عن النُّعْمانِ بنِ بَشيرٍ – رضي الله عنهما - قال: سمعتُ رسولَ اللهِ ﷺ يقول - وأَهْوى النُّعمانُ بإصْبَعَيْهِ إلى أُذُنَيْهِ -: «إنَّ الحَلالَ بَيِّنٌ، وإنَّ الحَرامَ بَيِّنٌ، وبَيْنَهُما مُشْتَبِهاتٌ لا يَعْلَمُهُنَّ كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ،  فَمَنِ اتَّقى الشُّبُهاتِ اسْتَبْرَأَ لِدِينِهِ وعِرْضِهِ، ومَن وقَعَ في الشُّبُهاتِ وقَعَ في الحَرامِ، كالرَّاعِي يَرْعى حَوْلَ الحِمى، يُوشِكُ أنْ يَرْتَعَ فِيهِ، ألا وإنَّ لِكُلِّ مَلِكٍ حِمًى، ألا وإنَّ حِمى اللهِ مَحارِمُهُ، ألا وإنَّ في الجَسَدِ مُضْغَةً، إذا صَلَحَتْ صَلَحَ الجَسَدُ كُلُّهُ، وإذا فَسَدَتْ فَسَدَ الجَسَدُ كُلُّهُ، ألا وهي القَلْبُ».

عناصر الشرح

غريب الحديث:

الحِمى: أيُّ محظورٍ لا يُقرَب[1].

يرتَعُ: تأكل فيها الماشيةُ[2].

مُضغة: قطعة لحم[3].

المراجع

  1. "مختار الصحاح" للرازيِّ، مادَّة (ح م ي).
  2. "مختار الصحاح" للرازيِّ، مادَّة (ر ت ع).
  3. "مختار الصحاح" للرازيِّ، مادَّة (م ض غ).


المعنى الإجماليُّ للحديث:

يروي النُّعْمانُ بنُ بَشيرٍ – رضي الله عنهما – ما سمعه من رسول اللهِ ﷺ وقد أَهْوى النُّعمانُ بإصْبَعَيْهِ إلى أُذُنَيْهِ يُشير إلى أنه سمعه بأُذنيه مباشرةً من النبيِّ ﷺ، يقول ﷺ: «إنَّ الحَلالَ بَيِّنٌ»؛ أي: إن ما أحلَّه الله وأباحه واضحٌ لا اشتباهَ فيه. «وإنَّ الحَرامَ بَيِّنٌ»؛ وإن ما حرَّمه الله، وقام الدليلُ على تحريمه، واضحٌ لا اشتباهَ فيه. «وبَيْنَهُما مُشْتَبِهاتٌ لا يَعْلَمُهُنَّ كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ»؛ أي: بين الحلال والحرام أمورٌ تَشتَبِهُ على كثير من الناس، هل هي من الحلال أو من الحرام؟ «فَمَنِ اتَّقى الشُّبُهاتِ اسْتَبْرَأَ لِدِينِهِ وعِرْضِهِ»؛ أي: فمن اتَّقى الشُّبهاتِ، حَصَل له البَراءةُ لدينه من الذمِّ الشرعيِّ، وصَانَ عِرْضَه عن كلام الناس فيه. «ومَن وقَعَ في الشُّبُهاتِ وقَعَ في الحَرامِ» حيث يتساهل ويتجرَّأ على تعاطي الشُّبهات حتى يقعَ في الحرام عمدًا، أو أنه من جُرأته على تَعاطي الشُّبُهاتِ يُصادف الحرام، وإن لم يتعمَّدْه. «كالرَّاعِي يَرْعى حَوْلَ الحِمى، يُوشِكُ أنْ يَرْتَعَ فِيهِ»؛ أي: إن حاله مثلُ الراعي الذي يرعى حولَ حمى الملِك، فإن تساهُله يؤدِّي به إلى أن يقارب الوقوع في حمى الملك. «ألا وإنَّ لِكُلِّ مَلِكٍ حِمًى» معناه: أن لكل مَلِك من ملوك الدنيا حمًى يَحميه عن الناس، ومَن دخله منهم أوقع به العقوبة. «ألا وإنَّ حِمى اللهِ مَحارِمُهُ» ولله تعالى أيضًا حمًى، وهي محارمُه التي حرَّمها. «ألا وإنَّ في الجَسَدِ مُضْغَةً، إذا صَلَحَتْ، صَلَحَ الجَسَدُ كُلُّهُ، وإذا فَسَدَتْ، فَسَدَ الجَسَدُ كُلُّهُ، ألا وهي القَلْبُ» إن في جسد الإنسان قطعةً صغيرة من اللحم، بها صلاح الجسد وفساده، وهي القلب.

الشرح المفصَّل للحديث:

شَرَع اللهُ تعالى لعباده ما ينفُعهم في دينهم ودنياهم، فأحلَّ لهم الطيِّباتِ، وحرَّم عليهم الخبائثَ، وفي هذا الحديث يُبيِّن النبيُّ ﷺ الحلالَ والحرامَ والأمورَ المشتبِهةَ بينَهما، فيقول: «إن الحلالَ بيِّنٌ، وإن الحرامَ بيِّنٌ»؛ أي: إن الحلالَ الْمَحْضَ - وهو ما أحلَّه الله وأباحه - واضحٌ لا اشتباهَ فيه، وكذلك الحرامُ الْمَحْضُ - وهو ما قام الدليل على تحريمه - واضحٌ لا اشتباهَ فيه. «وبينَهما أمورٌ مُشتبِهاتٌ لا يعلمُهنَّ كثيرٌ من الناس»؛ أي: بين الحلال والحرام أمورٌ تَشتَبِهُ على كثير من الناس، هل هي من الحلال أو من الحرام؟ وليس المراد أنها في نفْسها مشتبِهةٌ؛ لأن الله تعالى بعث رسوله ﷺ مُبيِّنًا للأُمَّة جميعَ ما يحتاجونه في دينهم[1].

فمن الحلال المحضِ: أكلُ الطيِّبات من الزُّروع، والثِّمار، وبهيمة الأنعام، وشُربُ الأشربة الطيِّبة، ولُبْس ما يُحتاج إليه من القُطن والكتّان والصُّوف، والزواجُ، وغيرُ ذلك.
ومن الحرام المحض: أكلُ الْمَيْتَة، والدمِ، ولحمِ الخِنزير، وشُربُ الخَمر، ولِباسُ الحرير للرجال، وأكلُ الرِّبا، والْمَيْسِرُ، وغيرُ ذلك.
وهناك أمورٌ متردِّدةٌ بين التحليل والتحريم، وهي كلُّ ما تتنازَعُه الأدلَّةُ من الكتاب والسُّنة، وتتجاذَبُه المعاني، فهي المتشابِهات، وهذا القِسْمُ يجهله كثيرٌ من الناس، وإنما يَعلَمها العلماءُ بنصٍّ، أو قياس، أو استصحاب، أو غيرِ ذلك من الأدلَّة[2].

فما تَرَك الله ورسوله حلالًا ولا حرامًا إلا وهو واضحٌ بيِّنٌ؛ "لكن تفاوَتَ بعضُه؛ فمنه ما هو أظهرُ بيانًا من بعض، فما ظهر بيانُه واشتَهَر، وعُلم من الدين بالضرورة من ذلك، لم يبقَ فيه شكٌّ، ولا يُعذَر أحدٌ بجهله في بلد يَظهَر فيه الإسلامُ"[3]. 

وقوله ﷺ: «فمَنِ اتَّقَى الشُّبهات، فقد استبرأ لدينه وعِرضه»؛ أي: حَصَل له البَراءةُ لدينه من الذمِّ الشرعيِّ، وصَانَ عِرضَه عن كلام الناس فيه.

وقوله ﷺ: «ومَن وقع في الشُّبُهات وقع في الحرام»، ووقوعه في الحرام يَحتمِل وجهين:

أولهما: أنه من كثرة تَعاطيه الشُّبُهاتِ يُصادف الحرام، وإن لم يتعمَّدْه.

والآخَر: أنه يَعتَاد التساهُلَ، ويتمرَّن عليه، ويَجسُر على شُبهة، ثم أخرى أَغلَظَ منها، حتى يقعَ في الحرام عمدًا[4].

قيل: المشتبِهات ثلاثة أقسام:

• منها ما يَعلَم الإنسانُ أنه حرامٌ، ثم يشُكُّ فيه، هل زال تحريمُه أو لا؟ كالذي يَحرُم على المرء أكلُه قبل الذَّكاة إذا شكَّ في ذَكاته، لم يزُلْ التحريمُ إلا بيقين الذَّكاة. 

• والثاني عكسُ ذلك، وهو أن يكون الشيءُ حلالًا، فيَشُكَّ في تحريمه؛ كرجل له زوجةٌ، فشَكَّ في طلاقها. فما كان من هذا القسم فهو على الإباحة حتى يَعلَم تحريمه.

• والقسم الثالث: أن يَشُكَّ في شيء، فلا يَدْري أحلالٌ أم حرام؟ ويحتمل الأمرين جميعًا ولا دلالةَ على أحدهما، فالأحسنُ التنزُّهُ؛ كما فعل النبيُّ ﷺ في التَّمْرةِ الساقطة حين وجدَها في بيته، فقال: «لولا أني أخاف أن تكون من الصَّدَقَة لأكلتُها»[5].

وقوله ﷺ: «كالراعي يَرْعى حولَ الحمى يوشِك أن يرتعَ فيه»؛ أي: إن حاله مثل الراعي الذي يرعى حولَ حمى الملِك، فإن تساهله يؤدِّي به إلى أن يقارب الوقوع في الحمى. ووجه التشبيه هو حصولُ العقاب بعدم الاحتراز في ذلك، كما أن الراعيَ إذا جرَّه رعيُه حول الحِمى إلى وقوعه، استحقَّ العقاب لذلك، فكذا مَن أكثَرَ من الشُّبهات، وتعرَّض لمقدِّماتها، وقعَ في الحرام، فاستحقَّ العقاب[6]. 

وقوله ﷺ: «ألا وإن لكلِّ ملك حمًى، ألا وإن حمى الله محارمُه»، معناه: أن الملوك من العرب وغيرهم يكون لكلِّ مَلك منهم حمًى يَحميه عن الناس، ويمنعهم من دخوله، فمَن دخله أوقع به العقوبة، ومَن احتاط لنفْسه لا يقارب ذلك الحمى؛ خوفًا من الوقوع فيه. ولله تعالى أيضًا حمًى، وهي محارمُه؛ أي: المعاصي التي حرَّمها؛ كالقتل، والزنا، والسرقة وأشباهها، فكلُّ هذا حمى الله، مَن دخلَه بارتكابه شيئًا من المعاصي استحقَّ العقوبة، ومَن قاربَه يوشكُ أن يقع فيه، فمن احتاط لنفْسه ولم يقاربْه فلا يتعلَّق بشيء يقرِّبه من المعصية، ولا يدخل في شيء من الشبهات[7].

 وقوله ﷺ: «ألا وإن في الجسد مُضغة» هي القطعةُ من اللحم، سُمِّيت بذلك؛ لأنها تُمضَغ في الفم لصغرها، والمراد تصغيرُ القلب بالنسبة إلى باقي الجسد. «إذا صلَحت صلَح الجسدُ كله، وإذا فسدت فسَدَ الجسدُ كله».

المراجع

  1. انظر: "جامع العلوم والحكم" لابن رجب (1/194)، و"إرشاد الساري" للقسطلانيِّ (4/7).
  2. انظر: "شرح الأربعين النووية" لابن دقيق (44)، و"شرح النوويِّ على مسلم" (4/190).
  3. "الأحاديث النبوية الكلية التي عليها مدار أحكام الإسلام" لصالح أحمد الشامي (ص: 59).
  4. "شرح النوويِّ على مسلم" (4/190).
  5. رواه البخاريُّ (2431)، ومسلم (1071). وانظر: "شرح الأربعين النووية" لابن دقيق العيد (46).
  6. انظر: "جامع العلوم والحكم" لابن رجب (1/194)، و"إرشاد الساري" للقسطلانيِّ (4/7).
  7. "شرح النوويِّ على مسلم" (4/190).


النقول:

قال النوويُّ رحمه الله: "أَجمَع العلماء على عِظَم وَقْع هذا الحديث وكثرة فوائده، وأنّه أحد الأحاديث الّتي عليها مَدَار الإسلام. قال جماعة: هو ثُلُثُ الإسلام، وإن الإسلام يَدُور عليه وعلى حديث «الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّةِ»، وحديثِ «مِنْ حُسْنِ إِسْلَامِ المرء تركه ما لا يَعْنِيه»، وقال أبو داود السَّخْتيانيُّ: يدور الإسلام على أربعة أحاديثَ: هذه الثلاثة: حديث: «الحلال بيّن والحرام بيِّن»، وحديث: «الأعمال بالنيَّة»، وحديث: «مِن حُسن إسلام المرءِ ترْكُه ما لا يَعنيه»، وحديث: «لا يؤمن أحدكم حتى يُحِبَّ لأخيه ما يحبُّ لنفسه»، وقيل: حديث «ازهد في الدنيا يحبَّك الله، وازهد ما في أيدي الناس يحبَّك الناس»، قال العلماء: وسبب عِظَم موقعه أنّه ﷺ نبَّه فيه على إصلاح الْمَطعَم والْمَشرَب والْمَلبَس وغيرها، وأنّه ينبغي ترك المشتبِهات؛ فإنّه سبب لحماية دينه وعِرْضه، وحذَّر من مُوَاقعة الشُّبهات، وأوضح ذلك بضرب المثل بالحِمَى، ثمّ بيَّن أهمَّ الأمور، وهو مُراعاة القلب، فقال ﷺ: «ألا وإن في الجسد مضغةً...» إلى آخره، فبيَّن ﷺ أن بصلاح القلب يَصلُح باقي الجسد، وبفساده يفسد باقيه"[1].

قال ابن حجر رحمه الله: "قَوْلُهُ: «الْحَلَالُ بَيِّنٌ وَالْحَرَامُ بَيِّنٌ..» إِلَخ، فيه تقسيم الأحكام إلى ثلاثة أشياء، وهو صحيح؛ لأنّ الشّيء إمّا أن يُنصَّ على طلبه مع الوعيد على تركه، أو يُنصَّ على تركه مع الوعيد على فِعله، أو لا يُنصَّ على واحد منهما؛ فالأوّل: الحلال البيِّن، والثّاني: الحرام البيّن، والثّالث: مشتبِه لخفائه، فلا يُدرى هل هو حلال أو حرام؟ وما كان هذا سبيلَه، ينبغي اجتنابه؛ لأنّه إن كان في نفس الأمر حرامًا، فقد برئ من تَبِعتها، وإن كان حلالًا، فقد أُجِر على تركها بهذا القصد؛ لأنّ الأصل في الأشياء مختلَف فيه حظرًا وإباحةً، والأوّلان قد يُردَّان جميعًا؛ فإن عُلِم المتأخّر منهما، وإلّا فهو من حيّز القسم الثّالث"[2].

قال النوويُّ رحمه الله: "قَوْلُهُ: «عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ، وَأَهْوَى النُّعْمَانُ بِإِصْبَعَيْهِ إِلَى أُذُنَيْهِ» هذا تصريح بسماع النّعمان عن النّبيّ ﷺ وهذا هو الصّواب الّذي قاله أهل العراق وجماهير العلماء. قال القاضي، وقال يحيى بن معين: إنّ أهل المدينة لا يُصِحُّون سماع النّعمان من النّبيِّ ﷺ وهذه حكاية ضعيفة أو باطلة واللّه أعلم. قوله ﷺ: «ومن وقع في الشّبهات وقع في الحرام»: يَحتمِل وجهين؛ أحدهما: أنّه من كثرة تعاطيه الشّبهات يصادف الحرام وإن لم يتعمَّده، وقد يأثم بذلك إذا نسب إلى تقصير. والثّاني: أنّه يعتاد التّساهل ويتمرّن عليه، ويَجسُر على شُبْهة، ثمّ شُبهة أغلظ منها، ثمّ أخرى أغلظ، وهكذا حتّى يقع في الحرام عمدًا، وهذا نحو قول السّلف: المعاصي بريد الكفر؛ أي: تَسُوق إليه، عافانا اللّه تعالى من الشّرِّ"[3].

قال ابن دقيق العيد رحمه الله: "وقد اختلف العلماء في المشتبِهات التي أشار إليها النبيُّ ﷺ في هذا الحديث، فقالت طائفة: هي حرامٌ؛ لقوله: «استبرأ لدينه وعرضه»" قالوا: ومن لم يستبرئ لدينه وعِرضه، فقد وقع في الحرام، وقال الآخرون: هي حلال؛ بدليل قوله ﷺ في الحديث: «كالراعي يرعى حول الحمى»، فيدلُّ على أن ذلك حلال، وأن تركه وَرَع. وقالت طائفة أخرى: المشتبِهات المذكورة في هذا الحديث لا نقول: إنها حلال، ولا إنها حرام؛ فإنه ﷺ جعلها بين الحلال البيِّن والحرام البيِّن، فينبغي أن نتوقَّف عنها، وهذا من باب الورَعَ أيضًا"[4].

قال ابن رجب رحمه الله: "ومعنى الحديث: أن الله أنزل كتابه، وبيَّن فيه حلاله وحرامه، وبيَّن النبيُّ ﷺ لأمَّته ما خَفِي من دلالة الكتاب على التحليل والتحريم، فصرَّح بتحريم أشياءَ غيرِ مصرَّح بها في الكتاب، وإن كانت عامَّتها مستنبَطةً من الكتاب، وراجعةً إليه، فصار الحلال والحرام على قسمين: أحدهما: ما هو واضحٌ لا خَفَاءَ به على عموم الأمة؛ لاستفاضته بينهم وانتشاره فيهم، ولا يَكاد إلا على من نشأ ببادية بعيدة عن دار الإسلام؛ فهذا هو الحلال البيِّن، والحرام البيِّن. ومنه: ما تحليلُه وتحريمُه لعَيْنِه؛ كالطيِّبات من المطاعم والمشارب والملابس والْمَناِكح والخبائث من ذلك كلِّه، ومنه: ما تحليلُه وتحريمه من جهة كَسْبِه؛ كالبيع والنكاح والهبة والهديَّة، وكالربا والقمار والزنا والسرقة والغصب والخيانة وغير ذلك. القسم الثاني: ما لم ينتشر تحريمه وتحليله في عموم الأمة؛ لخفاء دلالة النص عليه، ووقوع تنازع العلماء فيه، ونحوِ ذلك، فيَشتبِه على كثير من الناس، هل هو من الحلال أو من الحرام؟ وأما خواصُّ أهل العلم الراسخون فيه، فلا يَشتبِه عليهم؛ بل عندهم من العلم الذي اختُصُّوا به عن أكثر الناس ما يستدِلُّون به على حِلِّ ذلك أو حُرمته، فهؤلاء لا يكون ذلك مشتبِهًا عليهم؛ لوضوح حُكمه عندهم. أما من لم يَصِلْ إلى ما وصلوا إليه، فهو مشتبِهٌ عليه؛ فهذا الذي اشتَبَه عليه إن اتَّقَى ما اشتَبَه عليه حِلُّه وحرمته، واجتنبه، فقد استبرأ لدينه وعِرضه؛ بمعنى: أنه طلب لهما البراءة مما يَشِينهما... وهذا هو الورع، وبه يحصل كمال التقوى"[5].

قال النوويُّ رحمه الله: "وأما قوله ﷺ: «الحلال بيّن والحرام بيّن»، فمعناه أنّ الأشياء ثلاثة أقسام: حلال بيِّن واضح لا يخفى حِلُّه؛ كالخُبز والفواكه والزّيت والعسل والسَّمن، ولبن مأكول اللّحم وبيضه، وغير ذلك من المطعومات، وكذلك الكلامُ والنّظر والمشيُ وغير ذلك من التّصرُّفات، فيها حلال بيِّن واضح لا شكَّ في حِلِّه، وأمّا الحرام البيِّن؛ فكالخمر والخنزير والميتة والبول والدم المسفوح، وكذلك الزنا والكذب والغِيبة والنّميمة والنّظر إلى الأجنبيّة، وأشباه ذلك، وأمّا المشتبِهات فمعناه أنّها ليست بواضحة الحِلِّ ولا الحُرمة؛ فلهذا لا يعرفها كثير من النّاس، ولا يعلمون حُكمها، وأمّا العلماء فيعرفون حكمها بنصٍّ أو قياس أو استصحاب أو غير ذلك، فإذا تردَّد الشّيء بين الحِلِّ والحُرمة ولم يكن فيه نصٌّ ولا إجماع، اجتهد فيه المجتهد فألحقه بأحدهما بالدّليل الشرعيِّ، فإذا ألحقه به صار حلالاً، وقد يكون دليله غيرَ خال عن الاحتمال البيِّن، فيكون الوَرَعُ تركَه، ويكون داخلًا في قوله ﷺ: «فمن اتّقى الشّبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه»، وما لم يظهر للمجتهد فيه شيء وهو مشتبِه، فهل يؤخذ بحِلِّه أم بحرمته أم يُتوقَّف فيه؟ ثلاثة مذاهب حكاها القاضي عياض وغيره، والظّاهر أنّها مخرَّجة على الخلاف المذكور في الأشياء قبل ورود الشّرع، وفيه أربعة مذاهب. 

لأصحُّ أنّه لا يُحكَم بحِلٍّ ولا حُرمة ولا إباحة ولا غيرها؛ لأنّ التّكليف عند أهل الحقّ لا يَثبُت إلّا بالشّرع، والثّاني أنّ حكمها التّحريم، والثّالث الإباحة، والرّابع التّوقُّف، واللّه أعلم"[6].
قال ابن دقيق العيد رحمه الله: "وقوله ﷺ: «لا يعلمهن كثير من الناس»؛ أي: لا يعلم حُكمَهن من التحليل والتحريم، وإلا فالذي يَعلَم الشُّبهة يعلمها من حيث إنها مشكِلة لتردُّدها بين أمور محتمَلة، فإذا علم بأيِّ أصل يَلتحِق، زال كونُها شُبهةً، وكانت إما من الحلال أو من الحرام، وفيه دليلٌ على أن الشُّبهة لها حكم خاصٌّ بها يدلُّ عليه دليل شرعيٌّ يمكِن أن يصل إليه بعض الناس. وقوله: «فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه» مما يَشتبِه. وأما قوله: «ومَن وقع في الشبهات وقع في الحرام»، فذلك يكون بوجهين؛ أحدهما: أن من لم يتَّقِ الله وتجرَّأ على الشُّبهات، أفضت به إلى المحرَّمات، ويحمله التساهل في أمرها على الجُرأة على الحرام؛ كما قال بعضهم: الصغيرة تجرُّ الكبيرة، والكبيرةُ تجرُّ الكُفْرَ، وكما رُوِي: المعاصي بَرِيد الكُفر.

الوجه الثاني: أن مَن أَكثَر من مُواقَعة الشُّبهات أَظلَم عليه قلبُه؛ لفُقدان نور العلم، ونور الوَرَع، فيقع في الحرام وهو لا يَشعُر به، وقد يَأثَم بذلك إذا تسبَّب منه إلى تقصير. وقوله ﷺ: «كالراعي يرعى حول الحمى يوشك أن يقع فيه»: هذا مَثَلٌ ضَرَبه لمحارم الله عزَّ وجلَّ، وأصله أن العرب كانت تحمي مراعيَ لمواشيها، وتَخرُج بالتوعُّد بالعقوبة لمن قَربها، فالخائف من عقوبة السلطان يَبعُد بماشيته عن ذلك الحمى؛ لأنه إن قَرُب منه، فالغالبُ الوقوعُ فيه؛ لأنه قد تَنفرِد الفاذَّة وتَشِذُّ الشاذَّة، ولا ينضبط، فالحَذَرُ أن يَجعَل بينه وبين ذلك الحمى مسافةً يَأمَن فيها وقوعَ ذلك، وهكذا محارمُ الله عزَّ وجلَّ من القتل والربا والسرقة وشرب الخمر"[7].

قال ابن رجب رحمه الله: "«ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام؛ كراعي يرعى حول الحمى يوشك أن يرتع فيه». ومعنى هذا: أن من وقع في الشبهات كان جديرًا بأن يقع في الحرام بالتدريج؛ فإنه يسامح نفسه في الوقوع في الأمور المشتبهة، فتدعوه نفسه إلى مواقعة الحرام بعده... ومن هنا كان السلف يحبُّون أن يجعلوا بينهم وبين الحرام حاجزًا من الحلال يكون وقايةً بينهم وبين الحرام، فإن اضطُرُّوا واقعوا ذلك الحلال ولم يتعدَّوه، وأما من وقع في المشتبِه، فإنه لا يبقى له إلا الوقوع في الحرام المحضِ، فيوشك أن يتجرَّأ عليه ويَجسُر. وقوله: «ألا وإن لكل ملك حمى، وإن حمى الله في الأرض محارمه»: ضَرَب مثلاً لمحارم الله بالحمى الذي يحميه الملك من الأرض، ويمنع الناس من الدخول إليه، فمن تباعد عنه فقد توقَّى سَخَط الملك وعُقوبته، ومن رعى بقُرب الحمى، فقد تعرَّض لمساخِط الْمَلِك وعقوبته؛ لأنه ربما دعته نفسه إلى الولوج في أطراف الحمى؛ وفي هذا دليل على سدِّ الذرائع والوسائل إلى المحرَّمات، كما يَحرُم الخَلْوَة بالأجنبية... وفي الحديث دليل على صحة القياس وتمثيل الأحكام وتشبيهها، وفيه دليلٌ على أن الْمُصِيب من المجتهِدين في مسائل الاشتباه واحد؛ لأنه جعل المشتبِهاتِ لا يَعلَمها كثير من الناس، مع كون بعضهم في طلب حُكمها مجتهدين، فدلَّ على أن من يَعلَمها هو الْمُصيب العالِم بها دون غيره ممن هي مشتبِهة عليه، وإن كان قد يجتهد في طلب حُكمها، ويصير إلى ما أدَّاه إليه اجتهاده وطلبُه. ثم ذكر النبيُّ ﷺ كلمة جامعة لصلاح حركات ابن آدم وفسادها، وأن ذلك كلَّه بحسَب صلاح القلب وفساده، فإذا صَلَح القلب صَلَحت إرادته، وصلحت جميع الجوارح، فلم تَنبَعث إلى طاعة الله واجتناب سخطه، فقَنَعت بالحلال عن الحرام، وإذا فسد القلب فسدت إرادته، ففسدت الجوارح كلُّها، وانبعث في معاصي الله عزَّ وجلَّ، وما فيه سَخَطُه، ولم تَقنَع بالحلال؛ بل أسرعت في الحرام بحسب هوى القلب، ومَيله عن الحقِّ، فالقلب الصالحُ هو القلب السليم الذي لا يَنفَع يومَ القيامة عند الله غيرُه، وهو أن يكون سليمًا عن جميع ما يكرهه اللهُ من إرادة ما يكرهه الله ويسخطه، ولا يكون فيه سوى محبَّة الله وإرادته ومحبَّة ما يحبُّه الله، وإرادة ذلك وكراهة ما يكرهه الله والنُّفور عنه.

والقلب الفاسد: هو القلب الذي فيه الْمَيل على الأهواء المضِلَّة، والشهوات المحرَّمة، وليس فيه من خشية الله ما يكفُّ الجوارح عن اتِّباع هوى النفس؛ فالقلب ملك الجوارح وسلطانُها، والجوارح جنوده ورعيَّته المطيعة له المنقادة لأمره، فإذا صلح الملك، صلحت رعاياه وجنوده المطيعة له المنقادة لأوامره، وإذا فسد الملك، فسدت جنوده ورعاياه المطيعة له المنقادة لأوامره ونواهيه"[8].

قال النوويُّ رحمه الله: "قَوْلُهُ ﷺ: «فَقَدِ اسْتَبْرَأَ لِدِينِهِ وَعِرْضِهِ»؛ أي: حَصَل له البراءة لدينه من الذّمِّ الشّرعيِّ، وصان عِرضه عن كلام النّاس فيه. قوله ﷺ: «إنّ لكلّ ملك حمًى، وإن حمى اللّه محارمه» معناه أنّ الملوك من العرب وغيرهم يكون لكلِّ مَلِك منهم حمًى يحميه عن النّاس،  ويمنعهم دخوله، فمن دخله أوقع به العقوبة، ومن احتاط لنفسه لا يقارب ذلك الحمى؛ خوفًا من الوقوع فيه، وللّه تعالى أيضًا حمًى وهي محارمه؛ أي: المعاصي الّتي حرّمها اللّه؛ كالقتل والزّنا والسّرقة والقذف والخمر والكذب والغِيبة والنّميمة وأكل المال بالباطل وأشباه ذلك؛ فكلُّ هذا حمى اللّه تعالى، من دخله بارتكابه شيئًا من المعاصي استحقَّ العقوبة، ومن قاربه يوشك أن يقع فيه، فمن احتاط لنفسه لم يقاربه، ولا يتعلَّق بشيء يقرِّبه من المعصية، فلا يدخل في شيء من الشّبهات"[9].

قال ابن دقيق العيد رحمه الله: وقال بعض العلماء: المشتبِهات ثلاثةُ أقسامٍ: منها ما يَعلَم الإنسانُ أنه حرامٌ، ثم يشُكُّ فيه، هل زال تحريمُه أو لا؟ كالذي يَحرُم على المرء أكلُه قبل الذَّكاة إذا شكَّ في ذَكاته، لم يَزُلْ التحريمُ إلا بيقين الذَّكاة، والثاني عكسُ ذلك، وهو أن يكون الشيءُ حلالًا، فيَشُكَّ في تحريمه؛ كرجل له زوجةٌ، فشَكَّ في طلاقها، فما كان من هذا القسم فهو على الإباحة حتى يَعلَم تحريمه، والقسم الثالث: أن يَشُكَّ في شيء، فلا يَدْري أحلالٌ أم حرام؟ ويَحتمِل الأمرين جميعًا، ولا دلالةَ على أحدهما، فالأحسنُ التنزُّهُ؛ كما فعل النبيُّ ﷺ في التَّمْرةِ الساقطة حين وجدَها في بيته، فقال: «لولا أني أخاف أن تكون من الصَّدَقَة لأكلتُها»[10]"[11].

قال ابن القيم رحمه الله: "ولَمَّا كان القلب لهذه الأعضاء كالْمَلِك المتصرِّف في الجنود، الذي تَصدُر كلُّها عن أمره، ويستعملها فيما شاء، فكلُّها تحت عبوديَّته وقهرِه، وتكتسب منه الاستقامةَ والزَّيغ، وتَتبَعه فيما يَعقِده من العَزْمِ أو يَحُلُّه، قال النبيُّ ﷺ: «ألا وإن في الجسد مضغة، إذا صَلَحت صَلَح الجسد كلُّه»، فهو مَلِكُها، وهي المنفِّذة لما يَأمُرها به، القابلةُ لِما كان يأتيها من هديَّته، ولا يستقيم لها شيء من أعمالها حتى تَصدُر عن قصده ونيَّتِه، وهو المسؤول عنها كلِّها؛ لأن كلَّ راعٍ مسؤول عن رعيَّته - كان الاهتمام بتصحيحه وتسديده أولى ما اعتمد عليه السالكون، والنَّظَر في أمراضه وعلاجها أهمُّ ما تنسَّك به الناسِكون.

ولَمَّا عَلِم عدوُّ الله إبليسُ أن الْمَدَار على القلب، والاعتمادَ عليه، أَجلَب عليه بالوَساوس، وأَقبَل بوجوه الشَّهوات إليه، وزيَّن له من الأقوال والأعمال ما يصدُّه عن الطريق، وأَمَدَّه من أسباب الغيِّ بما يَقطَعه عن أسباب التوفيق، ونَصَبَ له من المصايد والحبائل ما إن سَلِم من الوقوع فيها، لم يَسلَم من أن يَحصُل له بها التعْوِيق، فلا نجاةَ من مصايده ومكايده إلا بدوام الاستعانة بالله تعالى، والتعريض لأسباب مَرْضَاته، والْتِجَاء القلب إليه، وإقباله عليه في حركاته وسَكناته، والتحقُّق بذُلِّ العُبودية الذى هو أولى ما تلبَّس به الإنسان؛ ليَحصُل له الدخول في ضمان:

{إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ}

[الحجر: 42]

فهذه الإضافة هي القاطعة بين العبد وبين الشياطين، وحصولُها يسبِّب تحقيق مقام العبودية لربِّ العالمين، وإشعار القلب إخلاص العمل ودوام اليقين، فإذا أُشرب القلبُ العبوديةَ والإخلاص صار عند الله من المقرَّبين، وشَمِله استثناء:

{إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ}" [12].

 [الحجر: 40]

 قال النوويُّ رحمه الله: "قَوْلُهُ ﷺ «أَلَا وَإِنَّ فِي الْجَسَدِ مُضْغَةً، إِذَا صَلَحَتْ صَلَحَ الْجَسَدُ كُلُّهُ، وَإِذَا فَسَدَتْ فَسَدَ الْجَسَدُ كُلُّهُ، أَلَا وَهِيَ الْقَلْبُ» قال أهل اللّغة: يُقال: صَلَح الشيء وفَسَد، بفتح اللّام والسّين وضمّهما، والفتحُ أفصح وأشهر. والمضغة: القطعة من اللّحم، سُمِّيت بذلك لأنّها تُمضَغ في الفم لصِغَرها. قالوا: المراد تصغير القلب بالنّسبة إلى باقي الجسد، مع أنّ صلاح الجسد وفساده تابعان للقلب، وفي هذا الحديث التأكيد على السّعي في صلاح القلب وحمايته من الفساد"[13].

قال ابن القيم رحمه الله: "وَبِالْجُمْلَةِ فسائرُ الأعضاء خَدَمُه وَجُنُوده، وَقَالَ النَّبيُّ: «ألا إن فِي الْجَسَد مُضْغَة، إِذا صلحت صلح لَهَا سَائِر الْجَسَد، وَإِذا فَسدتْ فسد لَهَا سَائِر الْجَسَد، ألا وَهِي الْقلب». وَقَالَ أبو هُرَيْرَة: الْقلب مَلِك والأعضاء جُنُوده، فإن طَابَ الْمَلِك طابت جُنُوده، وَإِذا خَبُث الْمَلِك خَبُثت جُنُوده، وَجُعِلت الرِّئة لَهُ كالْمَرْوَحة تَرُوح عَلَيْهِ دَائِمًا؛ لأنه أشدُّ الأعضاء حرارةً؛ بل هُوَ مَنبَع الْحَرَارَة وأما الدِّمَاغُ، وَهُوَ المخُّ، فَإِنَّهُ جُعِل بَارِدًا"[14].

قال ابن القيم رحمه الله: "متى رأيتَ القلبَ قد ترحَّل عنه حبُّ الله، والاستعدادُ للقائه، وحلَّ فيه حبُّ المخلوق، والرضا بالحياة الدنيا، والطمأنينة بها، فاعلم أنه قد خُسِف به. ومتى أَقحَطت العينُ من البكاء من خشية الله تعالى، فاعلم أن قَحْطَها من قسوة القلب، وأبعدُ القلوبِ من الله القلبُ القاسي"[15].

قال ابن القيم رحمه الله: "القلب يَمرَض كما يمرض البَدَن، وشفاؤه في التوبة والحَمِيَّة، ويصدأ كما تصدأ الْمِرآة، وجِلاؤه بالذكر، ويَعرى كما يعرى الجسم، وزينتُه التقوى، ويجوع ويظمأ كما يجوع البدن، وطعامُه وشرابه المعرفةُ والمحبَّة، والتوكُّل، والإنابة، والخِدمة"[16].

قال ابن القيم رحمه الله:  "وهو سبحانه الذي جَعَل بعض القلوب مُخْبِتًا إليه، وبعضَها قاسيًا، وجعل للقسوة آثارًا، وللإخبات آثارًا، فمن آثار القسوة: تحريفُ الكَلِم عن مواضعه، وذلك من سوء الفَهم، وسوء القصد، وكلاهما ناشئ عن قسوة القلب، ومنها نسيانُ ما ذكِّر به، وهو تركُ ما أُمِر به علمًا وعملاً، ومن آثار الإخبات: وجَلُ القلوب لذكره سبحانه، والصبر على أقداره، والإخلاص في عبوديته، والإحسان إلى خلقه"[17].

المراجع

  1. "شرح النَّوويِّ على مسلم" (11/ 27).
  2. "فتح الباري" لابن حجر (4/ 291)
  3. "شرح النَّوويِّ على مسلم" (11/ 28، 29).
  4. "شرح الأربعين النووية" لابن دقيق العيد (ص: 44).
  5. "فتح الباري" لابن رجب (1/ 225، 226).
  6. "شرح النَّوويِّ على مسلم" (11/ 27، 28).
  7. "شرح الأربعين النووية" لابن دقيق العيد (ص: 47).
  8. "فتح الباري" لابن رجب (1/ 227 - 229).
  9. "شرح النَّوويِّ على مسلم" (11/  28).
  10. رواه البخاريُّ (2431)، ومسلم (1071). وانظر: "شرح الأربعين النووية" لابن دقيق العيد (46).
  11. "شرح الأربعين النووية" لابن دقيق العيد (ص: 45، 46).
  12. "إغاثة اللهفان من مصايد الشيطان" لابن القيم (1/ 5، 6).
  13. "شرح النَّوويِّ على مسلم" (11/ 28، 29).
  14. "مفتاح دار السعادة" لابن القيم (1/ 193، 194).
  15. "بدائع الفوائد" لابن القيم (3/ 224).
  16. "الفوائد" لابن القيم (ص: 98).
  17. "شفاء العليل" لابن القيم (ص: 106).

مشاريع الأحاديث الكلية