عن أبي هُرَيرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله ﷺ: «تُنْكَحُ الْمَرْأَةُ لأَرْبَعٍ: لِمَالِهَا، وَلِحَسَبِهَا، وَجَمَالِهَا، وَلِدِينِهَا، فَاظْفَرْ بِذَاتِ الدِّينِ تَرِبَتْ يَدَاكَ!»
عن أبي هُرَيرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله ﷺ: «تُنْكَحُ الْمَرْأَةُ لأَرْبَعٍ: لِمَالِهَا، وَلِحَسَبِهَا، وَجَمَالِهَا، وَلِدِينِهَا، فَاظْفَرْ بِذَاتِ الدِّينِ تَرِبَتْ يَدَاكَ!»
في الحديث إشارة إلى أهمية الإعداد لتكوين أسرة صالحة؛ فالأسرة هي عماد المجتمع والأمة الإسلامية.
في الحديث بيان أهمية اختيار الزوجة الصالحة ذات الدين؛ فهي التي تُحسِن حضانة الزوج وإعفافه وإعانته على الطاعة والرزق الحلال، وتُحسِن تربية الأبناء، وتُحسن إقامة العلاقات السَّوِية مع أهل الزوج، وتساعد على صلة الرحم.
في الحديث بيان المبدأ الذي يختار على أساسه الرجلُ زوجته، وأنّ هذه الخصالَ الأربعَ هي الّتي يُرغَب في نكاح المرأة لأجلها، فهو خَبَر عمّا في الوجود من ذلك، لا أنّه أمرٌ بذلك؛ بل ظاهرُه إباحة النّكاح لقصد كلٍّ من ذلك؛ لكنَّ قصد الدِّين أَوْلى [1].
في الحديث الأمر باختيار ذات الدِّين، ذات الطاعات، والأعمال الصالحات، والعفَّة عن المحرَّمات.
في الحديث إشارة إلى أن المال والحسب والجمال دون دين يمكِن أن تتحوَّل في أيِّ وقت إلى نِقمة، تُفسِد الحياة الزوجية وتَهدِم الأسرة.
رُوِي عن النبيِّ ﷺ أنه قال:
«لَا تَزَوَّجُوا النِّسَاءَ لِحُسْنِهِنَّ؛ فَعَسَى حُسْنُهُنَّ أَنْ يُرْدِيَهُنَّ، وَلَا تَزَوَّجُوهُنَّ لِأَمْوَالِهِنَّ؛ فَعَسَى أَمْوَالُهُنَّ أَنْ تُطْغِيَهُنَّ؛ وَلَكِنْ تَزَوَّجُوهُنَّ عَلَى الدِّينِ، وَلَأَمَةٌ حَرْماءُ سَوْدَاءُ ذَاتُ دِينٍ أَفْضَلُ»
[2].
جاء رجلٌ إلى الحسن وقال له: إن لي بنتًا أحبُّها، وقد خَطَبها غير واحد، فمن تُشير عليَّ أن أزوِّجها؟ قال: زوِّجْها رجلًا يتَّقي الله؛ فإنه إن أحبَّها أَكرَمها، وإن أَبغَضها لم يَظلِهْما [3].
قال رسول الله ﷺ:
«الدُّنْيَا مَتَاعٌ، وَخَيْرُ مَتَاعِ الدُّنْيَا الْمَرْأَةُ الصَّالِحَةُ»
[4].
عَنْ ثَوْبَانَ قَال:
لَمَّا نَزَلَ فِي الْفِضَّةِ وَالذَّهَبِ مَا نَزَلَ، قَالُوا: فَأَيَّ الْمَالِ نَتَّخِذ؟ قَالَ عُمَرُ: فَأَنَا أَعْلَمُ لَكُمْ ذَلِكَ، فَأَوْضَعَ عَلَى بَعِيرِهِ، فَأَدْرَكَ النَّبِيَّ ﷺ وَأَنَا فِي أَثَرِهِ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَيَّ الْمَالِ نَتَّخِذُ؟ فَقَالَ: «لِيَتَّخِذْ أَحَدُكُمْ قَلْبًا شَاكِرًا، وَلِسَانًا ذَاكِرًا، وَزَوْجَةً مُؤْمِنَةً تُعِينُ أَحَدَكُمْ عَلَى أَمْرِ الْآخِرَةِ»
[5].
المرأة الصالحة يكون منها من المودَّة والرحمة ما امتنَّ الله تعالى بها في كتابه، فيكون ألم الفراق أشدَّ عليها من الموت أحيانًا، وأشدَّ من ذَهاب المال، وأشدَّ من فراق الأوطان، خصوصًا إن كان بأحدهما علاقةٌ من صاحبه، أو كان بينهما أطفالٌ يَضِيعون بالفِراق، ويَفسَد حالهم [6].
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قِيلَ لِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ:
أَيُّ النِّسَاءِ خَيْرٌ؟ قَالَ: «الَّتِي تَسُرُّهُ إِذَا نَظَرَ، وَتُطِيعُهُ إِذَا أَمَر، وَلَا تُخَالِفُهُ فِي نَفْسِهَا وَمَالِهَا بِمَا يَكْرَه»
[7].
عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِى وَقَّاصٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ:
«أَرْبَعٌ مِنَ اَلسعَادَةِ: الْمَرْأَةُ الصَّالِحَةُ، وَالْمَسْكَنُ الوَاسِعُ، وَالجَارُ الصَّالِحُ، وَالْمَرْكَبُ الهَنِيءُ، وَأَرْبَع مِنَ الشَّقَاوَةِ: الْجَارُ السُّوءُ، والمرأة السُّوءُ، وَالْمَسْكَنُ الضيقُ، وَالْمَرْكَبُ السُّوءُ»
[8].
قال ﷺ:
«إِذَا صَلَّتْ الْمَرْأَةُ خَمْسَهَا، وَصَامَتْ شَهْرَهَا، وَحَفِظَتْ فَرْجَهَا، وَأَطَاعَتْ زَوْجَهَا، قِيلَ لَهَا: ادْخُلِي الْجَنَّةَ مِنْ أَيِّ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ شِئْتِ»
[9].
1. "فتح الباري" لابن حجر (9/ 135، 136).
2. رواه ابن ماجه، (1864)، وضعَّفه الألبانيُّ في "ضعيف الترغيب والترهيب" (1209).
3. "الكاشف عن حقائق السنن" للطِّيبيِّ (7/ 2259).
4. رواه مسلم (1467).
5. رواه الترمذيُّ (3094) وحسَّنه، وفي آخره: (وَتُعِينُهُ عَلَى إِيمَانِهِ)، وابن ماجه (1856) واللفظ له، وصحَّحه الألبانيُّ في "صحيح الترمذيِّ".
6. "مجموع الفتاوى" (35 / 299).
7. رواه النسائيُّ (3131)، وصحَّحه الألبانيُّ في "صحيح النسائيِّ".
8. رواه ابنُ حبَّانَ في "صحيحه" (1232)، وصحَّحه الألبانيُّ في "السلسلة الصحيحة" (282)، و"صحيح الترغيب والترهيب" (1914).
9. رواه أحمد (1664) وغيره، وحسَّنه الألبانيُّ في "صحيح الترغيب والترهيب".
14. لا يُظَنُّ من هذا الحديث أنّ هذه الأربعَ تنحصر فيها الكفاءة؛ فإنَّ ذلك لم يقل به أحد، وإن كانوا اختلفوا في الكفاءة ما هي [1].
15. مما ذكره العلماء من الصفات التي يَحسُن مراعاتها في الزوجة: أن تكون المرأة عاقلةً قادرةً على التدبير والتسيير، وأن تكون قد بَلَغت؛ إلا لحاجة.
16. استحسن العلماء الابتعاد عن زواج القرابة في النَّسَب؛ لتوسيع دائرة التعارف والتقارب بين القبائل والأسر، ولضمان نجابة الأبناء وقوَّتهم وسلامتهم من النواقص والأمراض المتوارثة. وقد قال بعض الشّافعيّة: "يُستحبُّ أن لا تكون المرأة ذاتَ قَرابة قريبة، فإن كان مستنِدًا إلى الخبر، فلا أصل له، أو إلى التّجربة، وهو أنّ الغالب أنّ الولد بين القريبين يكون أحمقَ، فهو متَّجِه" [2].
17. يُكرَه نكاحُ بنت الزِّنا، وبنت الفاسق، واللقيطة التي لا يُعرف أبوها؛ لضمان سلامة الأبناء من مَعرَّة الأمِّ؛ لأن العِرْق دسَّاسٌ كما اشتَهرَ.
1. "فتح الباري" لابن حجر (9/ 135، 136).
2. "فتح الباري" لابن حجر (9/ 135).
18. قوله: «فاظفر بذات الدّين»، في حديث جابر: «فعليك بذات الدّين»، والمعنى: أنّ اللّائق بذي الدّين والمروءة أن يكون الدّين مَطْمَح نظره في كلِّ شيء، لا سيَّما فيما تَطُول صُحبته، فأمره النّبيُّ ﷺ بتحصيل صاحبة الدّين الّذي هو غاية البُغْية [1].
19. في هذا الحديث الحثُّ على مصاحبة أهل الدّين في كلِّ شيء؛ لأنّ صاحبهم يستفيد من أخلاقهم وبَرَكتهم وحُسن طرائقهم، ويأمن المفسدة من جهتهم [2].
1. "فتح الباري" لابن حجر (9/ 135).
2. "شرح النوويِّ على مسلم" (10/ 51، 52).
20. قوله: «فاظفر» جَزَاء شَرط مَحْذُوف؛ أَي: إِذا تحقَّق ما فصَّلتُ لك تفصيلًا بيِّنًا، فاظفر أيُّها المسترشِد بذات الدين؛ فإنها تَكسِبُك منافع الدارين.
21. اختلفوا في معنى «تربت يداك». فقيل: هو دعاء في الأصل، إلّا أن العرب تستعملها للإنكار والتعجُّب والتعظيم والحثِّ على الشّيء، وهذا هو المراد به ههنا، وفيه التّرغيب في صُحبة أهل الدّين في كلِّ شيء؛ لأن من صاحَبَهم يستفيد من أخلاقهم، ويأمن المفسدة من جهتهم، وقيل: هي كلمة جارية على ألسنتهم؛ كقولهم: لا أبَ لك، ولم يريدوا وقوع الأمر، وقيل: قصده بها وقوعه لتعدية ذوات الدّين إلى ذوات المال ونحوه؛ أي: تربت يداك إن لم تفعل ما قلتُ لك من الظّفر بذات الدّين، وقيل: معنى «تربت يداك»؛ أي: لَصِقت بالتّراب، وهو كناية عن الفقر [1].
22. اللامات المكرَّرة مُؤذِنة بأن كلًّا منهن مستقلَّة في الغَرَض [2].
23. الحَسَب في الأصل: الشّرف بالآباء وبالأقارب، مأخوذ من الحساب؛ لأنّهم كانوا إذا تفاخروا، عَدُّوا مناقبهم ومآثر آبائهم وقومهم وحَسَبوها، فيُحكَم لمن زاد عدده على غيره. وقيل: المراد بالحسب هنا: الفِعال الحسنة [3].
1. "عمدة القاري شرح صحيح البخاري" للعينيِّ (20/ 86).
2. "الكاشف عن حقائق السنن" للطِّيبيِّ (7/ 2259).
3. "فتح الباري" لابن حجر (9/ 135).