1. قال لقمان الحكيم لابنه: "يا بُنيَّ، إذا امتلأت الْمَعِدة، نامت الفكرة، وخَرَست الحكمة، وقَعَدت الأعضاء عن العبادة" [1].
2. قلَّة الأكل من محاسن الرجال، وكَثْرتُه مَذَمَّة للإنسان، وقد كانت العرب تمتدح بقلَّة الأكل، وذلك معروفٌ في أشعارها؛ فكيف بأهل الإيمان؟!
3. من عَظُمت الدنيا في عينه من كافر وسَفَيهٍ، فإنما همَّتُه في شِبَع بطنه، ولذَّة فَرْجِه [2].
4. اعلم أن أصل كلِّ داء التُّخَمة من الطعام.
5. اعلم أن في تقليل الطعام منافعَ كثيرةً للجسم؛ مثل قوَّة الفهم، ورقَّة القلب، وانكسار النفس، وضعف الهوى والغضب.
6. إن المبالغة في الطعام يُوصِل الإنسان إلى الشِّبَع المفرِط، فيُقعِده عن العبادات والطاعات، وعن تَأْدِيَةِ ما أوجبه الله عليه في دينه، ويُصيبه بالكسل والتُّخَمَة، والأمراض المهلِكة، عاجلاً أو آجلاً.
7. إن البَطن خُلِق ليَتقوَّم به الصُّلْبُ بالطعام، وامتلاءه شَرٌّ يُفضي إلى الفساد في الدين والدنيا [3].
8. شهوةُ البطن من أعظم المهلِكات، وهي التي أخرجت آدمَ عليه السلام وحوَّاء من الجَّنة؛ إذ نُهيا عن الأكل من الشجرة، فوسوس إليهما الشيطان، وغلبت عليهما شَهوتهما حتى أكلا منها.
9. اقتصد في طعامك؛ ففيه صحَّة الأبدان.
10. إيَّاك والشِّبَع الدائمَ والتُّخَمة؛ ففيه ضعف الأبدان وهلاك الإنسان.
11. ثلاثٌ هنَّ مَهْلَكةُ الأنامِ = وداعيةُ الصَّحيحِ إلى السَّقامِ
دَوَامُ مُدَامةٍ ودَوَامُ وَطْءٍ = وإدخالُ الطَّعَامِ على الطَّعَامِ
12. ألا إن الطعامَ دَوَاءُ داءٍ = به ابتُليَت من القِدَمِ الأنامُ
فدَاوِ سَقامَ جُوعِكَ عَنْ كَفَافٍ = فإكثارُ الدَّوَاءِ هو السَّقَامُ
وما أَكْلُ الْمَطَاعِمِ لالْتِذاذٍ = ولكنْ للحياةِ بها دَوَامُ
13. كُنْ بما أُوتِيتَهُ مُغْتَبِطًا = تَسْتَدِمْ عَيْشَ الْقَنُوعِ الْمُكْتَفِي
إنَّ في نَيْلِ الْمُنَى وَشْكَ الرَّدَى = وَقِيَاسُ الْقَصْدِ عِنْدَ السَّرَفِ
كَسِرَاجٍ دُهْنُهُ قُوتٌ لَهُ = فَإذَا غَرَّقْتَهُ فِيهِ طَفِي
14. طعامُ الناس أَعْجَبُ ما أَحَبُّوا = فمنه حياتُهم وبه الحِمَامُ
يَقُودُهمُ الزَّمانُ إلى الْمَنايا = وما غيرُ الطعامِ لهم زِمَامُ
15. فإنَّ الدَّاءَ أكثرُ ما تَرَاهُ = يَكُونُ من الطَّعَامِ أو الشَّرَابِ
16. وأغبى العالمينَ فتًى أَكُولٌ = لفِطنَتِه ببِطنَتِه انهزامُ
ولو أني استطعتُ صيامَ دهري = لصُمْتُ فكان دَيْدَنيَ الصِّيامُ
ولكن لا أصومُ صِيامَ قومٍ = تَكاثَرَ في فُطورهِمُ الطَّعَامُ
1. "إحياء علوم الدين" للغزاليِّ (3/ 82).
2. "الاستذكار" لابن عبد البر (8/ 347).
3. "الكاشف عن حقائق السنن" للطِّيبيِّ (10/ 3292).