غريب الحديث
القَائِم على حُدُودِ اللهِ: الحافظ لحدود الله، الآمر بالمعروف، والناهي عن المنكَر[1].
اسْتَهَموا: اقْتَرَعوا ليأخذ كلُّ واحد منهم سَهمًا؛ أي: نصيبًا[2].
أخَذوا على أَيْديهم: مَنَعُوهم[3].
المراجع
- انظر: "عمدة القاري شرح صحيح البخاري" لبدر الدين العَينيِّ (13/ 56).
- انظر: "فتح الباري شرح صحيح البخاري" لابن حجرٍ العسْقلانيِّ (5/ 295).
- انظر: "فتح الباري شرح صحيح البخاري" لابن حجرٍ العسْقلانيِّ (5/ 295).
المعنى الإجماليُّ للحديث
يروي النُّعْمَانُ بْنُ بَشِيرٍ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ أنه قَالَ: «مَثَلُ القَائِمِ عَلَى حُدُودِ اللَّهِ»؛ أي: مَثَلُ الإنسان الـمستقيم الحافظ لحدود الله، الآمِرِ بالـمعروف، والناهي عن المنكر. «وَالوَاقِعِ فِيهَا»؛ أي: ومَثَلُ الواقعِ في حدود الله، العاصي الذي يتْرُك الـمعروف، ويأتي أبواب الـمنكَر. «كَمَثَلِ قَوْمٍ اسْتَهَمُوا عَلَى سَفِينَة»؛ أي: كمَثَل قوم اقْتَرَعوا ليأخذ كلُّ واحد منهم نصيبًا في سفينة. «فَأَصَابَ بَعْضُهُمْ أَعْلاهَا، وَبَعْضُهُمْ أَسْفَلَهَا»؛ أي: فخرجت القُرعة بأن نصيب بعضهم أعلى السفينة، ونصيب بعضهم أسفلَها. «فَكَانَ الَّذِينَ في أَسْفَلِهَا إِذَا اسْتَقَوْا مِنَ المَاءِ مَرُّوا عَلَى مَنْ فَوْقَهُمْ»؛ أي: فكان الذين في الأسفل يمرُّون على من في أعلى السفينة. «فَقَالُوا: لَو أَنَّا خَرَقْنَا في نَصِيبِنَا خَرْقًا وَلَمْ نُؤْذِ مَنْ فَوْقَنَا»؛ أي: فقالوا: فلنَخرِقْ في نصيبنا خرقًا في السفينة، فنستقي من الماء دون الحاجة إلى الصعود لأعلى السفينة وإيذاء مَن فَوقنا. «فَإِنْ يَتْرُكُوهُمْ وَمَا أَرَادُوا هَلَكُوا جَمِيعًا، وَإِنْ أَخَذُوا عَلى أَيْدِيهِمْ نَجَوْا، وَنَجَوْا جَمِيعًا»؛ أي: فلو تركهم مَن في الأعلى يَخرِقون السفينة ولم يُنكروا عليهم ويمنعوهم، فستَغرَق السفينة، ويَهلِكون جميعًا، وإن أنكروا عليهم ومنعوهم، فسينجَوْنَ جميعًا.
الشرح المفصَّل للحديث
الأمرُ بالمعروف، والنهيُ عن المنكر من أجلِّ العبادات؛ فبه يقوم أمرُ المسلمين، وينصلح حالُهم، وبدونه تَنهدم عُرى الإسلام، ويتلاشى الإيمانُ من قلوب المسلمين وأفعالهم، ومن ثَمَّ ينزل الهلاكُ بالجميع. وفي هذا الحديث يَضرِب النبيُّ ﷺ مثالًا رائعًا لبيان أهمِّية الأمر بالمعروف، والنَّهي عن المنكر في نَجاة المجتمع بأسْره؛ فيُمثِّل ﷺ القائم على حدود الله، الـمستقيم على أمره تعالى ونَهْيه، الآمر بالـمعروف، والناهي عن المنكر، والواقع في حدود الله الذي يرتكب الذُّنوب والكبائر، ويتْرُك الـمعروف، ويأتي أبواب الـمنكَر[1]؛ يمثِّلُهم ﷺ بجماعة من الناس ركِبوا سفينةً فاتَّخذ كلُّ واحدٍ منهم نصيبًا من السَّفينة بالـقُرْعة؛ فنزَل بعضُهم في أعلى السفينة، وبعضُهم في أسفلها، وهذا تشبيهٌ بليغٌ من النبيِّ ﷺ؛ فإنَّما مَثَلُ المجتمع بجميع طوائفه؛ الـمؤمنين والـكافرين، الطائعين والـمُذنِبين، الصالحين والفاسِقين؛ كمَثلِ هؤلاء الذين يركَبون في سفينةٍ واحدة، بعضُهم في أعلاها، والـبعضُ الآخرُ في أسفلها.
يقول ﷺ: «فكان الذين في أسفلها إذا استَقَوْا من الماء مرُّوا على مَن فوقهم»؛ أي: إذا أرادت هذه الطائفةُ التي نزَلت أسفل السَّفينة الـماءَ للشُّرب، أو الاغتسال، أو قضاء الحاجة، أو غير ذلك من أمور المعيشة، مرُّوا على مَن فوقهم مِن سُكَّان السفينة بالصُّعود إليهم، فرأَوْا في ذلك مَشقَّةً على أنفُسهم، وضررًا وأذًى يَلـحَق مَن فوقَهم.
«فقالوا: لو أنَّا خرَقْنا في نصيبِنا خرقًا، ولم نُؤذِ مَن فوقَنا» كلمة «نُؤذِ» من الأذى، وهو الضَّرر، وقد همُّوا بخرْق السفينة؛ لاعتقادهم بالفِكر القاصر - الذي لا يُراعي الـمصالح العامَّة؛ بل ينصبُّ اهتمامه على الأمر الذي ظاهره مصلحةٌ خاصَّةٌ، وهو ليس كذلك - أنَّهم بذلك يَسْتَريحون من عَناء الصُّعود إلى أعلى، وفي نفْس الـوقت لا يشقُّون على إخوانهم الذين في أعلى السَّفينة. وفي روايةٍ أُخرى: «فأخَذ فأسًا فجعَل يَنقُر أسفلَ السفينة»[2].
قال ﷺ: «فإنْ يَترُكوهم وما أرادوا هَلَكوا جميعًا»؛ أي: فإنْ يترُكِ الذين سكنوا في أعْلى السفينة الذين سكنوا تحْتَهم يَفعلون ما يشاؤون من الخَرْقِ، هلَكوا جميعًا[3]؛ مَن كان بالأعْلى، ومَن كان بالأسفل؛ لأن خَرْق السَّفينة يُغرِقها، ويُهلِك أهلها جميعًا.
قال ﷺ: «وإنْ أخَذوا على أيديهم نَجَوْا، ونَجَوْا جميعًا»؛ أي: وإنْ منَعوهم مِن الخَرْق نجَوْا جميعًا؛ أي: جميع مَن في السَّفينة، ولو لم يذكرْ قوله: «ونجَوْا جميعًا» لكانت النَّجاة اختصَّت بالآخِذِين فقط، وليس كذلك؛ بل كلُّهُم نجَوْا لعدمِ الخَرْق[4].
وهكذا إذا أُقيمت الحدودُ، وأُمر بالـمعروف ونُهِي عن المنكَر؛ تحصل النَّجاةُ للـكلِّ، وإلَّا هلَك العاصي بالـمعصية، وغيرُه بتَرْك نهْيِه عن المعصية، وعدمِ أمْره بالمعروف[5].
المراجع
- انظر: "عمدة القاري شرح صحيح البخاري" لبدر الدين العَينيِّ (13/ 56).
- رواه البخاريُّ (2686).
- انظر: "عمدة القاري شرح صحيح البخاري" لبدْر الدين العَينيِّ (13/ 57).
- انظر: "عمدة القاري شرح صحيح البخاري" لبدر الدين العَينيِّ (13/ 57).
- انظر: "فتح الباري شرح صحيح البخاري" لابن حجر العسْقلاني (5/ 296).
النقول
قال ابن حجر رحمه الله: "قَوْلُهُ: «اسْتَهَمُوا سَفِينَةً»؛ أي: اقترعوها، فأخذ كلُّ واحد منهم سهمًا؛ أي: نصيبًا من السّفينة بالقُرعة بأن تكون مشتركةً بينهم، إمّا بالإجازة وإمّا بالْمِلك، وإنّما تقع القرعة بعد التّعديل، ثمّ يقع التَّشاحُّ في الأنصبة فتقع القرعة لفصل النزاع. قال ابن التّين: وإنّما يقع ذلك في السّفينة ونحوها فيما إذا نزلوها معًا، أمّا لو سَبَق بعضهم بعضًا فالسّابق أحقُّ بموضعه. قلت: وهذا فيما إذا كانت مسبَّلةً مثلًا، أمّا لو كانت مملوكةً لهم مثلًا، فالقُرعة مشروعة إذا تنازعوا واللّه أعلم"[1].
قال ابن بطَّال رحمه الله: "القُرعة سنَّة لكلِّ من أراد العدل في القسمة بين الشركاء، والفقهاءُ متَّفِقون على القول بها، وخالفهم بعض الكوفيين، وردَّت الأحاديث الواردة فيها، وزعموا أنه لا معنى لها، وأنها تُشبه الأزلام التي نهى الله عنها، وحكى ابن المنذر عن أبى حنيفة أنه جوَّزها، وقال: القُرعة في القياس لا تستقيم؛ ولكنا تركنا القياس في ذلك وأخذنا بالآثار والسنَّة. وقال إسماعيل بن إسحاق: وليس في القُرعة إبطال شيء من الحقِّ كما زعم الكوفيون، وإذا وجبت القسمة بين الشركاء في أرض أو دار، فعليهم أن يَعدِلوا ذلك بالقيمة، ثم يَستهِموا ويصير لكلِّ واحد منهم ما وقع له بالقُرعة مجتمعًا مما كان له في الملك مشاعًا، فيصير في موضع بعينه، ويكون له ذلك بالعوض الذي صار لشريكه؛ لأن مقادير ذلك قد عدل بالقيمة. وإنما مَنعَت القُرعة أن يختار كلُّ واحد منهم موضعًا بعينه، وهذا إنما يكون فيما يتشابه من الدُّور والأرض والعروض، وما تستوي رغبة الناس في كل موضع مما يُقترَع عليه. وفى قوله عَلَيْهِ السَّلام: «كمثل قوم استهموا على سفينة» جواز القرعة؛ لإقرار النبيِّ ﷺ لها، وأنه لم يذمَّ المستهِمين في السفينة، ولا أبطل فعلهم؛ بل رَضِيه وضَرَبه مثلاً لمن نجَّى نفسه من الهلكة في دينه، وقد ذكر البخاريُّ أحاديثَ كثيرةً في القُرعة في آخر كتاب الشهادات، وتَرجَم له باب القرعة في المشكلات"[2].
قال ابن حجر رحمه الله: "قَوْلُهُ: «فَتَأَذَّوْا بِهِ»؛ أي: بالمارِّ عليهم بالماء حالة السَّقي. قوله: «فأخذ فأسًا» بهمزة ساكنة معروف ويؤنَّث. قوله «يَنقُر»؛ أي: يَحفِر ليَخرِقها. قوله: «فإن أخذوا على يديه»؛ أي: منعوه من الحفر. «أنجوه ونجَّوا أنفسهم» هو تفسير للرّواية الماضية في الشَّرِكة حيث قال: «نجوا ونجوا»؛ أي: كلٌّ من الآخِذين والمأخوذين، وهكذا إقامة الحدود يحصل بها النّجاة لمن أقامها وأُقيمت عليه، وإلّا هلك العاصي بالمعصية، والسّاكت بالرّضا بها. قال المهلَّب وغيره: في هذا الحديث تعذيب العامَّة بذنب الخاصّة، وفيه نظر؛ لأنّ التّعذيب المذكور إذا وقع في الدّنيا على من لا يستحقُّه، فإنّه يكفِّر من ذنوب من وقع به، أو يرفع من درجته، وفيه استحقاق العقوبة بترك الأمر بالمعروف، وتبيين العالم الحُكم بضرب الْمَثَل، ووجوب الصّبر على أذى الجار إذا خَشِي وقوع ما هو أشدُّ ضررًا، وأنّه ليس لصاحب السُّفل أن يُحدِث على صاحب العُلو ما يَضُرُّ به، وأنّه إن أحدث عليه ضررًا لزمه إصلاحه، وأنّ لصاحب العلو منعَه من الضّرر، وفيه جواز قسمة العقار المتفاوت بالقُرعة، وإن كان فيه عُلْوٌ وسُفل"[3].
قال بدر الدين العينيُّ رحمه الله: "قَوْله: «مثل الْقَائِم على حُدُود الله تَعَالَى»؛ أَي: الْمُسْتَقيم على مَا منع الله تَعَالَى من مجاوزتها، وَيُقَال: الْقَائِم بِأَمْر الله مَعْنَاهُ: الْآمِر بِالْمَعْرُوفِ والناهي عَن الْمُنكر. وَقَالَ الزّجَّاج: أصل الْحَدِّ فِي اللُّغَة الْمَنْع، وَمِنْه حدُّ الدَّار، وَهُوَ مَا يمْنَع غَيرهَا من الدُّخُول فِيهَا، والحدَّاد الْحَاجِب والبوَّاب، وَلَفظ التِّرْمِذِيِّ: «مثل الْقَائِم على حُدُود الله تَعَالَى والمدَّهن فِيهَا»؛ أَي: الغاشِّ فِيهَا، ذكره ابْن فَارس، وَقيل: هُوَ كالمصانعة، وَمِنْه قَوْله تَعَالَى: {وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ} [القلم: 9]. وَقيل: المدَّهِن المتليِّن لمن لَا يَنْبَغِي التليُّن لَهُ. قَوْله: «وَالْوَاقِع فِيهَا»؛ أَي: فِي الْحُدُود؛ أَي: التارك للمعروف المرتكِب للْمُنكر. قَوْله: «استهموا»؛ أَي: اتَّخَذ كلُّ وَاحِد مِنْهُم سَهْمًا؛ أَي: نَصِيبًا من السَّفِينَة بِالْقُرْعَةِ. قَوْله: «على من فَوْقهم»؛ أَي: على الَّذين فَوْقَهم. قَوْله: «وَلم نؤذِ»، من الْأَذَى، وَهُوَ الضَّرَر. قَوْله: «من فَوْقنَا»؛ أَي: الَّذين سكنوا فَوْقنَا. قَوْله: «فَإِن يتركوهم وَمَا أَرَادوا»؛ أَي: فَإِن يتْرك الَّذين سكنوا فَوْقهم إِرَادَة الَّذين سكنوا تَحْتهم من الْخرق، وَالْوَاو بِمَعْنى: مَعَ، وَكلمَة (مَا) مَصْدَرِيَّة. قَوْله: «هَلَكُوا»: جَوَاب الشَّرْط وَهُوَ قَوْله: فَإِن... قَوْله: «هَلَكُوا جَمِيعًا»؛ أَي: كلُّهم الَّذين سكنوا فَوقُ، وَالَّذين سكنوا أَسْفَلُ؛ لِأَن بخرق السَّفِينَة تغرق السَّفِينَة وَيهْلك أَهلهَا. قَوْله: «وَإِن أخذُوا على أَيْديهم»؛ أَي: وَإِن منعوهم من الْخرق نَجَوْا؛ أَي: الآخذون. «ونجوا جَمِيعًا» يَعْنِي: جَمِيع من فِي السَّفِينَة، وَلَو لم يذكر قَوْله: «ونجوا جَمِيعًا»، لكَانَتْ النجَاة اخْتُصَّت بالآخذين فَقَط، وَلَيْسَ كَذَلِك؛ بل كلُّهم نَجَوْا لعدم الْخرق، وَهَكَذَا إِذا أُقِيمَت الْحُدُود، وَأُمِر بِالْمَعْرُوفِ، وَنُهي عَن الْمُنكر، تحصل النجَاة للْكُلِّ، وإلاَّ هلك العَاصِي بالمعصية، وَغَيرهم بترك الْإِقَامَة. وَيُسْتَفَاد مِنْهُ أَحْكَام، فِيهِ: جَوَاز الضَّرْب بِالْمَثَلِ وَجَوَاز الْقُرعَة، فَإِنَّهُ ﷺ ضرب الْمَثَل هُنَا بالقوم الَّذين ركبُوا السَّفِينَة، وَلم يذمَّ المستهِمين فِي السفينة، وَلَا أبطل فعلهم؛ بل رَضِيه وضرب بِهِ مثلاً لمن نجا من الهَلَكة فِي دينه. وَفِيه: تَعْذِيب الْعَامَّة بذنوب الْخَاصَّة، وَاسْتِحْقَاق الْعقُوبَة بترك النَّهْي عَن الْمُنكر مَعَ الْقُدْرَة. وَفِيه: أَنه يجب على الْجَار أَن يصبر على شَيْء من أَذَى جَاره خوفَ مَا هُوَ أَشدُّ. وَفِيه: إِثْبَات الْقُرعَة فِي سُكْنى السفينة إِذا تشاحُّوا، وَذَلِكَ فِيمَا إِذا نزلُوا مَعًا. فَأَما من سبق مِنْهُم فَهُوَ أَحَقُّ. وَذكر ابْن بطَّال هُنَا مَسْأَلَة الدَّار الَّتِي لَهَا عُلْوٌ وسُفْل لمناسبة بَينهَا وَبَين أهل السَّفِينَة، فَقَالَ: وَأما حكم الْعُلْوِ والسُّفْلِ يكون بَين رجلَيْنِ، فيعتلُّ السُّفل وَيُرِيد صَاحبه هَدمه، فَلَيْسَ لَهُ هَدمه إلاَّ من ضَرُورَة، وَلَيْسَ لربِّ الْعُلْوِ أَن يَبْنِيَ على سُفْلِه شَيْئًا لم يكن قبلُ إلاَّ الشَّيْء الْخَفِيف الَّذِي لَا يضرُّ صَاحبَ السُّفل، فَلَو انْكَسَرت خَشَبَة من سُفل الْعُلْوِ، فَلَا يدْخل مَكَانهَا أَسْفَل مِنْهَا. قَالَ أَشهب: وَبَاب الدَّار على صَاحب السُّفل، فَلَو انْهَدم السُّفل أُجبِر صَاحبه على بنائِهِ، وَلَيْسَ على صَاحب الْعُلْوِ أَن يَبْنِيَ السُّفل، فَإِن أَبى صَاحب السّفل أَن يَبْنِيَ، قيل لَهُ: بِعْ مِمَّن يَبْنِي. انْتهى. قلت: الَّذِي ذكره أَصْحَابنَا أَنه لَيْسَ لصَاحب الْعُلْوِ إِذا انْهَدم السُّفل أَن يَأْخُذ صَاحب السُّفل بِالْبِنَاءِ؛ لَكِن يُقَال لصَاحب الْعُلو: ابْنِ السُّفل إِن شِئْتَ حَتَّى يبلغ مَوْضِعُه عُلْوَكَ، ثمَّ ابْنِ عُلْوَك، وَلَيْسَ لصَاحب السُّفل أَن يسكن حَتَّى يُعْطيَ قيمَة بِنَاء السُّفل، وَذُو الْعُلُوِّ يسكن عُلْوَه، والسُّفل كَالرَّهْنِ فِي يَده، وسقف السّفل بِكُل آلاته لصَاحب السّفل وَلِصَاحِب الْعُلو سُكناهُ، وَصَاحب الْعُلْوِ إِذا بنى السُّفل، فَلهُ أَن يرجع بِمَا أنْفق على صَاحب السُّفل، وَإِن كَانَ صَاحب السُّفل يَقُول: لَا حَاجَة لي إِلَى السُّفل"[4].
المراجع
- "فتح الباري" لابن حجر (5/ 295).
- "شرح صحيح البخاري" لابن بطَّال (7/ 12، 13).
- "فتح الباري" لابن حجر (5/ 295، 296).
- انظر: "عمدة القاري شرح صحيح البخاري" لبدْر الدين العَينيِّ (13/ 57).