عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا زَوْجِ النَّبِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ كَانَ عِنْدَهَا، وَأَنَّهَا سَمِعَتْ صَوْتَ رَجُلٍ يَسْتَأْذِنُ فِي بَيْتِ حَفْصَةَ، قَالَتْ: فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَذَا رَجُلٌ يَسْتَأْذِنُ فِي بَيْتِكَ، فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: «أُرَاهُ فُلاَنًا»، لِعَمِّ حَفْصَةَ مِنَ الرَّضَاعَةِ، قَالَتْ عَائِشَةُ: لَوْ كَانَ فُلانٌ حَيًّا - لِعَمِّهَا مِنَ الرَّضَاعَةِ - دَخَلَ عَلَيَّ؟ فَقَالَ: «نَعَمْ؛ الرَّضَاعَةُ تُحَرِّمُ مَا تُحَرِّمُ الوِلادَةُ» 

هدايات الحديث


  1. من رحمة الله تعالى بالبشر أن وسَّع لهم دائرة القرابة بإلحاق الرَّضاع بالنَّسَب؛ لأن بدن الرضيع يتكوَّن من لبن المرضِعة وزوجها صاحب اللبن، فتنظر المرضِعة إلى الرضيع كأنه جزء من بَدَنها.

  2. قال تعالى:

    ﴿لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِى رَسُولِ ٱللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُوا ٱللَّهَ وَٱلْيَوْمَ ٱلْآخِرَ وَذَكَرَ ٱللَّهَ كَثِيرًا﴾

    [الأحزاب: ٢١]

    فعلى المؤمن أن يتَّبِع هَدْيَ النبيِّ ﷺ، ومنه تعامله ﷺ مع زوجاته أمَّهات المؤمنين، فقد كان  حَسَنَ العِشرة للناس جميعًا، ولزوجاته وأهل بيته خاصَّةً.

  3. كان النبيُّ ﷺ يتعاهد أهله بالتعليم والتوجيه والرعاية والدلالة على الخير.

  4. كانت سيرته ﷺ مع أزواجه حُسنَ المعاشرة، وحُسن الخُلق، وكان يسرِّب إلى عائشة بناتِ الأنصار يلعبن معها، وكان إذا هَوِيت شيئًا لا محذورَ فيه، تابعها عليه، وكانت إذا شربت من الإناء، أخذه فوضع فمَه في موضع فَمِها وشَرِب، وكان إذا تعرَّقت عَرْقًا - وهو العظمُ الذي عليه لحم - أخذه فوضع فمه موضع فمها، وكان يتَّكِئ في حِجرها، ويقرأ القرآن ورأسُه في حِجرها، وربما كانت حائضًا [1].

  5. كان من لُطفه ﷺ وحُسن خُلقه مع أهله أنه يمكِّن زوجه عائشةَ - رضي الله عنها - من اللعب، ويُريها الحبشة وهم يلعبون في مسجده، وهي متَّكِئة على مَنكِبَيه تنظر، وسابَقَها في السَّفَر على الأقدام مرَّتين، وتدافعا في خروجهما من المنزل مرة، وكان إذا أراد سفرًا أقرع بين نسائه، فأيَّتُهن خرج سهمها خرج بها معه، ولم يقضِ للبواقي شيئًا [2].

  6. من القوامة رعاية الرجل لأهل بيته، والعناية بهم، وتفقُّد أحوالهم.

صلَّى الله وسلَّم على من قال:

«خيرُكُم خيرُكُم لأهْلِهِ، وأنا خيرُكُم لأهْلِي»

[3]. 

المراجع

1. "زاد المعاد في هدي خير العباد" لابن القيم (1/ 146).

2. "زاد المعاد في هدي خير العباد" لابن القيم (1/ 146).

3. رواه ابن ماجه (1977)، والترمذيُّ (3895) وقال: هذا حديث حسن صحيح، وصححه الألبانيُّ في "صحيح الترغيب والترهيب" (1924).


مشاريع الأحاديث الكلية