قال سعيد بن المسيِّب لابنه: إني لأَزيد في صلاتي من أجْلك؛ رجاءَ أن أُحفَظَ فيكَ
1. «احفظ الله يحفظك»: احفظ أمر الله واتَّقِه، فلا يَرَاك حيث نهاك، واحفظ حدود الله ومراسمه التي أوجبها عليك، فلا تُضيِّع منها شيئًا، فإذا فعلتَ ذلك، حفظك الله في نفسك ودينك ودنياك.
2. احفظ الله يحفظك في دينك وأهلك ومالك ونفسك؛ لأن الله تعالى يجزي المحسنين بإحسانه، وأهمُّ هذه الأشياء هو أن يحفظك في دينك، ويسلِّمك من الزيغ والضلال.
3. «احْفَظِ اللهَ تَجِدهُ تجَاهَك»: يدلُّك على كلِّ خير، ويقرِّبك إليه، ويهديك إليه، ويدفع عنك كلَّ شر، ولا سيَّما إذا حفظتَ الله بالاستعانة به؛ فإن الإنسان إذا استعان بالله وتوكَّل عليه، كان الله حسبَه، ولا يحتاج إلى أحد بعد الله.
4. «احفظ الله تَجِدْه تُجَاهَك»: تجده معَك بالحفظ والإحاطة والتأييد حيث ما كنتَ.
5. قال بعض السَّلَف: مَن اتَّقى الله، فقد حفِظ نفْسَه، ومَن ضيَّع تقواه، ضيَّع نفْسه، والله الغنيُّ عنه[1]
6. قال ابْنُ الْمُنْكَدِرِ: "إِنَّ اللَّه ليحفظُ بِالرجل الصالح ولدَه، وولدَ ولدِه، وَالدُّوَيْرَاتِ التي حَوْلَه، فما يزالون في حفظ من اللَّه وسِتْرٍ"[2]
7. حفظُ الله للعبد على نوعين: الأول: حفظُ العبدِ في بَدَنه، ومَعَاشِه، ومالِه ودُنياه، وعياله، وأهله، والثاني: الحفظ في الدِّين، بأن يثبِّت الله - عزَّ وجلَّ - عبدَه على طاعته، ويصرِفَه عن معصيته، وهو أعظم نوعَيِ الحفظ؛
﴿ كَذَٰلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ ۚ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ﴾
8- إن حفظَ الله للعبد الصالح ليَشمَلُ أهلَه بعد موته؛
﴿ وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا ﴾
أرسل الله موسى والخَضِر؛ ليَبنِيَا الجدار المائل؛ كي يحفظ الله مال الغُلامينِ الصغيرينِ؛ لأن أباهما كان صالحًا.
9- قال سعيد بن المسيِّب لابنه: إني لأَزيد في صلاتي من أجْلك؛ رجاءَ أن أُحفَظَ فيكَ
﴿ وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا ﴾
10- مَن يتَّقِ الله يكنْ معه، ومَن يكن الله معه، فمعه الفئةُ التي لا تُغلَب، والحارس الذي لا ينام، والهادي الذي لا يَضِلُّ[4]
11- قال وهب بن منبِّهٍ لرجُل كان يأتي الملوك: ويْحَكَ! تأتي مَن يُغلق عنك بابه، ويُظهر لك فقره، ويواري عنك غِنَاه، وتدع مَن يفتح لك بابه نصفَ الليل ونصفَ النهار، ويُظهر لك غِناه، ويقول: ادْعُني أستجبْ لك![5]
12- قال طاوسٌ لعطاء رحمهما الله: إيَّاك أن تطلب حوائجَكَ إلى مَن أغلق بابه دونَكَ، ويجعل دونها حُجَّابَه، وعليك بمَن بابُه مفتوح إلى يوم القيامة، أَمَرك أن تسأله، ووعدكَ أن يُجيبكَ[6]
13- قال بعض السلف: يا ربِّ، عجبتُ لمَن يَعرِفك كيف يرجو غيرَكَ؟! وعجبتُ لمَن يَعرِفك كيف يَستعين بغيركَ؟[7]
14- «واعلَمْ أنَّ الأُمَّةَ لوِ اجتَمَعَتْ على أنْ يَنفَعوكَ بشيءٍ...» فإن العبد إذا علم أنَّ أمره كلَّه بيد الله تعالى، لا يستطيع أحدٌ من الخَلق أن ينفعه أو يضرَّه، فإنه يُحسِن القصدَ إليه، ويحفظ حدودَه وأحكامَه، ويُخلص العبادةَ والسؤالَ له وحدَه.
15- «رُفعت الأقلامُ وجَفَّت الصحفُ»: فإن الله تعالى قد كتب مقاديرَ العباد وما يُصيبهم من الخير والشرِّ، وما يقترفون من الأفعال، وما ينزل عليهم من المصائب والآفات؛
﴿ مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِّن قَبْلِ أَن نَّبْرَأَهَا ۚ إِنَّ ذَٰلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ﴾
16- إن الله تعالى قد كتب مقادير العباد قبل أن يخلُقَهم، ولن يقدر أحدٌ على أن يغيِّر شيئًا كتبه الله؛ فإذا كان الأمر كذلك، وجب صرفُ الدعاء والمسألة له، والاستعانة به وحدَه.
17- «احفظ الله يحفظك»: الجزاء من جنس العمل؛ فاحرصْ على العمل الصالح، واجتنبْ ما يضرُّكَ.
18- المعيَّةُ الخاصةُ من النُّصرة والتأييد والحفظ إنما تكون للمؤمنين فحسبُ؛ فحافِظْ على إيمانكَ تَنَلْ معيةَ الله.
19- صلاح الدنيا والآخرة للمَرْء على قَدْر حفظه لحدود الله؛ فكن مطيعًا لأوامره، واقفًا عند حدوده.
20- مِن إحسان الله سبحانه أنه ييسِّر العبادةَ للشخص، ثم يُعينه عليها، ثم يُجازيه، والشخص لا حولَ له ولا قوةَ إلا بإعانة الموْلى سبحانه، فله الفضلُ أوَّلًا وآخرًا.
21- على المرء أن يكون معلِّقًا رجاءَه بالله تعالى، وألَّا يلتفت إلى المخلوقين؛ فإن المخلوقين لا يملكون له ضرًّا ولا نفعًا؛ بل هم مجرَّد أسباب فيما يستطيعون القيام به.
22- إن نفع الخلق الذي يأتي للإنسان، هو من الله في الحقيقة؛ لأنه هو الذي كَتَبه له، وهذا حثٌّ للاعتماد على الله، والعلم أن الأمة لا يجلبون خيرًا إلا بإذن الله تعالى.
23- إن نالك ضرر من أحد، فاعلم أن الله قد كتبه عليك، فارضَ بقضاء الله وبقدره، ولا حرج أن تحاول أن تدفع الضرَّ عنك.
24- «رُفعَت الأَقْلامُ، وَجَفَّت الصُّحُفُ»: فما كتبه الله تعالى قد انتهى؛ فالأقلام رُفِعت، والصُّحف جفَّت، ولا تبديل لكلمات الله[8]
25- لا تَسْأَلَنَّ بُنَيَّ آدَمَ حاجَةً = وَسَلِ الَّذِي أَبْوَابُهُ لا تُحْجَبُ
فَاجْعَلْ سُؤَالَكَ لِلْإلَهِ فَإِنَّمَـا = في فَضْلِ نِعْمَةِ رَبِّنَـا تَتَقَلَّبُ
لا تقصِدِ المخلوقَ ربُّك أقربُ = من يقصد المخلوق حقًّا يَتْعَبُ
لا تسألَنَّ بُنَيَّ آدمَ حاجةً =وسَلِ الذي أبوابُه لا تُحْجَبُ
اللهُ يَغضَبُ إن ترَكْتَ سؤالَه = وبُنَيُّ آدمَ حين يُسألُ يَغْضَبُ
- "نور الاقتباس في وصيَّة النبيِّ لابن عبَّاس" لابن رجب (ص 54).
- "جامع العلوم والحكم" لابن رجب (1/ 467).
- "جامع العلوم والحكم" لابن رجب (1/ 467).
- انظر: "نور الاقتباس في وصيَّة النبيِّ لابن عبَّاس" لابن رجب (ص: 66).
- "جامع العلوم والحكم" لابن رجب (1/ 481).
- "جامع العلوم والحكم" لابن رجب (1/ 481).
- انظر: "جامع العلوم والحكم" لابن رجب (1/ 482).(8) "شرح الأربعين النووية" للعثيمين (ص 201، 202).
- "شرح الأربعين النووية" للعثيمين (ص 201، 202).