عَنِ الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللهِ يَقُولُ: «ذَاقَ طَعْمَ الْإِيمَانِ: مَنْ رَضِيَ بِاللهِ رَبًّا، وَبِالْإِسْلَامِ دِينًا، وَبِمُحَمَّدٍ رَسُولًا»

عناصر الشرح

المعنى الإجماليُّ للحديث

يروي الْعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللهِ يَقُولُ: «ذَاقَ طَعْمَ الْإِيمَانِ»: فالإيمان له حلاوةٌ روحية نفسية قلبية، حيث انشراحُ الصدر، وطمأنينة القلب، والأُنس بالله تعالى. «مَنْ رَضِيَ بِاللهِ رَبًّا»: مدبِّرًا وخالقًا، ومعطيًا ومانعًا، ومُبْتليًا ومعافيًا، وآمرًا وناهيًا، ومشرِّعًا ومعبودًا بحقٍّ وحدَه سبحانه. «وَبِالْإِسْلَامِ دِينًا»: مستسلمًا لله، رافعًا رايةَ الإسلام، مدافعًا عنه، مبلِّغًا رسالته. «وَبِمُحَمَّدٍ رَسُولًا»: يرضى رضا المحبِّين المتَّبِعين، الممتثلين لطاعته، الباذلين النفسَ والنفيس في الدفاع عن سنَّته، المتشوِّقين للقائه.

الشرح المفصَّل للحديث

هذا الحديث من أصول الإسلام التي يَنبني عليها الإسلامُ، وتدورُ عليها أحكامُ التوحيد.

يُخبر النبيُّ أنه صحَّ إيمانُ العبد، واطمأنَّت به نفْسُه، وخامَر باطنَه، إذا رضيَ بالله ربًّا، وبمحمد نبيًّا، وبالإسلام دينًا؛ فهذا الرضا دليلُ ثبوت معرفته، ونفاذِ بصيرته بما رضيَ به من ذلك، ومخالطة بشاشته قلبَه[1].

وقد استخدم النبيُّ الذَّوْقَ والطَّعْمَ مع أمر قلبيٍّ، وإنْ كان الذوقُ والطعمُ إنما يدخُل مع المأكول والمشروب من باب المجاز؛ فاستُعمل بمعنى الإصابة

كقوله تعالى:

﴿يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ ۚ فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ﴾  

[آل عمران: 106]

وقوله:

﴿ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِنَا سَوْفَ نُصْلِيهِمْ نَارًا كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا لِيَذُوقُوا الْعَذَابَ﴾

[النساء: 56]

وقوله تعالى:

﴿ذُقْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ﴾

[الدخان: 49]

وقوله تعالى:

﴿ فَذَاقَتْ وَبَالَ أَمْرِهَا وَكَانَ عَاقِبَةُ أَمْرِهَا خُسْرًا ﴾  

[الطلاق: 9]

مبالغةً في إيصال المعنى[2].

وطعمُ الإيمان الذي يَذوقه مَن هذه صفتُه استلذاذُ الطاعات، وتحمُّل المشقَّات في رضا الله - عزَّ وجلَّ - ورسوله ، وإيثار ذلك على عَرَض الدنيا، ومحبَّة العبد ربَّه - سبحانه وتعالى - بفعل طاعته، وترك مخالفته، وما يلقاه من انشراح صدره، وتنويره بمعرفة الله تعالى، ومعرفة رسوله، ومعرفة منَّة الله تعالى عليه في أن أنعم عليه بالإسلام، ونظَمَه في سِلك أمَّة محمد خيرِ الأنام، وحبَّب إليه الإيمانَ والمؤمنين، وبغَّض إليه الكفرَ والكافرين، وأنجاه من قبيح أفعالهم، وركاكة أحوالهم[3].

والرضا بالشيء: الاقتناعُ به، والاكتفاء عليه، وألَّا يطلبَ الإنسانُ معه غيرَه، فيكون الحديث عن توحيد الله - عزَّ وجلَّ - والسعيِ في طريق الإسلام وحدَه، وموافقةِ النبيِّ في أموره كلِّها[4].

والرضا على قسمين: رضًا عامٌّ، وهو التوحيد، فلا يتَّخِذ غيرَ الله ربًّا، ولا غيرَ الإسلام دينًا، ويُقِرُّ بنبوَّة محمدٍ  ورسالته. وهذا لا يخلو منه مسلم؛ إذ لا يُقبَل الإسلامُ إلا بها.

ورضًا خاصٌّ، وهو ما تكلَّم عليه أرباب القلوب؛ وقال الجُنَيد: الرضا رفع الاختيار[5].

فالرضا به ربًّا يتضمَّن توحيدَه وعبادتَه، والإنابةَ إليه، والتوكلَ عليه، وخوفَه ورجاءَه ومحبتَه، والصبرَ له وبه. والشكر على نعمه: يتضمَّن رؤيةَ كل ما منه نعمة وإحسانًا، وإن ساء عبده. 

وأيضًا: فالرضا به ربًّا يتضمَّن اتِّخاذَه معبودًا دونَ ما سواه، واتخاذَه وليًّا ومعبودًا، وإبطال عبادة كل ما سواه

وقد قال تعالى لرسوله:

﴿ أَفَغَيْرَ اللَّهِ أَبْتَغِي حَكَمًا﴾

 [الأنعام: 114]

وقال:

﴿ قُلْ أَغَيْرَ اللَّهِ أَتَّخِذُ وَلِيًّا﴾

 [الأنعام: 14]

وقال:

﴿ قُلْ أَغَيْرَ اللَّهِ أَبْغِي رَبًّا وَهُوَ رَبُّ كُلِّ شَيْءٍ﴾

[الأنعام: 164]

فهذا هو عين الرضا به ربًّا[6].

والرضا بالله تعالى نوعانِ؛ أحدهما: الرضا بفعل ما أَمَر به، وتَرْكِ ما نهى عنه، ويتناول ما أباحه الله من غير تَعَدٍّ إلى المحظور

كما قال:

﴿وَاللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَنْ يُرْضُوهُ ﴾

[التوبة: 62].

وقال تعالى:

﴿ وَلَوْ أَنَّهُمْ رَضُوا مَا آتَاهُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ سَيُؤْتِينَا اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَرَسُولُهُ إِنَّا إِلَى اللَّهِ رَاغِبُونَ﴾

  [التوبة: 59].

وهذا الرضا واجب؛ ولهذا ذمَّ مَن تركه بقوله:

﴿ وَمِنْهُمْ مَنْ يَلْمِزُكَ فِي الصَّدَقَاتِ فَإِنْ أُعْطُوا مِنْهَا رَضُوا وَإِنْ لَمْ يُعْطَوْا مِنْهَا إِذَا هُمْ يَسْخَطُونَ 58 وَلَوْ أَنَّهُمْ رَضُوا مَا آتَاهُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ سَيُؤْتِينَا اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَرَسُولُهُ إِنَّا إِلَى اللَّهِ رَاغِبُونَ﴾

  [التوبة: 58-59].

والنوع الثاني: الرضا بالمصائب؛ كالفقر والمرض والذُلِّ، فهذا الرضا مُستَحَبٌّ في أحد قولَيِ العلماء، وليس بواجب، وقد قيل: إنه واجب، والصحيح: أن الواجب هو الصبر[7].

والرضا بمحمد رسولًا يتضمَّن شهادةَ أن محمدًا رسول الله، والرضا بما جاء به من عند الله، وقَبول ذلك بالتسليم والانشراح.

والرضا بالإسلام دينًا: يتضمن التزام عبوديته، وطاعته، وطاعة رسوله، واختيار الإسلام على سائر الأديان[8].

وهذا الرضا هو الذي عبَّر الله عنه في كتابه بقوله:

﴿ وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا لِيُطَاعَ بِإِذْنِ اللَّهِ ۚ وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّابًا رَحِيمًا 64 فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّىٰ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾  

[النساء: 64، 65]

وقوله تعالى:

﴿وَلَا يَأْتُونَ الصَّلَاةَ إِلَّا وَهُمْ كُسَالَىٰ وَلَا يُنْفِقُونَ إِلَّا وَهُمْ كَارِهُونَ ﴾

[التوبة: 54]

وقوله تعالى:

﴿وَلَوْ أَنَّهُمْ رَضُوا مَا آتَاهُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ سَيُؤْتِينَا اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَرَسُولُهُ إِنَّا إِلَى اللَّهِ رَاغِبُونَ﴾  

[التوبة: 59]

فإن العِبْرةَ ليست في مجرَّد الفعل؛ بل في الرضا به، والانقياد له، وسلامة الصدر معه.

المراجع

  1. انظر: "إكمال المعلم بفوائد مسلم" للقاضي عياض (1/ 270).
  2. انظر: "شرح المشكاة للطِّيبيِّ الكاشف عن حقائق السنن" (2/ 446).
  3. انظر: "المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم" للقرطبيِّ (1/ 210)، "شرح النوويِّ على مسلم" (2/ 13).
  4. انظر: "شرح النوويِّ على مسلم" (2/ 2).
  5. انظر: "المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم" للقرطبيِّ (1/ 210).
  6. انظر: "مدارج السالكين" لابن القيم (2/ 182).
  7. "الفتاوى الكبرى" لابن تيمية (2/ 393).
  8. انظر: "مدارج السالكين" لابن القيم (2/ 182)، "جامع العلوم والحكم" لابن رجب (1/ 118).


النقول

قال النوويُّ رحمه الله: "حلاوة الإيمان: استلذاذ الطاعات، وتحمُّل المشاقِّ في رِضا الله - عزَّ وجلَّ - ورسوله ﷺ، وإيثار ذلك على عرَضِ الدنيا»[1].

قال الطِّيبيُّ رحمه الله: "وأقول: مجاز قوله: «ذاق طعم الإيمان» كمجاز قوله: «وجد حلاوة الإيمان»، وكذلك موقعه كموقعه على ما مرَّ؛ لأن من أحبَّ أحدًا يتحرَّى مراضيَه، ويُؤثِر رضاه على رضاء نفسه، ومقام الرضى عند أهل العرفان مقام جليل رفيع؛ روى الشيخ محيي الدين عن صاحب التحرير معنى (رضيت بالشيء): اقتنعتُ به واكتفيتُ به، ولم أطلب معه غيره؛ فمعنى الحديث: لم يطلب غير الله تعالى، ولم يشرع في غير طريق الإسلام، ولم يسلك إلا ما يوافق شريعة محمدٍ ﷺ  ولا شكَّ في أن من كانت هذه صفتَه، فقد خلصت حلاوة الإيمان إلى قلبه، وذاق طعمه" [2].

قال النوويُّ رحمه الله: "قال صاحب التحرير رحمه الله: معنى (رضيت بالشيء): قَنَعْتُ به، واكتفَيْتُ به، ولم أَطلُب معه غيرَه؛ فمعنى الحديث: لم يَطلُب غيرَ الله تعالى، ولم يَسْعَ في غير طريق الإسلام، ولم يَسلُك إلا ما يوافق شريعة محمدٍ ﷺ ولا شكَّ في أن من كانت هذه صفتَه، فقد خلصت حلاوة الإيمان إلى قلبه، وذاق طعمَه، وقال القاضي عياض رحمه الله: معنى الحديث: صحَّ إيمانه، واطمأنَّت به نفسه، وخامَرَ باطنَه؛ لأن رضاه بالله ربًّا، وبمحمَّد نبيًّا، وبالإسلام دينًا، دليل لثبوت معرفته، ونفاذ بصيرته بما رضي به من ذلك ومخالطة بشاشته قلبه؛ لأن من رضي أمرًا، سَهُل عليه، فكذا المؤمن إذا دخل قلبَه الإيمان، سَهُل عليه طاعات الله تعالى، ولذَّت له، والله أعلم"[3].

قال أبو العباس القرطبيُّ رحمه الله: "الرضا بهذه الأمورِ الثلاثة على قسمَيْن: رِضًا عامٌّ، وهو ألّا يَتَّخِذَ غيرَ الله ربًّا، ولا غيرَ دين الإسلام دينًا، ولا غيرَ محمَّد ﷺ رسولًا، وهذا الرضا لا يخلو عنه مسلم؛ إذ لا يَصِحُّ التديُّنُ بدين الإسلام إلا بذلك الرضا.

والرضا الخاصُّ: هو الذي تكلَّم فيه أربابُ القلوب، وهو ينقسم على قسمَيْن: رضًا بهذه الأمور، ورضًا عن مُجْرِيها تعالى؛ كما قال أبو عبد الله بنُ خَفِيف: الرضا قسمان: رضًا به، ورضًا عنه؛ فالرضا به مدبِّرًا ، والرضا عنه فيما قضى، ، وقال أيضًا: هو سكونُ القلب إلى أحكامِ الرَّبّ، وموافقتُهُ على ما رَضِيَ واختار، وقال الجُنَيْد: الرضا رفعُ الاختيار، وقال الْمُحَاسِبِيُّ: هو سكونُ القلب تحتَ مجاري الأحكام، وقال أبو عليٍّ الرُّوذْبَارِيُّ: ليس الرضا ألَّا يُحِسَّ بالبلاء؛ إنما الرضا ألَّا يَعْتَرِضَ على الحكم. قال الشيخ - رحمه الله -: وما ذكره هؤلاءِ المشايخُ هو مبدأُ الرضا عندهم، وقد ينتهي الرضا إلى ما قاله النُّورِيُّ: هو سرورُ القلبِ بِمُرِّ القضاء. وَسُئِلَتْ رابعةُ عن الرضا، فقالتْ: إذا سرَّتْهُ المصيبةُ كما سرَّتْهُ النعمةُ" [4].

قال ابن القيم رحمه الله: "فالرضا به ربًّا يتضمَّن توحيدَه وعبادته، والإنابةَ إليه، والتوكُّل عليه، وخوفه ورجاءه ومحبَّته، والصبر له وبه. والشُّكر على نعمه: يتضمَّن رؤية كلِّ ما منه نعمة وإحسانًا، وإن ساء عبده... وأيضًا: فالرضا به ربًّا يتضمن اتِّخاذه معبودًا دون ما سواه، واتخاذه وليًّا ومعبودًا، وإبطال عبادة كلِّ ما سواه

وقد قال تعالى لرسوله:

﴿ أَفَغَيْرَ اللَّهِ أَبْتَغِي حَكَمًا﴾  

[الأنعام: 114]

وقال:

﴿ قُلْ أَغَيْرَ اللَّهِ أَتَّخِذُ وَلِيًّا﴾

 [الأنعام: 14]

وقال:

﴿ قُلْ أَغَيْرَ اللَّهِ أَبْغِي رَبًّا وَهُوَ رَبُّ كُلِّ شَيْءٍ﴾

[الأنعام: 164]

فهذا هو عَيْنُ الرضا به ربًّا"[5].

قال ابن تيمية رحمه الله: "الرضا نوعان؛ أحدُهما: الرضا بفعل ما أَمَر به، وترك ما نهى عنه، ويتناول ما أباحه الله من غير تعدٍّ إلى المحظور

كما قال:

﴿وَاللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَنْ يُرْضُوهُ  ﴾

[التوبة: 62]

وقال تعالى:

﴿وَلَوْ أَنَّهُمْ رَضُوا مَا آتَاهُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ سَيُؤْتِينَا اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَرَسُولُهُ إِنَّا إِلَى اللَّهِ رَاغِبُونَ﴾

  [التوبة: 59].

وهذا الرضا واجب؛ ولهذا ذمَّ مَن تَرَكه بقوله:

﴿وَمِنْهُمْ مَنْ يَلْمِزُكَ فِي الصَّدَقَاتِ فَإِنْ أُعْطُوا مِنْهَا رَضُوا وَإِنْ لَمْ يُعْطَوْا مِنْهَا إِذَا هُمْ يَسْخَطُونَ 58 وَلَوْ أَنَّهُمْ رَضُوا مَا آتَاهُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ سَيُؤْتِينَا اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَرَسُولُهُ إِنَّا إِلَى اللَّهِ رَاغِبُونَ﴾  

[التوبة: 58-59].

والنوع الثاني: الرضا بالمصائب؛ كالفقر والمرض والذُّلِّ، فهذا الرضا مستحَبٌّ في أحد قولَيِ العلماء، وليس بواجب، وقد قيل: إنه واجبٌ، والصحيح: أن الواجب هو الصبر[6].

قال أبو العون السفارينيُّ رحمه الله: "قِيل لِيَحْيَى بْنِ مُعَاذٍ رحمه الله: متى يَبلُغ العبد إلى مَقام الرضا؟ فقال: إذا أقام نَفْسَه على أربعة أصول في ما يعامل به رَبَّه، فيقول: إن أعطَيْتَني قَبِلْتُ، وإن مَنعْتَني رَضِيتُ، وإن تركتني عبدتُ، وإن دعوتَني أجبتُ. قال الإمام المحقِّق ابنُ القيِّم في كتابه شرح منازل السائرين: الرضا باللَّه أعلى من الرضا بما مَنَّ اللَّهُ، قال: وليس من شرط الرضا أَنْ لا يُحِسَّ بالْأَلَم، والْمَكاره؛ بل أن لا يعترض على الْحُكْم ولا يتسخَّطُه"[7].

المراجع

  1. "المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج" للنَّوويِّ (2/ 13).
  2. انظر: "الكاشف عن حقائق السنن" للطِّيبيِّ (2/ 446).
  3. انظر: "شرح النوويِّ على مسلم" (2/ 2).
  4. "المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم" للقرطبيِّ (1/128).
  5. انظر: "مدارج السالكين" لابن القيم (2/ 182).
  6. "الفتاوى الكبرى" لابن تيمية (2/ 393).
  7. "لوامع الأنوار البهية" للسفارينيِّ (1/ 359).


مشاريع الأحاديث الكلية