110 - حِفظُ الحديثِ وبلاغُه

كَتَبَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ إلَى أَبِي بَكْرٍ بْنِ حَزْمٍ: انْظُرْ مَا كَانَ مِنْ حَدِيثِ رَسُولِ اللهِ ﷺ فَاكْتُبْهُ، فَإِنِّي خِفْتُ دُرُوسَ الْعِلْمِ وَذَهَابَ الْعُلَمَاءِ.

جَاءَ بُشَيْرٌ الْعَدَوِيُّ إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنه، فَجَعَلَ يُحَدِّثُ وَيَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ، قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ، فَجَعَلَ ابْنُ عَبَّاسٍ لَا يَأْذَنُ لِحَدِيثِهِ وَلَا يَنْظُرُ إِلَيْهِ، فَقَالَ: يَا ابْنَ عَبَّاسٍ، مَا لِي لَا أَرَاكَ تَسْمَعُ لِحَدِيثِي؟ أُحَدِّثُكَ عَنْ رَسُولِ اللهِ ﷺ وَلَا تَسْمَعُ! فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ ﭭ: إِنَّا كُنَّا مَرَّةً إِذَا سَمِعْنَا رَجُلاً يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ ابْتَدَرَتْهُ أَبْصَارُنَا، وَأَصْغَيْنَا إِلَيْهِ بِآذَانِنَا، فَلَمَّا رَكِبَ النَّاسُ الصَّعْبَ وَالذَّلُولَ، لَمْ نَأْخُذْ مِنَ النَّاسِ إِلَّا مَا نَعْرِفُ.

كُنْتُ أَكْتُبُ كُلَّ شَيْءٍ أَسْمَعُهُ مِنْ رَسُولِ اللهِ ﷺ أُرِيدُ حِفْظَهُ، فَنَهَتْنِي قُرَيْشٌ، وَقَالُوا: أَتَكْتُبُ كُلَّ شَيْءٍ تَسْمَعُهُ، وَرَسُولُ اللهِ ﷺ بَشَرٌ يَتَكَلَّمُ فِي الْغَضَبِ وَالرِّضَا؟! فَأَمْسَكْتُ عَنِ الْكِتَابِ، فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللهِ ﷺ، فَأَوْمَأَ بِأُصْبُعِهِ إِلَى فِيهِ فَقَالَ: «اكْتُبْ، فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ! مَا يَخْرُجُ مِنْهُ إِلَّا حَقٌّ».

سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ ﷺ يَقُولُ: «نَضَّرَ اللهُ امْرَأً سَمِعَ مِنَّا حَدِيثاً، فَحَفِظَهُ حَتَّى يُبَلِّغَهُ، فَرُبَّ حَامِلِ فِقْهٍ إِلَى مَنْ هُوَ أَفْقَهُ مِنْهُ، وَرُبَّ حَامِلِ فِقْهٍ لَيْسَ بِفَقِيهٍ».

إِذَا حَدَّثْتُكُمْ عَنْ رَسُولِ اللهِ ﷺ حَدِيثاً، فَظُنُّوا بِهِ الَّذِي هُوَ أَهْنَاهُ وَأَهْدَاهُ وَأَتْقَاهُ.

كَانَ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ رضي الله عنه إِذَا حَدَّثَ عَنْ رَسُولِ اللهِ ﷺ حَدِيثاً، فَفَرَغَ مِنْهُ، قَالَ: أَوْ كَمَا قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ.

قُلْنَا لِزَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ: حَدِّثْنَا عَنْ رَسُولِ اللهِ ﷺ، قَالَ: كَبِرْنَا وَنَسِينَا، وَالْحَدِيثُ عَنْ رَسُولِ اللهِ ﷺ شَدِيدٌ.

تَذَاكَرُوا الْحَدِيثَ، فَإِنَّ الْحَدِيثَ يُهَيِّجُ الْحَدِيثَ.

كَانَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ رَجَاءٍ يَجْمَعُ صِبْيَانَ الْكُتَّابِ يُحَدِّثُهُمْ يَتَحَفَّظُ بِذَاكَ.

تَذَاكَرُوا هَذَا الْحَدِيثَ وَتَزَاوَرُوا، فَإِنَّكُمْ إِنْ لَمْ تَفْعَلُوا يَدْرُسْ.

كَلَّمُوا مُحَمَّداً - ابْنَ سِيْرِيْنَ - فِي رَجُلٍ - يَعْنِي: يُحَدِّثُهُ - فَقَالَ: لَوْ كَانَ رَجُلاً مِنَ الزِّنْجِ لَكَانَ عِنْدِي وَعَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ فِي هَذَا سَوَاءً.

وُجِدَ أَكْثَرُ حَدِيثِ رَسُولِ اللهِ ﷺ عِنْدَ هَذَا الْحَيِّ مِنَ الْأَنْصَارِ، وَاللهِ إِنْ كُنْتُ لآَتِي الرَّجُلَ مِنْهُمْ فَيُقَالُ: هُوَ نَائِمٌ، فَلَوْ شِئْتُ أَنْ يُوقَظَ لِي، فَأَدَعُهُ حَتَّى يَخْرُجَ، لِأَسْتَطِيبَ بِذَلِكَ حَدِيثَهُ.

لَمَّا تُوُفِّيَ رَسُولُ اللهِ ﷺ قُلْتُ لِرَجُلٍ مِنَ الْأَنْصَارِ: يَا فُلَانُ، هَلُمَّ فَلْنَسْألْ أَصْحَابَ النَّبِيِّ ﷺ فَإِنَّهُمُ الْيَوْمَ كَثِيرٌ، فَقَالَ: وَا عَجَباً لَكَ يَا ابْنَ عَبَّاسٍ! أَتَرَى النَّاسَ يَحْتَاجُونَ إِلَيْكَ، وَفِي النَّاسِ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ ﷺ مَنْ تَرَى؟... الحديث، وفيه: فَبَقِيَ الرَّجُلُ حَتَّى رَآنِي وَقَدِ اجْتَمَعَ النَّاسُ عَلَيَّ، فَقَالَ: كَانَ هَذَا الْفَتَى أَعْقَلَ مِنِّي.

إِذَا حَدَّثْنَاكُمْ بِالْحَدِيثِ عَلَى مَعْنَاهُ فَحَسْبُكُمْ.

كَانَ الْحَسَنُ يُحَدِّثُ بِالْحَدِيثِ، الْأَصْلُ وَاحِدٌ، وَالْكَلَامُ مُخْتَلِفٌ.

مَا كُلُّ الْحَدِيثِ سَمِعْنَاهُ مِنْ رَسُولِ اللهِ ﷺ، كَانَ يُحَدِّثُنَا أَصْحَابُنَا عَنْهُ، كَانَتْ تَشْغَلُنَا عَنْهُ رِعْيَةُ الْإِبِلِ.