عَنْ عَامِرِ بْنِ وَاثِلَةَ، أَنَّ نَافِعَ بْنَ عَبْدِ الْحَارِثِ، لَقِيَ عُمَرَ[ رضي الله عنه ] بِعُسْفَانَ، وَكَانَ عُمَرُ يَسْتَعْمِلُهُ عَلَى مَكَّةَ، فَقَالَ: مَنِ اسْتَعْمَلْتَ عَلَى أَهْلِ الْوَادِي؟ فَقَالَ: ابْنَ أَبْزَى، فقال: وَمَنِ ابْنُ أَبْزَى؟ فقال: مَوْلًى مِنْ مَوَالِينَا. قَالَ: فَاسْتَخْلَفْتَ عَلَيْهِمْ مَوْلًى؟ قَالَ: إِنَّهُ قَارِئٌ لِكِتَابِ اللهِ عزَّ وجلَّ، وَإِنَّهُ عَالِمٌ بِالْفَرَائِضِ، قَالَ عُمَرُ: أَمَا إِنَّ نَبِيَّكُمْ ﷺ قَدْ قَالَ: «إِنَّ اللهَ يَرْفَعُ بِهَذَا الْكِتَابِ أَقْوَامًا، وَيَضَعُ بِهِ آخَرِينَ»

هدايات الحديث


  1. قال تعالى:

    ﴿ وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ ۙ وَلَا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَسَارًا﴾

    [ الإسراء: 82]

     في القرآن شفاء، وفي القرآن رحمة، لمن خالطت قلوبَهم بشاشةُ الإيمان، فأشرقت وتفتَّحت لتَلقى ما في القرآن من روح وطمأنينة وأمان.

  2. القرآن رحمة للمؤمنين؛ ففي القرآن شفاء من الوسوسة والقلق والحَيرة؛ فهو يصل القلب بالله، فيَسكُن ويطمئنُّ ويستشعر الحماية والأمن، ويرضى فيَنعَم بالرضى من الله، والرضى عن الحياة، والقلقُ مَرَضٌ، والحَيرة نَصَبٌ وتَعَب، والوسوسة داءٌ.

  3. القرآن رحمة للمؤمنين؛ ففي القرآن شفاء من الهوى والدَّنَس والطمع والحسد ونَزَغات الشيطان، وهي من آفات القلب تُصيبه بالمرض والضعف والتَّعَب، وتدفع به إلى التحطُّم والبلى والانهيار.

  4. القرآن رحمة للمؤمنين؛ ففي القرآن شفاء من الاختلال في الشعور والتفكير؛ فهو يَعصِم العقل من الشَّطط، ويُطلق له الحرية في مجالاته المثمِرة، ويكفُّه عن إنفاق طاقته فيما لا يُجدي، ويأخذه بمنهج سليم منضبِط، يجعل نشاطَه منتِجًا ومأمونًا، ويَعصِمه من الشَّطط والزَّلل.

  5. القرآن رحمة للمؤمنين؛ ففي القرآن شفاء من العلل الاجتماعية التي تُخَلخِل بناء الجماعات، وتذهب بسلامتها وأمنها وطمأنينتها، فتعيش الجماعة في ظلِّ نظامه الاجتماعيِّ وعدالته الشاملة في سلامة وأمن وطمأنينة.

  6. إن القرآن يضع أناسًا؛ حيث إنهم لا ينتفعون بما فيه من شفاء ورحمة، وهم في غيظ وقهر من استعلاء المؤمنين به، وهم في عنادهم وكبريائهم يشتطُّون في الظُّلم والفساد، وهم في الدنيا مغلوبون من أهل هذا القرآن، فهم خاسرون، وفي الآخرة معذَّبون بكفرهم به، وطغيانهم، 

    ﴿وَلَا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَسَارًا﴾

    ربما يمهِل الله سبحانه وتعالى للكافر الجاحد المستكبِر، وتَزْدان له الدنيا؛ لكنه لا يَزيده ذلك إلا خسارًا؛ وإنما في الآخرة، فالحَذَرَ الحذرَ أن تكون من القسم الثاني، يضعهم الله بهذا القرآن، كن من القسم الأول الذين يرفعهم الله بالقرآن [1].

  7. لم يُجالس هذا القرآنَ أحدٌ إلَّا قام عنه بزيادة أو نقصان [2].

  8. كن من أهل القرآن؛ حتى تكون ممن يرفعهم القرآن، ويكون حجَّةً لهم، لا عليهم.

  9. حفظُ القرآن والعملُ به رِفْعةٌ في الدنيا والآخرة.

  10. حفظ كتاب الله وتعلُّمه والانشغال به شرفٌ ليس بعدَه شرف.

  11. عزُّ الأمَّة وشرفُها في تمسُّكها بدينها، والعمل بكتابها، والقيام بحقِّ ربِّها.

  12. العلم يرفع من لا حَسَبَ له ولا نَسَب.

  13. الْعِلْمُ يَبْنِى بُيُوتًا لا عِمَادَ لها = والجَهْلُ يَهْدِمُ بَيْتَ العِزِّ والكَرَمِ

  14. دعاهم إلى أن يفتحوا القلبَ كي ترى = بَصِيرتُه ما يُبصِرُ البُصَراءُ    دعاهم إلى القرآنِ نورًا وحِكمةً = وفيه لأدواءِ الصدورِ شِفاءُ

  15. وجَرَوْا يَنْشرون في الأرْضِ هَدْيًا = مِنْ سَنا العِلْمِ أو سَنا القُرآنِ

  16. لا تَضِلُّ الشُّعُوبُ مِصْباحُها العِلْـ = ـمُ يُؤاخِيِه راسِخُ الإِيمانِ

  17. هكَذا يا روحُ كُونِي نَحْلَةً = لَمْ تَمِلْ للنَّوْمِ أو إغْرائِهِ

دونَكِ القرآنَ رَوْضًا ناضِرًا = فارشُفِي ما شئتِ مِن أندائِهِ

18. قدِّمِي للكَوْنِ مِن أزهارِهِ = شَهْدَهُ الْمَشْهُودَ باستحْلائِهِ

لا تَرومِي غيرَهُ رَوْضًا؛ فَكَمْ = عِفْتُ طِيبًا شَذَّ عن أشذائِهِ

فالهُدَى في هَدْيِهِ، والفوزُ في = نهجِهِ، والْمَجْدُ في إعْلائِهِ

19. اقْرَأْ كِتَابَ اللهِ وَافْهَمْ حُكْمَهُ = تُدْرِكْ عَطَاءَ اللهِ فِي إِحْسَانِ

فَهُوَ الخِطَابُ لِكُلِّ عَقْلٍ نَابِهٍ = وَهُوَ الضِّيَاءُ بِنُورِهِ الرَّبَّانِي

يَهْدِي إِلَى الخَيْرِ العَمِيمِ وَإِنَّهُ = أَمْنُ القُلُوبِ وَرَاحَةُ الأَبْدَانِ

قَدْ أَنْزَلَ القُرْآنَ رَبٌّ حَافِظٌ = لِيُعَلِّمَ الإِنْسَانَ خَيْرَ بَيَانِ

إنا بنو القُرآنِ والدِّينِ الذي = صَدَعَ الشُّكوكَ وجاء بالتِّبْيانِ

ضاعت حقوق العالمين فَرَدَّها = وأقامَها بالقِسْطِ والْمِيزان

ظَلَم العزيزُ فهدَّه وأَهَانَه = وحَمى الذَّلِيلَ فبَاتَ غيرَ مُهانِ

20. نَوِّرْ جَبِينَكَ فـي هُـدى الْقُـرآنِ = وَاقطِفْ حصادَك بعد طول نِضال

واسْلُكْ دُرُوبَ العارفيـنَ بهِمَّةٍ = والْـَزمْ كتـابَ الله غيـرَ مبـالِ

فهُوَ الْمُعِينُ عَلَى الشَّدَائـدِ وَطْـأةً = وهُوَ الْمُهَيْمِنُ فَوْقَ كلِّ مَجَـالِ

وَهُوَ الشَّفِيعُ عَلَى الخلائقِ شاهـدٌ = في مَوْقِفٍ يُنْجِي مِنَ الأَهوالِ

21. أُنزِلَ القرآنُ نورًا وهُدَى = في بيانٍ بالغٍ أقصى الْمَدَى

يتَوَالَى الصَّوْتُ منه والصَّدَى: = إن هذا الكَوْنَ لم يُخلَقْ سُدَى

فاسْتَفِيقِي يا ظُنونَ الجُهَلاءْ



المراجع

  1. "شرح رياض الصالحين" لابن عثيمين (4/ 646، 647).
  2. "أخلاق حملة القرآن" للآجرِّيِّ (ص: 73)


مشاريع الأحاديث الكلية