غريب الحديث:
صُبْرة طعام: قال الأزهريُّ: الصُّبْرة الكُومة المجموعة من الطعام، سُمِّيت صُبرة لإفراغ بعضها على بعض، ومنه قيل للسحاب فوق السحاب: صَبِير [1].
أصابته السماء: أي: المطر.
المراجع
1. "شرح النوويِّ على مسلم" (2/ 109).
المعنى الإجماليُّ للحديث:
يروي أبو هريرة – رضي الله عنه – (أَنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ مَرَّ عَلَى صُبْرَةِ طَعَامٍ)؛ أي: على كُومة من الطعام. (فَأَدْخَلَ يَدَهُ فِيهَا، فَنَالَتْ أَصَابِعُهُ بَلَلًا)؛ أي: أدخل ﷺ يده الشريفة داخل الكومة، فوجد بللاً في الطعام غير الظاهر داخل الكومة.
فَقَالَ: «مَا هَذَا يَا صَاحِبَ الطَّعَامِ؟» قَالَ: (أَصَابَتْهُ السَّمَاءُ يَا رَسُولَ اللهِ): فسأل ﷺ البائعَ عمَّا وجده من بَلَل، فأجاب بأن المطر نزل عليه فبلَّله.
قَالَ ﷺ: «أَفَلَا جَعَلْتَهُ فَوْقَ الطَّعَامِ كَيْ يَرَاهُ النَّاسُ؟! مَنْ غَشَّ فَلَيْسَ مِنِّي»: فأرشده ﷺ أنه يجب عليه أن يُظهر العَيب فيما يَبيع، ولا يُخفيَه؛ فهذا غشٌّ وإثمٌ عظيم يستوجب أن يَحِلَّ غضب الله عليه، ويُخرجه عن سبيل المؤمنين.
الشرح المفصَّل للحديث:
لقد حَرَص النبيُّ ﷺ على بناء المجتمع المسلم السَّويِّ، الذي تتكوَّن لَبِناته من نفوس نَقيَّة سَويَّة، تُعامل ربَّها وتُراقبه وتتَّقِيه بالحرص على الكسب الحلال، ويتعامل أفراد المجتمع بالنقاء والنصيحة، وعدم الغشِّ والخداع.
ربَّاهم النبيُّ ﷺ على المعاملة النقيَّة بالحُسنى، والرضا بالكسب الحلال الطيِّب مهما قلَّ، وتجنُّب ما يصيب المجتمع المسلم، ومن ثَمَّ الأمَّة، من عَنَت ومشقَّة؛ بسبب الجشع والغشِّ والخداع، وصدق الله القائل:
﴿لَقَدْ جَآءَكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِٱلْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ﴾
ومن حرصه ﷺ على أمَّته أنه يباشر أمورهم، ويحتسب عليهم، ويتعاهدهم بالموعظة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، مما يَصدُر من بعض ضعيفي الإيمان، وذَوي النفوس الضعيفة.
وفي هذا الحديث صورة جَلِيَّة مُنْبِئة عن ذلك، فيروي أبو هريرة رضي الله عنه: (أَنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ مَرَّ عَلَى صُبْرَةِ طَعَامٍ)؛ أي: مرَّ على بائعٍ أمامَه كُومةٌ من الطعام يبيعها، وقد رتَّبها بحيث يكون ظاهرها حسنًا.
(فَأَدْخَلَ يَدَهُ فِيهَا)؛ ليستوثق هل ظاهرُها كباطنها؟ أم أن هذا البائع يُخفي ما به عيبٌ فيَغُشُّ المشترين؟
(فَنَالَتْ أَصَابِعُهُ بَلَلًا): فوجد ﷺ أن البائع يُخفي الطعاَم الْمَعيبَ بالبَلَل، فسأله، فَقَالَ: «مَا هَذَا يَا صَاحِبَ الطَّعَامِ؟»؛ أَيِ: يا بائعَ الطعام، ما هذا الْبَلَلُ الذي يوحي أن هناك غشًّا؟
(قَالَ: أَصَابَتْهُ السَّمَاءُ)؛ أي: إن ذلك البلل بسبب المطر الذي نزل عليه.
(يَا رَسُولَ اللهِ): يُقِرُّ بإيمانه برسالة النبيِّ ﷺ.
فردَّ عليه النبيُّ ﷺ قَالَ: «أَفَلَا جَعَلْتَهُ فَوْقَ الطَّعَامِ كَيْ يَرَاهُ النَّاسُ؟!»؛ أي: أفلا جعلتَ ذلك الطعامَ الْمَعِيب الْمُبتلَّ الذي تُخفيه عن أعين الناس داخلَ كُومة الطعام، فَوْقَ الكُومة؛ ليَظهَر للناس، ويَرَوُا العَيْبَ، فلا يَنخدِع أحدٌ فيُغبَن في شرائه.
قال ﷺ: «مَنْ غَشَّ فَلَيْسَ مِنِّي»: قاعدة عامَّة أن من غشَّ فليس على سنَّة النبيِّ ﷺ ولا يتَّبِع طريقه؛ بل هو آثم مرتكب لإثم كبير، وهو غشُّ المسلمين وخداعهم، وأكل أموالهم بالباطل؛ فـ"لم يُرِدْ به نفيَه عن الإسلام؛ بل نفيَ خُلُقِه عن أخلاق المسلمين؛ أي: ليس هو على سنَّتِنا أو طريقتنا في مناصحة الإخوان، كما يقول الإنسان لصاحبه: أنا منك. يُريد الموافقة والمتابعة.
﴿فَمَن تَبِعَنِى فَإِنَّهُۥ مِنِّى ۖ ﴾
و"المراد بالغشِّ هنا: كَتْمُ عَيب الْمَبيع أو الثَّمن، والمراد بعَيبه هنا: كلُّ وَصْفٍ يُعلَم مِن حال آخِذه أنه لو اطَّلَع عليه لم يَأْخُذْه بذلك الثَّمَن، الذي يُريد بَذْلَه فيه [2].
فليَعْلَمْ من يَعرِض بضاعته عرضًا جذَّابًا مُغْريًا، يُظهِر منها الحَسَن، ويُخفي منها القبيح؛ كي يَخدَع الناس ويَغُشَّهم، أو يَخلِط الطيِّب من السلع بالرديء، أو نحو ذلك، أن ذلك غشٌّ وخداعٌ وتغرير للمشتري يُخرج التاجر عن سبيل المؤمنين، ويرتكب كبيرة، يَحِلُّ عليه بسببها غضب الله.
لا شكَّ أن الغشَّ ظُلم للمشتري، وأكلٌ لماله بالباطل، يُحزِنه ويُوغِر صدره، وقد حرَّم الإسلام كل صور الظُّلم والغشِّ وخيانة الأمانة، ولا جَرَمَ أن هذا يُغضِب اللهَ ورسوله، وهو كبيرة من الكبائر؛ فـ"كُلُّ ذَنْبٍ تُوُعِّدَ صاحِبُه بأنه لا يَدخُل الْجَنَّةَ، ولا يَشُمُّ رائحةَ الجنة، وقيل فيه: مَن فَعَلَه فليس منَّا، وأن صاحِبَه آثِمٌ. فهذه كُلُّها من الكبائر" [3].
وليعلمْ كلُّ غاشٍّ آكلٍ للحرام أنه لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يُسأل عن أربع، منها: «وَعَنْ مَالِهِ مِنْ أَيْنَ اكْتَسَبَهُ؟»ـ [4]؛ أي: من أيِّ طريق كان يكتسب رزقه وأمواله؟ من طريق مُباح حلال، أم من طريق الحرام والشُّبهات؟
وقد قال رسولُ الله ﷺ: «أيُّها الناسُ، إن اللهَ طيِّبٌ لا يَقبَل إلا طَيِّبًا، وإن اللهَ أمَر المؤمنين بما أمر به المرسَلين، فقال:
﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلرُّسُلُ كُلُوا مِنَ ٱلطَّيِّبَٰتِ وَٱعْمَلُوا صَٰلِحًا ۖ إِنِّى بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ﴾
﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوا كُلُوا مِن طَيِّبَٰتِ مَا رَزَقْنَٰكُمْ ﴾
ثم ذكَر الرجُل يُطِيل السَّفَرَ أَشْعَثَ أَغْبَرَ، يَمُدُّ يَدَيْهِ إلى السماء: يا ربِّ، يا ربِّ، ومطعمُه حرامٌ، ومشرَبُه حرامٌ، ومَلبسُه حرامٌ، وغُذِيَ بالحرام، فأنَّى يُستجاب لذلك؟!» [5].
فاعلم أن الله تعالى لا يقبل العملَ، ولا يزكو العملُ إلا بأكل الحلال، وإن أكل الحرام يُفسِد العمل، ويَمنَع قَبوله [6].
و"مَن سرَّه أن يَستَجيب الله دعوتَه، فلْيُطِبْ مطعمَه" [7]، وقد سُئل أحمدُ بنُ حنبلٍ : بمَ تَلين القلوب؟ ثم أطرَقَ ساعة، ثم رفع رأسه، فقال: بأكل الحلال [8].
وقوله ﷺ: «مَنْ غَشَّ فَلَيْسَ مِنِّي»: عامٌّ في كل غشٍّ، لا الغشُّ في البيوع وغيرها من المعاملات فقط؛ بل يشمل الغشَّ في النُّصح للمؤمنين.
ومنه الغشُّ للرَّعيَّة؛
«مَا مِنْ عَبْدٍ يَسْتَرْعِيهِ اللهُ رَعِيَّةً، يَمُوتُ يَوْمَ يَمُوتُ وَهُوَ غَاشٌّ لِرَعِيَّتِهِ، إِلَّا حَرَّمَ اللهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ»
ومن أعظم الغشِّ: الغشُّ في الدين وكتمان الحقِّ؛ كما أخبر الله تعالى عن أحبار بني إسرائيل، الذين كتموا الحقَّ، وأظهروا للناس الباطل، يشترون بآيات الله ثمنًا قليلاً، ويبتغون بذلك عرَضًا من الدنيا، فضلُّوا وأضلُّوا عن سواء السبيل.
وفِي الحديث "إِيذَانٌ بأن للْمُحتَسب أن يمتحن بضائعَ السُّوقة؛ لِيَعْرِفَ الْمُشتمِلَ منها على الغِشِّ من غيره" [10].
هذا وإن زيادة الغشِّ والخداع في المجتمع المسلم حقيقٌ بعقاب الله تعالى، وأن يَحِلَّ غضبُه على المسلمين. "ولهذه القبائح – أي: الغشِّ - التي ارتكبها التجَّار والمتسبِّبون وأرباب الحرف والبضائع، سلَّط الله عليهم الظَّلمة، فأخذوا أموالهم، وهتكوا حريمهم؛ بل وسلَّط عليهم الكفَّار فأَسَروهم واستعبدوهم، وأذاقوهم العذاب والهوان ألوانًا. وكثرةُ تسلُّطِ الكفَّار على المسلمين بالأسر والنهب، وأخذ الأموال والحريم، إنما حَدَث في هذه الأزمنة المتأخِّرة لَمَّا أن أَحدَث التجَّار وغيرهم قبائح ذلك الغشِّ الكثيرة والمتنوِّعة، وعظائم تلك الجنايات والمخادعات والتحايلات الباطلة على أخذ أموال الناس بأيِّ طريق قَدَروا عليها، لا يراقبون الله المطَّلِع عليهم" [11].
1. "فيض القدير" للمناويِّ (6/ 185).
2. "دليل الفالحين لطرق رياض الصالحين" لابن علان (8/ 422، 423).
3. "مجموع الفتاوى" (11/ 652).
4. رواه الترمذيُّ (2417)، وقال: حديث حسن صحيح، وصححه الألبانيُّ في "صحيح الترغيب والترهيب" (126).
5. رواه مسلم (1015).
6. "جامع العلوم والحكم" لابن رجب (1/ 260).
7. "جامع العلوم والحكم" لابن رجب (1/ 275).
8. "مناقب الإمام أحمد" لابن الجوزيِّ (ص 269).
9. رواه البخاريُّ (7150)، ومسلم (227).
10. "مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح" للملا علي القاري (5/ 1935).
11. "الزواجر عن اقتراف الكبائر" لابن حجر الهيتميِّ (1/400).
النقول:
قال الملا علي القاري رحمه الله: "(مَرَّ عَلَى صُبْرَةِ طَعَامٍ) بضمِّ الصّاد المهمَلة، وسكون الموحَّدة: ما جُمِع من الطّعام بلا كَيل ووَزْن على ما في القاموس، والمراد بالطّعام جنسُ الحُبوب المأكول، (فأَدخَل يده فيها)؛ أي: في الصُّبْرة، (فنالت أصابعه)؛ أي: أدركت (بَلَلًا) بفتح الموحَّدة واللّام، فقال: «ما هذا؟»؛ أي: البلل المنبئ غالبًا على الغشِّ من غيره، «يا صاحبَ الطّعام»؛ أي: بائعَه، قال: (أصابته السّماء)؛ أي: المطر؛ لأنّها مكانه وهو نازل منها. قال الشّاعر:
إِذَا نَزَلَ السَّمَاءُ بِأَرْضِ قَوْمٍ = رَعَيْنَاهُ وَإِنْ كَانُوا غِضَابَا
(يَا رَسُولَ اللَّهِ): اعترافٌ بالإيمان، وإقرار بالإذعان، قال: «أفلا جعلته» قال: أسترتَ عَيْنه؟ أفلا جعلتَ البَلَل «فوق الطّعام حتّى يراه النّاس»: فيه إيذان بأنّ للمحتسِب أن يمتحِن بضائع السُّوقة؛ ليعرف المشتمِل منها على الغشِّ من غيره. «من غشَّ»؛ أي: خان، وهو ضدُّ النُّصح، «فليس منّي»؛ أي: ليس هو على سُنَّتي وطريقتي" [1].
قال الخطَّابي رحمه الله: "معناه: ليس على سيرتنا ومذهبنا، يريد أنَّ من غشَّ أخاه وترك مناصحته، فإنَّه قد ترك اتِّباعي، والتمسُّك بسنَّتي" [2].
قال ابن تيمية رحمه الله: "وكذلك كُلُّ ذَنْبٍ تُوُعِّدَ صاحِبُه بأنه لا يَدخُل الْجَنَّةَ، ولا يَشُمُّ رائحةَ الجنة، وقيل فيه: مَن فَعَلَه فليس منَّا، وأن صاحِبَه آثِمٌ. فهذه كُلُّها من الكبائر" [3].
قال المناويُّ رحمه الله: "«من غشَّ»؛ أي: خان، والغشُّ سَتْرُ حال الشيء، «فليس منا»؛ أي: من متابِعينا. قال الطِّيبيُّ: لم يُرِدْ به نفيَه عن الإسلام؛ بل نفيَ خُلُقه عن أخلاق المسلمين؛ أي: ليس هو على سنَّتِنا أو طريقتنا في مناصحة الإخوان، كما يقول الإنسان لصاحبه: أنا منك. يُريد الموافقة والمتابعة.
﴿فَمَن تَبِعَنِى فَإِنَّهُۥ مِنِّى ۖ ﴾
وهذا قاله لَمَّا مرَّ على صُبْرة طعام، فأدخل يده فيها، فابتلَّت أصابِعُه فقال: ما هذا؟ قال: أصابته السماء، قال: أفلا صَبَبْتَه فوق الطعام ليراه الناس؟" [4].
قال ابن علان رحمه الله: "«أن رسول الله ﷺ مرَّ على صُبرة طعام» بضمِّ الصاد المهمَلة وسكون الموحَّدة، جمع صُبَر، كغُرْفَة وغُرَف، وعن أبي زيد: اشتريتُ الشيءَ صُبرةً؛ أي: بلا كَيل ولا وزن. قال في "المصباح" نقلًا عن "التهذيب" للأزهريِّ: إذا أَطلَق أهلُ الحجاز لفظ الطَّعام، عَنَوْا به البُرَّ خاصَّةً. وفي العُرف اسمٌ لِمَا يؤكَل؛ كالشراب لِما يُشرَب، «فأدخل يده فيها فنالت»؛ أي: أصابت «أصابعُه بللًا» مستورًا بالطعام اليابس، «فقال: ما هذا؟»؛ أي: البَلَلُ الْمُنْبِئ غالبًا عن الغشِّ، «يا صاحبَ الطَّعام» يَحتمِل أن تَرَكَ نداءه باسمه؛ لعَدَم العلم به، أو أنه للتسجيل عليه، بإضافته إلى ما غشَّ به؛ زيادةً في زجره وتنكيله. «قال: أصابته السماء»؛ أي: المطر؛ لأنه ينزل منها، فهو من مجاز التعبير بالمحلِّ عن الحالِّ فيه، وقوله: «يا رسول الله» أتى به تيمُّنًا وتلذُّذًا به. «قال»: أَستَرْتَ ما ابتلَّ غِشًّا، «أفلا جعلتَه فوق الطعام حتى يراه الناس؟» فتَسلَم من الغشِّ الذي هو أَقبَح الأوصاف، القاطعة لرحم الإِسلام، الموجِبة لكَون الْمسلِم للمسلم كالبُنيان يَشُدُّ بعضُه بعضًا، ومن قَطَع رَحِم الإِسلام خُشِيَ عليه الخروج من عِدادهم، كما ينشأ عن ذلك ما هو مقرَّر في شرعنا. «من غشَّنا فليس منا» المراد بالغشِّ هنا: كَتْمُ عَيب الْمَبيع أو الثَّمن، والمراد بعَيبه هنا: كلُّ وَصْفٍ يُعلَم مِن حال آخِذه أنه لو اطَّلَع عليه لم يَأْخُذْه بذلك الثَّمَن، الذي يُريد بَذْلَه فيه" [5].
قال ابن حجر الهيتميُّ رحمه الله: "ولهذه القبائح – أي: الغشِّ - التي ارتكبها التجَّار والمتسبِّبون وأرباب الحرف والبضائع، سلَّط الله عليهم الظَّلمة، فأخذوا أموالهم، وهتكوا حريمهم؛ بل وسلَّط عليهم الكفَّار فأَسَروهم واستعبدوهم، وأذاقوهم العذاب والهوان ألوانًا. وكثرةُ تسلُّطِ الكفَّار على المسلمين بالأسر والنهب، وأخذ الأموال والحريم، إنما حَدَث في هذه الأزمنة المتأخِّرة لِما أن أَحدَث التجَّار وغيرهم قبائح ذلك الغشِّ الكثيرة والمتنوِّعة، وعظائم تلك الجنايات والمخادعات والتحايلات الباطلة على أخذ أموال الناس بأيِّ طريق قَدَروا عليها، لا يراقبون الله المطَّلِع عليهم" [6].
1. "مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح" للملا علي القاري (5/ 1935).
2. "معالم السنن" للخطابيِّ (3/ 118).
3. "مجموع الفتاوى" (11/ 652).
4. "فيض القدير" للمناويِّ (6/ 185).
5. "دليل الفالحين لطرق رياض الصالحين" لابن علان (8/ 422، 423).
6. "الزواجر عن اقتراف الكبائر" لابن حجر الهيتميِّ (1/400).