عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُسْرٍ، أَنَّ رَجُلًا قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ شَرَائِعَ الإِسْلَامِ قَدْ كَثُرَتْ عَلَيَّ، فَأَخْبِرْنِي بِشَيْءٍ أَتَشَبَّثُ بِهِ، قَالَ: «لَا يَزَالُ لِسَانُكَ رَطْبًا مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ».

هدايات الحديث

1. بالذكر تحيا القلوب. 

2. الذي يَذكُر الله تعالى قد أحيا الله قلبَه بذكره، وشَرَح له صدره، فكان كالحيِّ، وأما الذي لا يَذكُر الله فإنه لا يطمئنُّ قلبه، ولا يَنشرِح صدره للإسلام، فهو كمَثَل الميِّت.

3. كلَّما غَفَل الإنسان عن ذِكر اللهِ - عزَّ وجلَّ - فإنه يقسو قلبه، وربما يموت قلبه[1].

4. الذِّكْرُ لَذَّةُ قلوب العارفين

قال اللَّه - عزَّ وجلَّ -:

{الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ}

 [الرعد: 28]

5. قلوب الْمُحِبِّين لا تطْمَئِنُّ إِلَّا بذِكره، وأرواح المشتاقين لا تَسْكُن إِلَّا برؤيته[2].

6. قال ذو النُّون: "ما طابت الدنيا إِلَّا بذِكره، ولا طابت الآخرة إِلَّا بعَفْوه، ولا طابت الْجَنَّة إِلَّا برُؤيته"[3].

7. الروح في البَدَن حياةٌ، وغِيابُها موت، وكذلك الذِّكر، إنه روح تُحيي ما تَحُلُّ به وتَسري فيه، جمادًا كان أو إنسانًا، وإذا غابت عن شيء فهو الموت، ويا لَقَساوة القلب الغافل! إنه لَقلبٌ ميِّت!

8. ما تَلَذَّذَ المتلَذِّذون بِمِثْلِ ذكرِ الله - عزَّ وجلَّ - فليس شيءٌ من الأعمال أخفَّ مُؤنةً منه، ولا أعظمَ لذَّةً ولا أكثرَ فرحةً وابتهاجًا للقلب[4].

9. قلوب الذاكرين تَأنَس وتطمئنُّ بالله، وبمعرفته، وبحكمتِه، ورحمتِه، لا تخشى ما يصيبها من ضُرٍّ أو شَرٍّ لا تُدرك حكمته؛ بل هي مطمئنَّة بذكر الله، وبحمايته، فتصبر على البلاء؛ بل ترضى بما يُصيبها، وتدرك أنه الخير

{أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ}

10. إذا كان ذكرُ الله كالروح، فهو مِثْلُها يَسْرِي في القلب كما تَسري الروح في الَبَدن، فيستشعر الطمأنينةَ والصِّلة بالله، فيَنعم، ويُسَرُّ بها، ويَنْدَى بها، ويَهَشُّ لها، فيطمئنُّ ويشعر أنه ليس مُفرَدًا دون أنيس في هذا الوجود.

11. ليس هناك أسعدُ من الذاكرين اللهَ كثيرًا والذاكرات، وليس هناك أشقى في هذا الوجود ممن غَفَل عن ذكر الله فقَسَا قلبه، وحُرم طمأنينة الأُنس إلى الله.

12. احرص على أن يكون قلبك حيًّا، وبيتُك عامرًا بالحياة، وما ذلك إلا بذكر الله، والأُنس إليه، والصلة به، والاطمئنان إليه.

13. علامة حبِّ اللّه كَثْرةُ ذِكره؛ فإنّك لن تحبَّ شيئًا إلّا أكثرتَ ذكره[5].

14. المحبُّ للّه لا يَغفُل عن ذكر اللّه طرفةَ عَين[6].

15. من اشتغل قلبه ولسانه بالذّكر، قذف اللّه في قلبه نور الاشتياق إليه[7].

16. كان يُقال: من علامة المحبِّ للّه دوام الذّكر بالقلب واللّسان، وقلَّما ولع المرء بذكر اللّه عزّ وجلّ إلّا أفاد منه حبَّ اللّه[8].

17. إذا سَئم البطَّالون من بِطالتهم، فلن يسأم محبُّوك من مناجاتك وذكرك يا ألله[9].

18. وليُّ اللّه المحبُّ للّه لا يخلو قلبه من ذكر ربِّه، ولا يسأم من خدمته[10].

19. كَيْفَ يَنْسَى الْمُحِبُّ ذِكْرَ حَبِيبٍ = اسْمُهُ فِي فُؤَادِهِ مَكْتُوبُ

20. لَا لِأَنِّي أَنْسَاكَ أُكْثِرُ ذِكْرَا = كَ وَلَكِنْ بِذَاكَ يَجْرِي لِسَانِي

21. فَنِسْيَانُ ذِكْرِ اللهِ مَوْتُ قُلُوبِهِمْ = وَأَجْسَامُهُمْ قَبْلَ الْقُبُورِ قُبُورُ

وَأَرْوَاحُهُمْ فِي وَحْشَةٍ مِنْ جُسُومِهِمْ = وَلَيْسَ لَهُمْ حَتَّى النُّشُورِ نُشُورُ

22. فذِكرُ إلَهِ العرشِ سرًّا ومُعْلِنًا = يُزِيلُ الشَّقَا والهَمَّ عَنْكَ ويَطْرُدُ

ويَجْلِبُ للخَيراتِ دنيا وآجِلًا = وإنْ يأتِكَ الوَسواسُ يومًا يُشَرَّدُ

23. عَلَيْكَ بذِكْرِ اللهِ يا طالبَ الأَجْرِ = وَيا راغِبًا في الخَيْرِ والفَضْلِ والبِرِّ

عليكَ بِهِ تُعطى الرغائبَ كلَّها = وتُكفى به كلَّ الْمُهمَّات والضُرِّ

فمَنْ يَذْكُرِ الرحمنَ فَهْوَ جَلِيسُهُ = ومَنْ يَذْكُرِ اللهَ يُكافِئْهُ بالذِّكْرِ

ومَنْ يَعْشُ عن ذِكْرِ الإلهِ فإنه = قَرِينٌ له الشَّيْطَانُ في داخِلِ الصَّدْرِ

ومَن يَنْسَ مَوْلاهُ الكَرِيمَ فَرَبُّهُ = له ناسيًا، أَعْظِمْ بذلك من خُسْرِ!

له استحوَذَ الشَّيْطَانُ نسَّاهُ ذِكْرَ مَنْ = تفضَّلَ بالإيجادِ في أوَّلِ الأمرِ

المراجع

  1. "شرح رياض الصالحين" لابن عثيمين (5/ 517).
  2. "جامع العلوم والحكم" لابن رجب (2/ 520).
  3. "جامع العلوم والحكم" لابن رجب (2/ 521).
  4. "الوابل الصيب من الكلم الطيب" لابن القيم (ص 81).
  5. "جامع العلوم والحكم" لابن رجب (2/ 516).
  6. "جامع العلوم والحكم" لابن رجب (2/ 516).
  7. "جامع العلوم والحكم" لابن رجب (2/ 516).
  8. "جامع العلوم والحكم" لابن رجب (2/ 516).
  9. "جامع العلوم والحكم" لابن رجب (2/ 516).
  10. "جامع العلوم والحكم" لابن رجب (2/ 516).


مشاريع الأحاديث الكلية