18- في هذا الحديث إثباتُ صفتَيِ الحبِّ والبُغض للهِ - عزَّ وجلَّ – على ما يليق به، ومن أصول أهل السنَّة والجماعة أننا نؤمن بذلك، ونقول: إن الله تعالى يحبُّ ويُبغض، وهو سبحانه وتعالى موصوف بصفات الكمال، وأنه لا يحبُّ إلا ما فيه الخيرُ والصلاح، ولا يُبغض إلا الشرَّ والخبائث [1]

المراجع

  1.  "شرح رياض الصالحين" لابن عثيمين (6/ 656، 657).

  1. قوله: «من عبد الله وحده» هذه الخصلة الأولى من الثلاث، وهي إخلاص العبادة لله - عزَّ وجلَّ - وهذا هو الأساس؛ لأن إفراد الله بالعبادة أساس كلِّ عمل، وكل عمل من الأعمال لا يُقبَل إلا إذا كان خالصًا لوجه الله - عزَّ وجلَّ - وحدَه لا شريك له.

  2. «لا إله إلا الله» هي كلمة الإخلاص والتوحيد، ومعناها: لا معبودَ بحقٍّ إلا الله، فهي مشتملة على نفي وإثبات، نفيٍ عامٍّ في أوَّلها، وإثبات خاصٍّ في آخرها، النفيُ العامُّ الذي في أولها هو نفيُ العبادة عن كلِّ ما سوى الله، والإثبات الخاصُّ الذي في آخرها هو إثبات العبادة لله وحده لا شريك له [1].

  3. أفضل شُعب الإيمان وأعلاها: التوحيدُ، وهو شهادة أن لا إله إلا اللهُ، بالقول المواطئ للقلب، بإخلاص وصِدق ويقين، فيطمئنُّ القلب بها، وتَأنَس النفس إليها، فلا يصحُّ شيءٌ من هذه الخصال إلا بها.

المراجع

    1. "شرح سنن أبي داود" للعباد (3/191).


    23- من أسماء الله تعالى الطيّب؛ لقوله: «إِنَّ اللهَ طَيِّبٌ»، وهذا يشمل طِيبَ ذاته، وأسمائه، وصفاته، وأفعاله، وأحكامه؛ فأسماؤه كلُّها حسنى، ولا يوجد في أسماء الله ما يكون فيه النقص، لا حقيقةً ولا فرضًا، فكلُّ أسماء الله تعالى ليس فيها نقصٌ بوجه من الوجوه، وهو سبحانه وتعالى طيِّب في صفاته وأفعاله؛ فكلُّ صفات الله تعالى وأفعاله طيِّبة، ليس فيها نقص بوجه من الوجوه.

    24- تسميةُ الله في هذا الحديث (الطيِّب) دليلٌ على أنَّ أسماء الله ليست كلُّها هي المحصورةَ في حديث الترمذيِّ: «إن لله تسعة وتسعين اسمًا، مِائةً غير واحدٍ، مَن أحصاها دخل الجنة، هو الله الذي لا إله إلا هو، الرحمن الرحيم، الملك القدُّوس، السلام المؤمن، المهيمن العزيز، الجبَّار المتكبِّر...»[1]؛ فإن "الطيِّب" ليس في تلك الأسماء[2]

    25- من أسباب إجابة الدعاء التوسُّلُ إلى الله تعالى بالربوبية؛ لقوله: «يَا رَبِّ يَا رَبِّ»؛ ولهذا تجد أكثر الأدعية الموجودة في القرآن مصدَّرة بـ (يا ربِّ)، ولما سمع بعض السَّلَف داعيًا يقول: (يا سيِّدي)، فقال: لا تقل: (يا سيِّدي)، قل ما قالت الرسل: (يا ربِّ)؛ وذلك لأن العُدول عن الألفاظ الشرعية غَلَطٌ، وإن كان الإنسان يجد أن ذلك أشدُّ تعظيمًا[3]

    26-    «يَا رَبِّ يَا رَبِّ»: نداء بوصف الربوبية؛ لأن ذلك وسيلة لإجابة الدعاء؛ إذ إن إجابة الدعاء من مقتضيات الربوبية[4]

    27- إن الله تعالى طيِّب، وأفعالُه طيبةٌ، وصفاته أطيبُ شيء، وأسماؤه أطيبُ الأسماء، واسمه الطيِّبُ، ولا يصدُر عنه إلا طيبٌ، ولا يصعَدُ إليه إلا طيبٌ، ولا يَقرُب منه إلا طيِّب، وإليه يصعَدُ الكَلِم الطيبُ، وفِعلُه طيِّب، والعمل الطيِّب يَعرُج إليه؛ فالطيِّبات كلُّها له، ومضافةٌ إليه، وصادرة عنه، ومنتهية إليه[5]

    28- «إِنَّ اللهَ تَعَالَى طَيِّبٌ»: طاهر منزَّه عن النقائص، لا يعتريه الخُبث بأيِّ حال من الأحوال؛ لأن ضدَّ الطيِّب هو الخبيث؛ ك

    ما قال الله عزَّ وجلَّ:

    ﴿قُل لَّا يَسۡتَوِي ٱلۡخَبِيثُ وَٱلطَّيِّبُ﴾

    [المائدة: 100]،

    وقال:

    ﴿ٱلۡخَبِيثَٰتُ لِلۡخَبِيثِينَ وَٱلۡخَبِيثُونَ لِلۡخَبِيثَٰتِۖ وَٱلطَّيِّبَٰتُ لِلطَّيِّبِينَ وَٱلطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّبَٰتِۚ﴾

    [النور: 26]،

    ومعنى هذا أنه لا يلحقه - جلَّ وعلا - شيءٌ من العَيب والنقص؛ فهو - عزَّ وجلَّ - طيِّب في ذاته، وفي أسمائه، وفي صفاته، وفي أحكامه، وفي أفعاله، وفي كلِّ ما يَصدُر منه، وليس فيها رديءٌ بأيِّ وجه[6]

    29-  إثبات علمه سبحانه وتعالى بأعمال العباد، وفي ذِكر العلم بعد الأمر وَعْد ووعيدٌ؛

    لقوله تعالى:

    ﴿يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا﴾

    [المؤمنون: 51][7]

    المراجع

    1.  رواه الترمذيُّ (3507)، وقال: حديث غريب... ولا نعلم في كبير شيء من الروايات ذكر الأسماء إلا في هذا الحديث، وضعَّفه الألبانيُّ في "ضعيف الجامع الصغير" (1945). وأصل الحديث متَّفَق عليه، رواه البخاريُّ (2736)، ومسلم (2677)، وليس فيه ذكر الأسماء.
    2.  انظر: "الفتاوى الكبرى" لابن تيمية (2/ 382).
    3.  "شرح الأربعين النووية" للعثيمين (ص 151).
    4.  "شرح الأربعين النووية" للعثيمين (ص 143).
    5.  "الصلاة وأحكام تاركها" لابن القيم (ص 151).
    6.  "شرح الأربعين النووية" للعثيمين (ص 141).
    7.  انظر: "الفوائد المستنبطة من الأربعين النووية وتتمتها الرجبية"، عبد الرحمن بن ناصر البراق (ص: 26).