عن زيدِ بنِ ثابتٍ، قال: سمعتُ رسولَ الله ﷺ يقول: «نضَّر اللهُ امرأً سَمِعَ منَّا حديثًا، فحفِظَه حتى يُبلِّغَه؛ فرُبَّ حاملِ فِقهٍ إلى مَن هو أفقهُ منه،ورُبَّ حاملِ فِقهٍ ليس بفقيهٍ».
عن زيدِ بنِ ثابتٍ، قال: سمعتُ رسولَ الله ﷺ يقول: «نضَّر اللهُ امرأً سَمِعَ منَّا حديثًا، فحفِظَه حتى يُبلِّغَه؛ فرُبَّ حاملِ فِقهٍ إلى مَن هو أفقهُ منه،ورُبَّ حاملِ فِقهٍ ليس بفقيهٍ».
1. إن أفضل ما صرفتَ فيه الأوقات، واستثمرتَ فيه الساعات، وأمضيت فيه الأعمار، الاشتغالُ بالعلم وتحصيله، والعناية به، سماعًا وفَهمًا، وحفظًا ومذاكرة، وتبليغًا؛
قال رسولُ الله ﷺ:
«نضَّر اللهُ امرأً سَمِعَ منَّا حديثًا، فحفِظَه حتى يُبلِّغَه».
2. إن النَّضْرةَ هي البهجة والحُسن الّذي يُكساه الوجهُ من آثار الإيمان، وابتهاج الباطن به، وفَرح القلب وسروره والْتِذاذه به، فتظهر هذه البهجة والسّرور والفرحة نضارةً على الوجه؛ ولهذا يجمع له سبحانه بين البهجة والسُّرور والنضرة
كما في قوله تعالى:
{فَوَقَاهُمُ اللَّهُ شَرَّ ذَٰلِكَ الْيَوْمِ وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُورًا}
[الإنسان: ١١]
فالنضرة في وجوههم، والسّرور في قلوبهم[1].
3. إن النعيم وَطيب الْقلب يَظْهَر نضارةً في الْوَجْه
كما قال تعالى:
{تَعْرِفُ فِي وُجُوهِهِمْ نَضْرَةَ النَّعِيمِ}
[المطففين: ٢٤]
والمقصود أن هذه النضرة في وَجه من سَمِع سنَّة رسول الله، ووعاها، وحفظها، وبَلَّغها؛ فهي أَثَر تلك الْحَلاوة والبهجة وَالسُّرُور الذي في قلبه وباطنه[2].
4. يكفي شرفًا من يبلِّغ ما جاء به النبيُّ ﷺ أنه يدخل في قوله تعالى:
{وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ}
[فصلت: 33]
أي: لا أحد أحسنُ قولاً ممن دعا إلى الله مع العمل الصالح الذي يُصدِّق قوله، ومع استسلامه لله تعالى منكِرًا ذاته، فتصبح دعوته خالصةً لله تعالى، ليس له فيها إلا التبليغ.
5. تبليغ العلم وبثُّه فِي الأمَّة ليحصل بِهِ ثَمَرَته ومقصوده؛ فهو بمَنْزِلة الكَنْز المدفون في الأرض الذي لا يُنْفَق منه، وهو معرَّض لذَهابه؛ فإن الْعلم مَا لم يُنْفَق منه ويُعلَّم، فإنه يُوشك أن يَذهَب، فإذا أُنفِق منه، نَما وزكا على الإنفاق[3].
6. إن من أعظم الواجبات على كلِّ مسلم، وأفضل القُربات إلى الله: طلبَ العلم، والدعوةَ إلى الله تعالى؛ فقد رغَّب الإسلام فيهما، وحضَّ المسلمَ عليهما على قدر استطاعته، فليتعلَّم ولو آيةً ليُبلِّغَها، وله عظيم الجزاء.
7. قَالَ سُفْيانُ بنُ عُيَيْنَة: لا تَجِدُ أحدًا من أهل الحديث إلَّا وفي وجهه نَضْرَةٌ؛ لدعوة النَّبِيِّ ﷺ[4].
8. مِن أعظم أبواب الخير أن يُرزَق العبدُ تعلُّمَ حديث رسول الله ﷺ وتعليمه؛ فلم يَزَل لأهل الحديث نضارةٌ في وجوههم؛ لخبر النبيِّ ﷺ ودعائه
9. إنما خصَّ حافِظَ سُنَّته ومبلِّغَها بهذا الدعاء «نضَّر الله امرأ»؛ لأنه سعى في نضارة العلم، وتجديد السُّنَّة، فجازاه في دعائه له بما يُناسب حاله في المعاملة؛ فالجزاء من جنس العمل.
10. ما الفَضلُ إِلَّا لِأَهلِ العِلمِ إِنَّهُمُ = عَلى الهُدى لِمَنِ استَهدى أَدِلَّاءُ
11. رَأَيتُ العِلمَ صاحِبُهُ كَريمٌ = وَلَو وَلَدَتْهُ آباءٌ لِئامُ
فلَيسَ يزالُ يَرفَعُهُ إِلى أَن = يُعَظِّمَ أَمرَهُ القَومُ الكِرامُ
وَيَتَّبِعونَهُ في كُلِّ حالٍ = كَراعي الضَّأنِ تَتبَعُهُ السَّوامُ
فَلَولا العِلمُ ما سَعِدَت رِجالٌ = وَلا عُرِفَ الحَلالُ وَلا الحَرامُ