1- حلاوةُ الإيمان هي: "استلذاذُ الطاعات، وتحمُّل المشاقِّ في رِضا الله عزَّ وجلَّ ورسوله ﷺ، وإيثارُ ذلك على عرَضِ الدنيا"[1]
2- سِرُّ حلاوة الإيمان راجعٌ لكون "الإيمان هو غذاء القلوب وقُوَّتها، كما أن الطعام والشراب غذاء الأبدان وقُوتها، وكما أن الجسد لا يجد حلاوةَ الطعام والشراب إلا عند صحته، فإذا سَقِم لم يجِدْ حلاوة ما ينفعه من ذلك؛ بل قد يستحلي ما يضرُّه، وما ليس فيه حلاوةٌ؛ لغلَبةِ السقم عليه، فكذلك القلبُ إنما لا يجدُ حلاوةَ الإيمان من أسقامه وآفاته، فإذا سَلِم من مرض الأهواء الْمُضِلَّة والشهوات المحرَّمة، وجَد حلاوةَ الإيمان حينئذٍ، ومتى مرِض وسَقِم لم يجِدْ حلاوةَ الإيمان؛ بل يستحلي ما فيه هلاكُه من الأهواء والمعاصي؛ لأنه لو كمَل إيمانُه لوَجَد حلاوةَ الإيمان، فاستغنى بها عن استحلاء المعاصي"[2]
3- من جَمَع خصالَ الإيمان، وحصَّلها، وكانت من صفاته، فتشرَّبتها نفسه، وقرَّت في قلبه وحناياه - وجد حلاوة الإيمان.
4- إذا خالطَ الإيمانُ بَشاشةَ القُلوبِ ذاقَتْ حلاوَتَه.
5- مَن عَرَفَ الله حقَّ مَعرفَتِه ونظَرَ إلى أفعَالِه، وعرَفَ أسماءَه وصفاتِه، لا يَسَعُه إلا أن يُحبَّه سبحانه.
6- حقيقة الحب في الله: ألَّا يَزيدَ بالبِرِّ ولا يَنقُصَ بالجفاء[3]
7- محبَّة المؤمن وظيفةٌ متعيِّنة على الدوام، وُجِدت الأغراض أو عُدِمت، ولما كانت المحبَّة للأغراض هي الغالبةَ، قلَّ وِجدان تلك الحلاوة؛ بل قد انعدم، لا سيَّما في هذه الأزمان التي قد انْمَحى فيها أكثرُ رسوم الإيمان[4]
8- مَحبَّة المؤمنين من العبادات التي لا بد فيها من الإخلاص في حسن النيَّات[5]
9- محبَّةُ المؤمن توجب على المسلم أن يسعى في إيصال النفع لأخيه المسلم، وأن يكفَّ عنه أذاه؛ فعن ابن عمر ﭭ، أن رسول الله ﷺ قال: «المسلم أخو المسلم؛ لا يظلمه، ولا يُسلِمه، ومَن كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته، ومَن فرَّج عن مسلم كُربةً، فرَّج الله عنه كُربةً من كُربات يوم القيامة، ومَن ستَر مسلمًا ستَره الله يوم القيامة»[6]
10- على المؤمن أن لا يحبَّ إلّا في اللّه، ولا يُبغض إلّا فيه، ولا يوالي إلّا فيه، ولا يُعادي إلّا فيه، ولا يُعطي إلّا له، ولا يمنع إلّا له، ولا يرجو إلّا إيّاه، ولا يستعين إلّا به، فيكون دينه كلُّه ظاهرًا وباطنًا للّه، ويكون اللّه ورسوله أَحبّ إليه ممّا سواهما، فلا يُوَادُّ من حادَّ اللّه ورسوله، ولو كان أقربَ الخلق إليه.
11- مَن وجَد حلاوةَ الإيمان "استلذَّ بالطاعات، وتحمَّل المشقَّات فيما يُرضي الله تعالى، ورسوله ﷺ، وآثر ذلك على عَرَض الدنيا؛ رغبةً في نعيم الآخرة، الذى لا يَبيد ولا يَفنى"[7]
12- رُوِي عن عُتبة الغلام أنه قال: «كابدت الصلاة عشرين سنةً، ثم تلذَّذتُ بها باقيَ عُمري»[8]
13- الصحيح يدرِك الطعوم على ما هي عليه، والمريض ببعض الأمراض قد يجد طعم العسل مُرًّا؛ فقد نقَص ذوقه بقدْر نقص صحته. وكذا القلب السليم من أمراض الغفلة والهوى يذوق طعم الإيمان ويتلذَّذ منه ويتنعَّم به، كما يذوق الفمُ طعْمَ العسل وغيره من لذيذ الأطعمة ويتنعَّم بها؛ بل تلك اللذَّة الإيمانية أعلى [9]
14- يجد المؤمن حلاوة الإيمان، حيث انشراحُ الصدر، وطمأنينة القلب، والأُنس بالله تعالى، ومعرفته حقَّ المعرفة، بربوبيته وألوهيته وأسمائه وصفاته، حتى يصير الهوى في مرضاته تعالى، والمنى فيما يقدِّره حتى لو كان ظاهره شرًّا.
15- تشعُّ حلاوة الإيمان في نفس المؤمن ومشاعرِه ومَداركه وحواسِّه وتصوُّراته، فيستقيم على الهدى، فيكون كمالُ حبِّه لله ورسوله دون سواهما مهما كان، حتى الحبُّ والبغض فهو لله، لا يتعدَّى حدود الله فيهما.
16- كيف بمن ذاق حلاوة الإيمان أن يعود إلى مرارة الكفر؟! إنه الهدى بعد الضلال، والأمل في الخلود بعد الموت بعد انتظار الفناء؛ فكيف لا يكره العودة إلى الكفر من ذاق حلاوة الإيمان بعد تجرُّع مرارة الكفر؟! وكيف لا يكره المؤمن الذي ذاق حلاوة الإيمان أن يتذوَّق مرارة الكفر؟! مرارة الكفر بما فيها من اضطراب النفس والمشاعر، وسواد القلب، وعدم اليقين إلا في الموت، الذي يتحيَّر ولا يعلم ماذا يصيبه بعده، ولا شك أنه لا ينتظر خيرًا بعده!
17- إن حلاوة الإيمان ليس مثلَها حلاوةٌ، فمع لذَّتها، فإنها تستمرُّ، ليس مثل لذَّات الدنيا؛ كالطعام والشراب وتحصيل الأموال والمساكن الشاهقة والمركبات الفارهة، التي لا تستمرُّ لذَّتها، وربما شعر ببعض اللذَّة عند أول حدوثها، أما إن كان ذلك في معصية، فلن يفارقهم ذُلُّ المعصية وعاقبتها السيئة.
18- لا حرج أن يستمتع العبد المؤمن بكل طيِّبات الحياة المباحة، على أن يكون راضيًا أن تُسلب منه، مستعدًّا أن يَنبِذها كلَّها إذا تعارضت مع عقيدته وما تتطلَّبه المحبة الخالصة لله ورسوله.
19- الإِلَهَ وَأَنتَ تُظهِرُ حُبَّهُ = هَذا مُحَالٌ في القِياسِ بَديعُ
لَو كانَ حُبُّكَ صادِقًا لَأَطَعتَهُ = إِنَّ الْمُحِبَّ لِمَن يُحِبُّ مُطيعُ
في كُلِّ يَومٍ يَبْتَديكَ بِنِعمَةٍ = مِنهُ وَأَنتَ لِشُكرِ ذاكَ مُضيعُ
20- يُعَادِي الَّذِي عَادَى مِنَ النَّاسِ كُلِّهِمْ = جَمِيعًا وَلَوْ كَانَ الْحَبِيبَ الْمُصَافِيَا
21- تَفْنَى اللَّذَاذةُ ممَّن نال صَفْوَتَها = مِنَ الحَرَامِ ويَبْقى الإثمُ والعَارُ
تَبْقَى عواقبُ سُوءٍ مِنْ مَغَبَّتِها = لا خَيْرَ في لَذَّةٍ من بعدِها نَارُ
المراجع
- "المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج" للنَّووي (2/ 13).
- "فتح الباري شرح صحيح البخاري" لابن رجب الحنبلي (1/ 50- 51).
- انظر: فتح الباري شرح صحيح البخاري" لابن حجرٍ العسْقلاني (1/ 62).
- "المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم" لأبي العباس القرطبي (1/ 215).
- "المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم" لأبي العباس القرطبي (1/ 215).
- رواه البخاري (2442)، ومسلم (2580).
- "شرح صحيح البخاري" لابن بطَّال (1/ 66).
- "شرح صحيح البخاري" لابن بطَّال (1/ 66).
- انظر: "مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح" للطيبيِّ (1/ 74).