عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ «مَنْ كَانَتْ لَهُ مَظْلِمَةٌ لِأَخِيهِ مِنْ عِرْضِهِ أَوْ شَيْءٍ، فَلْيَتَحَلَّلْهُ مِنْهُ اليَوْمَ، قَبْلَ أَنْ لاَ يَكُونَ دِينَارٌ وَلاَ دِرْهَمٌ، إِنْ كَانَ لَهُ عَمَلٌ صَالِحٌ، أُخِذَ مِنْهُ بِقَدْرِ مَظْلِمَتِهِ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ حَسَنَاتٌ، أُخِذَ مِنْ سَيِّئَاتِ صَاحِبِهِ، فَحُمِلَ عَلَيْهِ».

فقه

  1. يحضُّ النبيُّ على المبادرة بالتوبة وردِّ المظالم إلى أهلها، فمن كان عنده شيءٌ أخذه من أخيه المسلم بغير وجه حقٍّ، سواءً كان ذلك في عرضه كالسَّبِّ والغيبة والنميمة ونحوها، أو غيرها بأن أكل مالَه أو غصبه حقَّه أو ضربه ونحو ذلك، فعليه أن يتحلل منه قبل يوم القيامة، حيث ينقطع التعامل بالأموال، فلا يمكن الردُّ حينها. والتَّحَلُّل يكون بردِّ المظالم إلى أهلها واستسماح النَّاس وطلب الصفح منهم.

  2. فإن لم يتحلل العبدُ في الدنيا من مظلمته، كان القصاص بالحسنات والسيئات؛ فيؤخذ من حسنات الظالم إن كانت عنده حسنات، وتُعطى للمظلوم، وإن لم تكن عنده حسناتٌ أُخذ من سيئات المظلوم فطُرحت على الظالم،

    لقوله ﷺ:

    «أَتَدْرُونَ مَا الْمُفْلِسُ؟» قَالُوا: الْمُفْلِسُ فِينَا مَنْ لَا دِرْهَمَ لَهُ وَلَا مَتَاعَ، فَقَالَ: «إِنَّ الْمُفْلِسَ مِنْ أُمَّتِي يَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِصَلَاةٍ، وَصِيَامٍ، وَزَكَاةٍ، وَيَأْتِي قَدْ شَتَمَ هَذَا، وَقَذَفَ هَذَا، وَأَكَلَ مَالَ هَذَا، وَسَفَكَ دَمَ هَذَا، وَضَرَبَ هَذَا، فَيُعْطَى هَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ، وَهَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ، فَإِنْ فَنِيَتْ حَسَنَاتُهُ قَبْلَ أَنْ يُقْضَى مَا عَلَيْهِ أُخِذَ مِنْ خَطَايَاهُمْ فَطُرِحَتْ عَلَيْهِ، ثُمَّ طُرِحَ فِي النَّارِ»

    [1]

اتباع

  1.  (1) احذر أموالَ النَّاس ودماءهم وأعراضَهم؛ فإنَّ اللهَ تعالى يُعَجِّلُ عقوبة الظالم؛

    قال ﷺ:

    «مَا مِنْ ذَنْبٍ أَجْدَرُ أَنْ يُعَجِّلَ اللَّهُ تَعَالَى لِصَاحِبِهِ الْعُقُوبَةَ فِي الدُّنْيَا، مَعَ مَا يَدَّخِرُ لَهُ فِي الْآخِرَةِ، مِثْلُ الْبَغْيِ وَقَطِيعَةِ الرَّحِمِ»

    [2]

  2. (1) إذا كان اللهُ سبحانه وهو الملك القيوم الذي بيده السماوات والأرض، حرَّم الظلم على نفسه

    وقال:

    «يَا عِبَادِي إِنِّي حَرَّمْتُ الظُّلْمَ عَلَى نَفْسِي، وَجَعَلْتُهُ بَيْنَكُمْ مُحَرَّمًا، فَلَا تَظَالَمُوا»

    [3]

     فكيف بالعبد الضعيف الذي لا يخرج عن أمرِ اللهِ تعالى.

  3. (1) بادِر بالتحلل من مظالم النَّاس قبل أن تندم ولات حينَ ندم.

  4. (1) يشترط في التوبة ردُّ المظالم إلى أهلها والتحلُّلُ منهم، فاحرص على أن تكون توبتُك مقبولةً.

  5. (1) احذر دعوةَ المظلوم؛ فإنَّها مجابةٌ تُفتح لها أبوابُ السماء،

    قال ﷺ:

    «وَاتَّقِ دَعْوَةَ المَظْلُومِ؛ فَإِنَّهُ لَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ حِجَابٌ».

    [4]

  6. (1) احذر الظلم؛ فقد

    قال ﷺ:

    «اتَّقوا الظلم؛ فإنَّ الظلم ظلمات يوم القيامة»

    [5].

  7. (2) احتفظ بحسناتك التي نِلتها بالتَّعب والانتصاب بين يدي اللهِ تعالى، أن يأخذها منك مظلومٌ ظَلَمْته أو تكلمت في عرضه.

  8. (2) إذا كانت تخشى أن تكون مفلسًا في الدنيا، فإفلاس الآخرة أشقُّ وأشقى.

  9. (2) تخيَّل أن تحمل أوزارًا لم تصنعها، وإنما وُضعت عليك جزاءً لكلمةٍ قلتَها في حقِّ أخيك.

  10. (2) سارِع في ردِّ المظالم قبل أن تُجبر على القصاص بالحسنات والسيئات، لا بالأموال والعُروض.

  11. قال الشاعر:

وَفِي النَّاسِ مَن ظُلمُ الوَرَى عَادةٌ لهُ = وَيَنْشُرُ أَعَذارًا بها يَتَأوَّلُ

جَرِيءٌ على أَكْلِ الحرامِ ويدَّعِي = بأنَّ له في حِلِّ ذلك مَحْمَلُ

فَيَا آكِلَ الْمَالِ الحرامِ أَبِنْ لَنَا = بأيِّ كتابٍ حِلُّ مَا أَنْتَ تَأكُلُ؟

ألمْ تَدْرِ أَنَّ اللهَ يَدْرِي بما جَرَى = وبينَ البَرايَا في القِيامةِ يَفْصِلُ

12. وقال غيره: 

لا تَظْلِمَنَّ إذا ما كُنْتَ مُقْتَدِرًا = فالظُّلْمُ آخِرُه يَأْتِيكَ بالنَّدَمِ

نامَتْ عُيُونُكَ والمظلومُ مُنْتَبِهٌ = يَدْعو عَلَيْكَ وَعَيْنُ اللهِ لم تَنَمِ

المراجع

  1. رواه مسلم (2581).
  2. رواه أبو داود (4902)، وابن ماجه (4211)، والترمذيُّ (2511).
  3. رواه مسلم (2577).
  4.  رواه البخاريُّ (1496)، ومسلم (19).
  5. رواه مسلم (2578).


مشاريع الأحاديث الكلية