37. في الحديث يجوز للمرء أن يبعث من يستفتي بدلًا منه، إذا كان الشخص المُرْسَلُ يُحسن الإبلاغَ والفَهم.

38. يجوز للعالِم والمُرَبِّي والداعية أن يغضب على فعلٍ فَعَله السائل لم يكن له علمٌ بحُكمه، إذا كان ذلك الفعلُ عظيمًا يستدعي المشاورة وسؤال أهل العلم قبل فِعْله.

39. على الْمَرء إذا أصابه شكٌّ - ولو يسيرًا – في فعلٍ فَعَله، أن يستشير أهل العلم؛ فربما كان حكمُه يخفى عليه، وإن بدا واضحًا جليًّا.

40. قد تخفى الأحكام على أهل العلم؛ ففي الحديث خَفِيَ حكم تحريم الطلاق في الحيض على عمر وابن عمر، رضي الله عنهما.

41. قال تعالى:

{وَٱلَّٰتِى تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَٱهْجُرُوهُنَّ فِى ٱلْمَضَاجِعِ وَٱضْرِبُوهُنَّ ۖ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا ۗ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا}

[النساء: 34]،

فإذا تمرَّدت المرأة على زوجها، وعَصَت أمرَه، سَلَك معها طرق الوعظ، أو الهجر في المضجع، أو الضرب، ويُشترَط في الضرب أن يكون غيرَ مبرِّح؛ أي: غير مؤثِّر، بالسِّواك ونحوه؛ فليس الغرَضُ إيذاءَ المرأة ولا إهانتها؛ وإنما إشعارها بأنها مخطئة في حقِّ زوجها، وأن لزوجها الحقَّ في إصلاحها وتقويمها.

28- على الداعية اختيار أساليب الدعوة المشوِّقة، ففي هذا الحديث ابتدأ ﷺ بأسلوب في غاية التشويق، فقال: «ثَلاثٌ مَنْ كُنَّ فيه وَجَدَ حَلاوةَ الإيمانِ»، وأبهم النبيُّ ﷺ الخصالَ الثلاثَ بدايةً؛ تشويقًا للمستمِع؛ مما يضمن متابعتَه للمتكلِّم ﷺ حتى يتبيَّن هذه الخصال الثلاث[1]

المراجع

  1.  انظر: "كنوز رياض الصالحين"، مجموعة باحثين برئاسة: حمد بن ناصر العمار (6/ 215).

18. على الداعية اختيار أساليب الدعوة المشوِّقة؛ ففي هذا الحديث ابتدأ ﷺ بأسلوب في غاية التشويق، فقال: «سبعة يظلهم الله في ظلِّه»، وأبهم النبيُّ ﷺ الخصالَ السبع بدايةً؛ تشويقًا للمستمِع؛ مما يضمن متابعتَه للمتكلِّم ﷺ حتى يتبيَّن هذه الخصال السبع.

14. مِن فقه الداعية الجمعُ بين البِشارة والنِّذارة؛ فكما يُحذِّرهم ويُنذِرهم من مخالفة أمر الله ومعصيته، يُبشِّرهم بما أعطاهم اللهُ، وبما أَعَدَّ لهم من الفوز في الدنيا والآخرة.

21. في هذا الحديث فَضِيلةُ التَّسبيح، وسائرِ الأذكار، والأمرِ بالمعروف والنَّهي عن المنكَر، وإحضارُ النّيَّة في المباحات، وذِكْرُ العالِم دليلًا لبعض المسائل التي تخفى، وتنبيهُ الْمُفتي على مختصَر الأدلَّة، وجَوَازُ سؤال المستفتي عن بعض ما يَخفى من الدَّليل إذا عَلِم من حال المسؤول أنّه لا يَكرَه ذلك، ولم يَكن فيه سُوءُ أَدَبٍ [1].

22. انظر إلى الهِمَم العالية من الصحابة - رضي الله عنهم - يَغبِطون إخوانهم بما أَنعَم الله عليهم من الأموال التي يتصدَّقون بها، وليسوا يقولون: عندهم فضولُ أموال؛ يَركَبون بها المراكبَ الفخمة، ويَسكُنون القُصور المشيَّدة، ويَلبَسون الثياب الجميلة؛ ذلك لأنهم قوم يريدون ما هو خيرٌ وأبقى، وهو الآخِرة؛ فهم اشتكَوْا إلى الرسول ﷺ شكوى غِبطة، لا شَكْوى حَسَد، ولا اعْتِراض على الله - عزَّ وجلَّ - ولكن يَطلُبون فضلًا يتميَّزون به عمَّن أغناهم الله، فتصدَّقوا بفضول أموالهم [2].

المراجع

1. "شرح النوويِّ على مسلم" (7/ 93).

2. "شرح رياض الصالحين" لابن عثيمين (2/ 161، 162).



22. استحبابُ مذاكرة العلم، وطرح الإمام أو الداعية للأسئلة.
23. عدمُ الفُتيا بغير علم؛ فسكوت الصحابة إنما كان لعدم علمهم بما سأل عنه عمرُ رضي الله عنه.
24. يجوزُ أن يزيدَ اهتمامُ طالب العلم بنوعٍ مُعيَّن من العلوم، بعد تحصيله لأساسيات الأنواع الأخرى؛ فحذيفةُ رضي الله عنه كان أحرصَ الناس على حفظ أحاديث الفتن والشرور.
25. تشجيعُ الإمام لمَن يحفَظ، ويهتمُّ بالعلم، والدعاء له؛ كقول عمر: "لله أبوك"

24. حُسن تعليمه ﷺ في جوابه للسائل بذكر القاعدة الجامعة التي تَشمَل المسؤول عنه وغيره.

25. من حُسن الفتوى زيادةُ السائل على ما سأل عنه مما يَحتاج إليه، فينبغي للمفتي أن يُجيب السائل بزيادة عما سُئل عنه إذا عَلِم المصلحةَ في الزيادة.

26. في الحديث إشارة إلى تحرِّي الصحابة وحرصهم - رضي الله عنهم - على معرفة الأحكام الشرعية.

18. مات النبيُّ ﷺ ولم يَشبَع من طعام الشَّعير، وكان يتأسَّى به الصحابة – رضوان الله عليهم -

فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه:

أَنَّهُ مَرَّ بِقَوْمٍ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ شَاةٌ مَصْلِيَّةٌ - أي مَشْويَّة - فَدَعَوْهُ، فَأَبَى أَنْ يَأْكُلَ، وَقَالَ: «خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ مِنَ الدُّنْيَا وَلَمْ يَشْبَعْ مِنْ خُبْزِ الشَّعِيرِ»

[1].

19. قلَّة الأكل من محاسن الرجال، وكَثْرتُه مَذَمَّة للإنسان، وقد كانت العرب تَمتدِح بقلَّة الأكل، وذلك معروفٌ في أشعارها؛ فكيف بأهل الإيمان؟! وأما من عَظُمت الدنيا في عينه من كافر وسَفَيهٍ، فإنما همَّتُه في شِبَع بطنه، ولذَّة فَرْجِه [2].

المراجع

1. رواه البخاريُّ (5414).

2. "الاستذكار" لابن عبد البر (8/ 347).

10. كان النبيُّ ﷺ أحسنَ الناس تربيةً وتعليمًا وقُدرةً على الإيضاح والبيان، وأحرصَ الناس على هداية الخَلْق، فسلك جميع السُّبل والوسائل المتاحة لتبليغ دعوة ربه، ومنها في هذا الحديث: ضربُ الأمثال؛ لأن ضرب الأمثال الحسية يقرِّب المعانيَ العقلية؛ أي: ما يُدرَك بالعقل يقرِّبه ما يُدرَك بالحِسِّ، وهذا مشاهَد؛ فإن كثيرًا من الناس لا يفهم، فإذا ضربتَ له مثلاً محسوسًا فَهِم وانتفع؛

ولهذا قال الله تعالى:

{ وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ ۖ وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِمُونَ}

[العنكبوت: 43]

وقال تعالى:

{وَلَقَدْ ضَرَبْنَا لِلنَّاسِ فِي هَٰذَا الْقُرْآنِ مِن كُلِّ مَثَلٍ}

[الروم: 58]

فضرب الأمثال من أحسن طرق التعليم ووسائل العلم[1].

11. على الداعية التنويعُ في أساليب دعوته وحديثه، وتلقين المدعوِّ العلم بصورة سهلة يسيرة، واستعمال الصور البلاغية التي تُبرز المعنى وتؤكِّده، وضرب الأمثال، واستخدام القصص؛ مما يجذب انتباه المدعوِّ.

المراجع

  1. "شرح رياض الصالحين" للعثيمين (2/ 295).

24- من الأساليب النبوية في التعليم والتربية: جذب انتباه المتلقِّي بالعبارات التي تسترعي انتباهه إلى خطورة الأمر الذي سيتحدث فيه النبيُّ؛ كقوله r: «إنَّ أخْوَفَ ما أخافُ عليكم الشِّركُ الأصْغَرُ»، فكأنه يُثير حفيظتَهم إلى معرفة ذلك الأمر الجَلَل.

22- قوله : «أَرْبَعٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ» إجمالٌ لتلك الأمور قبل تفصيلها، وهذا للتشويق والحثِّ على الاهتمام والعناية، كما ذكر العدد؛ لأنه أبعثُ في النفوس على استحضار الذِّهن؛ فإن الإنسان يضبط العددَ، ولا بدَّ أن يُطابق العددُ المعدود، فإذا ذُكِر العددُ أولًا، استحضر الإنسانُ ذهنَه حتى يُطابق المعدود بالعدد.

23- ذِكرُ العدد ثم بيان المعدود بعد ذلك يبعَثُ على الاستذكار، وجذب الانتباه حتى انتهاء العدد المراد، وهو وسيلةٌ قويةٌ في الحفظ والتذكر.

16. في الحديث الدعاءُ للمتعلِّم، وطالب العلم بما يَسُرُّه، ويُرضيه، ويُحفِّزه للفعل.

17. في الحديث بيانُ أن التلميذ قد يَفوقُ شيخَه، وأنَّ الشيخَ لا يعني بالضرورة أن يكون أعلى من تلميذه.

26. ينبغي على الإمام وغيره ممّن يَأمُر بمعروف أو ينهى عن مُنكَر، أن يبدأ بنفسه وأهلِه؛ فهو أقربُ إلى قَبول قوله، وإلى طِيب نفسِ مَن قَرُب عهدُه بالإسلام.

19. الدين كلُّه خُلُقٌ، فمن زاد عليك في الخُلق، زاد عليك في الدين [1].

المراجع

1. "مدارج السالكين" لابن القيم (2/ 307).

28-وَضَع كفَّيْهِ على فَخِذَيْ نفسه، لا على فَخِذَيِ النبيِّ ﷺ، وذلك من كمال الأدب في جِلسة المتعلِّم أمام المعلِّم، بأن يجلس بأدب واستعداد لِما يَسمَع، واستماع لِما يُقال من الحديث[1].

29-في الحديث قال: يا محمدُ، أخبرني، ولم يقل: يا رسول الله؛ كصَنيع أهل البادية الأعراب؛ لأن الأعراب إذا جاؤوا إلى النبيِّ ﷺ يقولون: يا محمدُ. أما الذين سَمِعوا أدب اللهِ - عزَّ وجلَّ - لهم فإنهم لا يقولون: يا محمدُ؛ وإنما يقولون: يا رسولَ الله

لأن الله تعالى قال في كتابه: 

لَا تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضًاﱠ

[النور: ٦٣]

وهذا يَشمَل دعاءه عند النداء باسمه، ويَشمَل دعاءه إذا أَمَر أو نهى، فلا نَجعَل أمره كأمر الناس: إن شئنا امتثلْنا، وإن شئنا تَرَكْنا، ولا نجعل نهيَه كنهيِ الناس: إن شئنا تَرَكْنا، وإن شئنا فَعَلْنا. كذلك عندما ندعوه، لا ندعوه كدعاء بعضنا بعضًا، فنقول: يا فلانُ يا فلان، مثلما تنادي صاحبَك؛ وإنما تقول: يا رسولَ الله؛ لكن الأعراب - لبُعدهم عن العلم، وجهل أكثرِهم - إذا جاؤوا ينادونه باسمه، فيقولون: يا محمدُ[2].

المراجع

  1. "شرح رياض الصالحين" لابن عثيمين (1/ 347).
  2. "شرح رياض الصالحين" لابن عثيمين (1/ 347).


36. ينبغي للعالِم أن يتخوَّل أصحابه بالموعظة، ولا يُكثر عليهم.

37. يُستَحب للرجُل أن يسأل العالِمَ والداعيةَ وَعْظَه.

38. على الواعظ أن تشتمل موعظته القواعد العامَّة، والأمور الكلية.

17. حِفْظُ حقوق الجار، والإحسانُ إليه مما يقوِّي أواصرَ الحبِّ والمؤاخاة بين أفراد المجتمع، فإذا أكرم الجارُ جارَه، ائتلفت القلوب، واتَّفَقت الكلمة، وتماسك المجتمع المسلم، أما العكس فيؤدِّي إلى تنافُر القلوب، واختلاف الكلمة، وتفتُّت المجتمَع.

14. مِن واجبات المعلِّم والمربِّي الناجح التيسير على المدْعوِّين، وتبشيرهم بالخير، ما وجدَ إلى ذلك سبيلًا.

15. يجبُ على الإنسان أن يستعلمَ عن الشيء الذي يريد الدخول فيه، بما يبعثُ على الاطمئنان والثقة.

16. الاهتمامُ بما ينفعُ الإنسان في دنياه وآخرته؛ فإن عمرًا لم يطلُب من النبِّي الرئاسةَ، أو قيادة الجيش، أو نحو ذلك، إنما طلب مغفرةَ الذنوب التي اقترفها في الجاهلية.

17. تجوزُ الزيادةُ على إجابة السائل؛ فإنه كان يَكفي عمرًا أن يقول له النبيُّ : إن الإسلام يهدمُ ما كان قبلَه؛ لكنَّه  أردف ذلك ببيان أن الهجرة والحج من مُكفِّرات الذنوب أيضًا

23. هذه الخَصلةُ في الحديث تصِلُ بصاحبِها إلى درجاتِ الكم‍الِ في الأخلاقِ، فيتطهَّرُ بها مِن الآفاتِ التي تُصِيبُ القلوبَ؛ كالحقدِ، والحسدِ، والغِلِّ، والكِبرِ؛ فتَم‍امُ مَ‍حبَّةِ الخيرِ للمسلِ‍مين لا تقعُ إلا لصاحبِ القلبِ السليمِ، فإذا أحبَّ المؤمِنُ لنفْسِه فضيلةً مِن دِينٍ أو غيرِه، أحبَّ أنْ يكون لأخيهِ نظيرُها مِن غيرِ أنْ تزولَ عنه.

24. من واجبات المعلِّم والمربِّي العملُ على صلاح ذات البين، وتوثيق الروابط بين أفراد المجتمع المسلم.

18. من أساليب الدعوة والتربية ضرب المثل وتشبيه المعاني بالصور الحسية، فتظهر المعاني في الصور المرئية، ولا يخفى ما في ذلك من تقريب الفَهم للمَدعوِّ.