عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه قَالَ: سَأَلْتُ النَّبِ‍يَّ ﷺ: أَيُّ الْعَمَلِ أَحَبُّ إِلى اللَّهِ؟ قَالَ: «الصَّلاةُ عَلى وقْتِهَا»، قَالَ: ثُمَّ أَيٌّ؟ قَالَ: «ثُمَّ بِرُّ الْوَالِدَيْنِ»، قَالَ: ثُمَّ أَيٌّ؟ قَالَ: «الجِهَادُ في سَبيل اللهِ» قَالَ: حَدَّثَنِ‍ي بِهِنَّ، ولَوِ اسْتَزَدْتُهُ لَزَادَنِ‍ي. 

هدايات الحديث

  1. اعلم أن أداءَ الصلاةِ على وقتها أحبُّ الأعم‍ال إلى الله، حيث تتَّجِه بالعبادة لله وحدَه، ترتفع وتتسامى عن عبادة العباد، وعبادة الأشياء، حيث تُحنى الجباه لله لا للعبيد، والقلب يَسجُد لله حقًّا، ليلَ نهارَ يتَّصِل بربِّه خالق الخلق، يجد لحياته غايةً أعلى من أن تُستغرق في الأرض وحاجاتها، فيصير مؤمنًا ربَّانيَّ التصوُّر، ربَّانيَّ الشعور، ربَّانيَّ السلوك.

  2. إن برَّ الوالدينِ من أفضل الأعمال، ومِن أعظم أسباب دخول الجنة.

  3. إن الوالدينِ هما أقربُ الأقرباء، وإن لهما لفضلاً، وإن لهما لرَحِمًا، وإن لهما لواجبًا مفروضًا: واجبَ الحبِّ والكرامة والاحترام والكفالة؛ ولكن ليس لهما من طاعة في حقِّ الله؛

    قال تعالى:

    ﴿وَوَصَّيْنَا ٱلْإِنسَٰنَ بِوَٰلِدَيْهِ حُسْنًا ۖ وَإِن جَٰهَدَاكَ لِتُشْرِكَ بِى مَا لَيْسَ لَكَ بِهِۦ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَآ ۚ﴾ 

    [العنكبوت: ٨].

  4. إن الصلة في الله هي الصلة الأولى، والرابطة في الله هي العُروة الوُثقى، فإن كان الوالدان مشركينِ، فلهما الإحسان والرعاية، لا الطاعة ولا الاتِّباع.

5. الجهادُ هو ذِرْوةُ سَنام الإسلام؛ به تُرفَع رايةُ الدِّين، وتعلو كلمة الحقِّ إلى قيام الساعة، وبه يُعِزُّ الله المؤمنين، ويُذِلُّ أعداءه.

6. مدَح اللهُ الجهادَ، ووعد المجاهدين بالأجر العظيم فضلًا منه وكرَمًا

فقال في كتابه العزيز:

 ﴿لَّا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ ۚ فَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ عَلَى الْقَاعِدِينَ دَرَجَةً ۚ وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَىٰ ۚ وَفَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ عَلَى الْقَاعِدِينَ أَجْرًا عَظِيمًا ۞  دَرَجَاتٍ مِّنْهُ وَمَغْفِرَةً وَرَحْمَةً ۚ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا ﴾  

[النساء: 95، 96].

7. مدح الله الله المؤمنين المجاهدين وتضحيتهم في قوله تعالى: 

﴿۞ إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَىٰ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُم بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ ۚ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ ۖ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنجِيلِ وَالْقُرْآنِ ۚ وَمَنْ أَوْفَىٰ بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ ۚ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُم بِهِ ۚ وَذَٰلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ  ﴾ 

[التوبة: 111].

8. إن الجهاد في سبيل الله يكون من أجل نشر الإسلام وحماية العقيدة، فلا يَضْطَهِدُها أو يَحصُرها أو يَفتِن أتباعها متجبِّر، فالجهاد لحمايتها من الفتنة، وحماية منهجها وشريعتها في الحياة، وإقرار رايتها في الأرض بحيث يَرهَبها من يُهِمُّ بالاعتداء عليها قبل الاعتداء، وبحيث يلجأ إليها كلُّ راغب فيها فلا يخشى قوَّة أخرى في الأرض تتعرَّض له أو تمنعه أو تَفتِنه.

9. زُرْ والدَيْكَ وقِفْ على قبرَيْهما = فكأنني بك قد نُقِلتَ إليهما

لو كنتَ حيث هما وكانا بالبَقَا = زاراكَ حَبْوًا لا على قدمَيْهما

 ما كان ذنبُهما إليكَ فطالما = مَنحاكَ نفسَ الوُدِّ من نفسَيهما 

كانا إذا سَمِعا أنينَكَ أَسْبَلا = دمعَيْهما أَسَفًا على خدَّيْهما 

وتمنَّيا لو صادفا بك راحةً = بجميع ما يحويه مِلْكُ يدَيهما 

10. قالوا: غَزَوْتَ، وَرُسْلُ اللهِ ما بُعِثُوا = لِقَتْلِ نَفْسٍ، وَلا جاؤوا لسَفْكِ دَمِ

جَهْلٌ، وَتَضْلِيلُ أَحْلامٍ، وَسَفْسَطَةٌ = فَتَحْتَ بِالسَّيْفِ بَعْدَ الْفَتْحِ بِالقَلَمِ 

لَمَّا أَتى لكَ عَفْوًا كلُّ ذي حَسَبٍ = تَكَفَّلَ السَّيْفُ بالجُهَّالِ والعَمَمِ 

والشَّرُّ إِنْ تَلْقَهُ بِالخَيْرِ ضِقْتَ بهِ = ذَرْعًا، وإِنْ تَلْقَهُ بالشَّرِّ يَنْحسِمِ


مشاريع الأحاديث الكلية