عن أبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، قال:سَأَلَ رَجُلٌ رَسُولَ اللهِ ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّا نَرْكَبُ البَحْرَ، وَنَحْمِلُ مَعَنَا القَلِيلَ مِنَ الْمَاءِ، فَإِنْ تَوَضَّأْنَا بِهِ عَطِشْنَا، أَفَنَتَوَضَّأُ مِنَ الْبَحْرِ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ : «هُوَ الطَّهُورُ مَاؤُهُ، الحِلُّ مَيْتَتُهُ»

هدايات الحديث

1- عن الْمِنْهَالِ، قال: كُنْتُ عند أبي الْعَالِيَةِ، فَتَوَضَّأَ وَتَوَضَّأَتُ،

فقُلتُ:

﴿إِنَّ ٱللَّهَ يُحِبُّ ٱلتَّوَّـٰبِينَ وَيُحِبُّ ٱلۡمُتَطَهِّرِينَ﴾

[البقرة: 222]

فقال: إِنَّ الطُّهُورَ بِالْمَاءِ لَحَسَنٌ؛ ولكنهم الْمُتَطَهِّرون من الذُّنُوبِ[1]

2- الجنة لا يَدخُلها خبيث، ولا من فيه شيء من الخُبث؛ فمن تطهَّر في الدنيا، ولَقِي الله طاهرًا من نجاساته، دَخَلها بغير معوِّق، ومن لم يتطهَّر في الدنيا، فإن كانت نجاسته عينيةً كالكافر، لم يَدخُلها بحال، وإن كانت نجاستُه كَسْبيةً عارضةً، دَخَلها بعدما يتطهَّر في النار من تلك النجاسة، ثم يَخرُج منها، حتى إن أهل الإيمان إذا جازوا الصراط، حُبِسوا على قنطرة بين الجنَّة والنار، فيُهَذَّبون ويُنَقَّوْنَ من بقايا بَقِيت عليهم، قَصُرت بهم عن الجنَّة، ولم توجب لهم دخولَ النار، حتى إذا هُذِّبوا ونُقُّوا، أُذِن لهم في دخول الجنة[2]

3- إن الله سبحانه بحِكمته جعل الدخولَ عليه موقوفًا على الطهارة، فلا يَدخُل المصلِّي عليه حتى يتطهَّر، وكذلك جعل الدخولَ إلى جنَّته موقوفًا على الطِّيب والطهارة، فلا يَدخُلها إلا طيِّب طاهر؛ فهما طهارتان: طهارةُ البَدَن، وطهارة القَلب؛ ولهذا شُرع للمتوضِّئ أن يقول عَقِيب وضوئه: «أَشْهَدُ أَنْ لا إلهَ إِلا اللهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحّمدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، اللَّهُمَّ اجْعَلْنِي مِنَ التَّوَّابِينَ، وَاجْعَلْنِي مِنَ المُتَطَهِّرِينَ». فطهارةُ القلب بالتوبة، وطهارة البدن بالماء، فلمَّا اجتمع له الطُّهران، صَلَح للدخول على الله تعالى، والوقوف بين يديه ومناجاته[3]

4- عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، قال: "مَن سَرَّه أن يلقى الله غدًا مسلمًا، فليحافظ على هؤلاء الصّلوات حيث يُنادى بهنّ؛ فإنّ الله شَرَع لنبيِّكم r سُنَن الهُدى، وإنّهنّ من سنن الهدى، ولو أنّكم صلَّيتم في بيوتكم كما يصلّي هذا المتخلِّف في بيته، لتركتم سنّة نبيِّكم، ولو تركتم سنَّة نبيّكم لضللتم، وما من رجل يتطهَّر فيُحسن الطُّهور، ثمّ يَعمِد إلى مسجد من هذه المساجد، إلّا كَتَب الله له بكلّ خُطوة يخطوها حسنةً، ويرفعه بها درجةً، ويحطُّ عنه بها سيّئةً، ولقد رأيتُنا وما يتخلَّف عنها إلّا منافق معلوم النّفاق، ولقد كان الرّجل يؤتى به يُهادى بين الرّجلين حتّى يُقام في الصّفِّ"[4]

5- عَنْ أَبِي مَالِكٍ الْأَشْعَرِيِّ رضي الله عنه قَالَ:

قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ:

«الطُّهُورُ شَطْرُ الْإِيمَانِ، وَالْحَمْدُ للهِ تَمْلَأُ الْمِيزَانَ، وَسُبْحَانَ اللهِ وَالْحَمْدُ للهِ تَمْلَآنِ - أَوْ تَمْلَأُ - مَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ، وَالصَّلَاةُ نُورٌ، وَالصَّدَقَةُ بُرْهَانٌ، وَالصَّبْرُ ضِيَاءٌ، وَالْقُرْآنُ حُجَّةٌ لَكَ أَوْ عَلَيْكَ، كُلُّ النَّاسِ يَغْدُو، فَبَايِعٌ نَفْسَهُ فَمُعْتِقُهَا أَوْ مُوبِقُهَا»

[5]

المراجع

  1.  "تفسير ابن أبي حاتم" (2/ 403).
  2.  "إغاثة اللهفان من مصايد الشيطان" لابن القيم (1/ 56).
  3.  "إغاثة اللهفان من مصايد الشيطان" لابن القيم (1/ 56).
  4.  أخرجه مسلم (654).
  5.  رواه مسلم (223).

مشاريع الأحاديث الكلية