عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ - رضي اللَّه عنهمَا - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ قَالَ: «مَا حَقُّ امْرِئٍ مُسْلِمٍ لَهُ شَيْءٌ يُوصِي فِيهِ، يَبِيتُ لَيْلَتَيْنِ إِلَّا وَوَصِيَّتُهُ مَكْتُوبَةٌ عِنْدَهُ»



هدايات الحديث

1. على المرء التّأهُّب للموت، والاحتراز قبل الفَوت؛ لأنّ الإنسان لا يدري متى يَفجَؤُه الموت، فينبغي أن يكون متأهِّبًا لذلك، فيكتب وصيَّتَه، ويجمع فيها ما يَحصُل له به الأجر، ويُحبِط عنه الوِزْرَ من حقوق اللّه وحقوق عباده.

2. مما يُعِين المسلمَ على الاستقامة والتقوى: التأهُّب للموت، والاستعداد له، ودوام تذكُّرُه؛ فلا يَدْري الإنسان مَتى يَفجَؤُه الموتُ! 

3. على المسلم أن يجعل الموتَ نُصبَ عينيه، فيستعدَّ له بالعمل الصالح، ويقصِّر أملَه في الدنيا، ويترك الْمَيل إلى غرور الدنيا.

4. كان النبيُّ ﷺ يوضِّح للمؤمنين حقيقة الدنيا؛

فعن عبد الله بنِ عمرَ قال: أخَذَ رَسولُ اللهِ ﷺ بمَنْكِبِي، فَقالَ:

«كُنْ في الدُّنْيا كَأنَّكَ غَرِيبٌ أوْ عابِرُ سَبِيلٍ»، وكانَ ابنُ عُمَرَ، يقولُ: «إذا أمْسَيْتَ فلا تَنْتَظِرِ الصَّباحَ، وإذا أصْبَحْتَ فلا تَنْتَظِرِ المَساءَ، وخُذْ مِن صِحَّتِكَ لِمَرَضِكَ، ومِنْ حَياتِكَ لِمَوْتِكَ»

[1].

5. قال الحسن: الْمَوْتُ معقود في نَوَاصِيكم، والدنيا تُطوى من ورائكم [2].

6. نَسِيرُ إِلَى الْآجَالِ فِي كُلِّ لَحْظَةٍ = وَأَيَّامُنَا تُطْوَى وَهُنَّ مَرَاحِلُ

وَلَمْ أَرَ مِثْلَ الْمَوْتِ حَقًّا كَأَنَّهُ = إِذَا مَا تَخَطَّتْهُ الْأَمَانِيُّ بَاطِلُ

وَمَا أَقْبَحَ التَّفْرِيطَ فِي زَمَنِ الصِّبَا = فَكَيْفَ بِهِ وَالشَّيْبُ لِلرَّأْسِ شَامِلُ؟!

تَرَحَّلْ مِنَ الدُّنْيَا بِزَادٍ مِنَ التُّقَى = فَعُمْرُكَ أَيَّامٌ وَهُنَّ قَلَائِلُ

7. جَمَعُوا فَمَا أَكَلُوا الَّذِي جَمَعُوا = وَبَنَوْا مَسَاكِنَهُم فَمَا سَكَنُوا

فَكَأنَّهُمْ كَانُوا بِهَا ظُعُنًا = لَمَّا اسْتَراحُوا سَاعَةً ظَعَنُوا

8. أموالُنا لذَوِي الْمِيراثِ نَجمَعها = ودَارُنا لخَرَابِ البُومِ نَبنِيها

لا دارَ للمَرْءِ بعدَ الْمَوْتِ يَسْكُنُها = إلَّا الَّتِي كَانَ قَبْلَ الْمَوْتِ يَبْنِيها

فمَنْ بَنَاهَا بخَيْرٍ طَابَ مَسْكَنُهُ = ومَنْ بَنَاهَا بشَرٍّ خَابَ بَانِيها

9. وَأُوْصِيْكَ بِالتَّقْوَى لِرَبِّكَ إِنَّهُ = سَيَحْمَدُ تَقْوَاهُ الْمُوَفَّقُ في غَدِ

وَخُذْ لَكَ من دُنْيَاكَ زَادًا فَإِنَّمَا = أَقَامَكَ في الدُّنْيَا لأَخْذِ التَّزَوُّدِ

وَعَمَّا قَلِيْلٍ قَد أَنَاخَ رِكَابُنَا = بِقَصْرٍ خَلِيٍّ مُظْلِمِ الجَوِّ فَدْفَدِ

فَإِنَّ اللَّيَالِي كَالْمَرَاكِبِ تَحْتَنَا = تَرُوحُ بِنَا في كُلِّ حِينٍ وَتَغْتَدِي


المراجع

1. رواه البخاريُّ (6416).

2. "جامع العلوم والحكم" لابن رجب (2/ 382).

مشاريع الأحاديث الكلية