78 - من أحكامِ الطَّلاق والعِدَّة

عن عبدِ الله بنِ عُمرَ رضي الله عنهما: أنه طلَّقَ امرأتَه وهي حَائضٌ على عِهدِ رسولِ الله ﷺ تطليقةً واحدةً، فسأل عمرُ بن الخطاب رضي الله عنه رسولَ الله ﷺ عن ذلك، فتغيَّظ رسولُ الله ﷺ، ثم قال رسولُ اللهِ ﷺ: «مُرْهُ فليراجعها، ثم ليُمسِكْها حتى تطهر، ثم تحيض، ثم تطهر، ثم إن شاء أمسك بعدُ، وإن شاء طلَّق قبل أن يمسَّ، فتلك العدةُ التي أَمَر اللهُ أن تطلَّق لها النساءُ»؛ متفقٌ عليه وفي لفظ لمسلم: ((مُرْه فليراجِعها، ثم ليطلقها طاهرًا أو حاملًا))


فقهٌ

  1. كان ابن عمر شابًا في حياة النبي ﷺ ، فتزوّج، ثم طلق زوجته وهي في وقت الحيض طلقة واحدة.

  2. فذهب أبوه عمر بن الخطاب رضي الله عنه إلى النبيِّ يخبره أنَّ ابنَه عبدَ اللهِ رضي الله عنه طلَّق امرأته في حيضتها؛ ليعلم حكم الشرع في ذلك.

  3. فغضب النبيُّ لمخالفته السُّنَّة.

  4. وقال لعمر رضي الله عنه: قل له: عليك أن تُرَاجعها، حتى إذا طَهُرت من حيضتها، فعليك أن تنتظر حيضة أخرى، ثم تنتظر طهرًا آخر -ولا يجامعها في كل ذلك الوقت إذا كان يريد طلاقها-،

  5. ثم بعد ذلك ستكون في وقت طهر لم تجامعها فيه، ففي هذه الحال: فإن شئتَ طلَّقتها قبل أن تجامعها، وإن شئتَ أمسكتَها ولم تُطَلِّقها.

  6. وهذا ما شرعه اللهُ تعالى عند الحاجة للطلاق.

  7. وهناك رواية أخرى وضحت أن الطلاق الجائز إما أن يكون في طُهرٍ -أي لم يجامعها فيه كما سبق-، أو في حال حمل المرأة -حتى لو جامعها فيه- كما دلت عليه أدلة أخرى، لأن الحامل لا تحيضُ، وتستمر عدة الطلاق حتى وضع الحمل. 

والحكمةُ في تأخير الطلاق إلى طُهرٍ لم تُجامع فيه أنَّه رُبَّما كانت المرأةُ حاملًا فيندم الرجلُ على طلاقها، وأنَّ في التأخيرِ إمهالٌ له حتى يتأنَّى ويتريَّث ولا يبادر في الطلاق لغضبٍ ونحوه [1].

اتباع

  1. إذا أصابك شكٌّ في فعلٍ فعلتَه أو تريد فعله، فعليك باستشارة أهل العلم؛ وسواء كان ذلك في أمور العبادات أو المعاملات.

  2. يجوز للرجل أن يبعث من يستفتي بدلًا منه إذا كان المُرْسَلُ يُحسن الإبلاغَ والفهم، ولهذا أرسل عبدُ اللهِ أباه رضي الله عنهما.

  3. يجوز للداعية والفقيه والعالِم والمُرَبِّي أن يغضب على فعلٍ فعله السائل لم يكن له علمٌ بحكمه، إذا كان ذلك الفعلُ عظيمًا يستدعي المشاورة وسؤال أهل العلم قبل فعله.

  4. إذا كانت الحكمةُ من منع الطلاق في الحيض أو في طهرٍ جامع الرجلُ فيه زوجته هي التأني والتريث والتفكير في الأمر؛ فلا ينبغي لعاقلٍ أن يُسارع إلى الطَّلاق، بل عليه أن يمد له زمنًا للتفكير.

  5. وجود الحمل -ومثله الأولاد- من الأسباب التي تمنع كثيرًا من الناس من الطلاق، وهذا من حكمة منع الطلاق في طهرٍ جامعها فيه، فربما قُدِّر بينهما ولدٌ فندم.

  6. ينبغي أن يُرجع في أحكام الطلاق إلى أهل العلم المرضيين -خصوصًا إن كان لهم منصبُ قضاءٍ، أو تحكيمٍ بين الخصوم-، لما يحصل في الطلاق من الاختلاف في تصوير الواقعة، أو الاختلاف في الأحكام الجزئية، فإذا رُجع لأهل العلم المقبولين حصلت الطمأنينة بحكمهم.


المراجع

1. انظر: "الإفصاح عن معاني الصحاح" لابن هبيرة (4/ 66)، "شرح النووي على مسلم" (10/ 61).





مشاريع الأحاديث الكلية