عن أبي هريرة قال: قال رسول الله ﷺ: قال اللهُ - عزَّ وجلَّ -: «الكِبْرياءُ رِدائي، والعَظَمةُ إزاري، فمَن نازَعَني واحدًا منهما، قَذَفْتُه في النارِ».


هدايات الحديث

1. مَن كانت معصيتُه في الشهوة فارجُ له التوبة، فإنَّ آدمَ - عليه السلام - عصى مُشْتَهيًا فغُفر له، فإذا كانت معصيتُه في كِبْر، فاخْشَ على صاحبه اللعنةَ؛ فإن إبليسَ عصى مُستكبرًا فلُعِن[1].

2. قد يعاجلُ اللهُ صاحبَ الكبر والعُجب في الدنيا قبل الآخرة، كما حدثَ مع قارون حين خُسف به الأرض.

3. عن أبي هريرة، عن النبي ﷺ قال:

«بينما رجُل يتبختَرُ، يمشي في بُردَيْه قد أعجبته نفْسُه، فخسفَ اللهُ به الأرض، فهو يَتجَلْجَلُ فيها إلى يوم القيامة»[2]. 

4. لما كان المتكبِّرُ يرى نفْسه كبيرًا، فإن الله يُعاقبه بنَقيض قصده من الذُّلِّ والصَّغار والحَقارة؛ يقول ﷺ:

«يُحشَر المتكبِّرون يوم القيامة أمثال الذَّرِّ في صور الرجال يَغشاهم الذلُّ من كل مكان»[3].

5. لا يجوز للمؤمن أن يُنازع ربَّه في الكبرياء والعظمة، بل ينبغي له أن يُخَلِّقَ نفسَه بالتواضع، ويُجاهدها بالتواضع، وطيب الكلام، واستصغار النفس، وعدم التَّشبُّه بالجبَّارين.

6. كم جاهلٍ متواضعٍ = سَتَرَ التواضُعُ جَهْلَهُ

ومميَّزٍ في عِلْمِه = هَدَم التَّكَبُّرُ فَضْلَهُ

فَدَعِ التكبُّرَ ما حَيِيـ = ـتَ ولا تُصاحِبْ أهلَهُ

فالْكِبْرُ عَيْبٌ للفتى = أَبَدًا يُقبِّحُ فِعْلَهُ

7. وَإِنِّي رَأَيْتُ الضُّرَّ أحسنَ مَنْظَرًا = وَأَهْوَنَ مِن مَرْأَى صَغِيرٍ به كِبْرُ

8. مَلْأى السَّنَابِلِ تَنْحَنِي بتواضُعٍ = والفارغاتُ رؤوسُهنَّ شَوامِخُ

9. جَمَعْتَ أمرينِ ضاعَ الحَزْمُ بَيْنَهما = تِيهَ الْمُلُوكِ وأَخْلاقَ الْمَمَاليكِ

10. ولا تَأْنَفا أَنْ تَسْأَلا وتُسَلِّما = فما حُشِيَ الإِنسانُ شَرًّا من الكِبْرِ

11. لا فَخْرَ إلَّا فَخْرُ أهلِ التُّقَى = غَدًا إذا ضَمَّهُمُ الْمَحْشَرُ

لَيَعْلَمَنَّ الناسُ أنَّ التُّقى = والبِرَّ كانا خيرَ ما يُدْخَرُ

عَجِبْتُ للإنسانِ في فَخْرِهِ = وَهْوَ غَدًا في قَبْرِهِ يُقْبَرُ

ما بَالُ مَن أَوَّلُه نُطْفةٌ = وجِيفةٌ آخِرُهُ يَفْجُرُ؟!

أَصْبَحَ لا يملِكُ تَقْدِيمَ ما = يَرْجُو ولا تأخِيرَ ما يَحْذَرُ

وأَصبَحَ الأمرُ إلى غَيرهِ = في كلِّ ما يُقضَى وما يُقدَرُ

12. يا صَاحِ إن الكِبْرَ خُلْقٌ سَيِّئٌ = هَيْهَاتَ يُوجَدُ في سوى الجُهَلاءِ

والعُجْبُ داءٌ لا يُنالُ دَوَاؤه = حتى يُنَالَ الخُلْدُ في الدُّنْيَاءِ

فَاخْفِضْ جَنَاحَكَ للأنامِ تَفُزْ بِهِمْ = إنَّ التواضُعَ شِيمَةُ الحُكَماءِ

لَوْ أُعْجِبَ القَمَرُ الْمُنِيرُ بنَفْسِهِ = لرأيتَهُ يَهْوِي إلى الغَبْرَاءِ

13. الْكِبْرُ تُبْغِضُهُ الْكِرَامُ وَكُلُّ مَنْ = يُبْدِي تواضَعَهُ يُحَبُّ ويُحْمَدُ

خَيْرُ الدَّقِيقِ مِنَ الْمَنَاخِلِ نازِلٌ = وأَخَسُّهُ وَهِيَ النُّخَالَةُ تَصْعَدُ

المراجع

  1. "تهذيب الكمال في أسماء الرجال" للمزِّيِّ (11/ 191).
  2. رواه البخاريُّ (5789)، ومسلم (2088) واللفظ له.
  3. رواه الترمذيُّ (2492) وقال: هذا حديث حسن. وقال الألبانيُّ في "صحيح سنن الترمذيِّ" (2492): حسن.


مشاريع الأحاديث الكلية