121 - فضلُ سورتَي المعوِّذتين

فقه 

1. يخبر النبيُّ ﷺ عقبةَ بن عامرٍ رضي الله عنه  بأنه قد أُنزل عليه من الوحي سورتان، لم ينزل مثلهما قط خصوصاً في باب الاستعاذة؛ فإنَّ جميع آيات السورتين تعويذٌ للقارئ، وفيهما من دفع الحسد وكفاية شرِّ الحاسد ما ليس في غيرهما [1]

2. هاتان السورتان هما الفلق والناس، أخبر النبيُّ ﷺ بهما بذكر أولهما لاشتهارهما ذلك، كما يشتهران أيضًا بالمُعَوِّذتين؛ لابتدائهما بـ "قل أعوذ". ومعنى الفلق: كلُّ ما انفلق عن شيء؛ كالصُّبح والحبِّ والنَّوى.

والاستعاذة: الالتجاء إلى الله تعالى والاعتصام به طلبًا لحمايته من شرِّ الشيطان وكيده ووسوسته، ولأجل وقايته من شرِّ كل ذي شرٍّ [2].

وقد ورد في الاستعاذة والرقية بالمُعَوِّذتين أحاديث منها ما رواه أبو سعيد الخدري  قال: «كان رسول الله ﷺ يتعوَّذ من الجانِّ، وعَين الإنسان، حتى نزلت المعوِّذتان، فلمَّا نزلتا، أخذ بهما، وترك ما سواهما» [3]. وإنما أخذَ النبيُّ ﷺ بتلك السورتين وترك ما سواهما من الرُّقى والأدعية لأنهما من جوامع باب الاستعاذة، فكان فيهما كفاية [4].

اتباع: 

1. استخدم النبيُّ ﷺ أسلوب من أساليب العرب في التعجب وهو قوله: "ألم تر"، وقد أتى في القرآن ذلك كثيرًا، وهو أسلوب يجذب الأفهام وتتعلق به النفوس، فتعظم الاستجابة والتحصيل للعلم المُلْقَى. ولهذا فإنَّ من اللائق بالعلماء والدعاة والمُرَبِّين أن يُكثروا من استخدام الأساليب البلاغية التي يُصَدَّرُ بها الكلامُ لحصول التركيز وجلب الأفهام والأسماع.

2. دلَّ الحديث على أنَّ المُعَوِّذتين أفضلُ ما يستعمله المسلم في الاستعاذة والرُّقى، وإن كان ذلك لا يمنع من الاستعاذة بأدعية وأذكار مشروعة، كما لا يمنع من بذل الأسباب الدنيوية التي تحفظ الإنسان من الشرور، لكن هاتين السورتين هما الأعظم، والأقرب لحصول المراد.

3. في سورة الناسِ وصفُ الشيطان بأنه خنَّاس؛ أي: يتأخر ويهرب إذا ذكر العبدُ ربَّه، فكلما كان العبدُ ملازمًا للأذكار والأدعية كان عن الشيطان أبعد، فينبغي أن نحرص على ذكر اللهِ تعالى في كل وقتٍ، وأن نُبادر بالاستعاذة بالله منه متى حصلت لنا وسوسةٌ أو همَمْنا بذنبٍ.

4. اعتن بما عظَّمه الله تعالى من السور، بحفظها، وتعلمها، وتدبر آياتها، وتعليمها؛ سواء في البيوت، أو المدارس، أو في بحوث أهل العلم، فهي مقدمة على غيرها.

5. دلَّ الحديثُ والآيات على أنَّه لا يمكن صرف أذى الحاسدين وإبطال أعمال السحرة المفسدين إلا بالاستعانة به سبحانه، فهو وحده ربُّ الناس وخالقُهم ومالك أمرهم، الذي لا يحدث أمرٌ في ملكه إلا بإذنه.