الفوائد العلمية
هذا الحديث قد اشتمل على فوائدَ كثيرةِ النَّفع، جليلةِ القَدْرِ لِمَن فَهِمها حقَّ فَهْمِها، وتدبَّرها كما ينبغي [1]، وقِيلَ: هو أشرف حديث رُوِي في صفة الأولياء [2].
المراد بوليِّ الله: العالمُ بالله، المواظِبُ على طاعته، المخلِص في عبادته [3].
في هذا الحديث من الفقه: أن الله تعالى قدَّم الإعذار إلى كلِّ من عادى وليًّا بأنه محاربُه [4].
الحديث أصلٌ في السلوك إلى الجليل جلَّ جلاله، والوصولِ إلى معرفته ومحبَّته وطريقه [5].
في الحديث بيان أن من كان الله وَليَّه، سَعِد بولايته في الدنيا والآخرة، وجنى ثمارها، ورأى آثارها في نفسه وأهله وماله وولده، وأَغنَته عن كلِّ ولاية سِوَاها؛ قال تعالى:
وَكَفَىٰ بِٱللَّهِ وَلِيّٗا وَكَفَىٰ بِٱللَّهِ نَصِيرٗا
وقال تعالى:
قُلۡ أَغَيۡرَ ٱللَّهِ أَتَّخِذُ وَلِيّٗا فَاطِرِ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ وَهُوَ يُطۡعِمُ وَلَا يُطۡعَمُۗ
وقال تعالى:
أَلا إِنَّ أَوْلِياءَ اللَّهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَ لا هُمْ يَحْزَنُونَ (62) الَّذِينَ آمَنُوا وَ كانُوا يَتَّقُونَ (63)
عن وَهْبَ بْنَ مُنَبِّه أن الله تعالى قال لموسى عليه السلام حين كلَّمه:
«اعْلَمْ أَنَّهُ مَنْ أَهَانَ لِي وَلِيًّا، أَوْ أَخَافَهُ، فَقَدْ بَارَزَنِي بِالْمُحَارَبَةِ وَبَادَأَنِي، وَعَرَضَ بِنَفْسِهِ، وَدَعَانِي إِلَيْهَا، فَأَنَا أَسْرَعُ شَيْءٍ إِلَى نُصْرَةِ أَوْلِيَائِي، أَيَظُنُّ الَّذِي يُحَارِبُنِي أَنْ يَقُومَ لِي؟! أَوَيَظُنُّ الَّذِي يُغَازِينِي أَنْ يُعْجِزَنِي؟! أَوَيَظُنُّ الَّذِي يُبَارِزُنِي أَنْ يَسْبِقَنِي أَوْ يَفُوتَنِي؟! وَكَيْفَ وَأَنَا الثَّائِرُ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ؛ لَا أَكِلُ نُصْرَتَهُمْ إِلَى غَيْرِي؟!"
قال تعالى:
إِنَّ وَلِيِّيَ اللَّهُ الَّذِي نَزَّلَ الْكِتَابَ ۖ وَهُوَ يَتَوَلَّى الصَّالِحِينَ
فالعبد الصالح في كَنَف الله تعالى ورعايته، يَحفَظه، ولا يَكِله إلى نفسه طرفة عَين.
قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: " أفضل الأعمال أداء ما افترض الله تعالى، والوَرَع عمَّا حرَّم الله تعالى، وصدق النيَّة فيما عند الله عزَّ وجلَّ [7].
في الحديث بيان أن التقرُّب إلى الله تعالى على درجتين؛ الأولى: أداء الفرائض، والثانية: أداء النوافل، وأحبُّها إلى الله تعالى أداء الفرائض، وتشمل: أداء الواجبات من الصلاة والصيام والزكاة والحجِّ وبرِّ الوالدين، وغيرها، وتركَ المحرَّمات من السرقة والزنا وشهادة الزور وعقوق الوالدين، وغيرها.
السببُ في أن الفرائض مقدَّمة على النوافل: أن الأمر بها جازمٌ، وهي تتضمَّن أمرينِ: الثوابَ على فعلها، والعقابَ على تركها، بخلاف النوافل؛ فإن الأمر بها غيرُ جازم، ويُثاب على فعلها، ولا يُعاقب على تركها، فالفرائضُ أكملُ، فكانت إلى الله - عزَّ وجلَّ – أحبَّ، وأشدَّ تقريبًا [8].
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، قَالَ:
«إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى إِذَا أَحَبَّ عَبْدًا نَادَى جِبْرِيلَ: إِنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَبَّ فُلانًا فَأَحِبَّهُ، فَيُحِبُّهُ جِبْرِيلُ، ثُمَّ يُنَادِي جِبْرِيلُ فِي السَّمَاءِ: إِنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَبَّ فُلانًا فَأَحِبُّوهُ، فَيُحِبُّهُ أَهْلُ السَّمَاءِ، وَيُوضَعُ لَهُ القَبُولُ فِي أَهْلِ الأرضِ»
لا معنى للنوافل دون الفرائض؛ قال أبو بكر الصديق رضي الله عنه لعمر بن الخطاب رضي الله عنه: "إني مُوصِيك بوصية إن حَفِظْتَها، فإن لِلَّه حَقًّا في الليل لا يقبله في النهار، وإن لِلَّه حَقًّا في النهار لا يقبله في الليل، وإنه لا يَقْبَل نافلةً حتى تُؤَدَّى الفريضة" [10].
الفرائضُ أساسٌ وأصول، والنوافل فروعٌ، والولاية إنما تتحقَّق بالنوافل مع الفرائض، لا مع إخلال بها.
في الحديث بيان أنه إذا أحبَّ الله عبدَه، حَفِظه في سمعه، وبصره، ويده، ورجله، ونفسِه كلِّها. ومعنى ذلك أنه لا يَسمَع ما لم يَأذَن الشرع له بسَمَاعه، ولا يُبصر ما لم يَأذَن الشرعُ له في إبصاره، ولا يَمُدُّ يده إلى شيء ما لم يَأذَن الشرع له في مدِّها إليه، ولا يسعى برجله إلا فيما أَذِن الشرع في السعي إليه [11].
في الحديث إشارة إلى أنه لا تشتغل جوارح العبد المؤمن المحبوب المقرَّب إلا بالطاعات، ولا تتحرَّك إلا فيما يُرضي ربَّ العباد.
في الحديث بيان أن المحبوب المقرَّب، له عند الله منزلة خاصَّة تقتضي أنه إذا سأل الله شيئًا، أعطاه إياه، وإن استعاذ به من شيء، أعاذه منه، وإن دعاه، أجابه، فيَصِير مُجابَ الدعوة؛ لكرامته على الله عزَّ وجلَّ [12].
عن أَنَسٍ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَالَ:
«إِنَّ مِنْ عِبَادِ اللَّهِ مَنْ لَوْ أَقْسَمَ عَلَى اللَّهِ لَأَبَرَّهُ»
إن ما في الموت من شدَّة وألم يُحدِث كراهيةً في نفس العبد منه، فيدفع الله تعالى عن المؤمن هذه الكراهية ببشائرَ يُحدِثها، ولطائفَ وكراماتٍ يُظهِرها؛ حتى يحبَّ لقاء ربِّه؛ قال تعالى:
﴿ الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ طَيِّبِينَ ۙ يَقُولُونَ سَلَامٌ عَلَيْكُمُ ادْخُلُوا الْجَنَّةَ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ﴾
عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ رضي الله عنه ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ:
«مَنْ أَحَبَّ لِقَاءَ اللَّهِ أَحَبَّ اللَّهُ لِقَاءَهُ، وَمَنْ كَرِهَ لِقَاءَ اللَّهِ كَرِهَ اللَّهُ لِقَاءَهُ» قَالَتْ عَائِشَةُ أَوْ بَعْضُ أَزْوَاجِهِ: إِنَّا لَنَكْرَهُ المَوْتَ، قَالَ: «لَيْسَ ذَاكِ؛ وَلَكِنَّ المُؤْمِنَ إِذَا حَضَرَهُ المَوْتُ بُشِّرَ بِرِضْوَانِ اللَّهِ وَكَرَامَتِهِ، فَلَيْسَ شَيْءٌ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِمَّا أَمَامَهُ، فَأَحَبَّ لِقَاءَ اللَّهِ وَأَحَبَّ اللَّهُ لِقَاءَهُ، وَإِنَّ الكَافِرَ إِذَا حُضِرَ بُشِّرَ بِعَذَابِ اللَّهِ وَعُقُوبَتِهِ، فَلَيْسَ شَيْءٌ أَكْرَهَ إِلَيْهِ مِمَّا أَمَامَهُ، كَرِهَ لِقَاءَ اللَّهِ وَكَرِهَ اللَّهُ لِقَاءَهُ»
خرَّج ابن ماجه بسند ضعيف عن معاذِ بنِ جبل، سمع النّبيَّ ﷺ يقول:
«إِنَّ يَسِيرَ الرِّيَاءِ شِرْكٌ، وَإِنَّ مَنْ عَادَى لِلَّهِ وَلِيًّا، فَقَدْ بَارَزَ اللَّهَ بِالْمُحَارَبَةِ، وَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يُحِبُّ الْأَبْرَارَ الْأَتْقِيَاءَ الْأَخْفِيَاءَ، الَّذِينَ إِذَا غَابُوا لَمْ يُفْتَقَدُوا، وَإِذَا حَضَرُوا لَمْ يُدْعَوْا، وَلَمْ يُعْرَفُوا، قُلُوبُهُمْ مَصَابِيحُ الْهُدَى، يَخْرُجُونَ مِنْ كُلِّ غَبْرَاءَ مُظْلِمَةٍ» فأولياءُ اللّه تجب موالاتهم، وتَحرُم معاداتهم، كما أنّ أعداءه تَجِب معاداتهم، وتَحرُم موالاتهم
أصل الولاية القُرب، وأصل العَداوة البُعد، فأولياء اللّه هم الّذين يتقرَّبون إليه بما يقرِّبهم منه، وأعداؤه الّذين أبعدهم عنه بأعمالهم المقتضية لطردهم وإبعادهم منه [16].
من ادّعى ولاية اللّه، ومحبّته بغير طريق طاعته الّتي شرعها على لسان رسوله، تبيَّن أنّه كاذب في دعواه، كما كان المشركون يتقرَّبون إلى اللّه تعالى بعبادة من يعبدونه من دونه، كما حكى اللّه عنهم أنّهم قالوا:
مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَىٰ
وكما حكى عن اليهود والنّصارى أنّهم قالوا:
نَحۡنُ أَبۡنَٰٓؤُاْ ٱللَّهِ وَأَحِبَّٰٓؤُهُ
مع إصرارهم على تكذيب رُسله، وارتكاب نواهيه، وترك فرائضه [18].
في هذا الحديث أنّ أولياء اللّه على درجتين؛ إحداهما: المتقرّبون إليه بأداء الفرائض، وهذه درجة المقتصدين أصحاب اليمين، وأداء الفرائض أفضل الأعمال. والثّانية: درجة السّابقين المقرَّبين، وهم الّذين تقرَّبوا إلى اللّه بعد الفرائض بالاجتهاد في نوافل الطّاعات، والانكفاف عن دقائق المكروهات بالورع، وذلك يوجب للعبد محبّة اللّه، كما قال: «ولا يزال عبدي يتقرّب إليّ بالنّوافل حتّى أحبّه»، فمن أحبّه اللّه، رزقه محبّته وطاعته والاشتغال بذكره وخدمته، فأوجب له ذلك القرب منه، والزّلفى لديه، والحظوة عنده [19].
ولا يزال هذا الّذي في قلوب المحبّين المقرّبين يقوى حتّى تمتلئ قلوبهم به، فلا يبقى في قلوبهم غيره، ولا تستطيع جوارحهم أن تنبعث إلّا بموافقة ما في قلوبهم، ومن كان حاله هذا، قيل فيه: ما بقي في قلبه إلّا اللّه، والمراد معرفته ومحبَّته وذِكْره
المراجع
- "قطر الولي على حديث الولي" للشوكانيِّ (ص: 1)
- "مجموع الفتاوى" لابن تيمية (18/ 129).
- "فتح الباري شرح صحيح البخاري" لابن حجر (11/ 342).
- "الإفصاح عن معاني الصحاح" لابن هُبيرة (7/ 303).
- "المعين على تفهم الأربعين" لابن الملقِّن (ص: 420).
- "الزهد" لأحمد بن حنبل (ص: 54).
- "قوت القلوب في معاملة المحبوب ووصف طريق المريد إلى مقام التوحيد" لمحمد بن عليٍّ الحارثيِّ (2/ 267).
- "التعيين في شرح الأربعين" للطوفيِّ (ص: 319).
- رواه البخاريُّ (7485)، ومسلم (2637).
- الزهد" لهناد بن السري (1/ 284).
- "شرح الأربعين النووية" لابن دقيق العيد (ص: 129).
- "جامع العلوم والحكم" لابن رجب (2/ 348).
- رواه البخاريُّ (2703)، ومسلم (1675).
- رواه البخاريُّ (6507)، ومسلم (2683).
- "جامع العلوم والحكم" لابن رجب (2/ 334).
- "جامع العلوم والحكم" لابن رجب (2/ 335).
- "جامع العلوم والحكم" لابن رجب (2/ 336).
- "جامع العلوم والحكم" لابن رجب (2/ 336، 337).
- "جامع العلوم والحكم" لابن رجب (2/ 346).
الفوائد العقدية
25. حقيقةُ التردُّد هو أن يكون الشيء الواحد مرادًا من وجه، مكروهًا من وجه، وإن كان لا بدَّ من ترجُّح أحد الجانبين كما ترجَّح إرادة الموت؛ لكن مع وجود كراهة مُساءة عبده، وليس إرادتُه لموت المؤمن الذي يحبُّه ويَكرَه مُساءته كإرادته لموت الكافر الذي يُبغضه ويريد مُساءته [1].
26. في هذا الحديث إثباتُ صفتَيِ الحبِّ والبُغض للهِ - عزَّ وجلَّ – على ما يليق به، ومن أصول أهل السنَّة والجماعة أننا نؤمن بذلك، ونقول: إن الله تعالى يحبُّ ويُبغض، وهو سبحانه وتعالى موصوف بصفات الكمال، وأنه لا يحبُّ إلا ما فيه الخيرُ والصلاح، ولا يُبغض إلا الشرَّ والخبائث [2].
المراجع
- "مجموع الفتاوى" لابن تيمية (18/ 130).
- "شرح رياض الصالحين" لابن عثيمين (6/ 656، 657)
الفوائد الحديثية
27. روى عن أبي هريرة – رضي الله عنه - أكثرُ من ثمانمائةٍ، ما بين صحابيٍّ وتابعيٍّ، وله خمسةُ آلافِ حديث وثلاثُمِائةٍ وأربعةٌ وسبعونَ حديثًا، اتَّفَق البخاريُّ ومسلم منها على ثَلاثمِائة حديث، وانفرد البخاريُّ بثلاثةٍ وسبعين حديثًا [1].
28. الحديث القُدسيُّ: كلُّ ما رواه النبيُّ ﷺ عن ربِّه عزَّ وجلَّ. لأنه منسوب إلى النبيِّ ﷺ تبليغًا، وليس من القرآن بالإجماع، وإن كان كلُّ واحد منهما قد بلَّغه النبيُّ ﷺ أمَّته عن الله عزَّ وجلَّ [2].
29. اختلف العلماء - رحمهم الله - في لفظ الحديث القدسيِّ: هل هو كلام الله تعالى، أو أن الله تعالى أوحى إلى رسوله ﷺ معناه، واللفظُ لفظ رسول الله ﷺ؟ على قولين؛ الأول: أن الحديث القدسيَّ من عند الله لفظه ومعناه؛ لأن النبيَّ ﷺ أضافه إلى الله تعالى، ومن المعلوم أن الأصل في القول المضاف أن يكون بلفظ قائله لا ناقلِه، لا سيَّما أن النبيَّ ﷺ أقوى الناس أمانةً، وأوثقُهم روايةً. والثاني: أن الحديث القدسيَّ معناه من عند الله، ولفظه لفظ النبيِّ ﷺ [3].
30. لو كان الحديث القدسيُّ من عند الله لفظًا ومعنًى، لكان أعلى سندًا من القرآن؛ لأن النبيَّ ﷺ يرويه عن ربه تعالى بدون واسطة، كما هو ظاهر السياق، أما القرآن، فنزل على النبيِّ ﷺ بواسطة جبريل عليه السلام؛ كما قال تعالى:
قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ مِن رَّبِّكَ
وقال:
نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الأَمِينُ (193) عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنذِرِينَ (194) بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُّبِينٍ
31. لو كان لفظ الحديث القدسيِّ من عند الله، لم يكن بينه وبين القرآن فرقٌ؛ لأن كِلَيهما على هذا التقدير كلام الله تعالى، والحكمةُ تقتضي تساويهما في الحكم حين اتَّفَقا في الأصل، ومن المعلوم أن بين القرآن والحديث القدسيِّ فروقًا كثيرة [5].
32. من الفروق بين القرآن والحديث القدسيِّ: أن الحديث القدسيَّ لا يُتعَّبد بتلاوته؛ بمعنى: أن الإنسان لا يتعبَّد اللهَ تعالى بمجرَّد قراءته؛ فلا يثاب على كلِّ حرف منه عشْرَ حسنات، والقرآن يُتعبَّد بتلاوته بكلِّ حرف منه عشْرُ حسنات [6].
33. من الفروق بين القرآن والحديث القدسيِّ: أن الله عزَّ وجلَّ تحدَّى أن يأتيَ الناس بمثل القرآن أو سورة منه، ولم يَرِد مثلُ ذلك في الأحاديث القدسيَّة [7].
34. من الفروق بين القرآن والحديث القدسيِّ: أن القرآن محفوظ من عند الله عزَّ وجلَّ؛ كما قال سبحانه:
إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ
والأحاديث القدسية بخلاف ذلك؛ ففيها الصحيح والحسن؛ بل أُضيف إليها ما كان ضعيفًا أو موضوعًا، وهذا وإن لم يكن منها؛ لكن نُسِب إليها، وفيها التقديم والتأخير، والزيادةُ والنقص [8].
35. من الفروق بين القرآن والحديث القدسيِّ: أن القرآن لا تجوز قراءته بالمعنى بإجماع المسلمين، أما الأحاديث القدسية، فعلى الخلاف في جواز نقل الحديث النبويِّ بالمعنى، والأكثرون على جوازه [9].
36. من الفروق بين القرآن والحديث القدسيِّ: أن القرآن تُشرَع قراءته في الصلاة، ومنه ما لا تصحُّ الصلاة بدون قراءته، بخلاف الأحاديث القدسية [10].
37. من الفروق بين القرآن والحديث القدسيِّ: أن القرآن لا يمسُّه إلا طاهر على الأصحِّ، بخلاف الأحاديث القدسية [11].
38. من الفروق بين القرآن والحديث القدسيِّ: أن القرآن لا يقرؤه الجُنُب حتى يغتسل على القول الراجح، بخلاف الأحاديث القدسية [12].
39. من الفروق بين القرآن والحديث القدسيِّ: أن القرآن ثبت بالتواتُر القطعيِّ المفيد للعلم اليقينيِّ، فلو أَنكَر أحدٌ منه حرفًا أجمع القرَّاء عليه، لكان كافرًا، بخلاف الأحاديث القدسية؛ فإنه لو أَنكَر شيئًا منها مدَّعيًا أنه لم يثبت، لم يكفر، أما لو أنكره مع علمه أن النبيَّ ﷺ قاله، لكان كافرًا؛ لتكذيبه النبيَّ ﷺ [13].
40. إن أحسن ما يقال في الحديث القدسيِّ: إنه ما رواه النبيُّ ﷺ عن ربِّه عزّ وجل، ونقتصر على هذا ولا نبحث هل هو من قول الله لفظًا ومعنى، أو من قول الله معنى ومن لفظ النبيِّ ﷺ؛ لأن هذا فيه نوع من التكلُّف، وقد نُهينا عن التكلُّف، ونُهينا عن التنطُّع وعن التعمُّق [14].
المراجع
- "دليل الفالحين لطرق رياض الصالحين" لابن علان (1/ 72)
- "شرح الأربعين النووية" للعثيمين (ص: 236).
- "شرح الأربعين النووية" للعثيمين (ص: 236).
- "شرح الأربعين النووية" للعثيمين (ص: 236).
- "شرح الأربعين النووية" للعثيمين (ص: 236).
- "شرح الأربعين النووية" للعثيمين (ص: 236، 237).
- "شرح الأربعين النووية" للعثيمين (ص: 237).
- "شرح الأربعين النووية" للعثيمين (ص: 237).
- "شرح الأربعين النووية" للعثيمين (ص: 237).
- "شرح الأربعين النووية" للعثيمين (ص: 237).
- "شرح الأربعين النووية" للعثيمين (ص: 237).
- "شرح الأربعين النووية" للعثيمين (ص: 237).
- "شرح الأربعين النووية" للعثيمين (ص: 237).
- "شرح الأربعين النووية" للعثيمين (ص: 243).