عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: «كَانَ النَّبِيُّ ﷺ يُعْجِبُهُ التَّيَمُّنُ فِي تَنَعُّلِهِ، وتَرَجُّلِهِ، وطُهُورِهِ، وفِي شَأْنِهِ كُلِّهِ»
عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: «كَانَ النَّبِيُّ ﷺ يُعْجِبُهُ التَّيَمُّنُ فِي تَنَعُّلِهِ، وتَرَجُّلِهِ، وطُهُورِهِ، وفِي شَأْنِهِ كُلِّهِ»
في الحديث أن النبيَّ ﷺ كان يُعجبه الابتداءُ باليمين في شؤونه؛ كلُبس نَعْلِه، فيَلبَس اليُمنى قبل اليُسرى، وفي تسريح شَعرِه، فيَبدَأ بالشِّقِّ الأيمن من رأسه ولحيته، وفي الطُّهور: يَبدَأ باليد اليُمنى، والرِّجل اليُمنى في الوضوء، وبالشِّقِّ الأيمن في الغسل.
لَمَّا جُعِلت القوَّة في اليمين، خُصَّ باليمين الأفضلُ فالأفضل، فكان الرسول ﷺ يقدِّم أهل اليمين، ويخصُّ الجانب الأيمنَ؛ لفَضْلِه [1].
قولُها: "وفي شأنه كلِّه" عامٌّ مخصوص؛ فإن دخول الخلاء والخروج من المسجد، يُبدَأ فيهما باليَسار، وكذلك ما يُشابههما [2].
4. يَدخُل في عموم قولها: "وفي شأنه كلِّه": حالةُ اللِّباس، والأكل، والشُّرب، والأخذ، والعطاء، والاكتحال، والسِّواك، وتقليم الأظفار، وقصُّ الشارب، ونَتْفُ الإبِط، وحَلْقُ الرأس، والمصافَحة، واستلامُ الحَجَر، وما أَشبَه ذلك [1].
5. هذه قاعدة مستمِرَّة في الشرع، وهي أن ما كان من باب التكريم والتشريف؛ كلُبْسِ الثوب والسراويلِ والخُفِّ، ودخول المسجد، والسِّواك، والاكتحال، وتقليم الأظفار، وقصِّ الشارب، وترجيل الشعر - وهو مَشْطُه - ونتف الإبط، وحلقِ الرأس، والسلامِ من الصلاة، وغَسل أعضاء الطهارة، والخروجِ من الخلاء، والأكلِ، والشُّرب، والمصافحة، واستلامِ الحجر الأسود، وغيرِ ذلك مما هو في معناه - يُستحبُّ التيامُن فيه [2].
6. ما كان بضدِّ التكريم والتشريف؛ كدخول الخلاء، والخروج من المسجد، والامتخاط، والاستنجاء، وخلع الثوب والسراويل والخفِّ، وما أشبَهَ ذلك، فيُستحَبُّ التياسُر فيه، وذلك كلُّه بكرامة اليمين وشَرَفِها [3].
7. استعمال الشمال في الطعام والشراب خُلق الشيطان؛ ففي الحديث: «إذا أكل أحدكم فليأكل بيمينه، وإذا شرب فليشرب بيمينه؛ فإن الشيطان يأكل بشماله، ويشرب بشماله» [4].
8. من مظاهر الربوبية لله - عزَّ وجلَّ – تفضيله سبحانه بعض الأماكن على بعضٍ، وبعضَ الأزمان على بعضٍ، وبعضَ الجهات على بعضٍ، ومن ذلك تفضيلُ اليَمين على الشمال؛ فقد سمَّى الله أصحاب الجنَّة أصحاب اليمين، وسمَّى أصحاب النار أصحاب الشمال، وأن المؤمنَ الذي سيَدخُل الجنَّة يَأخُذ كتابه بيمينه، وغيرَه يَأخُذه بشماله؛ فسببُ تفضيل اليمين هو الاختيار الربَّانيُّ، والتخصيص الإلهيُّ لها بالمزايا والفضائل، وتلك إحدى مظاهر الربوبية لله عزَّ وجلَّ، حيث ينفرد بتعظيم ما يشاء من خلقه، فهو الذي يفعل ما يشاء لحكمة يَعلَمها سبحانه .
9. التَّنَعُّلُ: لُبْسُ النَّعْلِ. وَالتَّرَجُّلُ: تَسْرِيحُ الشَّعْرِ. شَعْرٌ مُرَجَّلٌ؛ أي: مُسَرَّحٌ. وشَعْرٌ رَجْلٌ ورَجِلٌ، وقد رَجَّلَه صاحبُه: إذا سَرَّحَه ودَهَنَه.
10. معنى التَّيَمُّنِ في التَّنَعُّل: الْبُدَاءَة بالرِّجْل اليُمنى. ومعناه في التَّرَجُّل: الْبُدَاءَةُ بِالشِّقِّ الْأَيْمَن من الرأس في تسريحه ودَهْنِه.
11. معنى التَّيَمُّنِ في الطُّهُورِ: الْبُدَاءَةُ بِالْيَد الْيُمنى وَالرِّجْل الْيُمْنى في الْوُضوء، وبِالشِّقِّ الأيمن في الْغُسْلِ.