عن أنس رضي الله عنه قال: قَدِمَ رسولُ الله ﷺ المدينةَ ولهم يومانِ يَلعبون فيهما، فقال: «ما هذانِ اليومانِ؟!» قالوا: كنا نلعَب فيهما في الجاهلية، فقال رسول الله ﷺ: «إن الله قد أبدلَكم بهما خيرًا منهما؛ يومَ الأضحى، ويومَ الفِطر»
عن أنس رضي الله عنه قال: قَدِمَ رسولُ الله ﷺ المدينةَ ولهم يومانِ يَلعبون فيهما، فقال: «ما هذانِ اليومانِ؟!» قالوا: كنا نلعَب فيهما في الجاهلية، فقال رسول الله ﷺ: «إن الله قد أبدلَكم بهما خيرًا منهما؛ يومَ الأضحى، ويومَ الفِطر»
قال اللّه تعالى:
( قُلۡ بِفَضۡلِ ٱللَّهِ وَبِرَحۡمَتِهِۦ فَبِذَٰلِكَ فَلۡيَفۡرَحُواْ هُوَ خَيۡرٞ مِّمَّا يَجۡمَعُونَ)
[يونس: 58].
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ:
«إِنَّ يَوْمَ الْجُمُعَةِ يَوْمُ عِيدٍ، فَلَا تَجْعَلُوا يَوْمَ عِيدِكُمْ يَوْمَ صِيَامِكُمْ، إِلَّا أَنْ تَصُومُوا قَبْلَهُ أَوْ بَعْدَهُ»
[5]
عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ أَنَّهُ قَالَ:
«مَا العَمَلُ فِي أَيَّامٍ أَفْضَلَ مِنْهَا فِي هَذِهِ» قَالُوا: وَلاَ الجِهَادُ؟ قَالَ: «وَلاَ الجِهَادُ، إِلَّا رَجُلٌ خَرَجَ يُخَاطِرُ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ، فَلَمْ يَرْجِعْ بِشَيْءٍ»
[6]
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ:
«يَوْمُ عَرَفَةَ، وَيَوْمُ النَّحْرِ، وَأَيَّامُ التَّشْرِيقِ، عِيدُنَا أَهْلَ الْإِسْلَامِ، وَهِيَ أَيَّامُ أَكْلٍ وَشُرْبٍ»
[7]
أنزل الله تعالى آية
﴿اليَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ﴾
[المائدة: 3]،
فعَن النَّبِيِّ ﷺ أَنَّهُ قَالَ:
«أَفْضَلُ الْأَيَّامِ عِنْدَ اللَّهِ يَوْمُ النَّحْرِ، ثُمَّ يَوْمُ الْقَرِّ»
[10]
«يَوْمُ النَّحْرِ هُوَ يَوْمُ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ»
[11].[12]
الفوائد الفقهية
13- قوله: «قد أبدلَكم بهما خيرًا منهما؛ يوم الأضحى ويوم الفطر» دليلٌ على إباحة اللعب في يومَيِ العيد، والمراد به اللعبُ المباحُ في الشريعة، مما يُمدَح به، أو ما لا يكون فيه إثمٌ[1]
14- في يوم النَّحر من الأعمال ما لا يُعمَل في غيره؛ كالوقوف بمزدلفة، ورميِ جمرة العقبة وحدَها، والنَّحر، والحَلْق، وطواف الإفاضة، فإنّ فعل هذه فيه أفضل بالسّنَّة واتّفاق العلماء[2]
15- اختلف العلماء في حكم صلاة العيد على ثلاثة أقوال: الأول: أنها واجبة على الأعيان، وهو قول الأحناف[3]، والثاني: أنها سنَّة مؤكَّدة، وهو قول مالك وأكثر أصحاب الشافعيِّ[4] الثالث: أنها فرض كفاية، وإذا تَمَالَأَ أهل بلد على تركها يُقاتَلون، وهو مذهب الحنابلة، وقال به بعض أصحاب الشافعيِّ [5]
16- لقد أمر الله تعالى بصلاة العيد؛
فقال تعالى:
( فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَٱنۡحَرۡ ﱠ )
[الكوثر : 2]،
وهي من أعلام الدين الظاهرة، وأعلام الدين الظاهرة فرض كالأذان وغيره[6]
17- صلاة العيد من أعظم شعائر الإسلام، والنّاس يجتمعون لها أعظمَ من الجمعة، وقد شُرع فيها التّكبير.
18- قول من قال: صلاة العيد فرضٌ على الكفاية، لا ينضبط؛ فإنّه لو حضرها في الْمِصر العظيم أربعون رجلًا، لم يحصل المقصود؛ وإنّما يحصل بحضور المسلمين كلّهم كما في الجمعة[7]
19- كان النّبيُّ ﷺ يخرج إلى المصلَّى ويَدَع مسجده، وكذلك الخلفاء بعده، ولا يترك النّبيُّ ﷺ الأفضل مع قُربه، ويتكلَّف فعل النّاقص مع بُعده، ولا يَشرَع لأمّته ترك الفضائل، ولأنّنا قد أُمرنا باتّباع النّبيّ ﷺ والاقتداء به، ولا يجوز أن يكون المأمور به هو النّاقصَ، والمنهيُّ عنه هو الكاملَ، ولم يُنقَل عن النّبيِّ ﷺ أنّه صلّى العيد بمسجده إلّا من عُذر، ولأنّ هذا إجماع المسلمين[8]
20- وقت صلاة العيد: من ارتفاع الشمس قيد رمح إلى الزوال؛ فقد أجمع الفقهاء على أنّ العيد لا تصلَّى قبل طلوع الشّمس، ولا عند طلوعها؛ وإنّما تجوز عند جواز النّافلة[9]
21- كان النَّبِيُّ ﷺ يؤخِّر صلاة عيد الفطر، ويعجِّل الأضحى؛ حيث إن لكل عيد وظيفة، فوظيفة الفطر إخراج الزكاة، ووقتها قبل الصلاة، ووظيفة الأضحى التضحية، ووقتُها بعد الصلاة([10]).
22- يُستحبُّ للنّاس إظهار التّكبير في ليلتَيِ العيدين في مساجدهم ومنازلهم وطُرقهم، مسافرين كانوا أو مقيمين، وهو في الفطر آكَدُ؛
لقول اللّه تعالى:
(وَلِتُكۡمِلُواْ ٱلۡعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُواْ ٱللَّهَ عَلَىٰ مَا هَدَىٰكُمۡ وَلَعَلَّكُمۡ تَشۡكُرُونَ)ﱠ
[البقرة: 185] [11]
23- يكبِّر الناس في الطريق إلى صلاة العيد، ويرفعون أصواتهم به، والنساء تكبِّرن؛ ولكن بخفض الصوت؛
عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ، قَالَتْ:
«كُنَّا نُؤْمَرُ أَنْ نَخْرُجَ يَوْمَ العِيدِ حَتَّى نُخْرِجَ البِكْرَ مِنْ خِدْرِهَا، حَتَّى نُخْرِجَ الحُيَّضَ، فَيَكُنَّ خَلْفَ النَّاسِ، فَيُكَبِّرْنَ بِتَكْبِيرِهِمْ، وَيَدْعُونَ بِدُعَائِهِمْ يَرْجُونَ بَرَكَةَ ذَلِكَ اليَوْمِ وَطُهْرَتَهُ»
[12]
24- يجب على النساء التستُّر، وعدم السفور والطِّيب والزينة التي فيها فتنةٌ للرجال.
25- يُستحبُّ الاغتسال، والتطيُّب، والتطهُّر، ولُبس أحسن الثياب، والتجمُّل في الهيئة بإحفاء الشوارب، وتقليم الأظفار... إلخ.
26- يُستحبُّ مخالفة الطريق إلى الصلاة ذَهابًا وإيابًا؛
فعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رضي اللَّه عنهمَا، قَالَ:
«كَانَ النَّبِيُّ ﷺ إِذَا كَانَ يَوْمُ عِيدٍ خَالَفَ الطَّرِيقَ»
[13]
وذلك لحِكَم منها: إظهار شعائر الإسلام، وليشهد له الطريقان، ولإظهار ذكر الله تعالى، ولإغاظة المنافقين أو اليهود، والسلام على أهل الطريقين، أو تعليمهم، أو الصدقة، أو ليصل رَحِمه... إلخ.
27- إظهار السّرور في الأعياد من شعار الدِّين، فيُشرَع الفرح في أيّام الأعياد، والتّوسعة على العيال بأنواع ما يحصل لهم بَسْطُ النّفس، وترويح البدن من كَلَف العبادة [14]
28- العيدان وما فيهما من صلاة وتكبير وإظهار للفرح والسرور والتوسعة على العيال تكليف فرديٌّ في ذاته؛ ولكنه فرديٌّ في صورة جماعية، ففيها تظهر قوَّة المجتمع الإسلاميِّ، ونظامه، ووَحدته، وجماله، ونظافته، واجتماعه. لذا؛ وردت أحاديثُ كثيرةٌ في فضلها، والحثِّ عليها، والتهيُّؤ لها بالاغتسال، والثياب النظيفة، والطِّيب.
الفوائد العقدية
29- عن اللَّعِب والسُّرور في النّيروز والْمِهرجان، وفيه دليلٌ على أنّ تعظيم النّيروز والمهرجان وغيرهما - أي: من أعياد الكفّار - منهيٌّ عنه، ومن اشترى فيه شيئًا لم يكن يشتريه في غيره، أو أهدى فيه هديّةً إلى غيره، فإن أراد بذلك تعظيم اليوم كما يعظِّمه الكَفَرة، فَقَد كفر، وإن أراد بالشِّراء التّنعُّم والتّنزُّه، وبالإهداء التّحابَّ؛ جريًا على العادة، لم يكن كفرًا؛ لكنّه مكروه كراهة التّشبُّه بالكَفَرة حينئذٍ، فيُحتَرز عنه[1]
30- لا يجوز الاحتفالُ بأعياد المشركين، والاحتفال بأعياد أهل الكتاب أشدُّ حُرمةً من الاحتفال بأعياد الجاهلية؛ فإن الأُمة قد حُذِّروا مشابهةَ اليهود والنصارى، وأُخْبروا أنْ سيفعل قومٌ منهم هذا المحذورَ، بخلاف دين الجاهلية؛ فإنه لا يعود إلا في آخِر الدهر[2]
31- من مظاهر الربوبية لله عزَّ وجلَّ تعظيم ما يشاء من الخلق والأيام والأوقات والأماكن التي يختارها سبحانه، فاختيار العيدين وتخصيصهما بالمزايا والفضائل هو اختيار ربَّانيٌّ، وتخصيص إلهيٌّ؛ حيث ينفرد سبحانه بتعظيم ما يشاء من خلقه، وما يختار من الزمان والمكان، فهو الذي يفعل ما يشاء لحكمة يعلمها سبحانه.
الفوائد الحديثية
32- مُسنَد أنسِ بنِ مالك رضي الله عنه: ألفان ومِائتان وستّةٌ وثمانون، اتَّفَق له البخاريُّ ومسلم على مِائة وثمانين حديثًا، وانفرد البخاريُّ بثمانين حديثًا، ومسلم بتسعين[1]
الفوائد التربوية
33- على الإمام والداعية تفقُّدُ أحوال الناس وعاداتهم، ومعاملاتهم، وبيان الحلال والحرام منها.
34-إيجادُ البديل خيرُ وسيلة لترك المنهيِّ عنه.
35- سدُّ الذرائع أصلٌ من أصول الشرع؛ ولهذا نهى النبيُّ ﷺ عن اللعب في أعياد المشركين؛ خوفًا من أن تتدرَّج إلى درجة المشاركة في الطقوس والعبادات.
الفوائد اللغوية36- قوله: «أبدلَكم بها» الباء هنا دخلت على المتروك
ومنه قوله تعالى:
﴿ أَتَسۡتَبۡدِلُونَ ٱلَّذِي هُوَ أَدۡنَىٰ بِٱلَّذِي هُوَ خَيۡرٌۚ ﴾
[البقرة: 61].
ويجوز أن تدخُل على المأخوذ
مثل قوله تعالى:
( ﱠفَلۡيُقَٰتِلۡ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ ٱلَّذِينَ يَشۡرُونَ ٱلۡحَيَوٰةَ ٱلدُّنۡيَا بِٱلۡأٓخِرَةِۚ)
[النساء: ٧٤]؛
"قال ثعلب: يُقال: "أَبْدَلتَ الخاتَمَ بالحَلْقة"، إذا نحَّيْتَ هذا وجعلتَ هذا مكانَه، و"بدَّلتَ الخاتم بالحلْقة"، إذا أَذَبْتَه وسوَّيتَه حَلْقةً، و"بدَّلتَ الحلْقة بالخاتم"، إذا أذبتَها وجعلتها خاتمًا. قال: وحقيقتُه أنّ التّبديل تغيير الصّورة إلى صورة أخرى، والجوهرة بعينها، والإبدال: تنحية الجوهرة، واستئناف جوهرة أخرى. قال أبو عمرو: فعَرَضْتُ هذا على المبرِّد، فاستحسنه، وزاد فيه، فقال: وقد جعلتِ العرب بدَّلتُ مكان أَبدَلتُ"[1]
37- «أَبْدَلَكُمُ اللَّهُ بِهِمَا خَيْرًا منهما»؛ (خيرًا) هنا ليست أفعل تفضيل؛ إذ لا خيريَّةَ في يومَيْهما.