما لم تكن قرينةً لوصف العبودية لله.

  3. طاعة الـعباد لا تَزيد في مُلْك الله شيئًا، ومعصيتهم لا تَنقُص مُلْكَه سبحانه شيئًا؛ فالله غنيٌّ عن العالمين.

  4. كل إنسان مأخوذٌ بما يعمَل، فلْيحرِص على ما يُنْجيه في الدنيا والآخرة.

  5. إذا أُشرب القلبُ العبوديةَ والإخلاص صار عند الله من المقرَّبين، وشَمِله استثناء:

    إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ ٱلْمُخْلَصِينَ

    [الحجر: 40][1]

  6. لا تُقبَل العبادةُ إلا بالإخلاص، وموافقتِها للكتاب والسنَّة.

  7. إن الإيمان يَشتمِل على كلِّ الأعمال الصالحة؛ فمهما عَمِلْتَ من عمل صالح، فهو زيادةٌ في إيمانك.

  8. تَنَعُّمُ قومٍ بالعبادة والتُّقى = أَلَذُّ النَّعِيمِ، لا اللَّذَاذَةُ بالخَمْرِ

فَقَرَّتْ به طُولَ الحياة عيونُهم = وكانت لهم واللهِ زادًا إلى القبر

على بُرْهةٍ نالوا بها العِزَّ والتُّقى = أَلَا ولذيذَ العَيْشِ بالبِرِّ والصَّبْرِ

9. لولا الذين لهم وِرْدٌ يُصَلُّونَ = وآخَرُونَ لهم سَرْدٌ يَصُومونَ

لَدُكْدِكَتْ أَرْضُكم من تَحْتِكم سَحَرًا = لأنَّكم قومُ سوءٍ ما تُطيعونَ

10.لولا عبادٌ للإله رُكَّعُ = وصِبْيةٌ من اليتامى رُضَّعُ

ومُهمَلات في الفَلاة رُتَّعُ = صُبَّ عليكم العذابُ الموجِع

11.في ظِلالِ البُيوتِ تأوي السَّعادةْ = في سِيَاجٍ من التُّقى والعِبَادةْ

قَدْ أَقَامَ الإسلامُ بُنْيَانَها بالْـ = ـعَدْلِ وَالحُبِّ وَالحَيَا والزَّهَادَةْ

12.إذَا لَمْ أجِدْ خِلاًّ تَقِيًّا فَوَحْدَتي = ألذُّ وأشهى من غويٍّ أعاشِرُهْ

وأَجلِسُ وَحْدي للعبادة آمِنًا = أَقَرُّ لعَيْشِي من جَلِيسٍ أُحاذِرُهْ

13.استثمِرِ الخَيْرَ في دُنياكَ واجتهِدِ = ولا تُبَالِ بداعي الشرِّ والحسَدِ

واعْمَلْ ليومٍ جميعُ الناس تَرقُبُه = فيه القضاءُ قضاءُ الواحدِ الأحدِ

أفعالُكَ اليومَ تحكي أيَّ منزلةٍ = رَوْضُ الجنانِ أمِ النيرانُ في اللَّحَدِ

المراجع

  1. "إغاثة اللهفان من مصايد الشيطان" لابن القيم (1/ 6).


  1. كل بلاء للمؤمن مهما صَغُر، من مرض أو غيره مما يؤذيه، هو مُطهِّرٌ له من الذنوب، فعليه بالرضا لينال عظيم الدرجات، وإلا فالصبر ليحصل على الأجر ويتطهَّر من خطاياه.

  2. الْمُصَابُ هو مَنْ حُرِمَ الثَّوَابُ.

  3. قال عليُّ بنُ أبي طالب - رضي الله عنه - للأشعثِ بنِ قيسٍ: "إنَّك إن صبرتَ، جرى عليك القلمُ وأنت مأجورٌ، وإن جَزِعت، جرى عليك القلم وأنت مأزورٌ"[1].

  4. ما يُصيب المسلمَ من الأوجاع مهما قلَّت، تكون سببًا في غفران ذنوبه ومَحْوِها، وهذا من تطهير الله تعالى للمؤمن بما يَبتَليه به من أمور الدنيا؛ حتى يُنقِّيَه من ذنوبه، فيلقى الله خاليًا منها، فيُنعِم عليه من فضله.

  5. دَعِ الأيَّامَ تفعلُ ما تشاءُ = وطِبْ نفسًا بما حَكَم القضاءُ

ولا تَجْزَعْ لحادثةِ اللَّيالي = فما لحوادثِ الدُّنيا بَقَاءُ

ورِزْقُكَ ليس يَنقُصُه التَّأنِّي = وليس يَزيدُ في الرِّزق العَنَاءُ

ولا حُزْنٌ يَدُومُ ولا سُرورٌ = ولا بُؤْسٌ عَلَيْكَ ولا رَخَاءُ

6. وإذا عَرتْك بَلِيَّةٌ فاصبِرْ لها = صبرَ الكريم فإنَّه بك أَعْلَمُ

وإذا شَكَوْتَ إلى ابنِ آدمَ إنما = تشكو الرحيمَ إلى الذي لا يَرحمُ

7. أَلاَ إِنَّمَا الدُّنْيَا مَتَاعُ غُرُورِ = وَدَارُ بَلاَءٍ مُؤذِنٍ بِثُبُورِ

وَدَارُ مُلِمَّاتٍ وَدَارُ فَجَائِعٍ = وَدَارُ فَنَا في ظُلْمَةٍ وَبُحُورِ

وَدَارُ خَيَالٍ مِن شُكُوكٍ وَحَيْرَةٍ = وَدَارُ صُعُودٍ فِي الْهَوَى وَحُدُورِ

وَإِنَّ امْرَأً لَمْ يَنْجُ فِيْهَا بِنَفْسِهِ = عَلَى مَا يَرَى فِيْهَا لَغَيْرُ صَبُورِ

وَلاَ بُدَّ مِن يَوْمَيْنِ يَوْمِ بَليَّةٍ = إِرَادةُ جَبَّارٍ وَيَوْمِ نُشُورِ

8. مَعَ اللهِ حالَ اتِّقادِ الأسَى = ووَقعِ الأذَى واحتِدَامِ الخَطَرْ

مَعَ اللهِ في حَملِ عِبءِ الضَّنَى = مَعَ اللهِ بالصَّبر فيمَن صَبَرْ

مَعَ اللهِ والقَلبُ في نَشْوةٍ = مَعَ اللهِ والنَّفسُ تَشْكُو الضَّجَرْ

مَعَ اللهِ في كُلِّ بُؤْسَى ونُعمَى = مَعَ اللهِ في كُلِّ خيرٍ وشَرّْ


المراجع

  1. "أدب الدنيا والدين" للماورديِّ (ص 288).


  1. إنّ المذنبَ بمنزلة من رَكِب طريقًا تؤدِّيه إلى هلاكه، ولا توصِّله إلى المقصود، فهو مأمور أن يولِّيَها ظَهرَه، ويرجع إلى الطّريق الّتي فيها نجاته، والّتي توصله إلى مقصوده، وفيها فَلاحُه[1].

  2. إن العبد إذا اعترف بذنبه وتاب، تاب الله عليه.

  3. من أسباب إجابة الدعاء: الاعتراف بالذنب والاستغفار منه، والاعتراف بالنعمة، وشكر اللَّه عليها.

  4. من أراد الله به خيرًا، فتح له باب الذُّلِّ والانكسار، ودَوَام اللجوء إلى الله تعالى، والافتقار إليه، ورؤية عيوب نفسه، وجهلها، وعُدْوانها، ومشاهدة فضل ربِّه، وإحسانه، ورحمته، وجُوده، وبِرِّه، وغناه، وحمده[2] 

  5. قال الفُضَيل بن عياضٍ: "بقدرِ ما يصغُرُ الذنبُ عندك، يَعظُمُ عند الله، وبقدر ما يَعظُمُ عندك، يَصغُرُ عند الله"[3].

  6. قال عبدالله بن مسعودٍ:

    "إن المؤمنَ يرى ذنوبه كأنه قاعد تحت جبلٍ يخاف أن يقع عليه، وإن الفاجرَ يرى ذنوبه كذُبابٍ مرَّ على أنفه، فقال به هكذا"

    [4].

  7. قال عبدالله بن عباسٍ – رضي الله عنهما -: "يا صاحبَ الذَّنْب، لا تأمنَنَّ مِن سوء عاقبته، ولَمَا يَتبَع الذنبَ أعظمُ من الذنب إذا علمتَه؛ فإن قلَّة حيائك ممن على اليمين وعلى الشمال، وأنت على الذنب، أعظمُ مِن الذنب الذي عملتَه، وضَحِكُكَ وأنت لا تدري ما اللهُ صانع بك أعظمُ من الذنب، وفرحُكَ بالذنب إذا ظفِرْتَ به أعظمُ من الذنب، وحُزْنُكَ على الذنب إذا فاتك أعظمُ من الذنب إذا ظفِرْتَ به، وخوفُك من الريح إذا حرَّكَتْ سِتْرَ بابك وأنت على الذنب ولا يضطرب فؤادك مِن نظر الله إليك أعظمُ مِن الذنب إذا عملتَه"[5].

  8. رُبّ طاعة أورثت عِزّا واستكبارا، ورُبّ معصية أورثت ذلًّا واستغفارا.

  9. أقبحُ من الذنب الإصرار عليه.

  10. العِزُّ كلُّ العزِّ في طاعة الله وعبادته.

  11. المعاصي تورث الذلَّ والهوان.

  12. المعاصي والذنوب تُعمي بصائرَ القلوب، فلا يُدرِك الحقَّ كما ينبغي، وتُضعِف قوَّتَه وعزيمتَه، فلا يصبر عليه؛ بل قد يتوارد على القلب حتى ينعكس إدراكه كما ينعكس سيره، فيدرك الباطلَ حقًّا، والحقَّ باطلًا، والمعروفَ منكرًا، والمنكر معروفًا، فينتكس في سيره[6].

  13. على المسلم أن يُبادر بالتوبة والاستغفار والمسارعة في الصالحات؛ فاللهُ واسعُ الــمغفرة، يبسُط يده باللَّيل ليتوبَ مُسيءُ النهار، ويَبسُط يده بالنهار ليتوب مُسيءُ الليل، ويغفرُ جميع الذُّنوب ولا يُبالي.

  14. عَنْ أَبِي ذَرٍّ رضي الله عنه، عَن النَّبِيِّ ﷺ، فِيمَا رَوَى عَن اللهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى أَنَّهُ قَالَ:

    «يَا عِبَادِي، إِنَّكُمْ تُخْطِئُونَ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ، وَأَنَا أَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا؛ فَاسْتَغْفِرُونِي أَغْفِرْ لَكُمْ»

    [7]

  15. من تمام توفيق الله للعبد محاسبته لنفسه على الدوام.

  16. خلِّ الذنوبَ صغيرَها = وكبيرَها فهُوَ التُّقى

كن مثلَ ماشٍ فوق أرْ = ضِ الشَّوْكِ يَحْذَرُ ما يرى

لا تحقِرَنَّ صغيرةً = إنَّ الجبالَ مِن الحصى

17. يا نفسُ، كُفِّي عن العصيانِ واكتَسِبي = فِعلًا جميلًا لعلَّ اللهَ يرحَمُني

يا نفسُ، ويحكِ توبي واعمَلي حسنًا = عسى تُجازَيْنَ بعد الموتِ بالحسَنِ

18. يا ربِّ إنْ عَظُمَتْ ذُنُوبِي كَثْرَةً = فلقد عَلِمْتُ بِأَنَّ عفوَكَ أَعْظَمُ

إِنْ كَانَ لاَ يَرْجُوكَ إِلَّا مُحْسِنٌ = فَمَن الذي يَدْعُو ويَرْجُو المجرِمُ؟!

أَدْعُوكَ رَبِّ كما أمرتَ تَضَرُّعًا = فَإِذَا رَدَدْتَ يَدِي فمن ذا يَرْحَمُ؟!

مَا لِي إِلَيْكَ وَسِيلَةٌ إِلَّا الرَّجَا = وَجَمِيلُ عَفْوِكَ ثُمَّ إِنِّي مُسْلِمُ

19.أستغفرُ الله من ذنبي ومن سَرَفي = إني، وإن كنتُ مستورًا لَخَطَّاءُ

لم تقتحم بي دواعي النفس معصيةً = إلَّا وبيني وبين النور ظَلْمَاءُ

20. يَا لَيْتَ شِعْرِي، كَيْفَ أَيَّامِي مَضَتْ = فِي خِفَّةٍ وَبِحِمْلِهَا هِيَ تُفْجَعُ؟!

قَدْ أُثْقِلَتْ بِذُنُوبِ عَبْدٍ لَوْ بَدَتْ = لِلْخَلْقِ أَزْكَمَتِ الْأُنُوفَ وَتَبْشَعُ

يَا رَبِّ عَبْدُكَ مُوحِلٌ بِذُنُوبِهِ = يَرْجُو النَّجَاةَ وَسَتْرَ ذَنْبٍ يَفْظُعُ

صَارَ الطَّرِيحَ بِبَابِ عَفْوِكَ دَاعِيًا = وَيَقِينُهُ أَنَّ الرَّحِيمَ سَيَسْمَعُ

فَاغْفِرْ لَهُ مَا قَدْ عَلِمْتَ وَعَافِهِ = وَارْزُقْهُ قَلْبًا ذَاكِرًا لا يَهْجَعُ

21.تَضَرُّعِي وَابْتِهَالِي = بِدَمْعِ عَاصٍ جَفَاكَ

وَصِرْتُ أَدْعُو وَأَرْجُو = مُؤَمِّلاً رُحْمَاكَ

فَارْحَمْ ضَعِيفًا مُقِرًّا = بِذَنْبِهِ قَدْ أَتَاكَ

تَبَتُّلِي وَصَلاتِي = أَدْعُو وَأَرْجُو رِضَاكَ

فَاغْفِرْ ذُنُوبِي وَهَبْنِي = فِي كُلِّ أَمْرِي هُدَاكَ

22.إلهي لا تعذِّبني فإني = مُقِرٌّ بالذي قد كان منِّي

وما لي حيلةٌ إلَّا رجائي = لعفوِكَ إن عفوتَ وحُسْنُ ظنِّي

فكم من زلَّةٍ لي في البرايا = وأنتَ عليَّ ذو فضل ومَنِّ

23.يا راكِبَ الغَيّ غيرَ مُرْتَشِدِ = شتَّانَ بينَ الضَّلالِ والرَّشَدِ

حَسْبُكَ ما قَدْ أتَيْتَ مُعْتَمِدًا = فاستغفرِ اللهَ ثمَّ لاَ تَعُدِ

24. واسْتَفْرِغ الدَّمْعَ مِنْ عَيْنٍ قد امْتَلأتْ = مِنَ الْمَحارِمِ وَالْزَمْ حِمْيَةَ النَّدَمِ

وخالفِ النفسَّ والشيطانَ واعصِهما = وإنْ هُما مَحَّضَاكَ النُّصْحَ فاتَّهِمِ

وَلا تُطِعْ منهما خَصْمًا وَلا حَكمًا = فأنْتَ تَعْرِفُ كَيْدَ الخَصْمِ والحَكمِ

أسْتَغْفِرُ الله مِنْ قَوْلٍ بِلاَ عَمَلٍ = لقد نسبتُ به نَسلاً لذي عُقُمِ

25.وَلَمَّا قَسا قَلبي وَضاقَت مَذاهِبي = جَعَلتُ الرَّجا مِنّي لِعَفوِكَ سُلَّمَا

تَعاظَمَني ذَنبي فَلَمَّا قَرَنْتُهُ = بِعَفْوِكَ رَبِّي كانَ عَفْوُكَ أَعظَما

فَما زِلْتَ ذا عَفْوٍ عَنِ الذَنبِ لَم تَزَلْ = تَجُودُ وَتَعْفُو مِنَّةً وَتَكَرُّما

26.رَأَيْتُ الذُّنوبَ تُمِيتُ القلوبَ = وقد يُورِثُ الذُّلَّ إِدْمَانُها

وَتَرْكُ الذُّنوبِ حَيَاةُ القلوبِ = وخيرٌ لنفسِكَ عِصْيَانُها

المراجع

  1. "مدارج السالكين" لابن القيم (1/ 315).
  2. "الوابل الصيب من الكلم الطيب" لابن القيم (ص: 7)
  3. "سير أعلام النبلاء" للذهبيِّ (8/ 427).
  4.  رواه البخاريُّ (6308).
  5. حلية الأولياء" لأبي نُعيم الأصبهانيِّ (1/ 324).
  6. "الجواب الكافي" لابن القيم (93-94).
  7. رواه مسلم (2577).


  1. سبحان الله! كم بَكَت في تنعُّم الظالم عَيْنُ أرملة، واحترقت كَبِدُ يتيم، وجَرَت دمعة مِسكين!

    كُلُوا وَتَمَتَّعُوا قَلِيلًا إِنَّكُمْ مُجْرِمُونَ

    [المرسلات: 46]

    ما ابيضَّ لون رغيفهم حتى اسودَّ لَوْنُ ضعيفهم، وما سمنت أجسامهم حتى انتحلت أجسام من استأثروا عليه[1]

  2. لا تحتقر دعاء المظلوم؛ فشَرَرُ قلبه محمول بعَجِيج صوته إلى سقف بيتك، ويحكَ! نِبَالُ أدعيته مُصيبة، وإن تأخَّر الوقت، قوسُه قلبُه المقروح، ووَتَرُه سَواد الليل، ومرماته هدف «لأنصرنَّكِ ولو بعد حين»، وقد رأيتَ ولكنْ لستَ تَعتبِر![2]

  3. احذَرْ عَدَاوةَ من ينام وطَرْفُه باكٍ، يقلِّب وجهه في السماء، يرمي سهامًا ما لها غَرَضٌ سوى الأحشاء منك، فربَّما ولعلَّها إذا كانت راحةُ اللذَّة تُثمر ثمرة العقوبة لم يَحسُن تناولها، ما تساوي لذَّةُ سنةٍ غمَّ ساعة، فكيف والأمرُ بالعكس؟![3]

  4. كم في بحر الغُرور من تمساح! فاحذر يا غائصُ، ستعلم أيُّها الغريمُ قِصَّتك عند تعلُّق الغُرماء بك[4]

  5. من لم يتتبَّع بمِنقاش العدل شَوْكَ الظُّلم من أيدي التصرُّف، أثَّر ما لا يؤمَن تعدِّيه إلى القلب[5]

  6. سيعلم الظالمون حقَّ من انتقصوا، إنَّ الظالم لَينتظرُ العقاب، والمظلوم ينتظر النصر والثواب[6]

  7. قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ:

    «وَاتَّقِ دَعْوَةَ المَظْلُومِ؛ فَإِنَّهُ لَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ حِجَابٌ»

    [7] 

  8. الظُّلمُ ظُلماتٌ يومَ الـقيامة، فعلى العبد أن يجتنبه، وألَّا يتلبَّس به أبدًا.

  9. تتَجلَّى محاسنُ الشريعة الإسلاميَّة في أبهى صورها في أمر الله تعالى بالـعدْل حتى مع الطَّائفة التي نختلِف معها اختلافًا يؤدِّي إلى أشدِّ الـبُغض والـكراهية، يفرِض علينا الـقرآنُ الـكريمُ ألَّا يَحمِلنا بُغضُنا لبعض الناس على عدم الـعدل معهم وإعطائهم حقوقَهم؛

    قال تعالى:

    ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ ۚ أُحِلَّتْ لَكُم بَهِيمَةُ الْأَنْعَامِ إِلَّا مَا يُتْلَىٰ عَلَيْكُمْ غَيْرَ مُحِلِّي الصَّيْدِ وَأَنتُمْ حُرُمٌ ۗ إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ مَا يُرِيدُ﴾  

    [المائدة: 8].

  10. الإسلام قائم على العدل بين الناس، وإرجاع الحقوق لأصحابها.

  11. حقوق العباد شأنها عظيم فاحذر؛ فإن الله يقتصُّ للمظلومين لا محالة.

  12. عن جابر رضي الله عنه أنَّ رسول الله ﷺ قال:

    «اتَّقوا الظلم؛ فإنَّ الظلم ظلمات يوم القيامة»

    [8].

  13. إذا كنتُ لا أعفو عن الذنبِ مِن أخٍ = وقلتُ: أُكافِيهِ، فأينَ التفاضلُ؟!

فإن أَقطعِ الإخوانَ في كلِّ عُسْرةٍ = بَقِيتُ وحيدًا ليس لي من أُواصلُ

ولكنني أُغضي جُفوني على القَذَى = وأصفحُ عمَّا رابَني وأُجامِلُ

14. الظلمُ نارٌ فلا تحقرْ صغيرتَه = لعلَّ جذوةَ نارٍ أحرقتْ بلدا 

15. يا أيُّها الظَّالمُ في فعلِه = فالظُّلمُ مردودٌ على من ظلمْ

إلى متى أنت وحتَّى متى = تَسْلُو الْمُصيباتِ وتنسى النِّقَمْ 

16. تَوَقَّ دُعَا الْمَظلومِ إنَّ دعاءَه = ليُرفعُ فوقَ السُّحْبِ ثُمَّ يُجابُ

تَوَقَّ دُعَا مَن لَيْسَ بَيْنَ دُعائِه =وبَيْنَ إلهِ العالمين حِجَابُ

17. فكَذَا دُعا الْمُضْطَرِّ أَيْضًا صَاعِدٌ = أَبَدًا إليهِ عندَ كلِّ أَوَانِ

وكذا دُعا المظلومِ أيضًا صاعدٌ = حَقًّا إليه قاطِعُ الأكوانِ

18. إيَّاكَ مِن عَسْفِ الأنامِ وظُلمِهم = واحْذَرْ مِنَ الدَّعَوَاتِ في الأَسْحَارِ

19. أَدِّ الأمانةَ والخيانةَ فاجتنبْ = واعْدِلْ ولا تَظْلِمْ يَطِيبُ الْمَكْسَبُ

واحذَرْ مِن المظلومِ سَهْمًا صائبًا = واعْلَمْ بأنَّ دعاءَه لا يُحجَبُ

20. لا تَظْلِمَنَّ إذا ما كُنْتَ مُقْتَدِرًا = فالظُّلْمُ آخِرُه يَأْتِيكَ بالنَّدَمِ

نامَتْ عُيُونُكَ والمظلومُ مُنْتَبِهٌ = يَدْعو عَلَيْكَ وَعَيْنُ اللهِ لم تَنَمِ

21. ولا تعجلْ على أحدٍ بظلمٍ = فإنَّ الظلمَ مرتعُه وخيمُ

أمَا واللَّهِ إنَّ الظُّلمَ لُؤْمٌ = ولكنَّ المسيءَ هو الظَّلُومُ

إلى ديَّانِ يومِ الدِّينِ نمضي = وعندَ اللهِ تَجتَمِعُ الخُصومُ

22. وَفِي النَّاسِ مَن ظُلمُ الوَرَى عَادةٌ لهُ = وَيَنْشُرُ أَعَذارًا بها يَتَأوَّلُ

جَرِيءٌ على أَكْلِ الحرامِ ويدَّعِي = بأنَّ له في حِلِّ ذلك مَحْمَلُ

فَيَا آكِلَ الْمَالِ الحرامِ أَبِنْ لَنَا = بأيِّ كتابٍ حِلُّ مَا أَنْتَ تَأكُلُ؟

ألمْ تَدْرِ أَنَّ اللهَ يَدْرِي بما جَرَى = وبينَ البَرايَا في القِيامةِ يَفْصِلُ


المراجع

  1. بدائع الفوائد" لابن القيم (3/ 242)
  2. دائع الفوائد" لابن القيم (3/ 242).
  3. "بدائع الفوائد" لابن القيم (3/ 242).
  4. "بدائع الفوائد" لابن القيم (3/ 242).
  5. "بدائع الفوائد" لابن القيم (3/ 242).
  6.  "الزواجر عن اقتراف الكبائر" لابن حجر الهَيتميِّ (2/124).
  7.  رواه البخاريُّ (1496)، ومسلم (19).
  8. رواه مسلم (2578).


  1. الإسلامُ نِعمةٌ كُبرى يَهدِمُ م‍ا قبلَ‍ه مِن أعم‍ال الشِّركِ، ويمحُو الله به الذُّنُوبَ والآثامَ.

  2. الحاجُّ يرجِعُ مِن حَجِّهِ خاليًا منَ الذُّنُوبِ والمعَاصِي كيَومِ ولدته أمُّه.

  3. إن الهجرةَ من ديار الكفر إلى ديار الإسلام من أجلِّ الأعمال، وهي بابٌ عظيمٌ لمغفرة الذنوب.

  4. المغفرة للحجِّ المبرور عامَّةٌ في حقوق الله تعالى؛ فإن الله عزَّ وجلَّ يغفرها، أما حقوق الآدميين فلا تسقُط إلا باسترضاء الخصوم، أو أداء الحقوق لأصحابها[1]

  5. إياك وحقوقَ العباد؛ فإن كلَّ الذنوب في حقِّ الله - مهما كانت - في مشيئته تعالى، يغفرها إن شاء، أما حقوق العباد فلا تسقط، إما الأداء أو الترضية.

  6. من لُطف الله تعالى بعباده أنه لا يَمنَعه كفرُ العباد ولا استمرارهم في العناد، من أن يدعوَهم إلى طريق الرشاد والهدى، وينهاهم عما يُهلكهم من أسباب الغيِّ والردى،

    فقال:

    قُل لِّلَّذِينَ كَفَرُوا إِن يَنتَهُوا

    عن كفرهم وذلك بالإسلام لله وحده لا شريك له.

    يُغْفَرْ لَهُم مَّا قَدْ سَلَفَ

    منهم من الجرائم[2]

  7. إذا كان الحجُّ المبرورُ جزاؤه الجنةُ، فآيةُ ذلك أن يرجِع الحاجُّ زاهدًا في الدنيا راغبًا في الآخرة[3]

  8. وَتَجَبَّرَ الطُّغْيَانُ وَاشْتَدَّ الْأَسَى = وَأُوَارُ مَلْحَمَةِ النَّبِيِّ ضِرَامُ

فَأَتَاهُ أَمْرُ اللهِ: هَاجِرْ وَاهْجُرَنْ = وَطَنًا غَشَاهُ الْكُفْرُ وَالْآلَامُ

وَطَنُ الْكَرِيمِ يَعِزُّ فِيهِ بِدِينِهِ = لَا طَغْيَ فِيهِ وَلَا عَزِيزَ يُضَامُ

9. فَفِي رَبْعِهِمْ لِلَّهِ بَيْتٌ مُبَارَكٌ = إِلَيْهِ قُلُوبُ الْخَلْقِ تَهْوِي وَتَهْوَاهُ

يَطُوفُ بِهِ الْجَانِي فَيُغْفَرُ ذَنْبُهُ = وَيَسْقُطُ عَنْهُ جُرْمُهُ وَخَطَايَاهُ

10. إذا كَثُرَتْ منك الذنوبُ فدَاوِها = برفع يد في الليل والليلُ مُظلمُ

ولا تقنطنْ من رحمة الله إنما = قُنوطُكَ منها من خطائك أعظمُ

فرحمته للمحسنين كرامة = ورحمته للمذنبين تكرُّمُ

11. يا كثيرَ العفو عمَّنْ = كَثُرَ الذنب لديهِ

جاءك المذنب يرجو الصْـ = ـصَفْحَ عن جُرم يديهِ

أنا ضَيْفٌ وجزاء الضْـ = ـضَيْفِ إحسانٌ إليهِ

المراجع

  1. انظر: "الكواكب الدراري في شرح صحيح البخاري" للكرمانيِّ (9/ 31).
  2.  "تفسير السعديِّ" (ص 321).
  3.  "لطائف المعارف" لابن رجب (ص: 62).



  1. الإسلامُ نِعمةٌ كُبرى يَهدِمُ م‍ا قبلَ‍ه مِن أعم‍الِ الشِّركِ، ويمحُو الله به الذُّنُوبَ والآثامَ، وينال ثواب ما كان يفعله قبل إسلامه.

  2. من لُطف الله تعالى بعباده أنه لا يَمنَعه كفرُ العباد ولا استمرارهم في العناد، من أن يدعوَهم إلى طريق الرشاد والهدى، وينهاهم عما يُهلكهم من أسباب الغيِّ والرَّدى، فقال:

    قُل لِّلَّذِينَ كَفَرُوا إِن يَنتَهُوا

    عن كفرهم وذلك بالإسلام لله وحده لا شريك له،

    يُغْفَرْ لَهُم مَّا قَدْ سَلَفَ

    منهم من الجرائم[1].

  3. مِن رحمةِ الله وإحسانِه إلى عِبادِه: أنَّه إذا عاشَ الإنسانُ في ظُلمات الكُفرِ والضَّلالِ، ثُمَّ امتنَّ اللهُ عليهِ بالهداية وأنارَ بصيرتَه، وآمَن بالله ورسوله، وتاب وأناب وندِم على ما فرَّط - غَفَر الله له ما كان منه قبلَ ذلك، وقَبِله في عباده الصالحين. 

  4. إن فضل الله سبحانه وتعالى على عباده عظيم؛ حيث إنه لا يُضيع أجر من أحسن عملًا، ولو في حال كفره، إذا وفَّقه الله تعالى أخيرًا للإسلام.

  5. من بركات إسلام الكافر: أنه ينال ثمرة الخيرات التي كان يفعلها وهو كافر، فتُحسب له في حسناته.

  6. اضرب في أبواب الطاعات بأنواعها بأسهم؛ فإنك لا تدري أيُّها سيكون طريقك إلى الجنة؟!

المراجع

  1. "تفسير السعديِّ" (ص 321).


  1. إن الرحمة التي ادَّخَرها الله  لعباده يوم القيامة لتدلُّ على شدَّة هَوْل يوم القيامة وكَرْبه، فاعمل لذلك اليوم.

  2. اللهُ سبحانَهُ وتعالى أرْحمُ الراحمينَ، وأكرَمُ الأكرَمينَ، ورحمتُه سبحانه عمَّتِ السم‍واتِ والأرضَ؛ وهيَ لا تقتصِرُ على الإنسانِ فحسبُ؛ بلْ وسِعَت كلَّ شيءٍ، حتَّى الحيوانَ والطيرَ. 

  3. لا يرحم الله من لا يرحم الناس[1] 

  4. الرَّاحِمُونَ يَرْحَمُهُمُ الرَّحْمَنُ، ارْحَمُوا أَهْلَ الْأَرْضِ يَرْحَمْكُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ[2]

  5. الرحمة هي اللغة التي يسمعها الأصمُّ، ويقرؤها الأعمى.

  6. الرحمة خير من العدالة.

  7. إِنَّمَا يَرْحَمُ اللَّهُ مِنْ عِبَادِهِ الرُّحَمَاءَ[3]

  8. حَذَارِ أن تغرَّ العبدَ نفسُه، فيتَّكل على رحمة الله تعالى بلا عمل صالح، فكما أنه سبحانه غفور رحيم، فهو كذلك شديد العقاب، وسريع العقاب، وعزيز ذو انتقام، وبطشه شديد، وأخذه أليم؛

    وَكَذَٰلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَىٰ وَهِيَ ظَالِمَةٌ ۚ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌﱠ

     [هود: 102].

  9. يا لَبُشرى للمؤمنين! إذا حصل من رحمةٍ واحدةٍ في دار الأكدار ما حصل من النِّعم الغِزار، فما ظنُّكَ بباقيها في دار القرار؟![4]

  10. بادرْ إلى الخيرِ يا ذا اللبِّ مغتنِما = ولا تَكُنْ مِن قليلِ العُرْفِ محتشِمَا

واشكرْ لمولاك ما أَوْلاكَ من نِعَمٍ = فالشكرُ يستوجبُ الإفضالَ والكَرَما

وارحمْ بقلبِك خلقَ الله وارعَهُمُ = فإنَّما يرحمُ الرحمنُ مَن رَحِما

11. عبدٌ ضعيف خاضعٌ لعُلاكَ = رُحماكَ يا ربِّي به رحماكَ

قد جئتُ يا أللهُ ذنبي هدَّني = من يَغفِرُ الذنبَ العظيمَ سواكَ

أَوْلَيْتَنا نِعمًا سَتَرْتَ مَعَايبًا = أَلْهَمتنا فضلاً نُجيب نِدَاكَ

أَنْتَ اللطيف ببرِّه وعطائه = تُعطي وتمنح ذا وتمنع ذاك

أنت الرحيم تُقيل عَثْرةَ مُذنبٍ = وتحبُّ عبدًا تائبًا ناجاك

12. إن كنتَ ترجو مِن الرحمنِ رحمتَه = فارحمْ ضِعافَ الورَى يا صاحِ محترِمَا

واقصِدْ بذلك وجهَ اللهِ خالقِنا = سبحانَه مِن إلهٍ قد برى النَّسَما

واطلبْ جزا ذاك مِن مولاك رحمتَه = فإنَّما يَرْحَمُ الرحمنُ مَن رحِما

المراجع

  1. رواه البخاريُّ (7376): عَنْ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «لا يَرْحَمُ اللَّهُ مَنْ لا يَرْحَمُ النَّاسَ».
  2. عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، يَبْلُغُ بِهِ النَّبِيَّ : «الرَّاحِمُونَ يَرْحَمُهُمُ الرَّحْمَنُ، ارْحَمُوا أَهْلَ الْأَرْضِ يَرْحَمْكُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ»، رواه أبو داود (4941)، والترمذيُّ (1924)، وقال: حديث حسن صحيح.
  3. رواه البخاريُّ (7448) ومسلم (923).
  4. "فيض القدير شرح الجامع الصغير" للمناويِّ (4/ 54)




  1. يُروى عن لقمانَ - عليه السّلام - أنّه قال لابنه: يا بُنيَّ، عَوِّدْ لسانك: اللّهمَّ اغفر لي؛ فإنّ للّه ساعاتٍ لا يَرُدُّ فيها سائلًا[1].

  2. من لم يكن ثمرة استغفاره تصحيحَ توبته، فهو كاذب في استغفاره[2]

  3. قال الحسن: أكثروا من الاستغفار في بيوتكم، وعلى موائدكم، وفي طُرقكم، وفي أسواقكم، وفي مجالسكم أينما كنتم؛ فإنّكم ما تَدرُون متى تنزل المغفرة[3]

  4. من أَدمَن قَرْعَ الباب يوشك أن يُفتَح له؛ 

    قال تعالى:

    ﴿إِنَّ ‌رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ﴾

    [الأعراف: 56].

  5. قال قتادةُ: "إن هذا القرآن يدلُّكم على دائكم ودوائكم، فأما داؤكم، فالذنوب، وأما دواؤكم، فالاستغفار"[4]

  6. من أراد الله به خيرًا، فتح له باب الذُّلِّ والانكسار، ودَوَام اللجوء إلى الله تعالى، والافتقار إليه، ورؤية عيوب نفسه، وجهلها، وعُدْوانها، ومشاهدة فضل ربِّه، وإحسانه، ورحمته، وجُوده، وبِرِّه، وغناه، وحمده"[5]

  7. اعلم أن الصغيرة تَكبُر بأسباب، منها: الإصرارُ، والمواظبة؛ ولذلك قيل: لا صغيرةَ مع إصرار، ولا كبيرةَ مع استغفار، فكبيرةٌ واحدة تَنصرِم ولا يَتبَعها مثلُها، لو تُصُوِّر ذلك، كان العفوُ عنها أرجى من صغيرة يواظب العبد عليها، ومثال ذلك: قَطَرات من الماء تقع على الحَجَر على تَوَالٍ فتؤثِّر فيه، وذلك القدرُ من الماء لو صُبَّ عليه دَفْعةً واحدة لم يؤثِّر[6]

  8. إنّ المذنب بمنزلة من رَكِب طريقًا تؤدِّيه إلى هلاكه، ولا توصِّله إلى المقصود، فهو مأمور أن يولِّيَها ظهره، ويرجع إلى الطّريق الّتي فيها نجاتُه، والّتي توصله إلى مقصوده، وفيها فلاحُه[7]

  9. إن العبد إذا اعترف بذنبه وتاب، تاب الله عليه.

  10. من أسباب إجابة الدعاء: الاعتراف بالذنب والاستغفار منه، والاعتراف بالنعمة، وشكر اللَّه عليها.

  11. من أراد الله به خيرًا، فتح له باب الذُّلِّ والانكسار، ودَوَام اللجوء إلى الله تعالى، والافتقار إليه، ورؤية عيوب نفسه، وجهلها، وعُدْوانها، ومشاهدة فضل ربِّه، وإحسانه، ورحمته، وجُوده، وبِرِّه، وغناه، وحمده[8] 

  12. قال الفُضَيل بن عياضٍ: "بقدرِ ما يصغُرُ الذنبُ عندك، يَعظُمُ عند الله، وبقدر ما يَعظُمُ عندك، يَصغُرُ عند الله[9]

  13. قال عبدالله بن مسعودٍ: "إن المؤمنَ يرى ذنوبه كأنه قاعد تحت جبلٍ يخاف أن يقع عليه، وإن الفاجرَ يرى ذنوبه كذُبابٍ مرَّ على أنفه، فقال به هكذا"[10].

  14. قال عبدالله بن عباسٍ – رضي الله عنهما -: "يا صاحبَ الذَّنْب، لا تأمنَنَّ مِن سوء عاقبته، ولَمَا يَتبَع الذنبَ أعظمُ من الذنب إذا علمتَه؛ فإن قلَّة حيائك ممن على اليمين وعلى الشمال، وأنت على الذنب، أعظمُ مِن الذنب الذي عملتَه، وضَحِكُكَ وأنت لا تدري ما اللهُ صانع بك أعظمُ من الذنب، وفرحُكَ بالذنب إذا ظفِرْتَ به أعظمُ من الذنب، وحُزْنُكَ على الذنب إذا فاتك أعظمُ من الذنب إذا ظفِرْتَ به، وخوفُك من الريح إذا حرَّكَتْ سِتْرَ بابك وأنت على الذنب ولا يضطرب فؤادك مِن نظر الله إليك أعظمُ مِن الذنب إذا عملتَه[11]

  15. رُبّ طاعة أورثت عِزّا واستكبارا، ورُبّ معصية أورثت ذلًّا واستغفارا.

  16. أقبحُ من الذنب الإصرار عليه.

  17. العِزُّ كلُّ العزِّ في طاعة الله وعبادته.

  18. المعاصي تورث الذلَّ والهوان.

  19. المعاصي والذنوب تُعمي بصائرَ القلوب، فلا يُدرِك الحقَّ كما ينبغي، وتُضعِف قوَّتَه وعزيمتَه، فلا يصبر عليه؛ بل قد يتوارد على القلب حتى ينعكس إدراكه كما ينعكس سيره، فيدرك الباطلَ حقًّا، والحقَّ باطلًا، والمعروفَ منكرًا، والمنكر معروفًا، فينتكس في سيره[12]

  20. على المسلم أن يُبادر بالتوبة والاستغفار والمسارعة في الصالحات؛ فاللهُ واسعُ الــمغفرة، يبسُط يده باللَّيل ليتوبَ مُسيءُ النهار، ويَبسُط يده بالنهار ليتوب مُسيءُ الليل، ويغفرُ جميع الذُّنوب ولا يُبالي.

  21. عَنْ أَبِي ذَرٍّ رضي الله عنه، عَن النَّبِيِّ ﷺ، فِيمَا رَوَى عَن اللهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى أَنَّهُ قَالَ:

    «يَا عِبَادِي، إِنَّكُمْ تُخْطِئُونَ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ، وَأَنَا أَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا؛ فَاسْتَغْفِرُونِي أَغْفِرْ لَكُمْ»

    [13]


  22. من تمام توفيق الله للعبد محاسبته لنفسه على الدوام.

  23. أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ مِنْ أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ = مِنْ لَفْظَةٍ بَدَرَتْ خَالَفْتُ مَعْنَاهَا

وَكَيْفَ أَرْجُو إِجَابَاتِ الدُّعَاءِ وَقَدْ = سَدَدْتُ بِالذَّنْبِ عِنْدَ اللَّهِ مَجْرَاهَا

24. خلِّ الذنوبَ صغيرَها = وكبيرَها فهُوَ التُّقى

كن مثلَ ماشٍ فوق أرْ = ضِ الشَّوْكِ يَحْذَرُ ما يرى

لا تحقِرَنَّ صغيرةً = إنَّ الجبالَ مِن الحصى

25. يا نفسُ، كُفِّي عن العصيانِ واكتَسِبي = فِعلًا جميلًا لعلَّ اللهَ يرحَمُني

يا نفسُ، وَيْحَكِ توبي واعمَلي حسنًا = عسى تُجازَيْنَ بعد الموتِ بالحسَنِ

26. يا ربِّ إنْ عَظُمَتْ ذُنُوبِي كَثْرَةً = فلقد عَلِمْتُ بِأَنَّ عفوَكَ أَعْظَمُ

إِنْ كَانَ لاَ يَرْجُوكَ إِلَّا مُحْسِنٌ = فَمَن الذي يَدْعُو ويَرْجُو المجرِمُ؟!

أَدْعُوكَ رَبِّ كما أمرتَ تَضَرُّعًا = فَإِذَا رَدَدْتَ يَدِي فمن ذا يَرْحَمُ؟!

مَا لِي إِلَيْكَ وَسِيلَةٌ إِلَّا الرَّجَا = وَجَمِيلُ عَفْوِكَ ثُمَّ إِنِّي مُسْلِمُ

27. يَا كَبِيرَ الذَّنْبِ عَفْوُ الـ = ــلَهِ مِنْ ذَنْبِكَ أَكْبَرْ

أَعْظَمُ الْأَشْيَاءِ فِي جا = نبِ عَفْوِ اللَّهِ يَصْغُرْ

28. أستغفرُ الله من ذنبي ومن سَرَفي = إني، وإن كنتُ مستورًا لَخَطَّاءُ

لم تقتحم بي دواعي النفس معصيةً = إلَّا وبيني وبين النور ظَلْمَاءُ

29. يَا لَيْتَ شِعْرِي، كَيْفَ أَيَّامِي مَضَتْ = فِي خِفَّةٍ وَبِحِمْلِهَا هِيَ تُفْجَعُ؟!

قَدْ أُثْقِلَتْ بِذُنُوبِ عَبْدٍ لَوْ بَدَتْ = لِلْخَلْقِ أَزْكَمَتِ الْأُنُوفَ وَتَبْشَعُ

يَا رَبِّ عَبْدُكَ مُوحِلٌ بِذُنُوبِهِ = يَرْجُو النَّجَاةَ وَسَتْرَ ذَنْبٍ يَفْظُعُ

صَارَ الطَّرِيحَ بِبَابِ عَفْوِكَ دَاعِيًا = وَيَقِينُهُ أَنَّ الرَّحِيمَ سَيَسْمَعُ

فَاغْفِرْ لَهُ مَا قَدْ عَلِمْتَ وَعَافِهِ = وَارْزُقْهُ قَلْبًا ذَاكِرًا لا يَهْجَعُ

30. تَضَرُّعِي وَابْتِهَالِي = بِدَمْعِ عَاصٍ جَفَاكَ

وَصِرْتُ أَدْعُو وَأَرْجُو = مُؤَمِّلاً رُحْمَاكَ

فَارْحَمْ ضَعِيفًا مُقِرًّا = بِذَنْبِهِ قَدْ أَتَاكَ

تَبَتُّلِي وَصَلاتِي = أَدْعُو وَأَرْجُو رِضَاكَ

فَاغْفِرْ ذُنُوبِي وَهَبْنِي = فِي كُلِّ أَمْرِي هُدَاكَ

31. إلهي لا تعذِّبني فإني = مُقِرٌّ بالذي قد كان منِّي

وما لي حيلةٌ إلَّا رجائي = لعفوِكَ إن عفوتَ وحُسْنُ ظنِّي

فكم من زلَّةٍ لي في البرايا = وأنتَ عليَّ ذو فضل ومَنِّ

32. يا راكِبَ الغَيّ غيرَ مُرْتَشِدِ = شتَّانَ بينَ الضَّلالِ والرَّشَدِ

حَسْبُكَ ما قَدْ أتَيْتَ مُعْتَمِدًا = فاستغفرِ اللهَ ثمَّ لاَ تَعُدِ

33. واسْتَفْرِغ الدَّمْعَ مِنْ عَيْنٍ قد امْتَلأتْ = مِنَ الْمَحارِمِ وَالْزَمْ حِمْيَةَ النَّدَمِ

وخالفِ النفسَّ والشيطانَ واعصِهما = وإنْ هُما مَحَّضَاكَ النُّصْحَ فاتَّهِمِ

وَلا تُطِعْ منهما خَصْمًا وَلا حَكمًا = فأنْتَ تَعْرِفُ كَيْدَ الخَصْمِ والحَكمِ

أسْتَغْفِرُ الله مِنْ قَوْلٍ بِلاَ عَمَلٍ = لقد نسبتُ به نَسلاً لذي عُقُمِ

34. وَلَمَّا قَسا قَلبي وَضاقَت مَذاهِبي = جَعَلتُ الرَّجا مِنّي لِعَفوِكَ سُلَّمَا

تَعاظَمَني ذَنبي فَلَمَّا قَرَنْتُهُ = بِعَفْوِكَ رَبِّي كانَ عَفْوُكَ أَعظَما

فَما زِلْتَ ذا عَفْوٍ عَنِ الذَنبِ لَم تَزَلْ = تَجُودُ وَتَعْفُو مِنَّةً وَتَكَرُّما

35. رَأَيْتُ الذُّنوبَ تُمِيتُ القلوبَ = وقد يُورِثُ الذُّلَّ إِدْمَانُها

وَتَرْكُ الذُّنوبِ حَيَاةُ القلوبِ = وخيرٌ لنفسِكَ عِصْيَانُها

المراجع

  1. جامع العلوم والحكم" لابن رجب (2/ 408).
  2. "جامع العلوم والحكم" لابن رجب (2/ 408)
  3. "جامع العلوم والحكم" لابن رجب (2/ 408)
  4. "جامع العلوم والحكم" لابن رجب (2/ 415).
  5. "الوابل الصيب من الكلم الطيب" لابن القيم (ص: 7).
  6. "إحياء علوم الدين" لأبي حامد الغزاليِّ (4/ 32).
  7. "مدارج السالكين" لابن القيم (1/ 315).
  8. "الوابل الصيب من الكلم الطيب" لابن القيم (ص: 7)
  9. "سير أعلام النبلاء" للذهبيِّ (8/ 427).
  10. رواه البخاريُّ (6308).
  11. حلية الأولياء" لأبي نُعيم الأصبهانيِّ (1/ 324).
  12. "الجواب الكافي" لابن القيم (93-94).
  13.  رواه مسلم (2577).