83 - حُرمة الدِماءِ، والأموالِ، والأعراض

عن جابرِ بنِ عبدِ اللهِ رضي الله عنهما أنَّ رسولَ الله خَطَب النَّاسَ في الحجِّ فقال: «إِنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ حَرَامٌ عَلَيْكُمْ، كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا، فِي شَهْرِكُمْ هَذَا، فِي بَلَدِكُمْ هَذَا، أَلَا كُلُّ شَيْءٍ مِنْ أَمْرِ الْجَاهِلِيَّةِ تَحْتَ قَدَمَيَّ مَوْضُوعٌ، وَدِمَاءُ الْجَاهِلِيَّةِ مَوْضُوعَةٌ، وَإِنَّ أَوَّلَ دَمٍ أَضَعُ مِنْ دِمَائِنَا دَمُ ابْنِ رَبِيعَةَ بْنِ الْحَارِثِ، كَانَ مُسْتَرْضِعًا فِي بَنِي سَعْدٍ فَقَتَلَتْهُ هُذَيْلٌ، وَرِبَا الْجَاهِلِيَّةِ مَوْضُوعٌ، وَأَوَّلُ رِبًا أَضَعُ رِبَانَا؛ رِبَا عَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، فَإِنَّهُ مَوْضُوعٌ كُلُّهُ، فَاتَّقُوا اللهَ فِي النِّسَاءِ؛ فَإِنَّكُمْ أَخَذْتُمُوهُنَّ بِأَمَانِ اللهِ، وَاسْتَحْلَلْتُمْ فُرُوجَهُنَّ بِكَلِمَةِ اللهِ، وَلَكُمْ عَلَيْهِنَّ أَنْ لَا يُوطِئْنَ فُرُشَكُمْ أَحَدًا تَكْرَهُونَهُ، فَإِنْ فَعَلْنَ ذَلِكَ فَاضْرِبُوهُنَّ ضَرْبًا غَيْرَ مُبَرِّحٍ، وَلَهُنَّ عَلَيْكُمْ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ، وَقَدْ تَرَكْتُ فِيكُمْ مَا لَنْ تَضِلُّوا بَعْدَهُ إِنِ اعْتَصَمْتُمْ بِهِ؛ كِتَابُ اللهِ، وَأَنْتُمْ تُسْأَلُونَ عَنِّي، فَمَا أَنْتُمْ قَائِلُونَ؟» قَالُوا: نَشْهَدُ أَنَّكَ قَدْ بَلَّغْتَ وَأَدَّيْتَ وَنَصَحْتَ، فَقَالَ بِإِصْبَعِهِ السَّبَّابَةِ، يَرْفَعُهَا إِلَى السَّمَاءِ وَيَنْكُتُهَا إِلَى النَّاسِ: «اللهُمَّ اشْهَدْ، اللهُمَّ اشْهَدْ» ثَلَاثَ مَرَّاتٍ.

فقه

حرَص النبيُّ ﷺ على نشْرِ الدِّينِ وتبليغِ أحكامه، ولهذا أوصى أُمتَه بوصايا جامعةٍ في خُطبة حَجة الوداع التي ألْقاها يومَ عَرفةَ أمام مَشهَدٍ من أصحابه الذين حجُّوا معه، وبلَغ عددهم مائة ألفِ صحابيٍّ أو أكثر.

1. وقد استهلَّ ﷺ خُطبته بعْد الحمد لله والثَّناء عليه بتَحريم دماءِ المسلمين وأموالهم؛ فلا يجوزُ لمسلمٍ أن يَقتل مسلمًا ظُلمًا، ولا يحِلُّ له أن يَأخذ مِن ماله بغير وجهِ حقٍّ؛

لقوله ﷺ:

«كُلُّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ حَرَامٌ: دَمُهُ وَمَالُهُ وَعِرْضُهُ»

[1].

 وبدأ ﷺ بالدماء لأنها أعظمُ حُرمةً من المال، ولهذا تَوعَّد اللهُ تعالى قاتلَ المؤمنِ عمدًا بما لم يتوعَّدْ به غيرَه،

فقال سبحانه:

{وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا}

[النساء: 93]،

وجعَله ﷺ مِن المُوبقات [2]، وشدَّد ﷺ على ذلك فقال:

«كُلُّ ذَنْبٍ عَسَى الله أَنْ يَغْفِرَهُ؛ إِلَّا الرَّجُلُ يَقْتُلُ المُؤْمِنَ مُتَعَمِّدًا، أَوْ الرَّجُلُ يَمُوتُ كَافِرًا»

[3].

 وقد أكَّد ﷺ تحريمَ الدماء والأموالِ بتَشبيهِها بحُرمةِ يومِ عرَفة وحُرمةِ الشهر الحرامِ وحُرمةِ مكّة، ومع أنَّ حُرمةَ الدماء والأموال أعظمُ مِن ذلك، إلا أنَّ النبيَّ ﷺ خاطَبهم بذلك لأنهم كانوا يَعتقِدون تعظيمَ الأشهرِ الحُرُم، وأجلُّها يومُ عرَفة، ويَعتقدون أيضًا حُرمةَ البلدِ الحرام؛ فقد كانوا يَستبيحون في الجاهلية الدماءَ والأموالَ في غيرِ الأشهُر الحُرُم، وفي غيرِ البلد الحرامِ، ويحرِّمونها فيها، فكأنه قال: حَرِّموا على أنفسكم دماءَ بعضكم وأموالَهم، كما تُحَرِّمون الشهرَ الحرامَ والبلدَ الحرام [4].

2. ثم أخبَر ﷺ أنَّ جميع ما ابتدَعه أهلُ الجاهلية مِن الشرائعِ والعبادات باطلٌ مردودٌ لا عِبرةَ به، سواءً في مَناسك الحجِّ أو غيرها؛ فالشرعُ ما شرَعه اللهُ تعالى وبيَّنه رسولُه ﷺ،

قال جلَّ جلالُه:

{أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ}

[المائدة: 50].

3. ثم قَضى ﷺ أنَّ الدماء التي سالتْ في الجاهلية هَدْرٌ لا يُؤخَذ بها؛ فلا ديةَ ولا قصاصَ ولا كفَّارة، فلا يُطالِب أحدٌ بشيءٍ من ذلك. وبدأ ﷺ بنفسه وأهلِه فأهدر دِيةَ ابنِ ربيعةَ بن الحارثِ بن عبد المطَّلِبِ، وقد كان طفلًا مُسترضِعًا في بَني سَعدٍ، فقَتلتْه قبيلةُ هُذيل خَطأً أثناء حَربِها على بَني سعد.

4. وأبطَل كذلك آثار التعامُلات الرِّبوية التي نشَأت في الجاهلية، فمَن كان قد تَعامَل بالربا قبْل الإسلام ولم يَقبِض، فإنَّه يأخُذ أصلَ ماله ويَترُك الزيادة، أما إن كان قد تَعامَل بالربا وقبَض قبْل إسلامه ثم أسلَم، فإن الإسلامَ يَلْقاه بالعفو، والإسلامُ يَجُبُّ ما قبلَه [5].

وإلَّا فقد ثبَت تحريمُ الربا مِن قبلُ، وترَكه المؤمنون؛

لقوله تعالى:

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (278) فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لَا تَظْلِمُونَ وَلَا تُظْلَمُونَ}

[البقرة: 278، 279]،

وأكلُ الربا مِن الكبائر، وذكَره النبيُّ ﷺ في المُوبِقات [6]،

وقال جابرٌ رضي الله عنه:

لعَنَ رَسولُ اللهِ ﷺ آكِلَ الرِّبا، ومُؤْكِلَه، وكاتِبَه، وشاهِدَيْه، وقال: «هُم سَواءٌ»

[7].

 وبدأ ﷺ بإبطالِ رِبا عمِّه العبَّاس رضي الله عنه، وقد كان العبَّاس يُسلِف في الجاهلية بالرِّبا، فجاء الإسلامُ وله مالٌ عظيمٌ من الرِّبا، فضلًا عمَّا له عند النَّاس منه، فأبطَل النبيُّ ﷺ ما له على النَّاس منه، وأباح له ما كان أخَذه قبْل ذلك [8].

5. ثُمَّ أوصى ﷺ بالنِّساء، فأمر بالإحسانِ إليهنَّ ومعاملتِهنَّ معاملةً كريمةً، ومراعاةِ طبيعةِ المرأةِ وشُعورها، وتلبيةِ احتياجاتها،

وقد قال ﷺ:

«اسْتَوْصُوا بِالنِّسَاء؛ فَإِنَّ المَرْأَةَ خُلِقَتْ مِنْ ضِلَعٍ، وَإِنَّ أَعْوَجَ شَيْءٍ فِي الضِّلَعِ أَعْلَاهُ، فَإِنْ ذَهَبْتَ تُقِيمُهُ كَسَرْتَهُ، وَإِنْ تَرَكْتَهُ لَمْ يَزَلْ أَعْوَجَ، فَاسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ»

متفق عليه [9]،

ورغَّب ﷺ في حُسن العِشرة بقوله:

«خَيْرُكُم خَيْرُكُم لأهْلِهِ، وأنا خَيْرُكُم لأهْلِي»

[10]،

حتى إنَّه ﷺ جعَل النفقة على الأهلِ قُربَةً يَنال المسلمُ بها أجرًا،

فقال ﷺ:

«وَإِنَّكَ لَنْ تُنْفِقَ نَفَقَةً تَبْتَغِي بِهَا وَجْهَ اللَّهِ إِلَّا أُجِرْتَ بِهَا، حَتَّى مَا تَجْعَلُ فِي فِي امْرَأَتِكَ»

[11].

وعلَّل ﷺ تلك الوصيَّة بأن المسلِمَ إنَّما أخَذها واستحلَّ فَرْجها بعَهدِ الله وشرعِه في الزواج، فمَن نَقَض عهدَ اللهِ تعالى فيهنَّ استحقَّ عقابه وغضَبَه.

6. ثم ذكَر ﷺ مِن حقوق الرجلِ على امرأتِه: ألَّا تأذَن لأحدٍ أيًّا كان في دخولِ بيته مِن غيرِ إذنه الصريحِ أو الضِّمني، وهو أن تظُنَّ أن دخولَ ذلك الشخصِ بيتَه لا يؤذِيه، فإنْ خالفَت ذلك فللزوجِ أن يؤدِّبَها بما يَلِيق بحالها من الهجْرِ والضربِ غير المؤلِم الذي لا يَكسِر ولا يَجرح. 

وكما جعَل اللهُ سبحانه للرجُل حقًّا على امرأته، فكذا جعَل لها عليه حقًّا،

قال تعالى:

{وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ}

[البقرة: 228].

ومن حقِّها على الرَّجل: الإنفاقُ في المأكل والمشرب والسُّكنى والملبَس، وذلك بحسب استطاعته

{عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ}

[البقرة: 236].

7. ثم ذكَر النبيُّ ﷺ أنَّه قد ترَك في المؤمنين شيئًا إنْ تمسَّكوا به وعمِلوا بأحكامه وشرعِه، أخَذوا بسُبُل الهدى والرَّشاد وما ضلُّوا أبدًا، وهو كتابُ اللهِ تعالى الذي

{لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ}

[فصلت: 42]،

وأخبَر ربُّنا تبارك وتعالى عنه بقوله سبحانه: 

{وَهَذَا كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ مُصَدِّقُ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَلِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرَى وَمَنْ حَوْلَهَا وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَهُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ}

[الأنعام: 92].

ولم يذكُرِ السُّنَّةَ؛ لأنَّ القُرْآنَ مُشتمِلٌ على العملِ بها، فيَلزَمُ مِن العملِ بالكتابِ العملُ بالسُّنَّةِ.

8. ثم أخبَر ﷺ أصحابَه رضوانُ الله عليهم أنهم سيُسألون عنه، فهُم شُهداءُ على إبلاغِه دعوةَ ربِّه، فماذا يقولون حينئذٍ؟ فأخبروه أنهم يَشهَدون أنَّه قد بلَّغ رسالةَ ربِّه وأدَّى أمانتَه ونصَح لأُمَّتِه. فأشار النبيُّ ﷺ إلى السَّماء بيده ثم يرُدُّها إلى أصحابه، ويقول: اللهم اشْهَد على قومي؛ فإنَّهم يُقرِّون بأنِّي قد أدَّيتُ وبلَّغتُ.

اتباعٌ

  1. (1) حُرمةُ دمِ المسلمِ عظيمةٌ عند الله تعالى،

    قال ﷺ:

    «لَزَوَالُ الدُّنْيَا أَهْوَنُ عَلَى اللَّهِ مِنْ قَتْلِ مُؤْمِنٍ بِغَيْرِ حَقٍّ»

    [12]،

    فلا يجوز لمسلمٍ أن يُقدِم على إراقتِها بغيرِ وجهِ حق.

  2.  (1) شدَّد النبيُّ ﷺ في حقِّ الدِّماء حتى ذكَر أنَّها لا تُغفَر،

    فقال ﷺ:

    «كُلُّ ذَنْبٍ عَسَى الله أَنْ يَغْفِرَهُ؛ إِلَّا الرَّجُلُ يَقْتُلُ المُؤْمِنَ مُتَعَمِّدًا، أَوْ الرَّجُلُ يَمُوتُ كَافِرًا»

    [13]،

    مع أنَّ القتلَ كغيرِه من الذنوب داخلٌ في المشيئة، إنْ شاء اللهُ غفَر لصاحبه، وإن شاء عذَّبه. وهذا مِن تَهويل الذنْب وبيان مَدى استحقاقِ صاحبِه العذابَ الأليم.

  3. (2) لا يجوز للمسلمِ أن يجعَل اعتقادَه وحُكمَه إلى أمور الجاهليَّة، ويُحِلُّ ما أحلُّوا، ويُحَرِّم ما حَرَّموا.

  4. (2) دلَّ الحديثُ على أنَّ ما صنَعه الإنسانُ قبل إسلامِه مَغفورٌ معفوٌّ عنه، فإنْ أخَذ مالًا مِن حرامٍ قبْل إسلامِه فهو حلالٌ له بعْد الإسلامِ، أما إنْ أقرَض برِبًا أو باع خمرًا أو خِنزيرًا أو ميتةً أو نحو ذلك، ولم يَقبِض المالَ حتى أسلَم، فلا يجوزُ له أخذُ الربا أو ثمَنَ المُحَرَّم.

  5. (3، 4) على الإمام والداعية والمُرَبِّي أن يكون قُدوةً بنفسه في الأمر والنهي، فإذا أمَر بمعروفٍ كان أوَّلَ الفاعلِين، وإنْ نهى عن مُنكَرٍ كان أوَّل المجْتنبِين؛ فإنَّ ذلك أقربُ إلى قَبولِ قولِه وأمكنُ في الاستجابةِ له.

  6.  (5) على المسلمِ أن يُحسِن إلى زوجتِه ويتَّقِيَ اللهَ سبحانه فيها، ويعاشِرَها بالمعروف، ويصبِر عليها، ويَتغافَل عن بعضِ هَفَواتها.

  7. (5) كان النبي ﷺ نِعمَ القدوةُ في معاشَرةِ أهلِه والإحسان إليهنَّ؛ فقد كان إذا هَوِيت عائشة رضي الله عنها شيئًا لا مَحذورَ فيه تابَعها عليه، وكانت إذا شَرِبت من الإناء، أخَذه فوضَع فمَه في موضع فَمِها وشَرِب، وكان إذا تعرَّقت عَرْقًا - وهو العظمُ الذي عليه لحْم - أخَذه فوضَع فمَه موضع فمها، وكان يتَّكِئ في حِجرها، ويقرأ القرآن ورأسُه في حِجرها [14].

  8. (6) على المرأةِ أن تراعي حقَّ زوجِها، فلا تُدخِل مَن يَكرهُه بيتَه إلا بإذنه، حتى وإن كان أباها أو أُمَّهَا. ولمَّا دخَل أبو سفيان رضي الله عنه قبْل إسلامهِ على ابنته أمِّ حَبيبةَ رضي الله عنها حين نقَضت قريشٌ صُلح الحديبية، هَمَّ بالجلوس على فِراش النبيِّ ﷺ، فشدَّت أمُّ حبيبةَ رضي الله عنها الفِراش من تحته، وقالت: أنت مُشرِكٌ نجسٌ، وهذا فِراشُ النبيِّ ﷺ، فلم أحِبَّ أن تجلسَ عليه [15].

  9. (6) إذا كان على المرأة ألَّا تُدخِل أحدًا إلى بيت زوجها إلا بإذنِه، فلا يجوزُ للزوجِ أن يَستغِلَّ ذلك الحقَّ في منعها مِن زيارة أهلِها أو مَجيئهم إليها.

  10. (6) إذا عَصَت المرأةُ زوجَها جاز له أن يَضرِبها، لكنَّه ضربُ تأديبٍ لا عِقاب؛ فلا يَضربها ضربًا مُوجِعًا، وإنما يَضرِبها بسواكٍ ونحوه، فليس الغرَضُ إيذاءَ المرأة ولا إهانتَها؛ وإنما إشعارُها بأنها مخطئة في حقِّ زوجها، وأن لزَوجِها الحقَّ في إصلاحها وتقويمِها.

  11. (6) إذا لم تَرتدِعِ المرأةُ بعد ضَرْب الزوج لها، فلا يَتمادى في الضَّرب، وإنما يبعثُ إلى أهلها مَن يَنصحها ويُرشِدها إلى طاعته.

  12. (6) للزوجةِ على زوجها أن يُنفِق عليها ويَكفِيها احتياجاتِها من المأكل والسُّكنى والملبَس، على قدرِ استطاعته، فلا تُكَلِّفه ما لا يَقدِر عليه.

  13. (6) إذا امتنَع الزوجُ عن الإنفاق على امرأتِه، أو بَخِل في الإنفاق عليها مع استطاعته، جازَ لها أن تأخُذَ من مالِه ما يَكفيها سِرًّا؛ لقول النبيِّ ﷺ لهندٍ رضي الله عنها حين اشتكَت بُخلَ أبي سُفيانَ رضي الله عنه:

    «خُذِي مَا يَكْفِيكِ وَوَلَدَكِ بِالْمَعْرُوفِ»

    [16].

  14. (7) مَن أراد الرَّشادَ والهدايةَ والصلاحَ فلْيَلزَمْ كتابَ اللهِ تعالى؛ فهو مُرشِد الحائرينَ والضياءُ للسائرينَ.

  15. (7) كما أنَّ القرآنَ يَهدي النَّاس إلى الحقِّ والرَّشاد، فإنَّه كذلك يَرفعُ أصحابَه في الدُّنيا والآخرة، فمَن أراد الرِّفعةَ فعليه بمُدارسَتِه والعملِ به،

    وقد قال ﷺ:

    «إِنَّ اللهَ يَرْفَعُ بِهَذَا الْكِتَابِ أَقْوَامًا، وَيَضَعُ بِهِ آخَرِينَ»

    [17].

  16. (8) التفريطُ في تبليغ الدِّين جُرْمٌ عظيمٌ، ولهذا سُرَّ النبيُّ ﷺ بشَهادةِ أصحابه له بالبلاغ، وأشْهدَ اللهَ تعالى على ذلك. وقد تحمَّلتْ أُمَّتُنا تلك المَهَمَّة،

    فقال تعالى:

    {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ}

    [آل عمران: 110].

    فالحذرَ مِن التفريطِ في أدائها.


المراجع

1. رواه مسلم (2564).

2. رواه البخاريُّ (6857)، ومسلم (89).

3. رواه النسائي (3984).

4. "الكاشف عن حقائق السنن" للطِّيبيِّ (6/ 1964، 1965).

5. انظر: "معالم السنن" للخطابي (3/ 59).

6. رواه البخاريُّ (6857)، ومسلم (89).

7.  رواه مسلم (1598).

8. انظر: "زاد المسير في علم التفسير" لابن الجوزي (1/ 248).

9. رواه البخاريُّ (3331)، ومسلم (1468).

10. رواه الترمذيُّ (3895)، ابن ماجه (1977).

11. رواه البخاريُّ (1295)، ومسلم (1628).

12. رواه ابن ماجه (2619).

13. رواه النسائي (3984).

14. "زاد المعاد في هدي خير العباد" لابن القيم (1/ 146).

15. انظر: "السيرة النبوية وأخبار الخلفاء" لابن حبان (1/ 322)، " سبل الهدى والرشاد" للصالحي (5/ 206).

16. رواه البخاري (5364)، ومسلم (1714).

17. رواه مسلم (817).


مشاريع الأحاديث الكلية