عن ابن عبَّاس رضي الله عنه قال: (بُعِثَ رسولُ الله لأربعين سنةً، فمكثَ بمكةَ ثلاثَ عشْرةَ سنةً يُوحَى إليه، ثم أُمِر بالهجرةِ فهاجر عشْرَ سنين، ومات وهو ابنُ ثلاثٍ وستينَ سنةً)

هدايات الحديث


  1. صلَّى الله عليك يا رسول الله، وخاتم الأنبياء، وحبيبَ الحقِّ، ورحمة الله للعالمين؛ بعثك الله لتخرج الناس من الظلمات إلى النور، وتهديهم إلى الصراط المستقيم، نشهد أنك أدَّيتَ الأمانة، وبلّغت الرسالة.

  2. كانت بَعثةُ رسول الله ﷺ نِعمةً عُظمى من الله - عزَّ وجلَّ - على عباده، فهدى اللهُ به مِن الضلالة، وأرشد به مِن الغَواية، وتمَّ به نورُ الله في العالَمين.

  3. لقد آمن المسلمون الأوائل بدليل أخلاقه ﷺ فقط؛ فلم يكن قد نزل القرآن، ولم يروا معجزات للنبيِّ ﷺ؛ إنما كانت مكارم النبيِّ ﷺ وأخلاقه العظيمة وكماله البشريِّ هو دليلَهم الوحيد لصدق النبيِّ، واستحالة أن يفتريَ الكذب.

  4. كانت السيدة خديجة – رضي الله عنها – زوجه ﷺ أولَ المؤمنين به من البشر على الإطلاق، آمنت به نبيًّا بدليل ما رأته من عظم أخلاقه، وكريم خلاله ومكارمه؛ فعندما رجع إليها من غار حراءَ خائفًا، قالت له: " كَلَّا، واللهِ ما يُخْزِيك الله أبدًا؛ إِنَّك لَتَصِلُ الرَّحِمَ، وتَحْمِلُ الْكَلَّ، وَتَكْسِبُ الْمَعْدُومَ، وَتَقْرِي الضَّيْفَ، وَتُعِينُ عَلَى نَوَائِبِ الْحَقِّ".

  5. أدَّى ﷺ مَهمَّته وواجبه على الوجه الأكمل، فأخرج للبشرية جيلاً فريدًا لم تشهد البشرية - منذ خلق آدم - له مثيلاً، فيما اجتمع فيه من سمات الخير، والنبوغ، والسموِّ، ومظاهر العظمة، حيث علَّمهم النبيُّ ﷺ وأدَّبهم مخاطبًا وِجدانَهم وقلوبهم وعقولهم وضمائرهم، فأخرج منهم شخصياتٍ تمثِّل الإسلام واقعًا يراه الناس، فقد كان همُّه الأول وهدفه الأساس أن يصنع رجالاً، ويبنيَ أمة، ويقيم دولة ترفع راية الإسلام، وكلمة الله.

  6. كان ﷺ أفصحَ خلقِ الله، وأعذبَهم كلامًا، وأسرعَهم أداءً، وأحلاهم مَنْطِقًا، حتى إنَّ كلامه لَيَأْخُذُ بمجامع القلوب، ويَسبي الأرواح، ويشهد له بذلك أعداؤه، وكان إذا تكلَّم، تكلَّم بكلامٍ مُفَصَّلٍ مُبين، يَعُدُّه العادُّ، ليس بهذٍّ مُسْرِعٍ لا يُحفظ، ولا مُنقطِع تخلَّلُه السَّكَتات بين أفراد الكلام؛ بل هديُه فيه أكمل الهدي[1].

  7. لقد امتنَّ الله تعالى على عباده بأن بعث فيهم هذا النبيَّ ﷺ من أنفسهم

    قال تعالى:

    ﴿لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ ﴾

    [التوبة : 128].

  8. الهجرة وإن انقطعتْ فإن «المهاجر مَن هجَرَ ما نهى اللهُ عنه»؛ كما قال النبيُّ ﷺ.[2].

9. لَيْتَ شِعْرِي كَيْفَ الْقُلُوبُ قِفَارٌ؛ = وَبِذِكْرِ الرَّسُولِ تَغْدُو رَبِيعَا؟!

فَصَلَاةٌ عَلَى النَّبِيِّ شَذَاهَا = يَكْسِبُ النَّفْسَ رِفْعَةً وَخُشُوعَا

وَسَلَامٌ عَلَى النَّبِيِّ صَدَاهُ = يَجْعَلُ الرُّوحَ كَالشُّمُوسِ طُلُوعَا

10. فَإِذَا بِرَبِّ الْكَوْنِ يُرْسِلُ رَحْمَةً = نُورًا يُبِيدُ الظُّلْمَ ثُمَّ يُدَامُ

كَالْفَجْرِ يَخْرُجُ مِنْ ظَلَامٍ دَامِسٍ = كَالرُّوحِ تُحْيِي الْمَيْتَ وَهْوَ رِمَامُ

وُلِدَ السَّنَا فَالْأَرْضُ ضَاءَتْ وَالسَّمَا = وَالْكُفْرُ بَاكٍ قَدْ أَتَاهُ حِمَامُ

وُلِدَ الْهُدَى فَالْكَوْنُ بُشِّرَ بِالنَّدَى = وَالْحَقُّ بُشْرَاهُ أَتَاهُ غَمَامُ

وُلِدَ النَّصِيرُ لِكُلِّ أَحْرَارِ الْوَرَى = فَبِهِ عَلَا رَأْسَ الطُّغَاةِ رَغَامُ

وُلِدَ الْيَتِيمُ فَعَزَّ وَصْفًا فِي الْوَرَى = فَلْيَفْخَرِ الْمِسْكِينُ وَالْأَيْتَامُ

مَا أَسْعَدَ الدُّنْيَا تَعَاظَمَ فَرْحُهَا! = سَيَظَلُّ يَغْشَى وَجْهَهَا الْإِسْلَامُ

المراجع

  1. "زاد المعاد في هدي خير العباد" لابن القيم (1/ 175).
  2. رواه البخاريُّ (10)، ومسلم (40).


مشاريع الأحاديث الكلية