عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه: أَنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ مَرَّ عَلَى صُبْرَةِ طَعَامٍ، فَأَدْخَلَ يَدَهُ فِيهَا، فَنَالَتْ أَصَابِعُهُ بَلَلًا،  فَقَالَ: «مَا هَذَا يَا صَاحِبَ الطَّعَامِ؟» قَالَ: أَصَابَتْهُ السَّمَاءُ يَا رَسُولَ اللهِ،  قَالَ: «أَفَلَا جَعَلْتَهُ فَوْقَ الطَّعَامِ كَيْ يَرَاهُ النَّاسُ؟!  مَنْ غَشَّ فَلَيْسَ مِنِّي»



هدايات الحديث


  1. قال ابن عباس رضي الله عنهما: لا يزال الرَّجل يزداد في صحَّة رأيه ما نصح لمستشيره، فإذا غشَّه سلبه الله نُصحه ورأيَه [1]. 

  2. كان جريرُ بنُ عبد الله إذا قام إلى السِّلعة يَبيعُها، بصَّر عيوبَها ثم خيَّره، وقال: إنْ شئتَ فخُذْ، وإنْ شئتَ فاترك. فقيل له: إنك إذا فعلتَ مثلَ هذا لم يَنفُذ لك بيعٌ، فقال: إنا بايعْنا رسول الله ﷺ على النُّصح لكلِّ مسلم [2].

  3. قال وَهْب بن مُنبِّه رحمه الله: "مَن سرَّه أن يَستَجيب الله دعوتَه، فلْيُطِبْ مطعمَه [3].

  4. قال وَهْبُ بْنُ الوَرْد رحمه الله: "لو قُمْتَ مَقامَ هذه السارية، لم ينفعك شيء حتى تَنْظُر ما يدخل بَطْنَك حلال أو حرام" [4].

  5. إن الله تعالى لا يقبل العملَ، ولا يزكو العملُ إلا بأكل الحلال، وإن أكل الحرام يُفسِد العمل، ويَمنَع قَبوله [5].

  6. سُئل أحمدُ بنُ حنبلٍ رحمه الله: بمَ تَلين القلوب؟ ثم أطرَقَ ساعة، ثم رفع رأسه، فقال: بأكل الحلال [6].

  7. ليعلمْ كلُّ غاشٍّ آكلٍ للحرام أنه لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يُسأل عن أربع، منها: «وَعَنْ مَالِهِ مِنْ أَيْنَ اكْتَسَبَهُ؟» [7]؛ أي: من أيِّ طريق كان يكتسب رزقه وأمواله؟ من طريق مُباح حلال، أم من طريق الحرام والشُّبهات؟

  8. فَيَا بائعًا بالغِشِّ أَنْتَ مُعَرَّضٌ = لِدَعْوَةِ مَظْلُومٍ إلى سامِعِ الشَّكْوَى

فَكُلْ مِنْ حَلالٍ وَارْتَدِعْ عَنْ مُحَرَّمٍ = فَلَسْتَ عَلَى نارِ الجَحِيمِ غدًا تَقْوَى

9. فَكَمْ مِن عَدُوٍّ مُعْلِنٍ لَكَ نُصْحَهُ = عَلانَيَةً والْغِشُّ تَحْتَ الأَضَالِعِ

وَكَمْ مِن صَدِيقٍ مُرْشِدٍ قَدْ عَصَيْتَهُ = فكُنْتَ له في الرُّشْدِ غَيْرَ مُطَاوِعِ

وَمَا الأَمْرُ إِلَّا بِالْعَوَاقِبِ إِنَّهَا = سَيَبْدُو عَلَيْهَا كُلُّ سِرٍّ وَذَائعِ

10. وَذُو الْغِشِّ مَرْهُوبٌ وَذُو النُّصْحِ آمِنٌ = وذَوُ الطَّيْشِ مَدْحُوضٌ وذُو الحقِّ يُفْلِجُ

وذُو الصِّدْقِ لا يَرْتَابُ وَالْعَدْلُ قائمٌ = على طُرُقاتِ الحقِّ والغَبْنُ أَعْوَجُ

11. أَيَا رُبَّ مَنْ تَغْتَشُّهُ لَكَ ناصِحٌ = وَمُنْتَصِحٌ بِالْغَيْبِ غَيْرُ أَمِينِ

12. وصاحبٍ غيرِ مَأْمونٍ غَوَائِلُه = يُبْدِي ليَ النُّصْحَ مِنْهُ وَهْوُ مُشْتَمِلُ

عَلَى خِلَافِ الَّذِي يُبْدِي ويُظْهِرُه = وَقَدْ أَحَطْتُ بِعِلْمِي أَنَّه دَغِلُ

عَفَوْتُ عَنْهُ انتظارًا أن يَثُوبَ لَهُ = عَقْلٌ إِلَيْهِ مِنَ الزَّلَّاتِ يَنْتَقِلُ

دَهْرًا فَلَمَّا بَدَا لي أَنَّ شِيمَتَهُ = غِشٌّ وَلَيْسَ لَهُ عَنْ ذَاكَ مُنْتَقَلُ

تَرَكْتُهُ تَرْكَ قَالٍ لا رُجُوعَ له = إلى مَوَدَّتِه مَا حَنَّتِ الإِبِلُ

13. يَا آلَ عَمْرٍو أَمِيتُوا الضِّغْنَ بَيْنَكُمُ = إنَّ الضَّغَائِنَ كَسْرٌ لَيْسَ يَنْجَبِرُ

قَدْ كَانَ في آلِ مَرْوَانٍ لَكُمْ عِبَرٌ = إِذْ هُمْ مُلُوكٌ وَإِذْ مَا مِثْلُهُمْ بَشَرُ

تَحَاسَدُوا بَيْنَهُمْ بِالغِشِّ فَاخْتُرِمُوا = فَمَا تُحِسُّ لَهُمْ عَيْنٌ وَلَا أَثَرُ

14. كَذَاكَ مَنْ يَسْتَنْصِحُ الأَعَادِي = يُرْدُونَهُ بِالغِشِّ والفَسَادِ

15. قل للذي لَسْتُ أَدْرِي مِنْ تَلَوُّنِه = أناصِحٌ أم على غِشٍّ يُدَاجيني

إني لَأَكْثَرُ مِمَّا سُمْتَني عَجَبًا = يَدٌ تَشُجُّ وأخرى مِنْكَ تَأْسُوني

تَغْتَابُني عِنْدَ أقوامٍ وتَمْدَحُني = في آخَرِينَ وكلٌّ عنك يأتيني

هَذَانِ أَمْرَانِ شَتَّى بَوْنُ بَيْنِهِمَا = فَاكْفُفْ لِسَانَكَ عِنْ ذَمِّي وتَزْيِيني

16. غَشَّ مَن أخَّر النصيحةَ عمدًا = عَنْ إمامٍ عَلَيه جُلُّ اعْتِمَادِهْ

لَيْسَ يُوهِي أَخَاكَ شَدُّكَ إيَّا = هُـ بِهِ بَلْ يَزِيدُهُ فِي اشْتِدَادِهْ

المراجع

1.  "الذريعة إلى مكارم الشريعة" للراغب الأصفهانيِّ (ص 211).

2. رواه ابن سعد في "الطبقات الكبرى - متمم الصحابة" (ص 803)، والطبرانيُّ في "الكبير" (2510).

3. "جامع العلوم والحكم" لابن رجب (1/ 275).

4. "جامع العلوم والحكم" لابن رجب (1/ 263).

5. "جامع العلوم والحكم" لابن رجب (1/ 260).

6. "مناقب الإمام أحمد" لابن الجوزيِّ  (ص 269).

7. رواه الترمذيُّ (2417)، وقال: حديث حسن صحيح، وصححه الألبانيُّ في "صحيح الترغيب والترهيب" (126).

مشاريع الأحاديث الكلية