الفوائد العلمية
1- التيمُّم في الشرع: هو القَصْدُ إلى الصَّعيد لمسح الوجهِ واليدَيْنِ بنيَّة استباحة الصَّلاة ونحوِها[1]
2- التّيمُّم ثابت بالكتاب والسُّنَّة والإجماع[2]
3- التيمُّم خَصِيصةٌ خصَّ اللّه تعالى بها هذه الأمَّة؛
فعن جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَالَ:
«أُعْطِيتُ خَمْسًا لَمْ يُعْطَهُنَّ أَحَدٌ قَبْلِي: نُصِرْتُ بِالرُّعْبِ مَسِيرَةَ شَهْرٍ، وَجُعِلَتْ لِي الأَرْضُ مَسْجِدًا وَطَهُورًا، فَأَيُّمَا رَجُلٍ مِنْ أُمَّتِي أَدْرَكَتْهُ الصَّلاَةُ فَلْيُصَلِّ، وَأُحِلَّتْ لِي الْمَغَانِمُ وَلَمْ تَحِلَّ لِأَحَدٍ قَبْلِي، وَأُعْطِيتُ الشَّفَاعَةَ، وَكَانَ النَّبِيُّ يُبْعَثُ إِلَى قَوْمِهِ خَاصَّةً، وَبُعِثْتُ إِلَى النَّاسِ عَامَّةً»
4- روت السيدة عَائِشَةُ – رضي الله عنها – عن سبب نزول آية التيمُّم، قَالَتْ:
خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فِي بَعْضِ أَسْفَارِهِ، حَتَّى إِذَا كُنَّا بِالْبَيْدَاءِ أَوْ بِذَاتِ الجَيْش، انْقَطَعَ عِقْدٌ لِي، فَأَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ عَلَى الْتِمَاسِهِ، وَأَقَامَ النَّاسُ مَعَهُ وَلَيْسُوا عَلَى مَاءٍ، فَأَتَى النَّاسُ إِلَى أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ، فَقَالُوا: أَلاَ تَرَى مَا صَنَعَتْ عَائِشَةُ؟ أَقَامَتْ بِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ وَالنَّاسِ وَلَيْسُوا عَلَى مَاءٍ، وَلَيْسَ مَعَهُمْ مَاءٌ، فَجَاءَ أَبُو بَكْرٍ وَرَسُولُ اللَّهِ ﷺ وَاضِعٌ رَأْسَهُ عَلَى فَخِذِي قَدْ نَامَ، فَقَالَ: حَبَسْتِ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ وَالنَّاسَ، وَلَيْسُوا عَلَى مَاءٍ، وَلَيْسَ مَعَهُمْ مَاءٌ، فَقَالَتْ عَائِشَةُ: فَعَاتَبَنِي أَبُو بَكْرٍ، وَقَالَ: مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَقُولَ، وَجَعَلَ يَطْعُنُنِي بِيَدِهِ فِي خَاصِرَتِي، فَلاَ يَمْنَعُنِي مِنَ التَّحَرُّكِ إِلَّا مَكَانُ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ عَلَى فَخِذِي، فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ حِينَ أَصْبَحَ عَلَى غَيْرِ مَاءٍ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ آيَةَ التَّيَمُّمِ، فَتَيَمَّمُوا، فَقَالَ أُسَيْدُ بْنُ الحُضَيْرِ: مَا هِيَ بِأَوَّلِ بَرَكَتِكُمْ يَا آلَ أَبِي بَكْرٍ، قَالَتْ: فَبَعَثْنَا البَعِيرَ الَّذِي كُنْتُ عَلَيْهِ، فَأَصَبْنَا العِقْدَ تَحْتَهُ
المراجع
- "نيل الأوطار" للشوكانيِّ (1/ 319).
- "نيل الأوطار" للشوكانيِّ (1/ 319).
- رواه البخاريُّ (335)، ومسلم (521).
- رواه البخاري (334)، مسلم (367).
الفوائد العلمية
5- الحديث دليلٌ على أنّ التَّيمُّم فرض من أَجنَب ولم يَجِدِ الماء، وعلى أنه تكفي الضربةُ الواحدة للوجه والكفَّينِ جميعًا، وعلى أن محلَّ المسح في التيمُّم هو الوجه والكفَّانِ.
6- التيمُّم يرفَعُ الحدَث رَفْعًا مؤقَّتًا إلى حينِ وُجودِ الماء، ويُبيح فعل الصَّلاةِ والطَّواف وغيرِها مِن العِبادات.
7- التيمُّم رُخصةٌ شَرَعها اللهُ تعالى لعِبادِه عندَ فَقْدِ الماءِ، أو العجزِ عن استِعمالِه؛ تيسيرًا عليهم، وإن الله تعالى يحبُّ أن تؤتى رُخَصُه؛ عن ابن عُمَرَ، قال: قال رَسُولُ اللهِ ﷺ: «إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ أَنْ تُؤْتَى رُخَصُهُ كَمَا يَكْرَهُ أَنْ تُؤْتَى مَعْصِيَتُهُ»[1] "واختُلف هل التّيمّم عزيمةٌ أو رخصة؟ وفصَّل بعضهم فقال: هو لعَدَم الماء عزيمةٌ، وللعُذر رخصة"[2]
8- اختُلف في (الصَّعِيد)، فقيل: هو التُّرَاب. وقيل: لا يقع اسم (الصَّعِيد) إِلَّا على تُرَاب ذي غُبَار؛ فعلى هذا لا يجوز التَّيَمُّم إِلَّا بِالتُّرَابِ. وقيل: الصَّعِيد ما تَصاعَد على وَجه الأرض، سَوَاءٌ كان تُرَابًا أَو غَيرَه، فيجوز بجميع أجزاء الأرض كالنُّورة والجصِّ والزَّرنيخ والحَشِيش والشَّجر وغيره. ولا خلاف أنه إِذا ضَرَب بيَده على الطِّين أنه لا يُجْزِيه[3]
9- في الحديث جوازُ الاجتهاد في زمان النبيِّ ﷺ عند الضرورة والبُعد منه؛ كما قال معاذٌ - رضي الله عنه - له: (أجتهد رأيي)، واستعمل عمَّارٌ القياس، فرأى أنّه لَمَّا كان التّراب نائبًا عن الغُسل، فلا بدَّ من عمومه للبَدَن، فأبان له ﷺ الكيفيّة الّتي تُجزئه، وأراه الصّفة المشروعة.
10- اختلفوا في التّرتيب بين الوجه واليدين، وحديث عمّار قاضٍ بأنّه لا يَجِب، ومن قال بالضَّربتين قال: لا بدَّ من التّرتيب بتقديم الوجه على اليدين، واليُمنى على اليسرى[4]
11- أجمع العلماء على ما دلَّ عليه الحديث من مشروعيَّة التّيمُّم للصّلاة عند عَدَم الماء من غير فرق بين الجُنُب وغيره، ولم يُخالف فيه أحدٌ من الخَلَف ولا من السَّلَف إلَّا ما جاء عن عمرَ بنِ الخطَّاب وعبدِ اللّه بن مسعود، وحُكِيَ مثلُه عن إبراهيمَ النَّخَعِيِّ من عدم جوازه للجُنُب، وقيل: إنَّ عمرَ وعبدَ اللّه رَجَعا عن ذلك[5]
12- إذا صلَّى الجُنُب بالتّيمُّم ثمَّ وجد الماء، وَجَب عليه الاغتسال بإجماع العلماء، إلَّا ما يُحكى عن أبي سلمةَ بنِ عبد الرّحمن الإمامِ التّابعيِّ أنّه قال: لا يَلزَمُه، وهو مَذهَب متروك بإجماع مَن بَعدَه ومن قَبلَه، وبالأحاديث الصّحيحة المشهورة في أمره ﷺ للجُنُب بغَسل بَدَنه إذا وَجَد الماء[6]
13- التيمُّم الصحيح مثلما
وأن كُنتُم مَّرۡضَىٰٓ أَوۡ عَلَىٰ سَفَرٍ أَوۡ جَآءَ أَحَدٞ مِّنكُم مِّنَ ٱلۡغَآئِطِ أَوۡ لَٰمَسۡتُمُ ٱلنِّسَآءَ فَلَمۡ تَجِدُواْ مَآءٗ فَتَيَمَّمُواْ صَعِيدٗا طَيِّبٗا فَٱمۡسَحُواْ بِوُجُوهِكُمۡ وَأَيۡدِيكُم
ﱠ
فالمشروع ضربةٌ واحدة للوجه والكفَّين، وصفةُ ذلك أنه يَضرِب التراب بيدَيه ضربةً واحدة، ثم يَمسَح بهما وجهه وكفَّيه[7]
14- في الحديث يُشترَط أن يكون التراب طاهرًا، ولا يُشرع مسح الذراعين؛ بل يكفي مسح الوجه والكفَّين[8]
15- يقوم التيمُّم مقام الماء في رفع الحدث على الصحيح، فإذا تيمَّم صلَّى بهذا التيمُّم النافلةَ والفريضة الحاضرة والمستقبَلة، ما دام على طهارة، حتى يُحدِث أو يَجِد الماء إن كان عادمًا له، أو حتى يستطيع استعماله إذا كان عاجزًا عن استعماله، فالتيمُّم طُهور يقوم مقام الماء كما سمَّاه النبيُّ ﷺ طهورًا[9]
16- اختُلف في عدد الضّربات في التّيمُّم، فذهب جماعةٌ من الصّحابة ومَن بعدهم إلى أنّه لا تكفي الضّربة الواحدة وقالوا: لا بدَّ من ضربتينِ، وذهب جمهورُ العلماء وأهلُ الحديث إلى أنّه تكفي الضَّربة الواحدة؛ عملًا بحديث عمَّارٍ؛ فإنّه أصحُّ حديث في الباب، وحديث الضَّربتين لا يَقْوى على معارضته[10]
17- اختُلف في قدر التيمُّم؛ فقال جماعة من العلماء وأهل الحديث: إنّه يكفي في اليدينِ الرّاحتان، وظاهرُ الكفَّين؛ لحديث عمّار هذا، وقد رُوِيَت عن عمّارٍ روايات بخلاف هذا؛ لكنّ الأصحَّ ما في الصّحيحين، وقد كان يُفتي به بعد موت النّبيِّ ﷺ. وقال آخرون: إنّها تجب ضربتانِ، ومسح اليدين مع الْمِرفَقين؛ لحديث ابن عمر، والأصحُّ فيه أنّه موقوف، فلا يقاوم حديث عمّار المرفوع الوارد للتّعليم[11]
18- اختُلف في نفخ التّراب، فقيل: هو مندوب. وقيل: لا يُندَب[12]
19- في الحديث من الفقه أَنَّ المتأوِّل المجتهد لا إعادةَ عليه؛ لأن النبيَّ ﷺ لم يأمر عمَّارًا بالإعادة، وإن كان خطَّأ اجتهادَه؛ لأنه إنما ترك هيئة الطهارة، وقد جاء بها على غير هَيئتها، وأكمل مما يلزمه[13]
المراجع
- رواه أحمد (5866) وغيره، وقال شعيب الأرنؤوط: صحيح، وقال الألبانيُّ في "صحيح الترغيب والترهيب" (1059): حسن صحيح.
- "نيل الأوطار" للشوكانيِّ (1/ 319).
- "كشف المشكل من حديث الصحيحين" لابن الجوزيِّ (1/ 344).
- "سبل السلام" للصنعانيِّ (1/ 140، 141).
- "نيل الأوطار" للشوكانيِّ (1/ 320).
- "نيل الأوطار" للشوكانيِّ (1/ 320).
- "مجموع فتاوى ومقالات الشيخ ابن باز" (6/22).
- "مجموع فتاوى ومقالات الشيخ ابن باز" (6/22).
- "مجموع فتاوى ومقالات الشيخ ابن باز" (6/22).
- "سبل السلام" للصنعانيِّ (1/ 140، 141).
- "سبل السلام" للصنعانيِّ (1/ 140، 141).
- "سبل السلام" للصنعانيِّ (1/ 141).
- "إكمال المعلم بفوائد مسلم" للقاضي عياض (2/ 223).
الفوائد الحديثية
20-قال العلماء: كلُّ ما عدا حديثَ عمّارٍ في التيمُّم فهو ضعيف أو موقوف[1]
21- لعمار بن ياسر – رضي الله عنه - في "مُسْنَدِ بَقِيٍّ" اثْنَانِ وَسِتُّونَ حَدِيثًا، منها في "الصحيحين" خَمْسَةٌ.
المراجع
- "سبل السلام" للصنعانيِّ (1/ 140، 141).
الفوائد اللغوية
22- التّيمُّمُ في اللّغة وفي كلام العرب: القَصْدُ، يُقال: تَيَمَّمْتُ فُلَانًا وَتَأَمَّمْتُهُ وَيَمَّمْتُهُ وَأَمَمْتُهُ؛ أَيْ: قَصَدْتُهُ[1]
23- قوله ﷺ: «إِنَّمَا كَانَ يَكْفِيكَ أَنْ تَقُولَ بِيَدَيْكَ هَكَذَا»؛ أي: تَفعَل، والقولُ يُطلَق على الفعل؛ كقولهم: قال بيدِه هكذا.
المراجع
- "نيل الأوطار" للشوكانيِّ (1/ 319).