عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضى الله عنه، أَنَّ النَّبِيَّ ، قَالَ: «نَارُكُمْ هَذِهِ الَّتِي يُوقِدُ ابْنُ آدَمَ جُزْءٌ مِنْ سَبْعِينَ جُزْءًا مِنْ حَرِّ جَهَنَّمَ» قَالُوا: وَاللهِ إِنْ كَانَتْ لَكَافِيَةً يَا رَسُولَ اللهِ! قَالَ: «فَإِنَّهَا فُضِّلَتْ عَلَيْهَا بِتِسْعَةٍ وَسِتِّينَ جُزْءًا، كُلُّهَا مِثْلُ حَرِّهَا».

فقه

  1. يعقد النبيُّ ﷺ مقارنةً بين نار الدنيا ونار الآخرة؛ فيذكر أن حرارةَ النار التي يستعملها الناس إنما هي جزءٌ، و نار الآخرة التي أعدَّها الله تعالى للكافرين والعصاة.

  2. فاستعظم الصحابةُ ذلك، وأجابوا بأنَّ نارَ الآخرة لو كانت كنار الدنيا في الإحراق والحرارة لكانت كافيةً في العذاب، وزاجرةً عن الوقوع في المعاصي وترك الأوامر؛ فإنها تلتهم الإنسان والحيوان والنبات وسائر الجمادات.

  3. فأكَّد ﷺ أنها أشدُّ من تلك النار التي أَلِفُوها وذاقوا حرارتها 69 ضعفًا، زيادةً في تعذيب الكافرين والعصاة وإيلامهم.

اتباع

  1. على المتكلم -من والدٍ وداعية ومعلمٍ وغيرهم- أن يحسن عرضه لما يريده من المعاني، فيستعين بالتشبيه والأرقام وغيرها مما يوصل لحسن الفهم والتصور.

  2. التذكير بالجنة والنار هي من أعظم المواعظ التي كثر ذكرها في القرآن الكريم، وما أجمل أن يكون مثل ذلك حاضرًا، في مساجدنا وبيوتنا ومجالسنا وإعلامنا.

  3. نارٌ تتضاعف على نار الدنيا سبعين ضعفًا، ينبغي على الإنسانِ أن يفرَّ منها، وأن يكثر من الأعمال الصالحة التي تُبعده عن النار؛ فإنَّ الفوزَ الحقيقيَّ إنما هو في النجاة من النار ودخول الجنة

    قال تعالى:

    ﴿فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ﴾

    [آل عمران: 185].

  4. الحذر من نار الدنيا مشروعٌ، وقد أرشد النبي ﷺ إلى أسباب ذلك حتى في إطفاء سراج صغير خشية أن يحرق بيتًا، فمن العقل التحرز وسد الذرائع الموصلة إلى النار ولو كانت في أصلها مباحة، فالتحرز من نار الآخرة المضاعفة أولى.

  5. من البطولة والأعمال الصالحة إنقاذ الناس من نار الدنيا، وإطفائها، وأهلها مشكورون، والدعاة إلى الله تعالى والناصحون ينقذون من نارٍ أشد حرًا، فالشكر لهم عظيم، وتقدير جهدهم واجب.

  6. كان النبيُّ ﷺ يستعيذ بالله تعالى من حرِّ جهنَّمَ؛ فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضى الله عنه، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا الْقَاسِمِ رضى الله عنه يَقُولُ فِي صَلَاتِهِ: «اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ الْقَبْرِ، وَمِنْ فِتْنَةِ الدَّجَّالِ، وَمِنْ فِتْنَةِ الْمَحْيَا وَالْمَمَاتِ، وَمِنْ حَرِّ جَهَنَّمَ»[1]؛ فإذا كان النبي ﷺ يستعيذ منها وهو المعصومُ الذي غُفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، فكيف بنا؟! فيجدر بكلِّ مسلم ألا يَدَعَ الاستعاذة من عذاب النار.

  7. قال الشاعر:

وَخُذْ من تُقَى الرَّحمنِ أَعظمَ جُنَّةٍ = لِيومٍ بهِ تَبْدُو عِيَانًا جَهنَّمُ

وَيُنْصَبُ ذاكَ الجَسرُ من فوقِ مَتنِهَا = فَهَاوٍ وَمَخْدُوشٌ وَنَاجٍ مُسَلَّمُ

وَيَأتِي إِلَهُ العَالمينَ لِوَعْدِهِ = فَيَفْصِلُ ما بَينَ العِبادِ وَيَحْكُمُ

وَيأخُذُ للمَظْلُومِ رَبُّكَ حقَّهُ = فيا بُؤسَ عبدٍ للخلائقِ يَظْلِمُ

المراجع

  1. النسائيُّ (5520).


مشاريع الأحاديث الكلية