عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنهما، أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ  يَقُولُ عَامَ الفَتْحِ وَهُوَ بِمَكَّةَ:  «إِنَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ حَرَّمَ بَيْعَ الخَمْرِ،  وَالْمَيْتَةِ،  وَالخِنْزِيرِ،  وَالأَصْنَامِ»،  فَقِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَرَأَيْتَ شُحُومَ الْمَيْتَةِ؛ فَإِنَّهَا يُطْلَى بِهَا السُّفُنُ، وَيُدْهَنُ بِهَا الجُلُودُ، وَيَسْتَصْبِحُ بِهَا النَّاسُ؟ فَقَالَ: «لَا، هُوَ حَرَامٌ»،  ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ عِنْدَ ذَلِكَ: «قَاتَلَ اللَّهُ اليَهُودَ؛ إِنَّ اللَّهَ لَمَّا حَرَّمَ شُحُومَهَا، جَمَلُوهُ، ثُمَّ بَاعُوهُ، فَأَكَلُوا ثَمَنَهُ»

هدايات الحديث

1. من كمال الشريعة تحريم كل ما يضرُّ الإنسانَ في دينه، وعقله، ونفسه، وماله.

2. لعن النبيُّ ﷺ اليهود لتحايلهم على ما حرَّم الله، فليخشَ المسلمُ أن تَحِلَّ عليه لعنة الله إذا اتَّبع نهجهم، وتحايل على الشرع.

3. من الجهل والسفاهة وقلَّة الدين أن يظنَّ المرء أنه بحِيَله ومَكْرِه وخِداعه قادرٌ على أن يخدع ربَّه العليم الحكيم.

4. الشريعة الإسلامية ربَّانية المصدر، حريصة على جلب المنافع، ودفع الْمَضارِّ.

5. إذا أردتَ الدُّعَاءَ مؤمِّلاً من الله الإجابة، فعليك الِاعْتِنَاءَ بالرزق الحلال الطيِّب، والبُعد عن الحرام والشُّبهات، قبل أن ترفع يديَكَ متضرِّعًا إلى السماء.

6. قال وَهْب بن مُنبِّه رحمه الله: "مَن سرَّه أن يَستَجيب الله دعوتَه، فلْيُطِبْ مطعمَه [1].

7. قَالَ وَهْبُ بْنُ الْوَرْدِ رحمه الله: "لو قمتَ مَقامَ هذه السّارية، لم ينفعْكَ شيء حتّى تَنظُر ما يَدخُل بطنَك حلال أو حرام" [2].

8. سُئل أحمدُ بنُ حنبلٍ رحمه الله: بمَ تَلين القلوب؟ ثم أطرَقَ ساعة، ثم رفع رأسه، فقال: بأكل الحلال [3].

9. رَأَيْتُ حَلالَ الْمَالِ خَيْرَ مَغَبَّةٍ = وَأجْدَرَ أَنْ يَبْقَى عَلَى الْحَدَثَانِ

وَإِيَّاكَ وَالْمَالَ الْحَرَامَ فَإِنَّهُ = وَبَالٌ إِذَا مَا قُدِّمَ الْكَفَنَانِ

10. وَفِي النَّاسِ مَن ظُلمُ الوَرَى عَادةٌ لهُ = وَيَنْشُرُ أَعْذارًا بها يَتَأوَّلُ

جَرِيءٌ على أَكْلِ الحرامِ ويدَّعِي = بأنَّ له في حِلِّ ذلك مَحْمَلُ

فَيَا آكِلَ الْمَالِ الحرامِ أَبِنْ لَنَا = بأيِّ كتابٍ حِلُّ مَا أَنْتَ تَأكُلُ

ألمْ تَدْرِ أَنَّ اللهَ يَدْرِي بما جَرَى = وبينَ البَرايَا في القِيامةِ يَفْصِلُ

11. لا ترغبنْ في كثير المال تَكنِزُه = من الحرام فلا يُنْمَى وإن كثُرا

واطلبْ حلالاً وإن قلَّت فواضلُه = إن الحلال زكيٌّ حيثما ذُكِرا

12. جَمَعُوا فَمَا أَكَلُوا الَّذِي جَمَعُوا = وَبَنَوْا مَسَاكِنَهُم فَمَا سَكَنُوا

فَكَأنَّهُمْ كَانُوا بِهَا ظُعُنًا = لَمَّا اسْتَراحُوا سَاعَةً ظَعَنُوا

13. أموالُنا لذَوِي الْمِيراثِ نَجمَعها = ودَارُنا لخَرَابِ البُومِ نَبنِيها

لا دارَ للمَرْءِ بعدَ الْمَوْتِ يَسْكُنُها = إلَّا الَّتِي كَانَ قَبْلَ الْمَوْتِ يَبْنِيها

فمَنْ بَنَاهَا بخَيْرٍ طَابَ مَسْكَنُهُ = ومَنْ بَنَاهَا بشَرٍّ خَابَ بَانِيها

14. ولَستُ أرَى السَّعادَةَ جَمعَ مَالٍ = ولكنَّ التَّقيَّ هوَ السَّعِيدُ

وتَقوى الله خيرُ الزَّادِ ذُخرًا = وعند الله للأتقى مَزيدُ

15. يَا مَن يُعِزُّ الْمَالَ ضَنًّا بِهِ = إنَّ الْمَعالِي ضِدُّ مَا تَزْعُمُ

مَا عَزَّ بَينَ النَّاسِ قَدرُ امرئٍ = إلَّا وقدْ ذَلَّ بِهِ الدِّرْهَمُ

16. إِن القليلَ الذي يأتيكَ في دَعَةٍ = هو الكثيرُ، فأعفِ النفسَ من تعبِ

لا قِسْمَ أَوْفَرُ من قِسْمٍ تنالُ به = وِقايةَ الدِّين والأعراضِ والحَسَبِ

المراجع

1. "جامع العلوم والحكم" لابن رجب (1/ 275).

2. "جامع العلوم والحكم" لابن رجب (1/ 263).

3. "مناقب الإمام أحمد" لابن الجوزيِّ  (ص 269).



مشاريع الأحاديث الكلية