41 - تجنُّب الرِّدةِ من الكفرِ والشركِ الأكبر

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللهِ قَالَ: «بَادِرُوا بِالْأَعْمَالِ فِتَنًا كَقِطَعِ اللَّيْلِ الْمُظْلِمِ، يُصْبِحُ الرَّجُلُ مُؤْمِنًا وَيُمْسِي كَافِرًا، أَوْ يُمْسِي مُؤْمِنًا وَيُصْبِحُ كَافِرًا، يَبِيعُ دِينَهُ بِعَرَضٍ مِنَ الدُّنْيَا» 

هدايات الحديث

1- تَعَرَّف على الله في الرخاء يَعْرِفْكَ في الشدَّة.

2- مَنْ كان مُسْتَنًّا فَلْيَسْتَنَّ بمَنْ قد مات؛ فإنَّ الفتنةَ لا تُؤْمَنُ على حَيٍّ.

3- كان النبيُّ ﷺ يَتَعَوَّذُ من الفتن؛ يَقُولُ ﷺ: «اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ، ومِنْ عَذَابِ النَّارِ، ومِنْ فِتْنَةِ الْمَحْيَا والْمَمَاتِ، ومِنْ فِتْنَةِ الْمَسِيحِ الدَّجَّالِ»[1]

4- كان النبيُّ ﷺ يُكْثِرُ من قول: «يَا مُقَلِّبَ الْقُلُوبِ ثَبِّتْ قَلْبِي عَلَى دِينِكَ»[2]

5- سَارِعْ بالأعمالِ الصَّالِحَةِ قبل أن يطرأ ما يَشغَلك من فتنة أو مرض أو موت.

6- سَلِ اللَّهَ الهدايةَ إلى الحقِّ، والثباتَ عليه.

7- عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ:

قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ لِرَجُلٍ وَهُوَ يَعِظُهُ:

«اغْتَنِمْ خَمْسًا قَبْلَ خَمْسٍ: شَبَابَكَ قَبْلَ هَرَمِكَ، وَصِحَّتَكَ قَبْلَ سَقَمِكَ، وَغِنَاءَكَ قَبْلَ فَقْرِكَ، وَفَرَاغَكَ قَبْلَ شُغْلِكَ، وَحَيَاتَكَ قَبْلَ مَوْتِكَ»

[3]

8- قال الفُضَيْلُ بنُ عِيَاضٍ: "خمسٌ من علامات الشَّقاوة: القَسْوَةُ في القلب، وجُمود العَيْن، وقِلَّةُ الحياء، والرغبة في الدُّنيا، وطولُ الأمل" [4]

9- طولُ الأَمَلِ غُرورٌ وخِداعٌ؛ إذ لا ساعةَ من ساعاتِ العُمر إلا ويمكِن فيها انقضاءُ الأَجَل، فلا معنى لطُول الأمل المورِّثِ قسوةَ القلبِ، وتسليط الشيطان، وربما جرَّ إلى الطغيان[5]

10- يَعِيش الإنسانُ في هذه الدنيا عُمُرًا قصيرًا يَمُرُّ كالبَرقِ الخاطفِ في ظلام الليل، ولأن الأعمار قصيرةٌ؛ لا بُدَّ من عِمَارتِها بما يعودُ نفعُه على الإنسان في الدنيا والآخرة، ولا سبيلَ إلى ذلك إلا بتفريغِ القلب من حبِّ الدنيا، والتَّخَلُّصِ من طول الأمل.

11- لا سبيلَ للنجاة من الفِتَنِ إلا بالاعتصامِ بالله تعالى، وسُنَّةِ رسوله ﷺ.

12- اغتنم الفرصة، واجتهد في أعمال الخير والبرِّ عند التمكُّن منها، قبل هجوم الموانع.

13- ليَحذَرِ المؤمنُ، وليبادر الكَيِّس بالعمل الصالح، ولْيُسابقِ الزمن بفعل الحسنات قبل أن يَفُوت الأوان، فيكون حالُه كما قال الله تعالى عن المفرِّط في جَنْبِ الله:

( أَن تَقُولَ نَفۡسٞ يَٰحَسۡرَتَىٰ عَلَىٰ مَا فَرَّطتُ فِي جَنۢبِ ٱللَّهِ وَإِن كُنتُ لَمِنَ ٱلسَّٰخِرِينَ)

[الزمر: 56]

أو يقول: لو أن لي عُمُرًا لَأكوننَّ من العاملين، أو يقول: لولا أخَّرني ربِّي إلى أجل قريب فأصَّدَّق وأَكُنْ من الصالحين. والله تعالى يقول:

( وَلَن يُؤَخِّرَ ٱللَّهُ نَفۡسًا إِذَا جَآءَ أَجَلُهَاۚ وَٱللَّهُ خَبِيرُۢ بِمَا تَعۡمَلُونَ) 

[المنافقون: 11].

14- ينبغي للمؤمن أن يبادر بالأعمال الصالحة، وفعل الحسنات ما وَجَد إلى ذلك سبيلاً، قبل فوات أوانها، فيحقُّ عليه النَّدَم، ولاتَ حينَ مَنْدَمٍ!

15- متى صحَّت التقوى، رأيتَ كلَّ خير، والمتَّقي لا يُرائي الخَلق، ولا يتعرَّض لما يؤذي دينه، ومن حفظ حدود الله حفظه الله[6]

16- يدوم طيب القلب بدوام التقوى[7]

17- اغْتَنِمْ فِي الْفَرَاغِ فَضْلَ رُكُوعٍ = فَعَسَى أَنْ يَكُونَ مَوْتُكَ بَغْتَةْ 

كَمْ صَحِيحٍ قد مَاتَ مِنْ غَيْرِ سُقْمٍ = ذَهَبَتْ نَفْسُهُ الصَّحِيحَةُ فَلْتَةْ 

18- مَضَى أَمْسُكَ الْمَاضِي شَهِيدًا مُعَدَّلًا = وَأَعْقَبَهُ يَوْمٌ عَلَيْكَ جَدِيدُ

فَإِنْ كُنْتَ بِالْأَمْسِ اقْتَرَفْتَ إِسَاءَةً = فَثَنِّ بِإِحْسَانٍ وَأَنْتَ حَمِيدُ

فَيَوْمُكُ إِنْ أَعْقَبْتَهُ عَادَ نَفْعُهُ = عَلَيْكَ وَمَاضِي الْأَمْسِ لَيْسَ يَعُودُ

وَلَا تُرْجِ فِعْلَ الْخَيْرِ يَوْمًا إِلَى غَدٍ = لَعَلَّ غَدًا يَأْتِي وَأَنْتَ فَقِيدُ

19- مِلَاكُ الأَمْرِ تَقْوَى اللهِ فَاجْعَلْ = تُـَقَاهُ عُدَّةٌ لِـَصلاحِ أَمْرِكْوَبَـادِرْ نَحْوَ طَاعَتِهِ بِعَزْمٍ = فَمَا تَدْرِي مَتَى يَمْضِي بِعُمْرِكْ

20- حَنانَيْكَ بادِرْهَا بخيرٍ فإنَّما = على الآلةِ الحدْبَا سريعًا سَتُحْمَلُإذا كنتَ قد أيقَنْتَ بالموتِ والفَنَا = وبالبعثِ عمَّا بعدَه كيفَ تَغْفُلُ؟!

أيَصْلُحُ إِهمالُ الْمَعادِ لِمُنْصِفٍ = ويَنْسَى مَقامَ الحشرِ من كان يَعقِلُ؟!


21- فَإِنْ رُمْتَ أن تَحْظى بنَيْل سعادةٍ = وَتُعْطى مَقَامَ السالكينَ الأَمَاجِدِ

فَبَادِرْ بِتَقْوَى اللهِ واسْلُكْ سبيلَها = ولا تَتَّبِعْ غَيَّ الرَّجيم الْمُعَانِدِ

وَإِيَّاكَ دُنْيا لا يَدُومُ نَعِيمُهَا = وَإِنَّكَ صَاحِ لَسْتَ فِيْهَا بِخَالِدِ

تَمَسَّكْ بِشَرْعِ اللهِ وَالْزَمْ كِتَابَهُ = وَبِالعِلْمِ فاعْمَلْ تَحْوِ كُلَّ الْمَحَامِدِ

22- فَبادِرْ إِذَا ما دَامَ في العُمْرِ فُسْحَةٌ = وَعَدْلُكَ مقْبُولٌ وصَرفُكَ قَيِّمُ

وَجُدَّ وَسَارِعْ واغْتَنِمْ زَمنَ الصِّبَا = ففي زَمَنِ الإمْكَانِ تَسْعَى وَتَغْنَمُ

وَسِرْ مُسْرِعًا فالموتُ خَلْفَكَ مُسْرِعًا = وَهَيْهَاتَ مَا مِنْهُ مَفَرٌّ وَمَهْزَمُ

المراجع

  1.  رواه البخاريُّ (1311).
  2.  رواه أحمد (12107)، والترمذيُّ (2140)، وابن ماجه (3834)، وصححه الألبانيُّ في "صحيح الجامع" (4801).
  3. رواه الحاكم في "المستدرك على الصحيحين" (7846)، وقال: هذا حديث صحيحٌ على شرط الشَّيخَين ولم يُخَرِّجاه، وصحَّحه الألبانيُّ في "صحيح الترغيب والترهيب" (3355).
  4.  رواه البيهقيُّ في "شعب الإيمان" (10/182)، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" (48/416).
  5.  "فيض القدير" للمناويِّ (5/417).
  6.  "صيد الخاطر" لابن الجوزيِّ (ص: 509).
  7.  "صيد الخاطر" لابن الجوزيِّ (ص: 410).

مشاريع الأحاديث الكلية