عن ابن عبَّاس رضي الله عنه قال: (بُعِثَ رسولُ الله لأربعين سنةً، فمكثَ بمكةَ ثلاثَ عشْرةَ سنةً يُوحَى إليه، ثم أُمِر بالهجرةِ فهاجر عشْرَ سنين، ومات وهو ابنُ ثلاثٍ وستينَ سنةً)

فوائد الحديث

الفوائد العلمية


  1. في الحديث بيان السِّيرة العامَّة والمراحل التي مرَّ بها رسول الله ﷺ منذ بعثته حتى وفاته، بما فيها من ابتلاءات، ما بين العُسر واليُسر، والشدَّة والرخاء، والحرب والسِّلم، والدعوة السِّرِّية ثم الجهرية، والاستضعاف والتمكين.

  2. قال ﷺ: «إن اللهَ اصطفى كِنانةَ من ولدِ إسماعيل، واصطفى قريشًا من كِنانة، واصطفى من قُريش بني هاشم، واصطفاني من بني هاشم»[1]، فكان النبيُّ ﷺ من أشرف العرب نسَبًا.

  3. وُلِد ﷺ يتيمًا، ونشأ في كَنَف أمِّه، وجَدِّه عبد المطلب، يحوطه اللهُ بهما بحفظه ورعايته إلى أن تُوفِّيت أمُّه وهو ابنُ ستِّ سنين، ثم تُوفِّي جدُّه عبد المطَّلب وهو ﷺ في الثامنة من عمره، فكفَله عمُّه أبو طالب[2]

  4. أقام ﷺ بمكة قبل البعثة طيلةَ هذه السنوات الأربعين يربِّيه الله تعالى ويُعِدُّه إعدادًا يَليق بمَهمَّة الرسالة التي اصطفاه الله لها، فآواه اللهُ - عزَّ وجلَّ - وحفظه من الغَواية، وهداه، وأغناه، فعاش مع قومه طيِّب المعشر حَسَن الخُلق، مشاركًا لهم في كل نافع؛ كحلف الفضول[3]، وبناء الكعبة[4]، ومبتعدًا عن كل قبيح.

  5. تزوَّج النبيُّ ﷺ من أمِّ المؤمنين خديجةَ بنتِ خُوَيْلِدٍ ڤ وهو في الخامسة والعشرين من عمره، ورزَقه الله منها كلَّ أبنائه - سوى إبراهيم كان من ماريةَ القِبطية - وهم: القاسم، وعبد الله، وزينب، ورُقَيَّة، وأمُّ كلثوم، وفاطمة[5]

  6. مرَّتْ الدعوة بمكَّة بمراحلَ متعدِّدةٍ، بدأها ﷺ بالدعوة السِّرية، ثم أُمر بعد ذلك بالجهر بالدعوة، فصدَع ﷺ بدعوة الحقِّ في أرجاء مكَّة، فلَقِيَ العناد والتكذيب والإيذاء من قومه ﷺ ومَن آمن معه[6].

  7. أمَرَ ﷺ أصحابه بالهجرة إلى الحبشة بدايةَ العام الخامس من البَعثة، بعدما اشتدَّ إيذاء كفّار قريش، فهاجروا الهجرة الأُولى، ثم الثانية إلى الحبشة[7].

  8. بعد مرحلة الدعوة بمكة ثلاث عشرة سنةً، اختار الله تعالى لنبيِّه ﷺ المدينة دارًا لهجرته، ومنطلَقًا لدولة الحقِّ، فهاجر ﷺ إلى المدينة يُرافقه أبو بكر رضى الله عنه ، بعد أن سبقه أصحابه تباعًا إلى هناك، ولحقه الباقون - ممن استطاع الهجرة - فيما بعدُ، فأقام مهاجرًا بالمدينة عشْرَ سنين.

  9. اختلف أهلُ المغازي في عدد غزواته ﷺ وسراياه، فذكر ابن سعد وغيره عددهنَّ مُفصَّلات على ترتيبهنَّ، فبلغت سبعًا وعشرين غزاةً وستًّا وخمسين سريةً، قالوا: قاتل في تسع من غزواته، وهي: بدر، وأُحد، والمريسيع، والخندق، وقُرَيظة، وخيبر، والفتح، وحُنين، والطائف[8].

  10. في الحديث دليل أن رسولَ الله ﷺ قد مات وهو ابنُ ثلاث وستين سنةً. وكانت وفاته ﷺ بالمدينة، يومَ الاثنين الثانيَ عشَرَ من ربيع الأول، من السنةِ الحاديةَ عشْرةَ من الهجرة[9].

  11. وُلِدَ ﷺ عَامَ الْفِيلِ على الصّحيح المشهور، وقيل: بعد الفيل بثلاثِ سنين، وقيل: بأربع سنين. وادَّعى القاضي عياض الإجماعَ على عام الفيل، وليس كما ادَّعى[10].

  12. اتَّفَقوا أنّه وُلِد يومَ الاثنين في شهر ربيع الأول، وتوفِّي يومَ الاثنين من شهر ربيع الأوّل، واختلفوا في يوم الولادة: هل هو ثاني الشّهر أم ثامنه أم عاشره أم ثاني عشره؟ ويوم الوفاة ثاني عشر ضحًى[11].

  13. ذُكر في وفاته ﷺ ثلاث روايات؛ إحداها: أنه ﷺ توفِّي وهو ابن ستِّين سنةً، والثانية: ابن خمس وستين سنة، والثالثة: ثلاث وستين سنةً، وهي أصحُّها وأشهرها، رواه مسلم من رواية: أنس وعائشة وابن عباس ومعاوية رضي الله عنهم. فرواية (ستين) مقتصرةٌ على العقود، ورواية (الخمس) متأوَّلة بأن اعتَبَر الراوي الكسور[12].

المراجع

  1. رواه مسلم (2276).
  2. انظر: "السيرة النبوية" لابن هشام (1/ 168: 179).
  3. انظر: "السيرة النبوية" لابن هشام (1/ 133: 135).
  4. كما رواه البخاري (3829)، ومسلم (340).
  5. انظر: "السيرة النبوية" لابن هشام (1/ 187).
  6. انظر: "السيرة النبوية: عرض وقائع وتحليل أحداث" للصلابي (ص 191).
  7. انظر: "السيرة النبوية: عرض وقائع وتحليل أحداث" للصلابي (ص 191).
  8. "المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج" للنوويِّ (12/ 195).
  9. انظر: "السيرة النبوية: عرض وقائع وتحليل أحداث" للصلابي (ص 871).
  10. "شرح النوويِّ على مسلم" (15/ 100).
  11. "شرح النوويِّ على مسلم" (15/ 100).
  12. "شرح المشكاة الكاشف عن حقائق السنن" للطِّيبيِّ (12/ 3713).

مشاريع الأحاديث الكلية