عن جَابِر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: سَمِعْتُ النَّبِيَّ ﷺ يَقُولُ: «بَيْنَ الرَّجُلِ وَبَيْنَ الشِّرْكِ وَالْكُفْرِ تَرْكُ الصَّلَاةِ»
عن جَابِر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: سَمِعْتُ النَّبِيَّ ﷺ يَقُولُ: «بَيْنَ الرَّجُلِ وَبَيْنَ الشِّرْكِ وَالْكُفْرِ تَرْكُ الصَّلَاةِ»
1- الصلاة هي أعظمُ عِبادةٍ بَدَنيَّة، وهيَ أَحَبُّ الأَعمالِ إلى الله تعالى؛
فَعَنْ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه قَالَ:
سَأَلْتُ النَّبِيَّ ﷺ: أَيُّ الْعَمَلِ أَحَبُّ إِلى اللَّهِ؟ قَالَ: «الصَّلاةُ عَلى وقْتِهَا»
[1]
2- لا يَقُومُ الدِّينُ إلَّا بأَدَاء الصلاة؛ فهي عَمُودُ الإسلام الذي يقوم عليه، والخَيْمةُ تَسقُطُ بسقوط عَمُودِها؛ فهكذا يَذهَب الإسلام بذَهَاب الصلاة؛
قال النبيُّ ﷺ:
«رَأْسُ الأَمْرِ الإِسْلاَمُ، وَعَمُودُهُ الصَّلاَةُ، وَذِرْوَةُ سَنَامِهِ الجِهَادُ»
[2]
3- الصَّلاةُ هِيَ الرُّكنُ الثاني من أركانِ الإسلامِ الخمسة التي بُنِيَ الإسلامُ عَلَيها؛
فعن عبد الله بن عمرَ قال:
قال رسول الله ﷺ: «بُنِيَ الْإِسْلَامُ عَلَى خَمْسٍ، شَهَادَةِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، وَإِقَامِ الصَّلَاةِ، وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ، وَحَجِّ الْبَيْتِ، وَصَوْمِ رَمَضَانَ»
[3]
4 -أَمَرَنا اللهُ تعالى بالمحافَظَة على الصلاة؛
فقال:
﴿حَٰفِظُواْ عَلَى ٱلصَّلَوَٰتِ وَٱلصَّلَوٰةِ ٱلۡوُسۡطَىٰ وَقُومُواْ لِلَّهِ قَٰنِتِينَ﴾
[البقرة: 238]
وبإقامتها؛
قال تعالى:
( أَقِيمُواْ ٱلصَّلَوٰةَ )
[الأنعام: 72]،
ومَعْنى إقامِ الصَّلاةِ: هو أداءُ الصَّلوات الخَمْسِ المفروضة في اليومِ واللَّيلة، في الأوقات الْمُحَدَّدة لها، وبالصِّفة الصَّحيحة التي بَيَّنَها نبيُّنا الكَريمُ ﷺ؛ تقرُّبًا إلى الله تعالى.
5- إضاعة الصلاة تَسْتَوْجِبُ عذاب الجحيم؛
قال تعالى:
{ﱠكُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ (38) إِلَّا أَصْحَابَ الْيَمِينِ (39) فِي جَنَّاتٍ يَتَسَاءَلُونَ (40) عَنِ الْمُجْرِمِينَ (41) مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ (42) قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ}
[الْمُدَّثِّر: 38 - 43].
6- وَصفَ النبيُّ ﷺ الصلاة بالنور في قَولهِ: «وَالصَّلَاةُ نُورٌ»[4]
7- في الحديث بيان أن الّذي يَمنَع من كُفر المسلم كونُه لم يَترُك الصّلاة، فإذا تركها، لم يَبقَ بينه وبين الشّرك حائلٌ؛ بل دخل فيه[5]
8- عن بُرَيْدَةَ رضي اللَّه عنه، قَالَ:
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ:
«الْعَهْدُ الَّذِي بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ الصَّلَاةُ، فَمَنْ تَرَكَهَا فَقَدْ كَفَرَ»
[6]
9- قال ابنُ مسعود: ترَكْهُا كفر، وقال عبد اللّه بن شقيق: كان أصحاب محمَّدٍ - عليه الصّلاة والسّلام - لا يَرَون شيئًا من الأعمال تَرْكُه كفرٌ غيرَ الصّلاة[7]
10- الصلاة أوَّلُ ما يُحاسَبُ عليه الإنسانُ يومَ القيامة؛ فقد قال ﷺ:
«أَوَّلُ مَا يُحَاسَبُ بِهِ الْعَبْدُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ الصَّلَاةُ، فَإِنْ صَلَحَتْ صَلَحَ لَهُ سَائِرُ عَمَلِهِ، وَإِنْ فَسَدَتْ فَسَدَ سَائِرُ عَمَلِهِ»
[8]
11- عن عبد الله بن عمرِو بنِ العاص،
عن النبيِّ ﷺ:
أنه ذَكَرَ الصَّلاَةَ يَوْمًا فَقَالَ: «مَنْ حَافَظَ عَلَيْهَا، كَانَتْ لَهُ نُورًا، وَبُرْهَانًا، وَنَجَاةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَمَنْ لَمْ يُحَافِظْ عَلَيْهَا، لَمْ يَكُنْ لَهُ نُورٌ، وَلاَ بُرْهَانٌ، وَلاَ نَجَاةٌ، وَكَانَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَعَ قَارُونَ، وَفِرْعَوْنَ، وَهَامَانَ، وَأُبَيِّ بْنِ خَلَفٍ»
[9]
12- من فضائل الصلاة ما رواه عُبَادَةُ بْنُ الصَّامِتِ قَالَ:
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ:
«خَمْسُ صَلَوَاتٍ افْتَرَضَهُنَّ اللَّهُ تَعَالَى، مَنْ أَحْسَنَ وُضُوءَهُنَّ وَصَلَّاهُنَّ لوقتهن وَأتمَّ ركوعَهنَّ وخُشُوعَهنَّ، كَانَ لَهُ عَلَى اللَّهِ عَهْدٌ أَنْ يَغْفِرَ لَهُ، وَمَنْ لَمْ يَفْعَلْ، فَلَيْسَ لَهُ عَلَى اللَّهِ عَهْدٌ، إِنْ شَاءَ غَفَرَ لَهُ، وَإِنْ شَاءَ عَذَّبَهُ»
[10]
13- من فضائل الصلاة أنها تكفِّر الخطايا دومًا وتطهِّر المؤمن؛
فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي اللَّه عنه قَالَ:
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «الصلواتُ الخمسُ، والجُمُعةُ إلى الجُمُعة، ورمضانُ إلى رمضانَ، مُكفِّراتٌ ما بينهنَّ إذا اجتَنَب الكبائر»
[11]
14-
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه
أَنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ قَالَ: «أَلَا أَدُلُّكُمْ عَلَى مَا يَمْحُو اللهُ بِهِ الْخَطَايَا، وَيَرْفَعُ بِهِ الدَّرَجَاتِ؟» قَالُوا: بَلَى يَا رَسُولَ اللهِ، قَالَ: «إِسْبَاغُ الْوُضُوءِ عَلَى المكَارِهِ، وَكَثْرَةُ الْخُطَا إِلَى المسَاجِدِ، وَانْتِظَارُ الصَّلَاةِ بَعْدَ الصَّلَاةِ، فَذَلِكُمُ الرِّبَاطُ»
[12]
15-
عَنْ أَبِي أُمَامَةَ رضي الله عنه،
أَنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺقَالَ: «مَنْ خَرَجَ مِنْ بَيْتِهِ مُتَطَهِّرًا إِلَى صَلَاةٍ مَكْتُوبَةٍ، فَأَجْرُهُ كَأَجْرِ الْحَاجِّ المحْرِمِ، وَمَنْ خَرَجَ إِلَى تَسْبِيحِ الضُّحَى لَا يَنْصِبُهُ إِلَّا إِيَّاهُ، فَأَجْرُهُ كَأَجْرِ المعْتَمِرِ، وَصَلَاةٌ عَلَى أَثَرِ صَلَاةٍ لَا لَغْوَ بَيْنَهُمَا كِتَابٌ فِي عِلِّيِّين»
[13]
16-
عن أبي هريرة رضي الله عنه قَالَ:
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «أَرَأَيْتُمْ لَوْ أَنَّ نَهْرًا بِبَابِ أَحَدِكُمْ يَغْتَسِلُ مِنْهُ كُلَّ يَوْمٍ خَمْسَ مَرَّاتٍ، هَلْ يَبْقَى مِنْ دَرَنِهِ شَيْءٌ؟» قَالُوا: لَا يَبْقَى مِنْ دَرَنِهِ شَيْءٌ، قَالَ: «فَذَلِكَ مَثَلُ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ، يَمْحُو اللهُ بِهِنَّ الْخَطَايَا»
[14]
17-
عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه،
قَالَ: "مَنْ سَرَّهُ أَنْ يَلْقَى اللهَ غَدًا مُسْلِمًا، فَلْيُحَافِظْ عَلَى هَؤُلَاءِ الصَّلَوَاتِ حَيْثُ يُنَادَى بِهِنَّ؛ فَإِنَّ اللهَ شَرَعَ لِنَبِيِّكُمْ r سُنَنَ الْهُدَى، وَإِنَّهُنَّ مِنْ سُنَنِ الْهُدَى، وَلَوْ أَنَّكُمْ صَلَّيْتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ كَمَا يُصَلِّي هَذَا الْمُتَخَلِّفُ فِي بَيْتِهِ، لَتَرَكْتُمْ سُنَّةَ نَبِيِّكُمْ، وَلَوْ تَرَكْتُمْ سُنَّةَ نَبِيِّكُمْ لَضَلَلْتُمْ، وَمَا مِنْ رَجُلٍ يَتَطَهَّرُ فَيُحْسِنُ الطُّهُورَ، ثُمَّ يَعْمِدُ إِلَى مَسْجِدٍ مِنْ هَذِهِ الْمَسَاجِدِ، إِلَّا كَتَبَ اللهُ لَهُ بِكُلِّ خَطْوَةٍ يَخْطُوهَا حَسَنَةً، وَيَرْفَعُهُ بِهَا دَرَجَةً، وَيَحُطُّ عَنْهُ بِهَا سَيِّئَةً، وَلَقَدْ رَأَيْتُنَا وَمَا يَتَخَلَّفُ عَنْهَا إِلَّا مُنَافِقٌ مَعْلُومُ النِّفَاقِ، وَلَقَدْ كَانَ الرَّجُلُ يُؤْتَى بِهِ يُهَادَى بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ حَتَّى يُقَامَ فِي الصَّفِّ"
[15]
18-قال ﷺ:
«قال اللهُ تعالى: قَسَمْتُ الصلاةَ بَيْني وبينَ عَبْدي نِصفَيْنِ، ولعَبْدي ما سألَ، فإذا قال العبدُ: ﴿ٱلۡحَمۡدُ لِلَّهِ رَبِّ ٱلۡعَٰلَمِينَ﴾، قال الله تعالى: حَمِدني عبدي، وإذا قال: (ٱلرَّحۡمَٰنِ ٱلرَّحِيمِ ﴾، قال الله تعالى: أثنى عليَّ عبدي، وإذا قال: ﴿ مَٰلِكِ يَوۡمِ ٱلدِّينِ ﴾، قال: مجَّدني عبدي، فإذا قال: ﴿إِيَّاكَ نَعۡبُدُ وَإِيَّاكَ نَسۡتَعِينُ ﴾، قال: هذا بيني وبين عبدي، ولعبدي ما سأل، فإذا قال: ﴿ ٱهۡدِنَا ٱلصِّرَٰطَ ٱلۡمُسۡتَقِيمَ 6 صِرَٰطَ ٱلَّذِينَ أَنۡعَمۡتَ عَلَيۡهِمۡ غَيۡرِ ٱلۡمَغۡضُوبِ عَلَيۡهِمۡ وَلَا ٱلضَّآلِّينَ ﴾، قال: هذا لعبدي، ولعبدي ما سأل»
[16]
19- قال ﷺ في فضل صلاة الجماعة: «
صلاةُ الجماعةِ أفضَلُ من صلاةِ الفَذِّ بسَبعٍ وعشرينَ دَرجةً»
[17]
20-
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ:
«مَنْ غَدَا إِلَى الْمَسْجِدِ وَرَاحَ، أَعَدَّ اللهُ لَهُ نُزُلَهُ مِنَ الجَنَّةِ كُلَّمَا غَدَا أَوْ رَاح»
[18]
21-
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه،
عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: «سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمُ اللهُ فِي ظِلِّهِ، يَوْمَ لَا ظِلَّ إِلَّا ظِلُّهُ»، وذكر منهم: «وَرَجُلٌ قَلْبُهُ مُعَلَّقٌ فِي الْمَسَاجِدِ»
[19]
22-
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه،
أَنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ قَالَ: «يَتَعَاقَبُونَ فِيكُمْ مَلاَئِكَةٌ بِاللَّيْلِ وَمَلاَئِكَةٌ بِالنَّهَارِ، وَيَجْتَمِعُونَ فِي صَلاَةِ الفَجْرِ وَصَلاَةِ العَصْرِ، ثُمَّ يَعْرُجُ الَّذِينَ بَاتُوا فِيكُمْ، فَيَسْأَلُهُمْ وَهُوَ أَعْلَمُ بِهِمْ: كَيْفَ تَرَكْتُمْ عِبَادِي؟ فَيَقُولُونَ: تَرَكْنَاهُمْ وَهُمْ يُصَلُّونَ، وَأَتَيْنَاهُمْ وَهُمْ يُصَلُّونَ»
[20]
23-
عن عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ رضي الله عنه،
قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ ﷺ يَقُولُ: «مَنْ صَلَّى الْعِشَاءَ فِي جَمَاعَةٍ فَكَأَنَّمَا قَامَ نِصْفَ الليْلِ، وَمَنْ صَلَّى الصُّبْحَ فِي جَمَاعَةٍ فَكَأَنَّمَا صَلَّى الليْلَ كُلَّهُ»
[21]
24-
عَنْ بُرَيْدَةَ رضي الله عنه،
عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: «بَشِّرِ المشَّائِينَ فِي الظُّلَمِ إِلَى المسَاجِدِ بِالنُّورِ التَّامِّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ»
[22]
الفوائد العقدية
25- الشّرك والكفر قد يُطلَقان بمعنًى واحد، وهو الكفر باللّه تعالى، وقد يُفرَّق بينهما، فيُخصُّ الشِّرك بعَبَدة الأوثان وغيرها من المخلوقات، مع اعترافهم باللّه تعالى؛ ككفَّار قُريش، فيكون الكفر أعمَّ من الشّرك[1]
26- تارك الصّلاة، إن كان منكِرًا لوجوبها، فهو كافر بإجماع المسلمين، خارج من مِلَّة الإسلام، إلّا أن يكون قريبَ عهد بالإسلام، ولم يخالِط المسلمين مدَّةً يَبلُغه فيها وجوب الصَّلاة عليه[2]
27- اختلف العلماء في حكم تارك الصلاة تكاسلًا مع اعتقاده وجوبها، فذهب مالك والشّافعيُّ والجماهير من السَّلف والخَلَف إلى أنّه لا يَكفُر؛ بل يَفسُق ويُستتاب، فإن تاب وإلَّا قُتِل حَدًّا؛ كالزَّاني المحصَن؛ ولكنَّه يُقتَل بالسَّيف، وذهب جماعة من السَّلف إلى أنّه يَكفُر، وهو مَرْويٌّ عن عليِّ بنِ أبي طالب، وهو إحدى الرّوايتين عن أحمدَ بنِ حنبل، وبه قال عبد اللّه بن المبارك، وإسحاقُ بنُ راهوَيْهِ، وهو وجه لبعض أصحاب الشّافعيِّ، وذهب أبو حنيفة وجماعة من أهل الكوفة، والمزنيُّ صاحب الشّافعيِّ أنّه لا يكفُر ولا يُقتَل؛ بل يُعزَّر ويُحبَس حتّى يُصلِّيَ[3]